وَدَّاهِ الْبَحْرْ وِجَابُهْ عَطْشَان: ودَّاه، أي ذهب به، وأصله من أدَّاه لكذا، والبحر: المراد به النهر، أي العذب
الماء، وجابه: أي جاء به، كناية عن قدرة الشخص وتمكنه من آخر حتى يصير طوع
إرادته بحيث يذهب به إلى الماء ويرجعه ظمآن لم يبلَّ غليلًا، يقولون في ذلك:
«فلان يودِّي فلان البحر ويجيبه عطشان.»
وَرَّاهْ: أي أراه، كلمة تقال في التهديد والوعيد، يقولون: «بكره أورِّيك» أي سأريك
غدًا ما تكره، و«دي الوقت يورِّيه» أي سيريه ما يكره بعد قليل.
وَرَّاهْ نُجُومِ الضُّهْرْ: ورَّاه بمعنى أراه، والضهر: الظهر، أي أراه النجوم نهارًا في وقت اشتداد
الضوء في الظهيرة، كناية عن التشديد عليه ومضايقته حتى يحمله على رؤية المستحيل
(انظر بيتين للنابغة فيهما: أراه الكواكب مع الصبح، في العقد الفريد ج٢ ص٨١،
وانظر أيضًا ج١ ص٣٦ منه، وانظر في شرح مقصورة حازم أوَّل ص٣١ بيتًا لطرفة فيه:
أراه النجوم ظهرًا، وانظر خزانة البغدادي ج٢ ص١١، ومعالم الكتابة ص١٦٤، وفي ما
يعوَّل عليه ج٣ ص٥٦٢ نجوم الظهر، وفي ٦٤٦ يوم حليمة، التبريزي على الحماسة ج١
ص٢٠١ وكون ذلك مستحيلًا عند المؤلف وذكر يوم حليمة، القرطين ص٢٦٣ زعمهم رؤية
الكواكب نهارًا هو من قول العامَّة، المقتطف ج٤٩ ص٤٠٨ خرافة في رؤية النجوم
نهارًا بالنزول في بئر إلخ، واستطرد لذكر البئر التي يزعمون أنهم يرون هلال
رمضان فيها في القاهرة واسأل عنها، وانظر أراني الكواكب وسط النهار في ص٩ من
مجموع الدواوين الذي به نبذة من شعر السيد الحميريِّ وعليِّ بن الجهم).
وِشُّهْ يِقْطَعِ الْخَمِيرَهْ مِنِ البيتْ: الخميرة: التي توضع في الخبز، أي إذا دخل دارًا أذهب البركة منها، كناية عن
قبيح الوجه الثقيل المشئوم، ومثله: «وشه يقطع الرزق» وانظر: «قطع الحليبة
والرايبة.»
وِشُّهْ يِقْطَعِ الرِّزْقْ: كناية عن قبيح الوجه الثقيل الفدم، ومثله: «وشه يقطع الخميرة من البيت»
وانظر: «قطع الحليبة والرايبة» وهو من قول المولدين في أمثالهم، «وجهه يردُّ
الرزق» أورده الميداني في مجمع الأمثال.
وِقِعْ لِدَقْنُهْ: أي وقع في الأمر وغرق فيه إلى ذقنه، وهو كناية أيضًا عمن يستغرق في الوجد
والهيام، وفي معناه: «وقع لشوشته» والشوشة — بضم الأوَّل — خصلة من الشعر تترك
في وسط الرأس فتطول (في مراتع الغزلان ص٢١٠ مقطوع به واقع إلى الذقن).
وِقِعْ لِشُوشْتُهْ: انظر: «وقع لدقنه.»
وِقِفْ بِالقِلَادَهْ: أي توقف كل التوقف ولم يُطِع، وقد يراد به لم يُحِر جوابًا، ويذهبون في معنى
القلادة إلى قلادة الحمار التي يحلونه بها ويجعلون بها كالتمائم من الفضة،
وهنات يسمع لها صوت إذا سار، فكأنه عصى عن السير ووقف وقوفًا لم تتحرك به
قلادته.
وَلِّدِ الْبَغْلَهْ: كناية عن القدرة على إحداث المستحيل؛ لأن البغلة لا تلد إلا في النادر جدًّا،
وقلما يعيش فلوها (انظر في الجبرتي ج٣ وسط ص٢٩٢ ذكر بغلة ولدت، وراجع كرَّاس
أحوال الحيوان، واذكر البغلة التي ولدت عند عمر لطفي باشا في عصرنا).
وَلَّعْ: ولع بمعنى أوقد، كناية عن سرعة الهرب، وهي من الكنايات الجديدة التي حدثت بعد
اختراع القُطُر البخارية، أي أوقد النار في الآلة وأسرع بها، وفي معناها: «شمع
الفتله» و«حباله في الهوا طارت» و«حَط كتف.»
وَلَّعْ لهْ قَنْدِيلْ: ولع: أي أوقد، كناية عن إشادته بذكره وإشاعة محامده بين الناس، كأنه أضاء لها
مصباحًا لتظهر في نوره، ويقولون: «فلان ما يولعش لفلان قنديل» أي لئيم لا يذكر
فضله عليه، وانظر في الأمثال: «الشعلة ما تنطفيش إلا على راس عويل.»