الأمر السلطاني المبني على فتوى العلماء
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد العزيز آل فيصل إلى الإخوان كافَّة، وفَّقنا الله وإيَّاهم لفعل الخيرات وترك المنكرات، آمين.
سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته، بعد ذلك تفهمون أن الله — سبحانه — أنعم علينا بنعمة الإسلام ومنَّ علينا أن جعلنا من أهله. ولا يخفى عليكم ما مضى على أسلافكم من الأمور التي تُغضِب الله وتخالف الشريعة. وحيث إن الله منَّ عليكم بهذا الأمر فيجب عليكم أن تذكروا ذلك بالشكر، وأعظم الشكر وأكبره هو أن تتقيَّدوا باتباع أوامر الله واجتناب نواهيه، ثم لا يخفى عليكم ما جرى من النزاع والاختلاف الذي يُخشَى علينا منهما إخفاق الأعمال والفتنة. وليس قصدنا غير تقويم الشريعة، ونجاة أنفسنا من عذاب النار. ولا يتمُّ هذا إلَّا بالاقتصاد واتباع ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وعلماء المسلمين أولهم وآخرهم.
وربما يلتبس عليكم الأمر في بعض أئمة المسلمين واعتقاداتهم، فأحببت لذلك أن أشرح لكم العقيدة التي ذكرها المشايخ في فتواهم. وهو أن معتقد المسلمين واحد حضرهم وبدويهم. وتعلمون أن أصل المعتقد كتاب الله وسنة رسوله، وما كان عليه أصحاب محمد ﷺ، ثم السلف الصالح من بعدهم، وثم أئمة المسلمين الأربعة؛ الإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد والإمام أبو حنيفة. فاعتقاد هؤلاء واحد في الأصل، وهو أنواع التوحيد الثلاثة؛ توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات كما هو مقرر في كتب العلماء، التي يمكنكم مراجعتها والحمد لله في كلِّ ساعة. فهم في هذا الأصل سواءٌ، قد يكون بينهم اختلاف في الفروع وكلُّهم ومَن حَذَا حَذْوَهم على حقٍّ إن شاء الله إلى يوم القيامة.
ونحن يا أهل نجد كافة على مذهب الإمام أحمد بن حنبل في الفروع. وأما في الأصل فنحن والمذكورون أعلاه على ما جاء به محمد ﷺ، على أنه في آخر الأمر أظهر الله شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، ثم من بعدهما الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمهم الله ونفع بهم الإسلام والمسلمين، أرسلهم كلهم، وخصوصًا محمد بن عبد الوهاب، عندما اندرست أعلام الإسلام وكثُرت الشبهات والبدع.
فلما رأى أسلافنا موافقة أقوالهم وأفعالهم لما جاء في كتاب الله وسنة رسوله قبلوا ذلك وقاموا بما أظهره الله على أيديهم. ونحن إن شاء الله على سبيلهم ومعتقدهم، نرجو أن يُحييَنا على ذلك ويميتَنا عليه. وقد عرفناكم بذلك لموجب ذكر المشايخ في الاعتقاد، والعمدة على ما ذكروه. فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، وقصده في هجرته وانتسابه إلى الخير دورة ما عند الله، فليعتمد على ذلك قولًا وفعلًا، ولا يحيط فيه لبس، وليترك مخالفه. ومن أُشكِل عليه شيء من الأمور فليردَّه إلى طالب العلم المنصوب عندكم بأمر الولاية ورضا المشايخ. ونحن نعتقد أن ليس عندكم ما يخالف ذلك إن شاء الله، وأن قصدكم رضا الله. إنما من الشفقة عليكم أحببنا التبيين لكم بذلك؛ إنذارًا للمخالف أو المتكلم بضده. وإن مَن خالف ذلك بقول أو بفعل فذمتنا وذمة المسلمين بريئة منه، ولا يأمن البطش بنفسه وبحلاله. هذا حقُّكم علينا. ومَن أنذر فقد أعذر. نرجو الله أن يوفِّقنا وإيَّاكم للخير، وينصر دينه، ويُعلِي كلمته، ويجعلنا وإياكم من أنصار دينه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
الختم