السياق المحيط بروَّاد الأعمال
ثمَّة جدلٌ دائر حول ما إذا كان روَّاد الأعمال هم روَّادٌ بالفطرة أم بالاكتساب. ومن المحيِّر حقًّا معرفةُ السبب وراء اعتبار هذه النقطة مثارَ جدل في حالة روَّاد الأعمال أكثر من غيرهم؛ من الفيزيائيين أو المحاسبين مثلًا. ومع ذلك، ثَمة سؤال محوري قد شغل حيزًا كبيرًا في جميع المؤلَّفات التي تناولت ريادةَ الأعمال، ألا وهو: «هل شخصية الفرد أم طريقة اندماجه في المجتمع هي ما تشكِّل ميله إلى أن يصير رائد أعمال؟» فمن ناحية، شخصية الفرد، حسب تعريفها الفضفاض على ضوء تصرُّفاته ومشاعره وأفكاره الطبيعية المعتادة، هي المسئولة عن تفسير تصرُّفاته. وتتبنَّى هذه المقاربة الرأي القائل بأن التحلي بسماتٍ شخصية فطرية تهيِّئ الفرد نحو السلوك الريادي.
ومن ناحية أخرى، ربما تحدِّد السياقات الاجتماعية وسياقات التاريخ الوظيفي نزعةَ الفرد نحو أن يصير رائدَ أعمال، أو بالأحرى رائد أعمال ناجحًا. وقد تحدِّد السياقات الاجتماعية مدى العرْض والطلب على السلوك الريادي. تتمثَّل الأبعادُ الأساسية للسياق الاجتماعي في الطبقة الاجتماعية، وحجم الأسرة، وخلفية الأبوَين. وقد يحدِّد السياق الاجتماعي توقُّعات الفرد، وإمكانية تلقِّيه تعليمًا عالي الجودة، وقدرته على الحصول على فرصة عمل، وقدرته على الحصول على منصب وظيفي. وقد يشجِّع على تجميع الموارد المالية وموارد رأس المال البشري على هيئة إمكاناتٍ إدارية وفنية وريادية. ومن ثَم، يحدِّد السياق الاجتماعي إمكانيةَ الوصول إلى الموارد التي قد تعزِّز أو تعوِّق رغبةَ الفرد في أن يصير رائدَ أعمال، وحياته المهنية اللاحقة في مجال ريادة الأعمال. ولهذا الرأي تبِعات واضحة على تطوير السياسات المحفِّزة لريادة الأعمال. قد يفترض الممارسون أنه يمكن زيادة عدد روَّاد الأعمال (ومستوى كفاءتهم) إذا جرى استغلال البيئة الخارجية على نحوٍ يشجِّع المزيد من الأشخاص على الاطلاع على المعلومات وتلقِّي التعليم والحصول على التدريب المعزِّز للتوجُّهات والموارد الريادية.
العملية الاجتماعية
يمكن أن تتطوَّر الأفكار والطموحات الريادية في إطار السياق الاجتماعي. ويمكن لهذه السياقات أن تحدِّد شكلَ العرض والطلب على السلوك الريادي. يحدِّد السياق الاجتماعي الخاص بالمرء إمكانيةَ وصوله إلى الموارد التي قد تشجِّع المسار المهني في مجال ريادة الأعمال أو تعوقه. كما يمكن أن يُعرقِل السياقُ الاجتماعي القرارات المهنية الخاصة بالمرء. ربما تفرض التوقُّعات والتجارب التي يخوضها الأفراد في البيئة الاجتماعية قيودًا على قرارهم العملَ روَّادَ أعمال. كما يمكن تنشئة الأفراد اجتماعيًّا بحيث يتصرَّفون بطرقٍ تتناسب مع ما تستحسنه مجموعةُ أدوارهم. وربما تُترجَم القيم السائدة بين المعارف المقرَّبين إلى توقعاتٍ تشكِّل السلوك لدى الفرد.
نظرية «الفطرة» القائمة على الشخصية | نظرية «الاكتساب» القائمة على التنمية الاجتماعية | |
---|---|---|
تشكيل الدافع الأساسي | من المفترَض أن يكون الدافع الأساسي فطريًّا، ويتحدَّد في مرحلةٍ مبكرة نسبيًّا في الحياة | من المفترَض أن يكون نتيجةً لمجموعة متنوِّعة من التأثيرات على مدار الحياة (بما فيها الطبقة الاجتماعية، والأسرة، ومستوى التعليم، والمسار المهني) |
تأثيرات أثناء فترة البلوغ على الرغبة في العمل كرائد أعمال | تنشأ هذه الرغبة من الداخل، وهي استجابة لشخصية المرء | تنشأ هذه الرغبة نتيجةً للتفاعل مع الآخرين |
اكتساب أفكار تجارية جديدة | تُعزى إلى الفرصة والحظ والقَدَر، وكذلك إلى سماتٍ شخصية محددة | تُعزى إلى عملية مستمرة يصحبها نمطٌ معيَّن وقَدْرٌ من التنبؤ حسب معرفة الفرد ومُجمَل المواقف الاجتماعية التي يمر بها المرء |
تفسير قرار الدخول في مشروع تجاري | يُعَد هذا القرار حَدَثًا فرديًّا وشخصيًّا: يكون رائد الأعمال الجديد رائدًا «بالفطرة، لا بالاكتساب»، ويبحث على نحوٍ غير واعٍ تقريبًا عن الفرصة «المناسبة» | يمكن تفسيره في ضوء التفاعلات الجماعية ونمط الحياة |
فلسفة التدخُّل من جانب الحكومة | نظرًا إلى أن ريادة الأعمال هنا تتضمَّن مبدأ «الانتخاب الطبيعي»، يُعَد التدخل الخارجي هامشيًّا بالأساس؛ ومن ثَمَّ، من الأفضل توجيه النشاط نحو تذليل العقبات التي تفرضها البيئة المحيطة مثل فرض الضرائب | الاعتقاد بأن التدخل الاجتماعي يمكن أن يجهِّز المرءَ والبيئة لتحقيق الغايات المنشودة |
مرحلة الطفولة | مرحلة المراهقة | مرحلة البلوغ المبكرة | منتصف العمر | أواخر العمر |
---|---|---|---|---|
الطبقة الاجتماعية للأبوين والأسرة الأوسع نطاقًا والحَراك الاجتماعي | تأثير الأبوين والأسرة الأوسع نطاقًا على التفضيلات المهنية | اختيار مواصلة التعليم/التدريب | الحَراك الوظيفي والاجتماعي | بلوغ طبقة اجتماعية معيَّنة وتحقيق دخل/ثروة |
الوضع المهني للأبوين والأسرة الأوسع نطاقًا | الاختيارات المتاحة للتعليم المهني | الترتيب الدراسي | طبيعة العمل | الحالة الأسرية |
الاختيارات التعليمية للأبوين والأسرة الأوسع نطاقًا | التعليم بوصفه وسيلةً لإبراز القيم والأهداف | الصداقة والانتماء المجتمعي | إعالة أسرة وتكوين صداقات | الانتماء والترابط المجتمعي |
قيم وأهداف حياة الأبوين والأسرة الأوسع نطاقًا | الصداقة والانتماء المجتمعي | التأثير الباقي من ناحية الأسرة | علاقات العمل | فرص العمل الإضافية |
احتمالية تكوين أسرة | منظومة الحوافز والإشباع الوظيفي | الإشباع الوظيفي | ||
طبيعة العمل | التفاعلات مع البيئة المحيطة على المستوى الاجتماعي والمهني | المعاشات وتسهيلات التقاعُد المبكِّر | ||
التدريب والتطوير في مجال الأعمال التجارية |
تتعلق العوامل الاجتماعية والاقتصادية محل النظر هنا بالطبقة الاجتماعية وتركيبة الأسرة وخلفية الأبوين. قد تؤثِّر هذه العوامل على أنماط الفرص وعملية اتخاذ القرار الريادي. إنَّ وجود قدوة أبوية يمكن أن يرقى بمستوى التوقعات ويشجِّع أفراد الأسرة على أن يصيروا أصحابَ مشروعاتٍ تجارية. فعلى سبيل المثال، يزيد احتمالُ أن يسعى الأبناء المنحدرون من أُسَر تمتلك مشروعاتٍ تجارية خاصة نحو اتخاذ مساراتٍ مهنية تؤهِّلهم ليكونوا أصحاب مشروعات أيضًا. ربما يحدِّد عُمر المرء ومستوى تعليمه وسِجله الوظيفي شكلَ التوقعات وإمكانية الوصول إلى الموارد التي يمكن حشدُها لخلق الفرصة واكتشافها واستغلالها. ويمكن أن يؤثِّر العمر على قرار امتلاك مشروع تجاري؛ فقد يفتقر شخصٌ دون سن الثلاثين إلى الموارد، في حين أن شخصًا تجاوز الخامسة والأربعين قد يفتقر إلى الطاقة.
قد تؤثِّر مدةُ الخبرة العملية ومدى ملاءمة تلك الخبرة (أي المعرفة بمجال محدَّد) على قرار العمل رائدَ أعمال. يمكن أن تتشكَّل القرارات الريادية بناءً على نوعية المؤسسة الحاضنة (أي صاحب العمل السابق قبل امتلاك مشروع خاص) وحجمها، وإلى أي مدًى أتاحت للأفراد تنميةَ مهارات حل المشكلات. تمتلك بعض الأماكن والسياقات الاجتماعية مؤسساتٍ تسعى إلى تذليل العقبات المتعلقة بالتوجُّهات والموارد والعمليات والاستراتيجيات أمام تأسيس الشركات الجديدة وتطويرها.
لا يوضِّح لنا منظور التنمية الاجتماعية بالضبط الموارد والمهارات والإمكانات اللازمة لاكتشاف الفرص وخلْقها واستغلالها. ومع ذلك، يمكن الاستعانةُ بهذا المنظور لوصف روَّاد الأعمال واستكشاف الطبيعة المتنوعة لريادة الأعمال.
رأسُ المال البشري
يشير جاري بيكر الحائزُ جائزةَ نوبل في الاقتصاد إلى أن بيانات رأس المال البشري الخاصة بالفرد تحدِّد درجةَ الإنتاجية. فمن المتوقَّع أن يكون للخصائص الديموغرافية والسِّمات المكتسَبة والخبرات العَمَلية المتراكمة الخاصة برائد الأعمال تأثيرٌ إيجابي (أو سلبي) على الإنتاجية. ويمكننا التمييز بين رأس المال البشري العام والخاص. فرأس المال البشري العام متعلِّق بعُمر الشخص ونوعه وخلفيته العِرقية وطبقته الاجتماعية وتعليمه، إلى آخرِ ذلك. أما رأس المال البشري الخاص، فإنه يتعلق بالإدارة والمعرفة الفنية بالمجال والإمكانات التقنية والريادية والقدرة على الحصول على الموارد والتجارب السابقة لامتلاك مشروع خاص، إلى آخر ذلك. يتحدَّد كثير من متغيرات رأس المال البشري بناءً على السياق الاجتماعي للفرد قبل خوض عملية الريادة وأثناءها.
يمكن لبعض روَّاد الأعمال تهيئةُ الفرص المتاحة لهم وتحسينها للوصول إلى الموارد اللازمة، وحشدها لتذليل العقبات أمام تأسيس الشركات الجديدة وتطويرها. ورغم ذلك، يختلف استعدادُ الأفراد داخل المجتمع في أن يصبحوا روَّادَ أعمال. يمكن أن تشكِّل مجموعةُ الموارد الخاصة بالفرد نزعته نحو اتباع مسيرةٍ مهنية في مجال ريادة الأعمال. تضع الدراسات الراصدة للتفاوتات الخاصة بمعدَّلات تأسيس الشركات الجديدة على المستوى الإقليمي في الاعتبار بيانات الموارد الخاصة بالسكان القاطنين في مكانٍ ما (أي المشكلات الداخلية/المشكلات المتصلة بالعرض) وسياق البيئة الخارجية (أي المشكلات الخارجية/المشكلات المتصلة بالطلب)، وتربط بين هذه العوامل وريادة الأعمال.
استعرضَ عملٌ رائدٌ أجراه بول رينولدز وزملاؤه العملياتَ الأساسية المرتبطة بجغرافية معدَّلات تأسيس الشركات الجديدة؛ وذلك في دراسةٍ شملت اقتصادات سبع دول متقدِّمة. ركَّزت دراسة كلِّ دولة منها على متغيِّرين تابعَين متعلقَين بتأسيس الشركات في جميع القطاعات الاقتصادية في المناطق الإقليمية، وتأسيس الشركات في قطاع التصنيع فقط في المناطق الإقليمية. استُعينَ بأسلوبَين لتكوين مجموعتَي ضبطٍ تُمثِّلان الأحجام المتفاوتة للمناطق الإقليمية. يتناول الأسلوب الأول عددَ الشركات الجديدة في منطقة إقليميةٍ ما خلال فترة الدراسة لكل مائة شركة في تلك المنطقة خلال الفترة السابقة على إجراء الدراسة. وسُمي هذا الأسلوب بالنهج الإيكولوجي، وهو يحلِّل مدى التجديد الذي يشهده قطاعُ الأعمال. أما الأسلوب الثاني، فإنه يتناول عدد الشركات الجديدة في منطقة إقليميةٍ ما خلال فترة الدراسة لكل ١٠ آلاف نسمة من سكان تلك المنطقة خلال الفترة السابقة على إجراء الدراسة. وسُمي هذا الأسلوب بنهج سوق العمل، ويستكشف هذا الأسلوب إلى أيِّ مدًى يتمتع سكان منطقةٍ ما بصفات روَّاد الأعمال.
عمليات ريادة الأعمال | جميع القطاعات الاقتصادية | قطاع التصنيع فقط |
---|---|---|
زيادة الطلب | إيجابي (٦)* | إيجابي (٦) |
السياق الحضري/التجمعات العمرانية | إيجابي (٦) | إيجابي (٥) |
البطالة | إيجابي (٤) | متفاوت (٥) |
ثروة الفرد والأسرة | إيجابي (٣) | لا يوجد (٤) |
الشركات الصغيرة/التخصُّص | إيجابي (٦) | إيجابي (٧) |
الأخلاقيات السياسية | إيجابي (٢) | إيجابي (٢) |
الإنفاق الحكومي/السياسات | لا يوجد (٤) | إيجابي (١) |
التنبؤ بنسبة النجاح (عادي - متوسط - تبايُن واضح) |
||
معدَّل التأسيس لكل ١٠ آلاف نسمة معدَّل التأسيس لكل ١٠٠ شركة |
٧٨٪ ٦٥٪ |
٦٠٪ ٣٢٪ |
المصدر: رينولدز وآخرون. (عام ١٩٩٤، صفحة ٤٥١)
أنواع روَّاد الأعمال
يمكن تصنيف متغيرات السياق الاجتماعي المرتبطة برأس المال البشري العام والخاص للفرد لتوضيح الأنواع المختلفة لروَّاد الأعمال (والشركات). تسلط هذه التصنيفات الضوءَ على التوجهات المتباينة لروَّاد الأعمال، ودوافعهم، وأصول الموارد وخصومها، وسلوكياتهم، و/أو أفضل (وأسوأ) ممارسات روَّاد الأعمال/الشركات.
يعتقد إيان ماكميلان أنه من أجل التعرُّف على ريادة الأعمال حقًّا يجب أن ندرُس روَّاد الأعمال المتمرسين. وهنا يُنظَر إلى رأس المال البشري الخاص بالفرد من منظور ديناميكي، وليس من منظور ثابت. فبدلًا من الانخراط فقط في مشروع تجاري واحد، قد يختلف روَّاد الأعمال من حيث طبيعة ومدى تجاربهم السابقة في نطاق ملكية المشروعات. وفي بحثنا الخاص، فرَّقنا بين روَّاد الأعمال المبتدئين العديمي الخبرة، الذين ليست لديهم تجارب سابقة في ملكية المشروعات التجارية يحشدونها، وروَّادِ الأعمال المتمرِّسين ذوي الخبرة السابقة. تُعد ملكية المشروعات التجارية ودور اتخاذ القرار داخل المشروع التجاري بُعدَين مهمَّين لريادة الأعمال. وبمراعاة انتشار ريادة الأعمال القائمة على روح الفريق، ربما تتضمَّن هذه الملكية على حصص أقلية أو أغلبية. ومن خلال تبنِّي وجهة نظر تدرك أن الملكية هي عنصر أساسي لريادة الأعمال، يمكن تعريف روَّاد الأعمال المبتدئين (أو مَن كانوا كذلك فيما سبق) مقابل روَّاد الأعمال المتمرِّسين. روَّاد الأعمال المبتدئون هم أفراد ليست لديهم أيُّ تجارب سابقة في ملكية المشروعات التجارية بحصة أقلية أو أغلبية، ويشمل ذلك أن يكونوا مؤسِّسي شركاتٍ أو مشترين لشركاتٍ مستقلة، يملكون حاليًّا حصة أقلية أو أغلبية في ملكية شركة مستقلة، سواءٌ أكانت جديدة أم مشتراة.
روَّاد الأعمال الحرفيون | روَّاد الأعمال مُقتنِصو الفرص |
---|---|
• يتمتعون بتعليم محدود | • يتمتعون بتعليم أوسع نطاقًا |
• ينتمون إلى الطبقة الكادحة | • ينتمون إلى الطبقة الوسطى |
• ناجحون كعُمَّال | • لديهم خبرة عملية متنوعة |
• تعنيهم المهمة نفسها وليس الإدارة | • تعنيهم الإدارة |
• يشاركون في أداء المهام بالرعاية والتوجيه | • يكثرون من تفويض المهام |
• يستغلون العلاقات الشخصية في التسويق | • يركِّزون على اتجاهات السوق |
• تقتصر مصادرُ التمويل لديهم على المدخرات والأسرة فقط | • لديهم مصادر تمويل كثيرة |
• يتَّبعون استراتيجياتٍ صارمة | • يتَّبعون استراتيجياتٍ تنافسية متنوعة ومُبتكَرة |
أما روَّاد الأعمال المتمرِّسون، فهم أفرادٌ يمتلكون أو كانوا يمتلكون حصة أقلية أو أغلبية في شركتَين أو أكثر، واحدة منها على الأقل قائمة أو مشتراة. ويمكن تقسيم روَّاد الأعمال المتمرسين إلى نوعَين فرعيَّين، ألا وهما: روَّاد الأعمال ذوو المشروعات المتعاقبة، وروَّاد الأعمال ذوو المشروعات المتزامنة. رائد الأعمال من النوع الأول شخصٌ باعَ/أغلقَ شركة واحدة على الأقل يمتلك فيها حصة أقلية أو أغلبية، ويمتلك حاليًّا حصة أقلية أو أغلبية في شركة مستقلة واحدة. أما رائد الأعمال من النوع الثاني، فهو شخصٌ يمتلك حاليًّا حصة أقلية أو أغلبية في شركتَين أو أكثر من الشركات المستقلة.
طبيعة ريادة الأعمال | رائد أعمال ذو مشروعات متعاقبة | رائد أعمال ذو مشروعات متزامنة | |
---|---|---|---|
تتضمَّن شركة (شركاتٍ) جديدة | شركة جديدة | مؤسِّسو مشروعاتٍ متعاقبة (١) | مؤسِّسو مشروعاتٍ متزامنة (٦) |
شركات منبثقة (بما في ذلك الشركات التجارية المنبثقة والشركات الأكاديمية/الجامعية المنبثقة) | روَّاد أعمال ذوو مشروعاتٍ منبثقة متعاقبة (٢) | روَّاد أعمال ذوو مشروعاتٍ منبثقة متزامنة (٧) | |
تتضمَّن شركة (شركاتٍ) موجودة بالفعل | شراء (بما في ذلك عمليات الاستحواذ الداخلي/الخارجي) | مشترو مشروعاتٍ متعاقبة (مثل عمليات الاستحواذ الداخلي/الخارجي الثانوية) (٣) | مشترو مشروعاتٍ متزامنة (مثل عمليات الاستحواذ المُموَّل بالاقتراض) (٨) |
روَّاد أعمال لمؤسساتٍ تجارية | روَّاد أعمال لمؤسساتٍ تجارية متعاقبة (٤) | روَّاد أعمال لمؤسساتٍ تجارية متزامنة (٩) | |
لا تتضمَّن كيانًا قانونيًّا جديدًا | الأعمال الحرة | أعمال حرة متعاقبة (٥) | أعمال حرة متزامنة (١٠) |
صار روَّاد الأعمال المذكورون في الخانتَين ٣ و٨ أصحاب شركاتٍ مستقلة قائمة. تتضمَّن عمليات الاستحواذ هذه أفرادًا من خارج الشركة قاموا بالشراء مباشرةً، أو مستثمرين خارجيين اشتروا حصة مسيطرة في الشركة (استحواذ خارجي)، وأفرادًا من داخل الشركة اشتروا حصةً مسيطرة في الشركة (استحواذ داخلي أو إداري). قد تتضمَّن بعض عمليات الاستحواذ الداخلي أو الإداري بيعَ المؤسِّسين لشركاتهم، ثم معاودة شرائها في وقتٍ لاحق عندما يجد المستحوذون أنفسهم عاجزين عن تحقيق الأداء المناسب؛ نظرًا لأنهم لا يملكون المعرفةَ الضمنية التي يملكها مؤسِّس الشركة. علاوةً على ذلك، قد تكون بعض عمليات الاستحواذ الداخلي هذه عبارةً عن عمليات استحواذ ثانوية تحصل فيها نفس الإدارة على حصةٍ أكبر في الشركة من خلال إعادة الهيكلة المالية، التي قد تكون مرتبطةً ببيع مستثمري الأسهم الخاصة الأوائل لحصصهم (سنناقش الاستحواذ الداخلي أو الإداري بمزيد من التفاصيل في الفصل السادس). ويشارك روَّادُ الأعمال المذكورون في الخانتَين ٤ و٩ باعتبارهم روَّادَ أعمال مؤسِّسين في شركاتٍ موجودة بالفعل (يعملون فيها)، ولم يشتروا الشركة. وروَّادُ الأعمال المذكورون في الخانتَين ٥ و١٠ هم أفرادٌ يعملون لحسابهم الخاص (في عمل خاص) ولم يؤسِّسوا كِيانًا قانونيًّا بعينه. وسنعود لنتناول هذه الأنماط المختلفة من ريادة الأعمال في الفصل السادس.
يشكِّل روَّادُ الأعمال المتمرِّسون نِسبًا كبيرة من أصحاب الشركات الخاصة في دولٍ مثل المملكة المتحدة (بنسبة ٥٢٪)، والولايات المتحدة (بنسبة بين ٥١٪ و٦٤٪)، وفنلندا (بنسبة ٥٠٪)، وأستراليا (بنسبة ٤٩٪)، والنرويج (بنسبة ٤٧٪)، والسويد (بنسبة ٤٠٪)، وماليزيا (بنسبة ٣٩٪). وربما يتغلب روَّادُ الأعمال المحنَّكون، المزوَّدون بالموارد والمعرفة المستقاة من التجربة السابقة في ملكية المشروعات التجارية، بسهولة على عقبات تأسيس شركاتهم وشرائها وتنميتها أكثر من روَّاد الأعمال المبتدئين. ونتيجةً لهذه المعرفة المتوقَّعة، تُعَدُّ احتمالية أن يحقِّق روَّادُ الأعمال المتمرِّسون عوائدَ مالية شخصية أكبرَ وفوائد أعظم للمجتمع من خلال تنمية الشركات التي توفِّر فرصًا أكثرَ للتوظيف والنمو، بالإضافة إلى توليد إيراداتٍ ضريبية أعلى، أمرًا ذا أهمية كبيرة.
رائداتُ الأعمال
ثَمة اعتقادٌ سائد بأنَّ النساء يتمتعن بمجموعةٍ أكبر من الخصال الاجتماعية المرتبطة بالتعبير عن الذات، والتواصل مع الآخرين، والتقارب، والرفق، وتقديم الدعم، والخجل. وعلى النقيض من ذلك، يُفترض أن الرجال ترتبط بهم مجموعةٌ أكبر من الخصال المتعلقة بالتوجيه الذاتي وممارسة المسئولية، مثل التحرُّر وروح التحدي والاستقلال الذاتي والمنظور العملي والشجاعة. وما بين القوالب النمطية الوصفية المتعلقة بحال الرجال والنساء، والقوالب النمطية الإلزامية المتعلقة بالحال الذي ينبغي أن يكون عليه كلٌّ من الرجال والنساء، توجد عادةً معتقدات توافقية وأدوار معتادة لكل جنس. يُنظَر إلى الرجال بوجهٍ عام باعتبارهم أكفأ وأكثرَ تحمُّلًا للمسئولية من النساء. ومن منظورٍ اجتماعي ثقافي، ربما ترتبط القوالب النمطية للنساء والرجال بالقوالب النمطية للأدوار الاجتماعية المعتادة لكل جنس. فقد يُنظَر إلى النساء باعتبارهن ربَّات المنزل. أما الرجال فيُنظر إليهم عمومًا باعتبارهم العائلين للأُسرة. وتُعلِّي هذه الأدوار المفترَضة من المعتقدات السائدة بخصوص سمات النساء والرجال. وقد تتجلَّى القوالب النمطية القائمة على الجنس المنتجة ثقافيًّا والمكتسَبة اجتماعيًّا في التنافر المتصوَّر بين الطبيعة الأنثوية ودور القائد الريادي، وإسناد القدرات الريادية إلى جنسٍ بعينه. يربط الناس عمومًا بين السمات الذكورية وروَّاد الأعمال. ويُطلَق على هذا مصطلح الهُوية الجنسية. تتوافق ظاهرة «ربط فكر روَّاد الأعمال بالتفكير الذكوري» مع الفكرة القائلة بأن «نظريات ريادة الأعمال ابتكرها رجال، من أجل الرجال، لتُطبَّق على الرجال.» وقد تواجه النساء تحيُّزًا مجحفًا في هذا الصدد. وقد يحدث هذا التحيُّز المجحف في مواقفَ تُبرِز تصوُّراتٍ متعلقة بالتعارض بين دور المرأة المنوط بجنسها كأنثى ودور القيادة الريادية.
قد تُقيِّم النساء، اللاتي يدركن عدمَ التوافق بينهن وبين القوالب النمطية الذكورية المتعلقة بريادة الأعمال، قدراتهن على المشاركة في ريادة الأعمال تقييمًا سلبيًّا. وقد يتلقَّين أيضًا تقييمًا سلبيًّا من مقدِّمي الموارد المحتمَلين (مثل المموِّلين والمورِّدين … إلخ) ومن الرجال الآخرين في حياتهن الذين يَحتجْن دعمهم للانخراط في ريادة الأعمال. وقد تعيق هذه التقييمات السلبية بعضَ النساء عن اتخاذ مساراتٍ مهنية في ريادة الأعمال. وقد يُعزى هذا إلى تصورُّهن أنهن سيتلقَّين مكافأةً أدنى على بعض السلوكيات.
المهارات الأساسية | قطاع النشاط | سُبل التحفيز | أساليب الإدارة | الاستراتيجيات | وحدة العمل |
---|---|---|---|---|---|
مهارات عمل محدودة | تختار النساء شركاتٍ تقليدية أصغر حجمًا في قطاعات البيع بالتجزئة والخدمات وتقديم الرعاية | تجارب مختلفة للتكيُّف مع المجتمع: البيت والأولاد على رأس الأولويات | استراتيجية قائمة على العلاقات عند العمل مع عملاء أو شركاء | استراتيجيات محدودة موضوعة بهدف الحصول على الموارد | عدد أقل من الموارد في الشركات الناشئة |
خبرة إدارية محدودة | تتجنَّب النساء قطاعَي التقنية العالية أو التصنيع أو القطاعات غير التقليدية أو القطاعات المبتكَرة للغاية | التغلب على التضارب بين متطلبات العمل والأسرة من خلال العمل بشكلٍ مستقل | التركيز على تنمية مهارات الفِرق والموظفين والتمكين والمثابرة | قرارات استراتيجية وتكتيكية محدودة | التركيز على تجربة خاصة في قطاع محدَّد |
خبرة ريادة أعمال محدودة | اختيار مساراتٍ تعليمية ومهنية مُجزية على نحوٍ أقل في سوق العمل | تحويل الهواية إلى مشروع تجاري | أسلوب أنثوي في الإدارة؛ أي أسلوب ذو هيكل غير رسمي | تطوير استراتيجياتٍ تعزِّز جودةَ الإنتاج، وتجاهُل الاستراتيجيات الموجَّهة نحو التعامُل مع فاعلية التكاليف | شركات أصغر حجمًا مقارنةً بشركات الرجال |
توظيف محدودٌ لمهارات التفاوض | سعيًّا لكسب العيش فقط، لا داعي بالضرورة لتحقيق الربح | فرصة أكبر للعمل من المنزل؛ ومن ثَم التعرُّض للمنتجات أو الخدمات بقدرٍ أقل | |||
توظيف محدود للمهارات الإدارية والمالية | التمييز العنصري — تمييز المقرضين ضد المرأة؛ تفضيل إقراض الشركات القائمة التي عادةً ما يسيطر عليها الرجال |
تذكر النساء أسبابًا متنوعة تدفعهن إلى اتِّباع مساراتٍ مهنية في مؤسسات الأعمال، من بينها التصدي للتفرقة على المستوى الاجتماعي ومستوى سوق العمل؛ والسبيل إلى مكافحة «الحواجز غير المرئية» المتعلقة بالتفرقة في أماكن العمل التي تعوق أي فرص للارتقاء داخل المؤسسات، واستراتيجية تكيُّف تقدِّم درجةً أكبر من المرونة للتوفيق بين مسئوليات العمل والمسئوليات الأسرية. يمكن أن توفِّر ريادة الأعمال الحريةَ للنساء لصنع طريقهن الخاص نحو التطوُّر بناءً على احتياجاتهن واهتماماتهن وقدراتهن وأحلامهن. فيمكن أن تفتح أبوابًا لتمكين النساء من تلبية احتياجاتهن واستغلال حَدْسِهن الأنثوي وأساليبهن ومهاراتهن وخبراتهن ومعرفتهن. ويمكن أيضًا أن تتيح للنساء استقلالية تحديد جدولهن الزمني ومهامهن وإيقاع العمل الخاص بهن والتحكم في هذا كله، وأن توفِّر لهن قدرًا أكبرَ من المرونة في الجمع بين مسئوليات العمل والمسئوليات الأسرية.
توضِّح ماري لويز روي مسيرتها نحو «الحرية الحقيقية» التي يمكن تحقيقها من خلال ريادة الأعمال. إذ بدأت رحلتها في مجال ريادة الأعمال بطفولة مضطرِبة في مقاطعات كندا الشرقية، ومنها إلى العمل في ورشةٍ لتصميم الأزياء الراقية، ثم العمل بدوام جزئي في أحد المتاجر المحلية المتعددة الأقسام، ثم تولي منصب باحث مساعد في أحد المختبرات، ثم مهندسة معمارية ومصمِّمة مناطق حضرية ذات قيم أخلاقية وبيئية، وبعد ذلك فنَّانة وكاتبة ومؤلِّفة وملحِّنة ومغنِّية. وحصلت على دبلومة من جامعة مونتريال، وكذلك على درجة الماجستير في العلوم التطبيقية. ماري لويز هي أم ورائدة أعمال مُبدِعة قوية الإرادة. وتدير شركتها الخاصة بصفتها استشارية في مجال التصميم الإيكولوجي والتنمية المستدامة (أي القرى البيئية) من ضواحي مونتريال. وتُتابع مسيرتها المهنية في مجال ريادة الأعمال من خلال مساعدة الناس على المستوى الروحي، وتأليف الكتب، وتقديم ورش العمل، وإنتاج الأقراص المدمَجة.
على مدار العقود الماضية، حدثت زيادة ملحوظة في عدد النساء اللواتي يمتلكن شركات. ومع ذلك، لا تزال احتمالات تأسيس النساء لشركاتٍ وامتلاكها أقلَّ من الرجال. على سبيل المثال، في المملكة المتحدة تمثِّل النساء ٤٤٪ من تَعداد السكان النشطين اقتصاديًّا و٢٧٪ فقط من البالغين الذين يعملون لحسابهم الخاص. وعلى الرغم من ذلك، تقدم رائدات الأعمال المستقلات أو المشاركات في فِرقٍ ريادية إسهاماتٍ ملحوظة في تكوين الثروات وتوليد فرص العمل.
تحظى رائدات الأعمال بتمثيلٍ يفوق نسبتهن في قطاع الخِدمات وقطاع البيع بالتجزئة تحديدًا، إلا أن هناك زيادةً ملحوظة في دخولهن إلى قطاعات البناء والتشييد والبيع بالجُملة والمواصلات. وهناك صلة بين قطاعات الخِدمات التقليدية وارتفاع نسبة دخول الشركات الجديدة في هذه القطاعات بسبب انخفاض العوائق والموارد اللازمة لدخولها السوق، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة إغلاق الشركات الجديدة. وربما يُعزى السبب جزئيًّا وراء وجود كثير من الاختلافات على مستوى الأداء بين الشركات التي يمتلكها النساء والرجال إلى اختيار القطاع الصناعي، وليس بسبب اختلافاتٍ حقيقية بين رائدات الأعمال وروَّاد الأعمال. وبوجه عام، تَخلُص الدراسات، التي أُجريت على أداء الشركات دون الالتفات إلى الاختلافات على مستوى القطاعات والموارد بين الشركات التي يملكها الرجال والنساء، إلى أن أداء الشركات التي تمتلكها النساء دون المستوى المتوقَّع. ومع ذلك، عند اتخاذ الاختلافات على مستوى القطاعات معيارًا لضبط الدراسة، تَخلُص معظم الدراسات إلى أن الشركات التي تمتلكها النساء تؤدي أداءً جيدًا يضاهي أداء الشركات التي يمتلكها الرجال. وتشير الأدلة أيضًا إلى أنه عند اتخاذ الاختلافات على مستوى الموارد معيارًا لضبط الدراسة على روَّاد الأعمال ورائدات الأعمال، يكون أداء رائدات الأعمال جيدًا بنفس جودة أداء الرجال فيما يخصُّ كثيرًا من مؤشرات أداء الشركات، ويكون أداؤهن أفضلَ من الرجال فيما يخصُّ بعض المؤشرات الأخرى.
إيلي مينوج هي مغنِّية بوب شهيرة تمتلك إمبراطورية تجارية ناجحة من خلال شركة «ديرنوت» المحدودة المملوكة لها. تجتذب جولات حفلاتها الموسيقية حشودًا ضخمة من الجماهير، وتحقِّق إيراداتٍ كبيرة جدًّا من مبيعات التذاكر على النقيض من مبيعات ألبوماتها الغنائية. وتُظهِر أنشطةُ كايلي أن عنصر الفخامة مُربِح ويستحق الجهد المبذول. فهي تفرض رسومًا باهظةً نظير دعواتٍ خاصة مقتصِرة على فئاتٍ معيَّنة في الحفلات الغنائية لافتتاح الفنادق وإقامة حفلات كبار الشخصيات أو الحفلات الخاصة فقط. وتركِّز كايلي باستمرار على عناصر التكيُّف والتغيير والتنوُّع. ومن بينِ ما تروِّج له الأدواتُ المنزلية والعطورُ (للنساء والرجال) والكتب والملابس. وتواصل التوسع في علامتها التجارية من خلال البحث المستمر عن أسواق جديدة من حيث المنتجات والخدمات والمواقع.
تشانج يين (المعروفة أيضًا باسم تشونج يان) هي «إمبراطورة النُّفايات الورقية»، وتُعَدُّ أغنى مُواطنة صينية وأغنى سيدة عصامية في العالم كله. فهي مؤسِّسة ومديرة شركة «ناين دراجونز بيبر هولدينجز»، وهي شركة عائلية تعمل في مجال إعادة التدوير، وتشتري القصاصات الورقية المُهمَلة من الولايات المتحدة، وتحوِّل الورق المقوَّى في الصين إلى صناديق، تُستخدَم بعد ذلك في تصدير البضائع الصينية. أثناء عملها في أحد مصانع النسيج بمقاطعة جوانجدونج الصينية، لاحظت تشانج أن شركات التصدير الصينية لم يكن لديها ما يكفي من المواد الورقية للتعبئة والتغليف. فاستخدمت مدَّخَراتها الشخصية وأسَّست شركة لتجارة الورق في هونج كونج، كانت تُورِّد النُّفايات الورقية على المستوى المحلي. انتقلت تشانج إلى لوس أنجلوس، وأسَّست مع زوجها الثاني شركة «أمريكان تشانج نام» لتصدير الورق، والتي صارت المُصدِّر الرئيسي للورق في الولايات المتحدة. عادت تشانج إلى هونج كونج لتشترك مع زوجها وأخيها الأصغر في تأسيس شركة «ناين دراجونز بيبر هولدينجز»، التي تنتج تسعة ملايين طن من مواد التعبئة والتغليف سنويًّا.
المنظور الكلي | المنظور الجزئي |
---|---|
رائد الأعمال | السياق |
سمات شخصية | دور المرأة في المجتمع |
مواصفات ريادية | العوامل المثبِّطة |
أساليب التحفيز | شبكات التواصل الاجتماعي ورأس المال الاجتماعي |
الهوية والسلوك | |
التجارب السابقة في سوق العمل | الإطار الدولي |
العقبات والعوائق المرتبطة بالنساء | فهْم ريادة الأعمال النسائية |
إقامة شبكات التواصل |
الأثر الثقافي على عمل المرأة بيئات العمل التي تحفِّزها الحاجة في مقابل بيئات العمل التي تحفِّزها الفرصة |
وحدة أعمال تجارية | |
اختيار المجال | مسائل السياسة العامة |
موارد رأس المال الأولي | القواعد والقوانين واللوائح الخاصة بمشاركة المرأة في سوق العمل |
استراتيجيات التمويل | |
عملية الاستثمار |
قوانين عمل خاصة بالأمهات؛ رائدات أعمال من جماعاتٍ عرقية معينة، أمهاتٍ عازبات، إلى آخر ذلك. جماعة ضغط تدعم رائدات الأعمال |
يظهر تنوُّعُ الأسس النظرية في الدراسات التي أُجريت على ريادة الأعمال النسائية. استعانَ الباحثون بالنزعة التجريبية النسوية، ونظرية النسوية الليبرالية، ونظرية النسوية الاجتماعية، ونظرية النسوية من منظور التحليل النفسي، ونظرية النسوية الراديكالية لاستكشاف ريادة الأعمال النسائية.
ومع ذلك، من المهم أن نضع في اعتبارنا أن رائدات الأعمال لا يشكِّلن فئةً متجانسة. فلا بد من فهْم الأنواع المختلفة لرائدات الأعمال ووضعها في سياقاتها. يحدِّد روبرت جوفي وريتشارد إسكِيس الأنماط الأربعة التالية للنساء الذين يمتلكن (أو يسعون إلى امتلاك) أعمالًا تجارية، وهذه الأنماط مصنَّفة حسب محاور المُثل الريادية، ومدى تقبُّل النساء لدورهن الجنساني التقليدي.
يرتبط النمط التقليدي بالنساء اللاتي يلتزمن أشدَّ الالتزام بالمُثل الريادية والأدوار الجنسانية التقليدية. في هذا النمط، تخضع المرأة لأداء دور جنساني محدَّد، وتلعب بذلك دورًا أسريًّا أساسيًّا لدعم شريك حياتها. ويتمثَّل الحافزُ في الحاجة إلى تحقيق أرباح، مع الحفاظ في الوقت نفسه على الدور الأُسري التقليدي. وتكون المساعدة التي تتلقَّاها من شريك الحياة محدودة جدًّا. أما النمط الأُسري، فيخصُّ المرأة المتمسِّكة جدًّا بالدور الجنساني التقليدي، ولكنها في الوقت نفسه ملتزِمة على نحوٍ معتدِل بالمُثل الريادية. ويتمثَّل الحافز لبدء مشروع تجاري في تحقيق الذات. ويحدُّ الالتزام بالدور النسائي التقليدي من تطوير المشروع التجاري؛ نظرًا لأن الأولوية تكون لشريك الحياة والأسرة. يرفض النمط المبتكِر من النساء الدورَ الجنساني التقليدي، ويلتزم أشدَّ الالتزام بتحقيق النجاح الريادي. وعلى الأرجح يؤسِّس هذا النوع من الرائدات شركاتٍ في مجالاتٍ ربما واجهن فيها عقباتٍ أمام مسارهن المهني. أما عن النمط الراديكالي من النساء، فإنه يعتبر العمل التجاري بالأساس جزءًا من الحركة النسوية الداعية إلى المساواة. وهذا النوع من رائدات الأعمال لا يلتزم بالأدوار الريادية ولا الجنسانية. وفي ظل هذه الظروف، ربما تخضع الشركة للملكية المشتركة وتُدار باعتبارها شركةً تعاونية.
ثمَّة جدلٌ دائر حول التطبيق الأوسع نطاقًا لهذا التصنيف الخاص برائدات الأعمال، لكنه يسلِّط الضوءَ أيضًا على الحاجة إلى الأكاديميين والممارسين لإدراك تنوُّع التطلعات والاحتياجات والمهارات والكفاءات والمعرفة الخاصة بكل نمط من أنماط رائدات الأعمال. وقد لا تكون بعض العوائق التي تواجهها رائداتُ الأعمال بسبب نوع الجنس وحده. فقد تلعب عوامل رأس المال البشري الأخرى المتعلقة بالخلفية والخبرة دورًا أهم في هذا الصدد.
تصميم الدعم حسب كلِّ نوع من أنواع روَّاد الأعمال
قد تُسفِر الاختلافات بين أنواع روَّاد الأعمال والشركات عن تنوُّع في السلوك والنتائج الريادية. ويولِّد بعضُ روَّاد الأعمال فرصَ عمل أساسية وثرواتٍ أكثر من غيرهم. على سبيل المثال، قد يكون للشركات القائمة على المعرفة والشركات القائمة على التكنولوجيا تأثيرٌ مفيد للغاية. ويتمثَّل أحدُ الدوافع لبذل جهودٍ لتشجيع ريادة الأعمال في الحد من ثقافة الاتكال على الدولة، وتعزيز سبل الاختيار وتشجيع الفرص والتمكين الشخصي؛ مما يحدُّ من عدم المساواة الاجتماعية والإقليمية. وربما تشتمل التدخلات السياسية على دعم المبادرات لتذليل العقبات أمام تأسيس الشركات التي تواجهها الفئات المحرومة، مثل ذوي الاحتياجات الخاصة والنساء والأقليات العِرقية. وتحديدًا، يمكن تصميم الدعم بحيث يساعد روَّاد الأعمال من هذه الفئات على اختلاف أنواعها في تقديم إسهاماتٍ اقتصادية فضلًا عن الإسهامات الاجتماعية الأوسع نطاقًا. ومن ثَم، فإن تحديد نوع روَّاد الأعمال والشركات له نتائجُ مهمة على مستوى رفاهية الأمة، وآثار متعلقة بتصميم سياساتٍ تعنى بروَّاد الأعمال (والشركات).
ربما يحتاج بعضُ أنواع روَّاد الأعمال أو الشركات إلى أنماطٍ محدَّدة (ومخصَّصة) من المساعدة. تمكِّن التصنيفاتُ الممارسين من تحديد الأهداف الحالية، وأشكال الموارد، والاستراتيجيات، واحتياجات الأنواع المختلفة من روَّاد الأعمال أو الشركات. ويمكن أن تساعد هذه التصنيفات الممارسين في توفير دعم مخصَّص لكل نوع من أنواع روَّاد الأعمال أو الشركات، وتمكِّنهم من توجيه الدعم نحو أنواعٍ معيَّنة من روَّاد الأعمال أو الشركات التي تولِّد الفوائدَ التي تسعى إليها الحكومة والمجتمع ككلٍّ. على سبيل المثال، ربما لا يتشابه الدعم الذي يحتاج إليه رائدُ أعمالِ مشروعاتٍ متزامنةٍ مع الدعم الذي يحتاجه رائدُ أعمالِ مشروعاتٍ متعاقبةٍ أو رائد أعمال مبتدئ.
عِلاوة على هذا، إذا أراد صُنَّاع السياسات أن يزيدوا من عدد رائدات الأعمال، فربما يكون هذا سببًا أدعى لتقديم الدعم الموجَّه للنساء اللواتي يسعين إلى العمل لحسابهن الخاص أو لتأسيس شركاتهن الخاصة التي تضم موظفين. ومن أجل تشجيع عدد أكبر من النساء على الدخول إلى قطاعاتٍ غير تقليدية وامتلاك مشروعاتٍ ذات معدَّلاتِ نمو مرتفِعة، وربما يكون هذا سببًا للتعامل مع عوائق التوجُّهات والموارد والعمليات والعوائق الاستراتيجية التي تحُول دون تطوير الشركات التي تمتلكها رائدات الأعمال. ونظرًا إلى أن رائدات الأعمال لا ينتمين إلى فئةٍ متجانسة، ربما يستلزم الأمر تقديمَ دعم مخصَّص لكل نوع من الأنواع المختلفة من رائدات الأعمال.
الآثار المتعلقة بالسياسات
بوجه عام، تتشكَّل المناهجُ المنتقاة لدعم روَّاد الأعمال بمختلف أنواعهم وفقًا للهدف من وراء السياسات. ربما تصبح السياسات الشاملة غيرُ الواضحة، التي تشجِّع جميع الشركات على الصمود، عديمةَ الفاعلية إذا كانت تهدُف إلى تشجيع نمو الشركات. فربما لا يُولِّد الدعم الشامل لجميع أنواع روَّاد الأعمال، بغضِّ النظر عن الاحتياجات والإمكانات وأشكال الموارد، المزايا الاقتصاديةَ والاجتماعيةَ والبيئيةَ التي يسعى إليها الممارسون. علاوةً على ذلك، ربما تصبح السياسات الشاملة عديمةَ الفاعلية إذا كان الغرض منها هو تعزيز التنمية الاقتصادية بالحد الأدنى من الدعم العام.
ربما يساعد توجيهُ الدعم نحو الشركات الرابحة أو روَّاد الأعمال في تعظيم العوائد الاقتصادية من الاستثمارات المدعومة من الدولة (انظر الفصل الأول)، والتغلب على إخفاقات السوق التي يُواجِهها روَّادُ الأعمال الساعون نحو النمو السريع للشركات. يمكن أن يتبنَّى الممارسون سياسةَ تجنُّب الخاسرين بدلًا من انتقاء الفائزين؛ لأن الأسهل تحديد الخاسرين نسبيًّا. توفِّر التصنيفات، التي ما بَرِحنا نُناقِشها، للممارسين أنماطَ روَّاد الأعمال والشركات لاختيار الفائزين منها أو تجنُّب الخاسرين أو تقديم سياساتٍ مخصَّصة.
تتَّضح أهميةُ توجيه الدعم و/أو تخصيصه من خلال تحليل الأصول والخصوم التي يجمعها روَّادُ الأعمال من خلال التجارب السابقة المتعلقة بملكية مشروعاتٍ خاصة. وتوصَّلت أبحاثنا إلى أن المزايا المتحقَّقة من خلال التجارب السابقة تكون فيما يبدو أكبرَ في حالةِ روَّاد الأعمال ذوي المشروعات المتزامنة عنها في حالة روَّاد الأعمال ذوي المشروعات المتعاقبة. ويشير هذا بدوره إلى احتمالية تحقيق مزايا سياسية من دعم روَّاد الأعمال ذوي المشروعات المتزامنة. فإذا كان هدفُ الممارسين هو تعظيم العائد على الاستثمار، فربما يكون من الأفضل على المدى القصير توجيهُ الموارد نحو روَّاد الأعمال ذوي المشروعات المتزامنة، الذين يسعون بكل نشاط نحو زيادة معدَّلات تكوين الثروات وتوليد فرص العمل. ويلزم أن تضمن مثل هذه المبادرات السياسية أن تتوافق العوائدُ الخاصة على روَّاد الأعمال ومستثمِريهم مع العوائد الاجتماعية. ونظرًا إلى أن روَّاد الأعمال ذوي المشروعات المتعاقبة يبدون أقلَّ نجاحًا بوجه عام من روَّاد الأعمال ذوي المشروعات المتزامنة، يمكن تطويرُ الخطط المخصَّصة التي تتيح لروَّاد أعمال المشروعات المتعاقبة، الذين كانوا يملكون سابقًا مشروعاتٍ غير ناجحة، التعلُّمَ من تجارب الإخفاق السابقة في ملكية المشروعات.
لا بد أيضًا أن تُقدَّم لروَّاد الأعمال ذوي الخبرة حوافزُ للانخراط مجدَّدًا في الأنشطة الريادية. فبعد تحقيق ثروة شخصية كبيرة، قد لا يرغب بعضُ روَّاد الأعمال ذوي الخبرة في المخاطرة بفَقد هذه الثروة. ونتيجةً لذلك، قد يتوقَّف بعض روَّاد الأعمال عن العمل في مجال ريادة الأعمال، أو ربما يصيرون أكثرَ تجنبًا للمخاطرة في المشروعات التالية التي يكونون مشاركين فيها بالفعل. وتقديم الحوافز المالية لروَّاد الأعمال المتمرِّسين من خلال إجراء تغييراتٍ في النظام الضريبي قد يشجِّعهم على إعادة استثمار الأرباح أو الأموال التي جنَوها من مبيعات مشروعٍ ما لتمويل المشروعات اللاحقة المحتمَل نموها.
بالإضافة إلى ذلك، قد تسعى الخطط المخصَّصة نحو صقل مهارات ريادة الأعمال لدى روَّاد الأعمال المبتدئين الذين ليست لديهم أي تجارب سابقة في ملكية مشروعاتٍ تجارية لحشدها. وقد تعزِّز الخططُ علاقات العمل بين روَّاد الأعمال المبتدئين المعدومي الخبرة وروَّاد الأعمال ذوي المشروعات المتزامنة الناجحين؛ الأمر الذي سيُيسِّر لروَّاد الأعمال تراكُم المهارات والكفاءات ورأس المال الاجتماعي، وغير ذلك من مزايا. ومن شأن هذه الخطط المخصَّصة أن تمكِّن روَّاد الأعمال المبتدئين من التعلُّم من أفضل الممارسات العَمَلية لروَّاد الأعمال ذوي المشروعات المتزامنة. على سبيل المثال، في بعض الجامعات، يُشجَّع الأكاديميون، الذين لهم تجارب ناجحة سابقة في تأسيس الشركات المستندة إلى أبحاثهم، على تقديم مثل هذه المساعدة إلى الزملاء المبتدئين الذين يدخلون مجال ريادة الأعمال لأول مرة.
إنَّ تقييم آثار هذه السياسات البالغة الدقة والأكثر تفصيلًا، واستخدام هذه النتائج لاتخاذ قراراتٍ مستنيرة لتوزيع الموارد، من الممكن أن يفيد في تقييم الإسهامات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي يقدِّمها كلُّ نوع من أنواع روَّاد الأعمال للاقتصادات المحلية والقومية.