«ألفريد» هو المفتاح
عندما انتهى «خالد» من وضع الماكياج، ضحك «مصباح»، وهو يقول: لقد تجاوزت الأربعين بقليل، وهذا يعطيك أهمية خاصة!
بسرعة، غادر «خالد» السيارة، وهو يقول مبتسمًا: تمنوا لي التوفيق.
ثم ابتعد مسرعًا، وقف على جانب الطريق. بينما كانت سيارة الشياطين تبتعد، فكر: إن هذه فرصة طيبة، لأمارس هوايتي. كانت هناك سيارة تقترب، رفع يده وأشار لها فتوقف أمامه بالضبط. انحنى وهو يبتسم قائلًا: صباح الخير، هل يمكن أن أصحبك إلى المطار؟
ابتسم الرجل، وفتح الباب وهو يقول: أهلًا.
ركب «خالد» بسرعة، فانطلق الرجل بالسيارة. كان الرجل ينظر أمامه، وقد استغرق في شيء ما. لكن «خالد» الذي فكَّر بسرعة، قال وهو يقطع الصمت بينهما: أظن أنك تعمل في المطار يا سيدي.
نظر له الرجل نظرة سريعة، وهو يبتسم قائلًا: ملاحظة جيدة، لكن، كيف عرفت!
ابتسم «خالد»، وقال: لا توجد طائرات سوف تقلع الآن، فأول طائرة سوف تبدأ رحلتها بعد ساعة.
ضحك الرجل، وهو يقول: إن هذا اهتمام غريب أن تعرفوا مواعيد الطائرات!
قال «خالد»: هو ليس اهتمام بالضبط، ولكنها طبيعة عملي كرجل أعمال.
نظر له الرجل بدهشة، ثم تساءل: كيف تكون رجل أعمال، ولا تصل إلى المطار في سيارة؟!
فكر «خالد» بسرعة، فسؤال الرجل يمكن أن يضعه في موقف حرج.
قال بسرعة: الحقيقة أنه تستهويني في بعض الأوقات فكرة أن أترك نفسي للطريق.
ثم ضحك، وأضاف: هناك مئات السيارات يمكن أن تنقلني إلى حيث أريد، وسيارتك واحدة منها.
ضحك الرجل كثيرًا، وقال: إنها إجابة ذكية!
رد «خالد»: ليست ذكية بقدر ما هي حقيقة.
مرَّت لحظة، قبل أن يقول «خالد»: أعتقد أنك لست طيارًا، وإنما يبدو أنك تعمل أعمالًا إدارية.
ضحك الرجل مرة أخرى، ثم قال: هذا صحيح، يبدو أنك قوي الملاحظة، إن لم تكن تعرفني!
قال «خالد»: إنه شرف كبير أن أتعرف إليك.
ابتسم الرجل، وقال: أُدعى «جان فال»، وأعمل في قسم الجوازات. وفي طريقي لأتسلم دوري من زميلي «ألفريد»، فهو يقوم بوردية بعد منتصف الليل حتى الصباح!
قال «خالد» مبتسمًا: إنني سعيد الحظ أن أتعرَّف بك.
أخذ «خالد» يسأله عن طبيعة عمل الجوازات، والمواقف الطريفة التي يتعرَّض لها، بينما كانت السيارة تقترب من المطار. وعندما توقفت في ساحة الانتظار، شكره «خالد»، فقال «جان»: يمكن أن أدعوك لفنجان شاي، فلا تزال أمامي دقائق حتى أتسلَّم عملي.
قال «خالد»: بل دعني أدعوك، لأشكر لك صنيعك معي.
ضحك «جان فال» بعمق، ثم قال: لا بأس، مع أني كنت في طريقي إلى المطار، والسيارة تأخذني إلى هناك. إنني لم أصنع شيئًا.
اتجها إلى كافتيريا المطار، حيث طلب «خالد» فنجانَي شاي، شرباهما بسرعة، ثم قال «جان»: إلى اللقاء مصادفة مرة أخرى.
ثم ضحك ضحكة عميقة، سلم عليه «خالد» بقوة، وهو يقول: أتمنى أن يكون لنا لقاء آخر.
قال «جان»: مع ذلك، فأنا لم أتعرَّف عليك بعدُ!
ضحك «خالد»، وهو يقول: إنني لم أُعطِك فرصة لذلك، أُدعى «جينري» من سنغافورة.
ظهرت الدهشة على وجه «جان»، وهو يقول: هذه فرصة رائعة، إنني أقرأ عن بلادكم، فهي ساحرة. ثم نظر في ساعة يده، وقال: لا بد أن أنصرف حالًا، وهذا رقم تليفوني، أتمنى أن أراك.
ثم قدَّم له كارتًا به تليفونه وعنوانه، وقال وهو ينصرف: سوف أكون في البيت من التاسعة مساء.
ثم انصرف. وقف «خالد» يبتسم، قال في نفسه: لقد قدَّم لي «جان فال» خدمة العمر … أخذ جانبًا، ووقف يشاهد الأشياء المعروضة في أحد المحلات. في نفس الوقت، كانت عيناه على باب الخروج. قال في نفسه: إن «ألفريد» سوف يكون مفتاح المغامرة كلها. لم تمضِ دقائق، حتى كان «ألفريد» يأخذ طريقه إلى باب الخروج.
تبعه «خالد» من بعيد. ركب «ألفريد» سيارته، فأشار «خالد» إلى أحد التاكسيات، وتبعه. في نفس الوقت، أخرج جهاز الإرسال الصغير، وأرسل رسالة إلى الشياطين. كانت رسالة شفرية تقول: ««٢ – ٢٠ – ٥٨ – ١٦» وقفة «٢٤ – ٥٨ – ٢ – ٢٠ – ٥٢» وقفة «٣٦ – ٥٠ – ١٦» وقفة «٢ – ٤٦ – ٥٠ – ٤٢ – ٣٢ – ٥٢» وقفة «٤٦» وقفة «٥٤ – ١٠ – ١٦ – ٦» وقفة «٢ – ٤٦ – ٤٨ – ٤٠ – ٦ – ١٢» انتهى.» وبعد دقيقتين، كان رد الشياطين قد وصله. كان شفريًّا أيضًا، يقول إن السيارة سوف تكون عند النقطة المحددة. كانت عيناه على سيارة «ألفريد»، التي كانت تقطع الطريق بسرعة، لكن سائق التاكسي كان يسير بنفس السرعة تقريبًا. ولذلك، ظلَّت سيارة «ألفريد» تحت عيني «خالد».
عندما اقتربت السيارة من المدينة، قال «خالد» للسائق: سوف أنزل هنا.
وعندما توقف التاكسي، كان «خالد» قد دفع الأجرة، ونزل مسرعًا. في نفس اللحظة، كانت سيارة تقترب وتقف، فقفز فيها «خالد»، وهو يشير إلى سيارة «ألفريد»، التي كانت قد ابتعدت قليلًا. لكن مزيدًا من السرعة، جعل سيارة «خالد» أقرب إلى سيارة «ألفريد». فكر «خالد» قليلًا، ثم قال لسائق السيارة: أرجو أن تنصرف.
وقفت السيارة، ونزل السائق، فجلس «خالد» خلف عجلة القيادة، وأسرع في اتجاه سيارة «ألفريد». بدأ زحام المدينة. إن «نيويورك» بلد المال والأعمال؛ ولذلك، فزحام شوارعها يمثل مشكلة … قال «خالد» في نفسه: إن سيارة «ألفريد» يمكن أن تختفي وسط هذا الزحام، وتضيع الفرصة. أضاءت إشارة الشارع لونها الأحمر، فتوقفت السيارات. فكر «خالد» بسرعة، ثم قال في نفسه: ينبغي أن أرسل رسالة للشياطين حتى لا يهرب «ألفريد». بسرعة وضع يده على زر في جهاز الإرسال، وأرسل رسالة شفرية. قالت الرسالة: ««٢٠ – ٤٢ – ٤٨» وقفة «٦٦» وقفة «١٦ – ٢ – ٦ – ٢٤ – ٥٤ – ٥٠» وقفة «٤٦ – ٥٤ – ٥٠» وقفة «٢ – ٢٢ – ٢٠ – ٤٢» وقفة «٣٢ – ٢٠ – ٥٨ – ٤٢» وقفة «٥٨» وقفة «٤٦» وقفة «٤٨» انتهى.» قبل أن يتغيَّر لون الإشارة إلى الأخضر، لتنطلق السيارات، جاءه الرد يقول: «عُلم.» قال في نفسه: إن هذه أسلم طريقة، حتى لا يضيع «ألفريد» في الزحام.
كانت سيارة «ألفريد» تقف في مقدمة السيارات الكثيرة، لكنها كانت مميزة بلونها الأزرق الفاتح. ظلَّت عين «خالد» على السيارة الزرقاء. فجأةً، ظهرت سيارة لها نفس اللون، والماركة. كانت بعيدة عن سيارة «ألفريد» بثلاث سيارات. قال «خالد» مفكرًا: هذه مشكلة جديدة.
لكن فجأة، جاءته رسالة شفرية من الشياطين، تقول: «إن «أحمد» في سيارة لها نفس المواصفات، وتحمل رقم «٨١٦»، وفي نفس المكان.» فكر «خالد»: هل تكون هذه السيارة ﻟ «أحمد»؟! فجأة، رن جرس التليفون، فرفع السماعة بسرعة، جاءه صوت «أحمد» يقول: إنني معك. ثم انتهت المكالمة. فكر «خالد»: هل المهم الآن هو العميل الذي اختفى؟ أو مغامرة قاعة كريستي؟
أجاب عن السؤال الذي تردَّد في ذهنه: إنه لا يزال هناك وقت حتى يبدأ العمل في قاعة «كريستي»، لكن البحث عن العميل سوف يحتاج إلى وقت، وأظن أننا سوف نستمر في عملية قاعة كريستي، ثم نبدأ البحث عن العميل. لمعت إشارة صفراء تحدد للسائقين أن يستعدوا؛ لأن الإشارة القادمة حمراء، وعليهم أن يتوقفوا. كانت سيارة «ألفريد» قد تجاوزت الخط الأبيض المرسوم على أسفلت الشارع، عندما تحولت الإشارة إلى الأحمر. بحث بعينَيه سريعًا عن سيارة «أحمد» فوجدها واقفة في بداية السيارات التي أوقفتها الإشارة. قال في نفسه: لقد أفلت ألفريد.
شعر بغضب مفاجئ، لكنه فكَّر في نفس الوقت: إن «ألفريد» لن يفلت طويلًا، فلو أفلت اليوم، فإنه سوف يقع غدًا.
تغيرت الإشارة إلى الأصفر، لتستعد السيارات، ثم تحولت إلى الأخضر. تحرَّك «خالد» مع السيارات، بحث بعينَيه عن السيارة الزرقاء، فلم يعثر لها على أثر، حتى سيارة «أحمد» لم يجدها. قال في نفسه: هل يكون «أحمد» قد لحق بسيارة «ألفريد»؟! رفع سماعة التليفون وتحدث إلى «أحمد»، الذي ردَّ بسرعة: لا داعي للقلق. ثم انتهت المكالمة. شعر «خالد» بالحيرة، لكنه في نفس الوقت، فهم أن «أحمد» قد تصرَّف التصرُّف السليم. فكَّر لحظة: ماذا أفعل الآن؟
أرسل رسالة إلى الشياطين، فجاء الرد: «اللقاء في النقطة «ق»، اتجه إلى ساحة الانتظار.» وترك السيارة، واتجه إلى باب الفندق. ما إن تجاوز الباب، حتى وجد «مصباح» و«عثمان». سأل بسرعة: أين «قيس»؟
ابتسم «عثمان»، وهو يجيب: في مهمة خاصة.
سأل «خالد» بسرعة أيضًا: ماذا تعني؟ ضحك «مصباح»، وهو يقول: إنه على موعد مع صاحب السيارة الزرقاء.
شعر «خالد» بالارتياح، واتجه إلى أحد المقاعد، وألقى نفسه فيه. لقد عرف أن «أحمد» لم يضع الفرصة.