من بعيد
لست أدري ما سؤالك عن هؤلاء النفر من أصدقائنا القدماء، إلا أن تكون نفسك في حاجة إلى شيء من الألم بعد أن أغرقت في اللذة، وإلى شيء من الحزن بعد أن أسرف عليها السرور. فأنت رجل قد أتيحت لك الحياة النائية الراضية، وقضت لك الأقدار أن تستقبل النهار مغتبطًا حين يشرق نوره، وتستقبل الليل مبتهجًا حين تدلهم ظلمته، وتنفق ما بين إسفار الصبح، وإظلام الليل في عمل هادئ مريح، وتنفق ما بين مغرب الشمس، وانتصاف الليل في فنون من اللذات تملأ النفوس بشرًا، والقلوب حبورًا. وكل شيء منتهٍ إلى السأم إذا اتصل، حتى الحياة الراضية، والنعمة السابغة، والعيش الهادئ المطمئن، فلست أنكر منك أن تمل هذا النعيم المقيم، وتطمع في الترفيه على نفسك بقليل من البؤس يأتيك من بعيد، وفضل من الحزن يعبر إليك البحر، ويبلغ نفسك الوداعة الهادئة، كأنه الصدى الضئيل النحيل، والناس يرفهون على أنفسهم كما يستطيعون، والله يقسم الحظوظ بينهم كما يريد.
قوم يتعزون عن النعيم المقيم، واللذة الملحة، بالحزن الطارئ، والألم الملم. وقوم يتعزون عن الشقاء المتصل، والبؤس اللازم، بالنسمات الخفاف اللطاف، يتنسمونها من الشمال والجنوب، إن أتيح لهم إن يتلقوا نسيم الشمال أو نسيم الجنوب. وفيك والحمد لله جموح وجنوح واعوجاج والتواء، وانحراف عن الجادة حين يطول عليك السير في الجادة، وطموح إلى الشر حين تتصل عليك صحبة الخير، ورغبة في البؤس حين يثقل عليك اتصال النعيم. وعلل نفسك إن شئت بما شئت، فقل إنك غريب تريد أن تتصل بذوي مودتك، وتتعرف من أنبائهم ما يخفف عليك ثقل الغربة، وقل إنك وفيٌّ لا تنسى الصديق، وقل إنك مؤثر لا تريد أن تنفرد بالسعادة والغبطة، وأن تشغل بنفسك في حياتك الجديدة الناعمة؛ عن الذين شاركوا في حياتك القديمة البائسة. قل ما شئت من ذلك فقد يصدقك غيري من الناس. فأما أنا فقد عرفتك حق المعرفة، وبلوت من سيرتك، وأخلاقك، ومن طبعك، ومزاجك، ما يعصمني من الخطأ في تقدير ما يصدر عنك، من قول أو عمل.
لستَ غريبًا يسأل عن الصديق ليخفف عن نفسه ثقل الغربة، ولست وفيًّا يسأل عن الصديق ليبرهم، ويسرهم، ويؤذنهم بأنه لم ينسهم، ولن ينساهم. ولست مؤثرًا يسأل عن الصديق ليشعرهم بأنه لا يريد أن ينفرد من دونهم، بما أتيح له من الطيبات، وإنما أنت رجل قلق لا يستقر على حال، سئوم لا يطمئن إلى لون من العيش، طُلَعَة لا يستطيع أن يعيش إلا إذا أظهرته الأيام على جديد من الأمر، وأنت بعد هذا كله أثِرٌ لا تستمتع بالنعمة التي تتاح لك، إلا إذا عرفت النقمة التي تُصبُّ على غيرك، ولا تسيغ اللذة التي تسعى إليك إلا إذا استيقنت أن قومًا غيرك يتجرعون من الألم غصصًا، ويلقون منه أهوالًا.
•••
ولقد قرأت كتابك فسرني، وساءني، وفي كل شيء يأتي منك ما يسر، وما يسوء. سرني من كتابك أنك طيب النفس، قرير العين، رضي البال، ولستُ مثلك أحسد الصديق على ما يتاح لهم من الخير. وسرني من كتابك هذه السذاجة الظاهرة، التي تثير الابتسام، وتبعث الضحك، وتدعو إلى التأمل والتفكير. وساءني من كتابك أنك ماكر تتكلف السذاجة، وغادر تتصنع الوفاء، وخبيث الطوية تتعمل طيبة النفس، وواثق بنفسك إلى أبعد حدود الثقة، تظن أنك وحدك الماهر الماكر، وأن غيرك من الذين تكتب إليهم أغرار محمقون، لا يفهمون ما تضمر، ولا يفطنون لما تريد.
وما أريد أن أغير من أخلاقك شيئًا، فليس إلى تغيير أخلاقك من سبيل، ولو تغيرت أخلاقك لضقت بك، وزهدت فيك، ورغبت عنك، فأنت كما أنت تعجبني، وترضيني؛ لأنك معقد النفس، وأنا أحب النفوس المعقدة، أجد اللذة في حل تعقيدها، وكشف ما يصدر عنها من الرموز والألغاز. وقد أحب النفوس السمحة اليسيرة، وأكلف بما يصدر عنها من الكتب الواضحة الصريحة التي تصدر عن القلوب؛ لتصل إلى القلوب، والتي تملؤها العواطف الحادة، ويفيض فيها الشعور الدقيق، وتتيح للقلوب والنفوس أن يتصل بعضها ببعض في غير مشقة، ولا جهد، ولا عناء، ولكني على ذلك لا أكره النفوس الملتوية المعقدة التي تقول وتريد غير ما تقول، وتعمل وتقصد إلى غير ما تعمل، وتدعو الناس إلى أن يفكروا فيطيلوا التفكير، وإلى أن يروُّوا فيمعنوا في الروية؛ ليفهموا ما يصدر عنها من قول أو عمل، فعقِّدْ نفسَك ما وسعك تعقيدها، والتوِ بقلبك ما استطعت إلى الالتواء به سبيلا، واكتب إليَّ عن هذه النفس المعقدة، وعن هذا القلب الملتوي ما شئت من الرموز والألغاز، فإني موكل بحل الرموز، وفك الألغاز.
وما أريد بعد هذا أن أبخل عليك بما طلبت إلي من أنباء هؤلاء النفر من أصدقائنا القدماء. فهم على خير ما تحب لهم نفسك المعقدة، وقلبك الملتوي، وهم على شر ما تكره نفوسنا السمحة، وقلوبنا المستقيمة من الأحوال. قد رفعتهم أعراض الحياة إلى أرقى الدرجات، وانحطت بهم حقائقها إلى الدرك الأسفل من الضعة، فهم سادة قادة، يدبرون، ويقدرون، ويأمرون، وينهون، وينفعون، ويضرون. وهم عبيد أرقاء، يملكون من أمور الناس كثيرًا، ولا يملكون من أمور أنفسهم شيئًا.
•••
ولست أدري، أأنت كما عرفتك، محبٌّ للقراءة، منوِّعٌ لما تقرأ، أم أنت قد شغلت بحياتك الجديدة عن القراءة وتنويعها؟ ولست أدري أقرأت قصة ذلك الفتى الذي أفاق من نومه ذات صباح، فإذا هو قد مسخ حشرة بشعة قذرة، كأبشع ما تكون الحشرات، وأقذرها، ولكنه احتفظ على ذلك بحظ من عقل، فهو يعرف ما صار إليه أمره، ويشقى به شقاء بغيضًا، وهو يلقى أهله بعد جهد، فإذا هم محزونون عليه، منكرون له، ضائقون به، وهو يلقى الناس الذين يُلمون بأهله بين حين وحين، فإذا هم نافرون منه أشد النفور، مبغضون لمنظره أشد البغض، وهو يعلم هذا كله، فتتأذى به نفسه، ويشقى به شقاء لا حد له، وما تزال الخطوب تختلف عليه، والأحداث تؤذيه في جسمه البشع، ونفسه البائسة حتى يستأثر به الموت ذات يوم، وقد هان على أهله، وعلى غيرهم من الناس فلم يحفل به حافل، ولم يلتفت إليه ملتفت، وإنما كان موته فرجًا من حرج، وسعةً من ضيق.
•••
إن لم تكن قد قرأت هذه القصة فاقرأها، واستحضر أثناء قراءتها شئون مواطنيك عامة، وشئون هؤلاء النفر من الأصدقاء القدماء خاصة، فسترى في كثير من الحزن إن كنت خيِّرًا، وفي كثير من الرضى إن كنت شريرًا؛ أنَّ كاتب هذه القصة كأنما كان ينظر إلى مواطنيك، وإلى هؤلاء النفر من أصدقائك، ويستمليهم قصته هذه البشعة المروعة، فكل شيء في حياتنا يذكر بالمسخ، ويلفت إليه، ويدعو إلى إطالة التفكير فيه. أتذكر أن وطنك العزيز، قد كان فيما مضى، وطنًا مجيدًا يهابه الأقوياء، ويستظل به الضعفاء، وطنًا خصبًا لا يؤثر نفسه بما أتيح له من الخصب، وإنما ينشر النعمة من حوله على غيره من الأوطان، لا ينشر هذه النعمة المادية وحدها، وإنمًا ينشر معها النعمة المعنوية التي تغزو القلوب والعقول، وتمد ضوء الحضارة إلى أبعد الآماد، أتذكر هذا كله؟ فانظر إلى وطنك الآن، كيف انزوى وتضاءل، وكيف هان أمره على نفسه، وعلى الناس، وكيف أصبح أضعف من أن يستقل بأيسر شئونه، وينهض بأهون أعبائه، وكيف أصبح قليل الخطر، هين الشأن، ينظر إليه الناس ضيقين به، أو مشفقين عليه. أتراه قد مسخ كما مسخ ذلك الفتى، أم تراه قد ظل كما كان مصدرًا للخصب، والقوة، والمجد، والبأس، ولكن أهله قد مسخوا، كما مسخ ذلك الفتى، فأصبحوا لا يصلحون للعيش فيه، وأصبح هو لا يصلح لإيوائهم؟!
•••
أتذكر هذا البيت الذي يرويه أبو العلاء في رسالة الغفران:
لقد كنا نضحك حين كنا نقرأ هذا البيت، فأما الآن فلو قد عبرت إلينا البحر، وشاركت في الحياة التي نحياها؛ لأنشدت هذا البيت غير ضاحك، ولا باسم، بل لأنشدت هذا البيت كما كان ينشده صاحبه، في كثير من الحزن والعطف والرثاء؛ لأنه كان يعتقد عن يقين أن أخته سكينة، قد مسخت فأرة، ولأنك سترى كما أرى، أن كثيرًا من أخواتنا القدماء، قد مسخوا جرذانًا أو حيوانات أخرى، ليست أحسن حالًا من الجرذان. كل ما بينهم وبين هذه الجرذان من الفرق، هو أن أجسامهم قد احتفظت بصورها القديمة، فهي معتدلة القامة، تمتد طولًا، وعرضًا، كما تمتد أجسام الناس، لم يصبها المسخ، وإنما أصاب ما يعيش فيها من النفوس، وذلك أشد نكرًا، وأعظم بلاءً. وأي شيء أبشع من أن تتقمص نفوس الجرذان أجسام الناس!
صنع الله لصديقنا فلان! لقد كنا نراه ذكي القلب، أبي النفس، نافذ البصيرة، مستقيم الخلق، طموحًا إلى الرفيع من الأمر، متنزهًا عن الدنيات، خرج من بيئته القديمة المتواضعة، فمضى أمامه هادئًا مطمئنًا، ناظرًا دائمًا إلى أمام، غير ملتفت إلى وراء إلا قليلًا، كأنما كان يريد أن يتبين طول الطريق التي قطعها، منذ فارق بيئته تلك، وكأنما كان يريد أن يعتبر بقديمه، ليستقبل جديده في غير غرور ولا كبرياء. وقد استقام له الأمر ما مضى أمامه هادئًا مطمئنًا، وكان خليقًا أن يستقيم له لو أتيح له أن يمضي هادئًا مطمئنًا، ولكنه دفع في غير أناة، واختطف في غير ريث، ووثب إلى أرقى مما كان يطيق، فارتقى فجأة في غير إعداد ولا تمهيد، وانتهى إلى بيئة جديدة، قد بعدت الآماد، وتقطعت الأسباب، بينها وبين بيئته القديمة، فأصبح أشبه بالديك الذي يوضع موضع النسر، ويراد على أن يحلق في أشد الأجواء ارتفاعًا، وليس هو من هذا التحليق في شيء، وإنما قصاراه شرف متواضع، يرقى إليه ليستقبل الصباح بالصياح، ولينفش ريشه كلما أتيح له أن ينفشه. فأما أن يرقى في أجواز السماء فلا؛ لأن جناحيه أضعف من أن يبلغا به هذه المنازل المسرفة في العلو. ولو قد رأيته كما أراه، ديكًا يسير سيرة النسر، لضحكت قليلًا، وبكيت كثيرًا، فقد كان خليقًا بمنزلة أخرى غير منزلة الديك، وخلق آخر غير خلقه، ولكن المُنْبَتَّ لا أرضًا قطَعَ، ولا ظهرًا أبقى، وقد انبتَّ صاحبنا، فلم يقطع أرضًا، ولم يبق ظهرًا.
•••
وعفا الله عن صديقنا فلان، لقد كنا نراه نقي النفس، طاهر القلب، صافي الطبع، مصقول الضمير، حريصًا أشد الحرص، على أن يتبع الصراط المستقيم، لا ينحرف عنه إلى يمين أو إلى شمال، مهما تكن الظروف والخطوب. وكنا نعجب بحبه للاستقامة، وبغضه للاعوجاج، وكنا نضربه للقصد مثلًا، ونراه للاعتدال نموذجًا.
ولكن طريق الحياة لا تستقيم إلا لأولي العزم من الناس، أو قل إنها لا تستقيم لأحد، وإنما يكرهها أولو العزم من الناس على أن تستقيم، يقتحمون ما يقوم فيها من العقاب، ويرتفعون عما يعترض فيها من دواعي المحنة والفتنة والفساد. ولم يكن صاحبنا من أولي العزم، ولا من ذوي البصائر، وإنما كان رجلًا طيب القلب، ومن طيبة القلب ما يكون ضعفًا. فقد مضى في الطريق المستقيمة ما استقامت له، فلما انحرفت به انحرف معها، ولم يستطع أن يمتنع عليها، وقد نثرت الحياة أمامه أشواكًا فأشفق منها، ونثرت أمامه أزهارًا فتهالك عليها. نشرت أمامه الهول فخاف، ونصبت أمامه المغريات فاندفع، وما هي إلا أن تتصور نفسه بهذه الصورة المرنة اللينة، التي لا تثبت لشيء، ولا تمتنع على شيء، وإنما هي تجزع للنبأة اليسيرة، وتستجيب لأيسر المغريات، تفر عند الفزع، وتقبل عند الطمع، والغريب أنها على ذلك كله ترى في نفسها الخير، وتؤمن لنفسها بالحكمة، ومضاء العزم.
قيل لها ذلك فصدقته، واطمأنت إليه، ولم تنس إلا شيئًا واحدًا، وهو أنها تبعت أحداث الحياة، وتأثرت بها، في غير مقاومة، حتى أصبحت أشبه شيء بالكلب؛ إن تحمل عليه يلهث، أو تتركه يلهث. وأشهد ما رأيت هذين الصاحبين القديمين، إلا رجعت من فوري إلى كتاب الحيوان للجاحظ، فقرأت فيه طرفًا من احتجاج صاحب الكلب للكلب، وطرفًا من احتجاج صاحب الديك للديك.
•••
ورفق الله بصديقنا فلان، أتذكره؟ لقد كان في أول عهده بالشباب تقيًّا نقيًّا، وسمحًا رضيًّا، حلو العشرة، عذب المنطق، حسن المدخل، سهل القياد. كنا نضحك من سلامة قلبه، وبراءة نفسه، وسذاجة عقله. كنا نغرُّه فيغتر، وكنا نخدعه فينخدع، وكنا نضحك من استجابته لكل دعاء، وتصديقه لكل كلام. ولكن كنا نجهل أن من الحيات ما لا يعيش إلا في كثبان الرمل المتهيلة، التي لا تتلبد، ولا تتجمد، ولا تستطيع الأقدام أن تمضي فيها دون أن تغوص.
نعم، وكنا نجهل أن مظهر صاحبنا ذاك، لم يكن إلا كثيبًا من هذا الرمل السهل اللين، الذي تغوص فيه الأقدام، ويعبث به أيسر النسيم، وأن في هذا الكثيب المهيب حية تهدأ فتحسن الهدوء ما جنها الليل، ثم تسعى فتحسن السعي ما أضاءت لها الشمس، وهي في أثناء سعيها وهدوئها موفورة السم، حديدة الناب … تأزم فتحسن الأزم، ولا يدنو منها أحد، إلا أصابه من سمها حظ موفور.
وإنه على ذلك لعذب اللفظ، لين القول، حلو الحديث، خلاب جذاب، يروق مظهره، ويروع مخبره، ويشقى به القريب منه، والبعيد عنه.
•••
حية، وكلب، وديك. هؤلاء هم أصدقاؤنا القدماء. فابك إن كنت خيرًا، واضحك إن كنت شريرًا، وارسم على ثغرك ابتسامة حزينة مرة، إن كنت شيئًا بين الخيِّر والشرير، وثق على كل حال، بأن أصدقاءنا هؤلاء، لم ينفردوا بما كتب عليهم من المسخ، وإنما هي محنة عامة، يمتحن الله بها هذا الوطن البائس في كثير من بنيه.
وقد تسأل عن مصدر هذه المحنة، وأصل هذا البلاء، فاعلم أنه الانتقال السريع، يفسد بعض النفوس، ويغير بعض الأخلاق، ثم لا يلبث أن يمضي بخيره وشره، وأن يردَّ الشعوب إلى حياة ملائمة لطبائع الأشياء، يكثر فيها الناس الذين يتقمصون أجسام الناس، ويقل فيها الحيوان الذي يتصور في صورة الإنسان.
أما بعد، فإن في مدينتك الجميلة حدائق للحيوان، تستطيع أن تنزه فيها عينك، وعقلك، ولكن حدائقك كلها — على كثرة ما فيها من الغرائب والطرائف ونوادر الأنواع — لن تقدم إليك كلابًا، وديكةً، وحيات، في صور الناس، فإذا لم يَشُقْ نفسَك وطنُك العزيز، ولم يدفعك الشوق إلى الرغبة في عبور البحر، فلا أقل من أن يدفعك إلى عبور البحر ما يكتظ به وطنك من هذه الطرائف والغرائب، والنوادر التي تمرح على ضفاف النيل، وتستظل بظل الأهرام.
أمقبلٌ أنت لتشهد من قريب، أم قانع أنت بما يأتيك من بعيد …؟