مفاجأة في ضيعة «باولو»!
في العاشرة تمامًا كانت سيارة «باولو» تقف أمام فندق «الجراند أوتيل». كانت سيارة طويلة ذات ستة مقاعد. نظر لها الشياطين في إعجاب. في نفس المكان كان السائق قد فتح أبوابها، وانحنى في احترامٍ شديد. ركب الشياطين، وبعد ساعةٍ كاملة، كانت السيارة تدخل منطقة حدائق رائعة. قال السائق: هذه حدائق السيد «باولو»!
تردد صوتُ طلقات رصاص في الفضاء، نظر الشياطين إلى بعضهم، فكر «أحمد» سريعًا: هل تكون رحلة صيد؟ نظر إلى السائق وابتسم في حين كانت السيارة تسير ببطء، ثم قال: هل السيد «باولو» من هواة الصيد.
ابتسم السائق وهو يردُّ: لا أظن ربما يكون بعض الضيوف!
كانت إجابةً لافتة للنظر. فكر «أحمد»: إذن هناك ضيوفٌ آخرون، ربما تكون حفلة نهارية!
توقَّفَت السيارة أمام مبنى أنيق تمامًا، أبيض اللون، وسط الخضرة الجميلة. قفز السائق بسرعة، وفتح الأبواب، فنزل الشياطين، ظهر «باولو» أمام المبنى الذي يُشبه قصرًا صغيرًا. كانت ابتسامة عريضة تغطِّي وجهه، وهتف قائلًا: أهلًا بالشياطين!
ضحك «أحمد» وهو يقول: ستانا جروب.
استقبلهم بترحابٍ شديد، وهو يقول: لقد أعددتُ لكم مفاجأة، أرجو أن تنال إعجابكم. ثم صحبهم إلى صالة واسعة، مفروشة بعناية كاملة، قال وهو يقف عند الباب: العصير أولًا … إنه عصيرٌ طازج، ومن مزارعي!
في ثوانٍ جاء العصير، ودار عليهم، ابتسم «باولو» وهو يقول: سوف أغيب عنكم دقائق.
ما إن انصرف، حتى قال «أحمد»: يجب أن نتحدث بلغة الشياطين. يبدو أننا أمام اختبار صعب.
قالت «إلهام»: إنني غير قادرة على استيعاب ما يدور حولنا، منذ دخلنا ملهى «إيطاليانا».
قال «بو عمير»: إنني أيضًا أعاني نفس الحالة. إنَّ الأمور تجري بطريقة سريعة!
ضحك «أحمد»: ولهذا فهي تُلائمنا تمامًا، ولا أظنُّ أنَّ هناك ما يُخيف، إنني أتوقع ظهور «ماتي» هنا، وأتوقع ظهور «مانسيني» أيضًا.
ظهرَت الدهشة على وجه الشياطين، فابتسم «أحمد» وقال: لا داعي للدهشة، إنْ هي إلا دقائق وسوف نرى!
فجأة ظهر «مانسيني» في الباب، فضحك «أحمد» وعلَت الدهشةُ وجهَ الشياطين. رحَّب «مانسيني» بهم ثم قال: إنني في خدمتكم دائمًا، فأنتم لا تعرفون كم هو معجبٌ بكم السيد «باولو»!
ثم دعاهم للانضمام إلى المجموعة، مشَوا بعض الوقت، كانت الحقول الخضراء الممتدة أمامهم تُعطي إحساسًا بالراحة، وكانت هناك خميلةٌ بديعة تتوسط الحقول، قال «مانسيني»: إنَّ الضيوف كلهم هناك!
فجأة ظهرت مجموعةٌ من الحمام الأبيض، وفي نفس الوقت انطلقَت طلقات الرصاص. نظر الشياطين إلى بعضهم، ولم يُعلِّق أحدهم بكلمة. كانت الحمامات تتساقط، ولم تُفلت منها سوى حمامة أو اثنتين. وصل الشياطين إلى الخميلة، وكانت مفاجأة، كانت هناك مجموعةٌ مختلفة من الناس … وكان بينهم «ماتي»، ابتسم الشياطين؛ فقد تحقق ما توقَّعه «أحمد». تقدم «باولو» وهو يرفع يديه قائلًا: هؤلاء هم فرقة الشياطين.
ثم ضحك قائلًا: وهم شياطين فعلًا! ثم بدأ يقدمهم للمجموعة.
– السيد «بورو»، السيد «بيدو»، السيد «كارمي»، السيد «هان»، السيد «بيتر»، الآنسة «للي»، ثم أضاف: إنهم الفرقة الغنائية التي سوف تعمل في ملهانا منذ الليلة، والتي أتوقع أن تُثيرَ ضجةً في إيطاليا كلِّها!
جرَت بعضُ الأحاديث السريعة، ثم قال «باولو»: إننا نُجري مسابقةً في صيد الحمام، هل تُشاركوننا المسابقة؟
ابتسم «أحمد» وقال: يمكن أن أجرب!
اختار «أحمد» مسدسًا ضخمًا من نوع «برتا»، ثم أخذ يتفحصه بعناية. في نفس الوقت، كان بقية الشياطين يراقبون «باولو» و«مانسيني» و«ماتي»، الذين اهتموا بطريقة «أحمد» في فحص المسدس. نظر «أحمد» إليهم مُبتسمًا، وقال: إنني مستعدٌّ!
شرح لهم «باولو» طريقةَ إطلاق الحمام، واصطياده، ثم بدأت التجربة. كان انطلاق عشر حمامات، واحدة ثم اثنتين، ثم واحدة ثم ثلاث، ثم ثلاث أخريات، عندما أعطى «باولو» الإشارة، خرجَت أول حمامة، فأسقطها «أحمد»، ثم خرجَت اثنتان فأسقطهما، وهكذا حتى أسقط الحمامات العشر … وصفق الجميع.
قال «باولو»: هذه مهارةٌ غير عادية، إذن عليك تجربة الهدف الصغير!
كان الهدف الصغير عبارة عن قطعة معدنية، تظهر ثم تختفي، ابتسم «أحمد» وقال: أتمنى أن أرى العزيز «ماتي» في هذه التجربة!
ابتسم «ماتي» وهو يقول: لا بأس، وإن كنتُ لستُ ماهرًا مثلك.
ثم أضاف: سوف ألعب على خمس قطع متتالية … سريعة!
بدأت التجربة، تظهر قطعة معدنية صغيرة، ثم تختفي، وتَتْبعها القِطَع الباقية. نجح «ماتي» في إصابة الأهداف الخمسة، وصفَّق الحاضرون … قال «باولو»: إذن هي منافسة بين اثنين من أبرع عازفي الجيتار. فلنرَ السيد «بورو»!
تقدَّم «أحمد» وأصاب الأهداف الخمسة، ثم قال: أفضِّل لعبة البندقية، لكن على هدف بعيد!
كان «أحمد» يُريد أن يؤكد شيئًا في ذهنه جاء في رسالة رقم «صفر»، فقال «باولو»: إذن لقد دخلتَ في ميدان «ماتي»، إن أحدًا لا يهزمه في التصويب بالبندقية عن بُعْد!
ابتسم «ماتي» وقال «أحمد»: الميدان موجود!
تقدَّم «ماتي» واختار بندقية معينة، ثم قال: سوف أُصيب خمسة أهداف متحركة!
بدأ التصويب، أصاب الأولى، والثانية، ثم أفلتت الثالثة والرابعة، وأصاب الأخيرة. تقدَّم «أحمد»، وببراعة أصاب الأهداف الخمسة. ارتفع التصفيق، وأقبل «باولو» يهنئ «أحمد» بحرارة ويقول: لقد حكمتَ على نفسك بالبقاء معي إلى الأبد!
ضحك «أحمد» وقال: هذا شرفٌ عظيم يا سيد «باولو»!
تقدم «ماتي» مبتسمًا وهو يقول: نُجري التصويب مرةً أخرى!
أُعيد التصويب. حقق «ماتي» أربعةً من خمسة، وحقق «أحمد» النقاط الخمس جميعًا. صاح «مانسي»: نحن لم نرَ بقية الشياطين!
تقدَّم الشياطين الواحد بعد الآخر، وحقق كلٌّ منهم الأهدافَ كلَّها، حتى إن «باولو» صاح مهللًا: لقد حققتُ أعظم صفقة في حياتي الآن، إنني أستطيع أن أقلب العالمَ كلَّه بهؤلاء الشياطين!
صاح واحدٌ من الضيوف: نحن لم نرَ الآنسة «للي» حتى الآن!
ابتسمَت «إلهام» وتقدَّمت ثم أمسكَت البندقية، في حين وقف الضيوف جميعًا ينظرون إليها في دهشة. وعندما أصابت أول الأهداف، صاحوا: هذا شيءٌ رائع!
وعندما أصابت الأهداف جميعًا، صاح أحد الضيوف: إنني أدفع مائة ألف ليرة للآنسة «للي»، إذا حققت هذه النتيجة مرةً أخرى!
قالت «إلهام»: شيكًا بمبلغ مائة ألف ليرة؟!
ضحك الشياطين وتقدَّمت «إلهام»، رفعَت البندقية، ثم بدأت التصويب على الأهداف المتحركة، واستطاعَت أن تُصيبَها جميعًا، وصاح أحد الموجودين: إن هذه أعجوبة!
ثم تقدَّم منها أحد الضيوف وهو يقول: آنستي «للي»، إنني سعيد بوجودك، وأرجو أن أدعوَكم في سهرة يوم السبت!
شكرَته «إلهام» وبدأ الضيوف يتعرفون، كلُّ مجموعة انهمكَت في حديث. وكان الحديث المشترك هو مفاجأة الآنسة «للي». اقترب أحد الضيوف من «أحمد»، ثم همس في أُذُنه بكلمة، جعلت الدهشة وربما الخوف أيضًا يظهر على وجهه، ثم قال الرجل: أقدِّم نفسي «سيمون بريتش»، يُسعدني أن أتعرَّف عليك!
كانَا يقفان وحدهما، ظلَّ «أحمد» ينظر إلى «سيمون» مشدوهًا؛ فهو لم يكن يتوقع أن يظهر هذا الرجل هنا. ابتسم سيمون وهو يقول: لا ينبغي أن تظل هكذا، حتى لا ينكشفَ وجودنا!
همس «أحمد»: ما زلتُ لا أستطيع التصديق!
ابتسم «سيمون» وقال: بل يجب أن تصدِّق ذلك، وأظنك سمعتَ كلمة السر!
نظر «أحمد» حوله، كان يفكر بسرعة: هل صحيح ما سمعه، وهل يطمئن إلى وجود هذا الرجل.
إن الشياطين يمكن أن يقعوا في خطر بلا حدود، ويمكن أن تكون نهايتهم نفسها. قال «سيمون» مرة أخرى: ينبغي أن ننضمَّ إلى الباقين حتى لا نلفتَ النظر!
ولم يتحرك «أحمد». قال «سيمون» مبتسمًا: هل يجب أن تصلك رسالة من رقم «صفر»؟
ظل «أحمد» ينظر إليه في جمود، بينما كان «مانسيني» يقول بصوتٍ عالٍ: لقد حان وقت الغداء.
وعندما تحركوا جميعًا إلى المبنى الرئيسي، كان «أحمد» لا يزال تحت وقْع المفاجأة.