مباغتة
في الساعة الرابعة بعد ذلك الظهر مثَل أحد الخدم أما اللايدي بنتن وهي في مقصورتها، وقال لها إن شابًّا يلتمس مقابلتها، ولما سألت عن اسمه قيل لها لم يشأ أن يذكر اسمه، فأبت أن تقابله ما لم يعلن اسمه، فرجع الخادم يروي للزائر ما كان منها. وبعد هنيهة عاد يقول: «إنه اللورد إدورد سميث يا مولاتي.» فقالت: «لا أعرف أحدًا بهذا الاسم.» وأمرت أن تفتح له القاعة فدخل، وبعد قليل أقبلت عليه؛ فذهلت إذ رأت إدورد الذي تعرفه من قبل وقد منعت قبول زيارته فيما مضى، فرحبت به مع حرصها على أبهتها وقعدت ثم سألت: قال لي الخادم إن الزائر اللورد سميث، أفيعني حضرتك بهذا الاسم؟
– نعم يا سيدتي.
فازدادت اندهاشًا وقالت شبه هازئة: إذن أهنئك بهذا اللقب الجديد فإنك تستحقه.
– ليس جديدًا يا مولاتي لأني لم أخدم خدمة تستحق هذا اللقب، وإنما هو قديم موروث.
– إذن توجد أسرة من الأشراف باسم سميث غير أسرة آبائي؟
– كلا يا سيدتي ليس غيرها.
– ممن ورثت اللقب؟
– من أسرة آبائك يا مولاتي.
– ممن منهم؟
– من اللورد هركورت سميث.
فاختلج بدن اللايدي بنتن عند ذكر اللورد هركورت، وقالت برزانة: من هو اللورد هركورت؟
– ائذني لي يا سيدتي أن أقول هو أخوكِ وأنتِ عمتي.
ففتحت اللايدي بنتن فاها ولم تعد تتكلم، فعاد إدورد يقول لها: لا تعجبي يا سيدتي، ما أقوله لك هو الحقيقة الراهنة.
– لم أفهم.
– نعم، هو لغز ما أقوله لكِ، ولكن إذا سمحتِ لي أروي لكِ حكاية نسبي.
– اِرْوِ لأرى هذا العجب.
وجعل إدورد يقص عليها الحكاية مغفلًا منها ما يسوءها وهي مصغية تهز رأسها، ولما انتهى قالت: إن قصتك محتملة الوقوع وأتمنى صحتها، ولكنها تفتقر إلى الإثبات.
– نعم يا سيدتي، ولهذا أتيت أستشيركِ في كيفية الاستحصال على الورق من خالي.
– ليس إلا أن تباحثه بالأمر، ولكن لماذا كتم خالك هذا الورق؟
– أظن أنه كتمه ريثما أشب جاهلًا نسبي لعلي أتزوج ابنته إذا أغراني، وثمَّ يعلن الأوراق، ويفخر أنه زوَّج ابنته من لورد. وقد أغراني بالفعل ولكن ذهبت مساعيه أدراج الرياح.
فهزت اللايدي بنتن رأسها قائلة باسمة: أما كفاه أنه زوَّج أخته من لورد؟
– ألا تستصوبين يا سيدتي أن تكتبي له بهذا الشأن، فتقولي أنه بلغك أن أخاك تزوج أخته سرًّا، وتسأليه ما إذا كان عنده بيِّنة على ذلك لعله يرسل إليك الأوراق من نفسه؟
فهزت اللايدي بنتن رأسها هزة رحويَّة، وقالت: كلا، لا حديث لي معه.
– عجيبٌ! ألا يهمك الأمر يا سيدتي؟
– يهمني جدًّا، ولكن يصعب عليَّ أن أكاشفه بأمر ليس له أساس عندي، فالأفضل أن تفاوضه أنت وثَمَّ نرى ماذا تكون النتيجة.
عند ذلك استأذن اللورد إدورد أن ينصرف على وعد العودة، وخرج تاركًا اللايدي بنتن في هواجس وأفكار، وساعتها ورد إليها البريد فجعلت تفضه.