مع العقاد
(١) تمهيد
ما من شيء في دنيا الفكر ينبغي أن تحدد معانيه تحديدًا دقيقًا، إذا أردنا أن نأمن العثار ونطوي مراحل الجدل، كتحديد المعنى الذي ندركه من كلمة الله، والمعنى الذي ندركه من كلمة «الألوهية أو الربوبية».
لا شك في أن المعنى المدرك من قولك «الله»، والمعنى المدرك من قولك «ألوهية أو ربوبية» فيهما تضايف شديد الآصرة؛ إذ إن تسليمك بأحدهما يجرك إلى التسليم بالآخر، ولكن ينبغي لنا أن نتواضع على تفرقة بينهما في الاستعمال، وأود لو أننا ندرك إذا قلنا «الله» أنه موضوع مردُّه إلى الدين، وأن ندرك من القول «بالألوهية أو الربوبية» أنه موضوع مردُّه إلى الفلسفة أو التأمل.
أريد بذلك أن أقول إن كلامنا إذا انصرف إلى «الله» لزمنا أن نتقيد بكل ما جاء به دين ما من وصف أو تقييد لمعناه أو صفاته، فندرك من الله في التوراة مثلًا ما لا ندرك منه في الأناجيل، وندرك منه في الإسلام معنى مخالفًا للمعنى الذي صُوِّر في التوراة والإنجيل معًا، ذلك بحسب الخصائص التي لكل دين؛ لأن الصورة التي تُضفى على «الله» في كل دين هي صورة حقة لطبيعة ذلك الدين. أما إذا انصرف الكلام إلى فكرة الألوهية والربوبية، فهنالك تخرج إلى الباحات الواسعة والآفاق القصية التي يسبح فيها الفكر، غير مقيد بالحدود التي تحددها الأديان، فباعتباري مسلمًا عليَّ بأن أسلم بأن الله «ليس كمثله شيء» وأقف، وباعتباري باحثًا عليَّ أن أبحث أول شيء في «هل الله ليس كمثله شيء؟» أو أنه «كمثل جميع الأشياء»، لأدلف من ثمت إلى مجال المنطق الذي هو مجال الشك.
(٢) الاعتقاد والشك
لقد اختصر المسلمون الطريق إذ قالوا بأن «الله» ليس كمثله شيء.
نعم قد تقع في جميع الديانات العظام على معانٍ وأقوال تحاول التعبير عما عبَّر عنه المسلمون بهذه الكلمات الثلاث، أراد أصحاب الأديان بذلك أن يردوا «الله» إلى فكرة وغاية في التجريد؛ بل أرادوا بذلك أن يُعجزوا العقل، ويسدوا عليه المسالك حتى يتَنَكَّب طريق البحث في الله.
وإنما أراد أصحاب الأديان بذلك أن يحتفظوا بوحدة الاعتقاد أن يزلزله الشك. تلك الوحدة التي أقاموها على نظرية أن الإنسان معتقد بالطبع: «أيًّا كان موضوع الاعتقاد، كأنما يوجد الاستعداد للعقيدة أولًا، ثم توجد العقيدة على اختلاف نصيبها من الرشد أو الضلال»، حتى لقد قيل: «إن في الطبع الإنساني جوعًا إلى الاعتقاد كجوع المعدة إلى الطعام.»
ذلك اتجاه أصحاب الدين، وهم في ذلك يقفون موقف الدفاع عن الأساس الذي يقوم عليه الدين، كقولهم مثلًا: كان الله ولا شيء معه، وأنه ليس كمثله شيء، رادين ذلك إلى أن في الطبع البشري جوعًا إلى الاعتقاد. أما موضوع هذا الاعتقاد، أي العقيدة، فهو هذا الذي يقولون.
وإذن يكون تصوير العقيدة هو بسلطة من الدين؛ فأنت ذو معتقد، ولكن ليس لك أن تناقش موضوع الاعتقاد، أي العقيدة، فإما أن تكون عقيدتك قائمة على ذلك، وإما أن تكون لا شيء.
ولكن القائلين بهذا القول، قد غفلوا أو هم تغافلوا عمدًا عن أن الطبع البشري لا ينطوي على صفة الاعتقاد لا غير، بل ينطوي أيضًا على صفة الشك، بل أرادوا أن لا يقولوا إن في الطبع الإنساني جوعًا إلى الشك، كجوع المعدة إلى الطعام.
كلا، بل أقول إن جوع الإنسان للشك أشد من جوعه إلى الاعتقاد، وذلك طوعًا لتركيب قواه العقلية، فالإنسان الأول عندما اعتقد بأن لهذا الكون سببًا لم يأت اعتقاده إلا من طريق الشك في أنه ليس له سبب، وإذن يكون له سبب كقولك مثلًا: أشك في أن الكون ليس له سبب (اعتقاد: للكون سبب).
أو قولك: أشك في أن للكون سببًا (اعتقاد: ليس للكون سبب).
فاعتقاد الإنسان بأن للكون سببًا يعود إليه، نشأ أولًا من شكٍّ في أنه ليس له سبب، وإذن يقوم في روعه أو عقله أو اعتقاده، أو ما شئت فسمِّ، أن للكون سببًا، هو الله، أو العلة الأولى أو العقل الأول، أو ما شئت فسمِّ.
إن الاستعداد للشك يوجد أولًا، ثم يُقفَّى عليه الاعتقاد، وعكس ذلك غير صحيح.
(٣) الوعي الكوني وقانون الإرادات والأَسباب
ما هي صفة الوجود؟ وبعبارة أخرى: ما هو ألزم لوازم الوجود؟ إننا لا نعرف الشيء الموجود تعريفًا سائغًا إذا قلنا إنه الشيء الذي ندركه بالحس أو بالعقل أو بالبصيرة؛ لأننا — بهذا التعريف — نعلق الموجود على موجود آخر هو الذي يدركه بحسه أو بعقله أو ببصيرته، فلا يكون الشيء موجودًا إلا إذا كان له محِسُّون ومدركون، إلا أننا نعطي الوجود ألزم لوازمه إذا قلنا إنه «غير المعدوم»، فيكفي أن ينتفي العدم ليتحقق الوجود، وكل ما ليس بمعدوم فهو لا محالة موجود.
ويظهر جليًّا من سياق هذه العبارات أن بها كثيرًا من الرتق بين مفهومين منفصلين كل الانفصال فكريًّا، وإن تلازمَا بعض الشيء لغويًّا، بدأ الأستاذ المؤلف بالتساؤل عن: ما هي صفة «الوجود»؟ وما هو ألزم لوازمه؟ ثم ساق الكلام عن «الموجود»، ولا شك أن «الوجود» شيء غير «الموجود»، فالوجود معنًى هو إلى الإطلاق، والموجود معنًى هو إلى التحديد، ولهذا لم يستطع أن يتخلص من اللازمة التي أراد أن يتجنبها، فالحكم على شيء بالوجود هو تمامًا كالحكم عليه بالعدم؛ ذلك بأن الحكم في الحالتين يدعو إلى وجود جواهر محسة، فالحكم بالوجود يرجع إلى إحساس بشيء، والحكم بالعدم يرجع إلى إحساس بعدم الوجود، وكلاهما يرجع إلى إدراك الحس؛ أولهما إيجابًا، والآخر سلبًا، فالحكم بالوجود إحساس إيجابي، والحكم بالعدم إحساس سلبي، وكلاهما إحساس يقضي بوجود من يحسون ويدركون.
كذلك قوله: «إننا نعطي الوجود ألزم لوازمه إذا قلنا إنه «غير المعدوم».» فذلك قول غير مستقيم ذهنًا؛ لأن «الوجود» يقابله «العدم» ولا يقابله المعدوم، إن هذا يقابله الموجود، وهذه مقابلة بين شيء له معنى مطلق هو «الوجود» وشيء له معنى محدود هو «المعدوم».
كما أن الشبح المنعكس من عدسة زجاجية على حائط ليس سوى صورة مكبرة من ذلك الشبح الكائن في العدسة، كذلك النظريات الخاصة بهذا العالم ليست سوى صور مكبرة من نظريات العقل الإنساني تسبك عادة على نماذج تستمد من تجاربنا الذاتية.
وهذا الذي سميناه «بالوعي الكوني»، هو الذي يحس بوطأة الكون، فيترجمها على قدر حظه من التصور والتصوير، فيقع الخطأ في الكثير من التعبير، وفي محاولة التعبير، ولا يمتنع من أجل ذلك أن تتلقى الكون بوعي لا شك في بواعثه وغاياته وإن أحاطت بتعبيراته شكوك وراء شكوك، وربما كان هذا «الوعي الكوني» فرضًا صادقًا أو راجحًا، ثم ينتهي به الأمر عند ذلك، لو لم تكن ظاهرة التدين التي تترجم عنه ملازمة لبني آدم في جميع الأماكن ومن أقدم الأزمان، ولو لم ينبغ في الناس أفراد من ذوي العبقرية، تملؤهم روعة المجهول.
فكأني بالأستاذ، على قدر ما استطعت أن أفهم من هذه العبارات، يريد أن يقول إن هذا «الوعي الكوني» الذي لم يعرفه تعريفًا يحدده ضبطًا، هو فرض ضروري صادق أو راجح، وأن ضرورته تترجم عنها ظاهرة التدين، فالتدين الذي هو تفريع على «الوعي الكوني» عند الأستاذ العقاد، أصبح بذلك أصلًا يثبت الأصل الذي يعود إليه، أي أن الفرع قد اتخذ دليلًا على صحة الأصل.
إن الاعتقاد في إرادات أو ذوات عاقلة، لم يكن إلا تصور باطل نخفي وراءه جهلنا بالأسباب الطبيعية. أما الآن وكل المتعلمين من أبناء المدنية الحديثة يعتقدون بأن كل الحوادث العالمية والظاهرات الطبيعية لا بد من أن تعود إلى سبب طبيعي وأنه من المستطاع تعليلها تعليلًا مبناه العلم الطبيعي، فلم يبق ثمة من فراغ يسده الاعتقاد بوجود الله، ولم يبق من سبب يسوقنا إلى الإيمان به.
وما هذا غير تفسير للقاعدة التي وضعها هذا الفيلسوف قاعدة: أن الإنسان إذا عجز عن تعليل الظاهرات ومعرفة أسبابها الطبيعية، عزاها إلى قوى شبيهة بقواه البشرية.
فالوطأة التي يحس بها الوعي الكوني عند الأستاذ العقاد، هي في الواقع جهل الإنسان وعجزه عن تعليل الظاهرات عند (كونت)، والتدين عند الأستاذ العقاد هو الإرادات التي تعزى إليها أسباب الظاهرات عند (كونت). وكلما كان الإنسان أضرب في الجهل بالأسباب، اشتدت وطأة الوعي الكوني، على قول العقاد، وزاد عدد الإرادات التي تعلل بها الظاهرات عند (كونت).
(٤) تخلف الإرادات وتقدم الأسباب
كانت الآلهة تمشي على الأرض وتكلم الناس وتتصل بهم اتصال الأشخاص الفانين، وكان لكل ظاهرة من ظواهر الطبيعة إله خاص موكل بها، هو عند الأولين السبب الذي تعود إليه الظاهرة.
ظواهر وحالات حار فيها الفكر وعجز عن بلوغ الأسباب التي تعود إليها الظاهرات، فنسبها الإنسان إلى إرادات مثل إرادته، لا إلى قوانين طبيعية وسنن كونية.
لقد كف الناس عن القول بأن الصواعق نتيجة غضب إلهي، عندما عرفوا حقيقة الكهربائية الجوية، وعندما استكشف (فرنكلين) مانعة الصواعق، نسب الظاهرة إلى سبب طبيعي لا إلى إرادة تشبه إرادته.
ورجع الناس عن القول بأن الجنون والهلاس عائدان إلى أعمال السحر والشعوذة وأنصار الشيطان، عندما دلهم الطب على أسبابهما العصبية.
وإذا لم أكن قد أخطأت الفهم، يكون «الوعي الكوني» هو عبارة عن حالة نفسية لا عقلية، تقوم إذا استقوى الجهل بالأسباب الطبيعية على تعليل الأسباب. ولقد أخذ الاعتقاد في وجود إرادات مختلفة موكول إليها القيام على تصريف ظاهرات الطبيعة يتخلف شيئًا بعد شيء، فكل سبب طبيعي لظاهرة يمكن أن يصل إليه العقل أو التجربة، فكان من شأنه أن يمحو إرادة من الإرادات التي اتخذها الإنسان بديلًا من السبب الطبيعي.
ولا شك في أن الاعتقاد بالله إذا ارتكز على ضرورة العثور على بيان مما بعد الطبيعة، يفصح عن حقيقة الظاهرات الطبيعية التي لا يمكن تعليلها بغير استدرار وحي ما وراء الطبيعة، يصبح اعتقادًا غامضًا محوطًا بالريبة عند العقليين والطبيعيين معًا، بل إن هذا الاعتقاد يمسي عرضة للزوال أمام أضعف البراهين الطبيعية.
غير أننا قد نستبين وجهًا من الضعف في هذا التدليل، وهو كما لا ينبغي أن ننسى، قائم على نظرية «أوغست كونت»، وموضوع الضعف فيه ينحصر في الاعتقاد بأنه لا يوجد في الكون من شيء يحتاج إلى تعليل أكثر من وصل الحلقات المتفرقة في سلسلة الظاهرات الطبيعية التي يتألف منها الكون المادي في مجموعة بعضها ببعض، في حين أن السلسلة في مجموعها باعتبارها كلًّا متواصل الأسباب غير متفرق الوحدات، لم يعرف سببها الأول. قد تقول إنه ليس يكفي أن تعلل لنا الأسباب الطبيعية كيف ينشأ الإنسان من أبويه؟ وكيف نشأت القرون الأولى من قبله؟ بل الواجب لكي يصبح التدليل الطبيعي غائبًا وثابتًا، أن يكشف الطبيعيون عن علة الوجود الإنساني أصلًا في هذه الحياة الدنيا.
هنا نخرج من نطاق العلم إلى نطاق الفلسفة، وفلسفة (كونت) فلسفة طبيعية أولًا وقبل كل شيء، ولكن ما دمنا في مجال الكلام عن الألوهية، وجب أن نتدرج في البحث لنرى إلى أين يؤدي؟ وإذن نقول: لا يكفي أن يعرف الطبيعيون كيف أنشأت سنن التطور الأحجار والأشجار والأزهار والحيوان والإنسان، بل يجب لكي يصلوا إلى دليل ينقع الغلة في أصل الوجود، أن يعللوا بالبرهان الطبيعي: لماذا خُصَّت الجواهر الفردة التي تتألف منها هذه الأشياء أصلًا، بخاصيتي الجذب والدفع، ولم تخص بصفة أخرى؟
وهنا نخرج من نطاق العلم إلى نطاق الفلسفة، وإن شئت فقل التأمل.
لنضرب مثلًا نتخذه من آلة الراديو عند المتمدنين، والساعة عند بعض المتأخرين. ولا مندوحة للعقل الإنساني في مدارجه الأولى، من أن ينسب كل حلقة من حلقات هذه الظاهرة إلى إرادة خفية غير معروفة، ما دام اتصال الحلقات المختلفة في نظام الراديو أو الساعة لم يستطع الوصول إلى معرفته أو علته، حتى يسكن العقل إلى تعليل الظاهرة التي تقع تحت اختباره، ولكن إذا ارتفعت العقلية الإنسانية إلى الحد الذي تستطيع عنده تعليل الاتصال بين الأجزاء المختلفة بأسباب طبيعية، لم يبق هنالك من حاجة لتدخل قوة مفروضة غير مرئية ولا معروفة، لتعليل الظاهرة في تواصل حلقاتها، ولم يتسع المجال للاعتقاد بها. غير أننا مع عدم احتياجنا إلى الركون للقول بإرادة غير مرئية لتعليل كل حلقة من حلقات الظاهرة الطبيعية، فإننا مع هذا نساق إلى الاعتقاد بوجود إرادة عاقلة مدبرة حكيمة، يرجع إليها وجود الآلة في مجموعها.
أما إزاء الراديو والساعة، فنحن في نطاق العلم بمعرفة الإرادة التي وصلت بين أجزائها، أما إزاء الكون فنحن في نطاق الفلسفة؛ لأن العلم لم يزل في صباه وفي أوائل مدارجه. إن العقل إزاء العلة الأولى، هو في نطاق التأمل.
في حالة من الحالات، كانت المعرفة الإنسانية بوجوه الاتصال بين الظاهرات المختلفة، ضئيلة إلى حد مست الحاجة عنده إلى فرض مجموع من مختلف الآلهة وأنصاف الآلهة، يرجع إليهم السبب في وجود كل حلقة من حلقات الظاهرة، منفصلة عن المجموع. ولما ضربت الإنسانية في سبيل العلم الطبيعي، قلَّت الآلهة عندها ولم يبق منها غير نزر يسير معللًا بها بعض الظاهرات التي كانت أسبابها الأولى لا تزال رهن التحقيق العلمي، ومضت الإنسانية بعد ذلك ممعنة في الكشف عن كثير من حقائق الكون، حتى استقر اعتقادها في النهاية على إله واحد اقتصرت إرادته على التدخل في بعض الظاهرات دون بعض، وبطرق موسومة بطابع العلم والحكمة.
فالإنسان إذن إزاء العلة الأصلية في وجود الكون، كما كان من قبل إزاء الظاهرات الفردية المختلفة، في موقف لم يتحلل منه. هو ينسب العلة الأصلية إلى إرادة مثل إرادته، كما كان ينسب أسباب الظاهرات المختلفة يوم أن جهل أصولها إلى إرادات مختلفة.
زادت نسبة المعرفة بالأسباب الطبيعية، وقلَّت الإرادات، وما زالت تقل وتتضاءل حتى انحصرت في إرادة واحدة، لم يستطع العقل إلا أن يسلم بأن لها قدرة، وأن القدرة لا تتعلق إلا بالممكنات.
يقول الفلاسفة الطبيعيون، إن الظاهرات الطبيعية المختلفة يمكن تعليلها بأسباب طبيعية، أو هي قابلة لأن يكشف عن أصلها بالعلم الطبيعي، وبتقدم العلم أمكن أن توضع الإرادة — التي تشبه إرادة الإنسان والتي هي علة الكون الأصلية — وراء عالم الظواهر. بعدت الإرادة عن التدخل المباشر في حدوث وجوه الاتصال بين الظاهرات الجزئية، وأصبحت بمقتضى نظام العقل البشري مرجع الكليات مرجع القصد وعلة الكون في مجموعه.
وهنا نخرج من نطاق العلم إلى نطاق الفلسفة.
قبل أن يستكشف قانون جاذبية الثقل، اعتقد (كبار) أن حفظ السيارات في أفلاكها، راجع إلى أرواح موكلة بها، أي أنه نسب السبب الطبيعي إلى إرادة مثل إرادته، عندما أعوزه السبب الذي تعود إليه الحركة، فلما عرفت جاذبية الثقل سكن العقل البشري إليها، ولم يحاول مرة أخرى تعليل حركة الأجرام، ولكن ألا يحتاج العقل البشري إلى البحث عن سبب ترجع إليه جاذبية الثقل وأثرها في نظام الكون؟
ما دام العقل عاجزًا عن معرفة السبب الذي ترجع إليه جاذبية الثقل، فإنه يرد ذلك حتمًا إلى إرادة مثل إرادته، وهنا يخرج العقل عن نطاق العلم إلى نطاق الفلسفة، إلى نطاق التأمل، إلى نطاق «الوعي الكوني».
إن الحلقات المتتابعة التي تتكون منها سلسلة الظاهرات الكونية، إن كان من المستطاع تعليلها بالأسباب الطبيعية، فإن السلسلة كمجموع ووحدة غير محللة ولا مجزأة قد ظلت، وربما تظل محتاجة إلى تعليل وسبب تعود إليه. ولما كانت الأسباب الطبيعية قد عجزت عن تعليل ذلك، وثب العقل إلى إرادة مثل إرادة الإنسان نسب إليها السبب وأضفى عليها صفة العلة الأولى، إلى إرادة حرة عاقلة متصفة بالحكمة، إلى الله.
يقول العلم: أما وقد استكشف الإنسان من السنن الطبيعية ما استطاع به أن يعلل كثيرًا من المظاهرات التي كانت تنسب دائمًا إلى ما بعد الطبيعة والغيب، أي إلى إرادة خفية، تشابه إرادته، فلم لا يؤمل أن يكشف المستقبل عن علة الكون؟
وتقول الفلسفة: إن كل ما استكشفه الإنسان من الأشياء التي تؤلف علمه ومعرفته، ليست سوى سنن ترجع إليها الظاهرات، لا علل أصلية، فلا بد إذن من أن نعود بعلة الكون إلى إله عاقل حكيم له إرادة مثل إرادتنا، ما دمنا لا نستطيع، وليس في مستطاعنا، أن نعرف للكون علة أخرى.
أما العالم المادي، فليس لنا أن نتدبر فيه لأبعد من القول بأن ظروفه وظاهراته لا يمكن أن تحدث بتأثير القوة الخالقة في كل طرف من أطرافه تأثيرًا مباشرًا، بل إن حدوثها موكول إلى السنن العامة التي تعهد إليها القوة الخالقة العظيمة تدبير حالات العالم.
إذا تأملنا من كلمات الفيلسوف الأيقوسي العظيم «هيويل»، استطعنا أن نترجمها بلغة (أوغست كونت)، في عبارات أخرى.
تقول الفلسفة: إن الاعتقاد بأن الخالق مكون حسب نماذجنا العقلية، أو أنه صورة من صور الفكر الإنساني، أو أنه إرادة مكبرة تشبه إرادتنا المصغرة، لقولٌ فيه من الباطل بقدر ما في القول بأن الأرض مركز النظام الشمسي، وأن الإنسان محور الخلق، أي فيه من الباطل بقدر ما في البدهيات من البيان والظهور.
ويقول العقل: بالرغم مما في هذا القول من قوة، فإن محاولة الاعتقاد بأن علة الكون من الممكن إدراكها، بما يبعد عن إدراك ذواتنا، أمرٌ بعيد بحكم الطبيعة، بل قول هراء لا ظل له من الحقيقة.
وحاول كثير من ذوي المعرفة أن يصلوا إلى إدراك الذات المدبرة لهذا الكون بطريقة غير هذه الطريقة، فأعيوا، ولو أنهم غالبًا ما حدسوا أنهم وصلوا إلى الحق، ذلك في حين أنهم لم يصلوا لغير ظواهر لا تغني عن الحق شيئًا.
- الأولى: أنهم أدركوا العلة الأولى من طريق المشابهات المستمدة من الخصائص الإنسانية، وقد حوطوا تلك الخصائص بصفات يبعد أن تكون بشيء من بني الإنسان.
- الثانية: أنهم جعلوها مدركًا مجردًا مقيسًا بقسم من الطبيعة البشرية، دنيء منحط غير محدود.
أما (اسبينوزا) فقد ظن أنه أبعد الفلاسفة عن الاعتقاد بأن العلة الأولى مكونة على نموذج عقله، ومضى في فلسفته متخيلًا أنه قد اجتاز كل عقبة بأن جعلها عبارة عن (امتداد وفكر).
هنا تساءل الدكتور (مارتينو): من أين له فكرة الامتداد إلا من النظر في حالات جسمه الطبيعية؟ ومن أين أتى له أن الله فكر إلا من خصائص عقله؟ ذلك بأن الامتداد والفكر ليسا سوى شيئين هما أخص ما تتصف به الأجسام والعقول.
وكذلك القول بأن العلة الأولى أو الله (وعي)، كما يقول الأستاذ العقاد في كتابه، فإن ذلك من أخص التشبيه، فلو لم يكن الإنسان واعيًا، إذن لما أدرك أن هنالك شيئًا غائيًّا أو علة أولى هي بذاتها «وعي»، وإذا جهل الإنسان السبب الطبيعي، أو العلة، نسب الأشياء إلى إرادة مثل إرادته، فسبحان العقل.
خذ بعد ذلك (هربرت سبنسر)، فإنه على الرغم من مناوأته للقائلين (بالتشبيه)، وعجزه عن إنكار الخالق وعلة العلل، أخذ يدير وجهه يمنة ويسرة ليقع على شيء يعلل به الكون، بحيث يكون بعيدًا عن كل شك وريبة، فقال بأن «قوة خفية»، مجهولة تدبر الكون.
على أن نظرة تأمل في فكرة (سبنسر)، تدلك على أنه لم يتقدم خطوة واحدة على غيره من الفلاسفة الطبيعيين، فكما أن الخالق عند (اسبينوزا) لم يكن إلا شبحًا إنسانيًّا، تمثله في المكان — امتداد وفكر — كذلك كان الخالق عند (سبنسر) تمثل صرف لفكرة غير معينة: هي فكرة القوة، وهي فكرة مستمدة من أحط الخصائص الإنسانية، خاصة إدراك الحس.
من هنا ينبغي لنا أن نعي أنه في جميع المباحث التي تتعلق بالنظر في أصل الأشياء، لا يجب مطلقًا أن نتساءل عما إذا كنا نصور (العلة الكونية)، على نسق مستمد من ذاتيتنا؛ لأن تصوير العلة على نموذج الذاتية البشرية أمر لا يمكن أن تنصرف عنه ذات فانية، بل الواجب أن نتساءل دائمًا عما إذا كنا نصورها على نموذج مستمد من نظرية سطحية، أم نصورها على نموذج مرجعه الوسعة في النظر، والألفة التامة الموافقة لنظام العقل الإنساني.
فإذا كنا لا نستطيع أن ندرك من علة الكون غير نموذج يرجع تصويره إلى تجاربنا الذاتية، فمن الظاهر أن اعتقادنا في وجود إرادة عاقلة، أي علة خالقة، أو عدم اعتقادنا يرجع إلى ما ندرك من فكرة السببية، وما دام فهمنا للسببية عائدًا إلى ما ندرك منها بحسب تجاربنا العلمية، أي أنها تنحصر في القياس على السوابق الطبيعية الظاهرة أجلى ظهور، فمن الواضح أننا لا نرضى في عقليتنا فكرة التسلسل السببي إلا بالاعتقاد في أن الأشياء لا بد أن تكون قد نشأ بعضها من بعض متدرجة في سلسلة منظومة خلال (الزمان)، وهذا يلزمنا الاعتقاد بوجود إرادة عاقلة مخبوءة وراء عالم الظواهر الطبيعية، أثرت في الماضي، وهي تؤثر في الحاضر، وستظل تؤثر في المستقبل.
وإذا اعتقدنا أن السببية الحقيقية تشمل في مدلولها، عنصر الإرادة، فمن الظاهر أننا إذا أردنا أن نحتفظ بألفة العقل، تلك الألفة التي لا يمكن أن تستهدي بغيرها في البحث وراء الحقيقة، فمن المحتوم علينا أن نعتقد في إرادة عاقلة حرة نتخذها علة للأشياء، أو بعبارة أخرى أن نعتقد في خالق، وعلى هذا يلزمنا القول بأنه كما يكون رأينا في السببية يكون معتقدنا الديني.
فالقول بالألوهية، على ما ترى، سلسلة طبيعية: إرادة مثل الإرادات الإنسانية يعلل بها وجود الأشياء، تتضاءل شيئًا بعد شيء، فتصبح إرادة واحدة مع التقدم في الكشف عن الأسباب الطبيعية التي تعود إليها الظاهرات، وتدرج في السببية ينتهي إلى الرغبة في الحصول على سبب غائي يعود إليه وجود الكون في مجموعه، وإذن يكون القول بالألوهية ضرورة طبيعية للاحتفاظ بألفة العقل. أما أن يكون الاحتفاظ بهذه الألفة العقلية سبيل الإصابة أو سبيل الخطأ، فذلك أمر خارج عن حاجات العقل البشري، بل هو عندي أمر ثانوي صرف في بحوث الفلسفة، إنما حاجة العقل في أن يحتفظ هو بألفته، والقول بالألوهية، هو سبيل هذه الألفة، ما دام العلم الإنساني على ما هو عليه الآن.
أما أن نصف «الله» بأنه امتداد أو فكر أو قوة خفية أو وعي، فذلك كله تمحك وتصوير لا يرضي العلم في شيء، ولا يقنع الفلسفة الطبيعية، وإن أرضى نواحي بعينها من الغرور الإنساني.
(٥) القدم والحدوث والخلق
لم يكتف العقل البشري بأن يفرض إرادة أشبه بالإرادة البشرية يتخذها علة نهائية يعلل بها الكون في كليته، كما علل بالأسباب الطبيعية الكون في جزئيته.
أدرك الحس الإنساني الحركة، وبالحركة قاس الزمان، ولكن هل للزمان أوَّل؟
قياسًا على الجزئيات التي هي مادة التفكير والعلم، قضى العقل بأن الزمان لا بد له من أول، فقال بأن الكون أصل أضيفت إليه الحركة بفعل العقل الأول،ولكن المحرِّك لا بد من أن تكون له صفة زائدة أو مخالفة لصفة المحرَّك، فإذا كان للثاني أول، فلا بد إذن من أن يكون الآخر بلا أول، أي أزلي، وإلا اشترك الاثنان في صفة الحدوث، ومن هنا جاء القول بالقدم والحدوث.
على أن العقل إذا نزع إلى البحث في هذه المفهومات، فإنما ينزع إلى ذلك مبتغيًا الوصول إلى ما يحفظ عليه ألفته، شأنه في ذلك شأنه في البحث عن العلة النهائية، التي تعود إليها كلية الأشياء.
فإذا اقتنع العقل بأن هنالك علة أصلية لوجود الأشياء، إذن وجب أن تكون العلة غير المعلول، وصفاتها غير صفاته، فإذا كان المعلول حادثًا، وجب أن تكون العلة قديمة، فإذا تشاركا في صفة الحدوث أو في صفة القدوم، انفرطت ألفة العقل؛ إذ يكون الموجِد هو نفس الموجَد، وفي ذلك استحالة عقلية.
على أن العقل إزاء هذا المشكل لم يكن موفقًا توفيقه في فرض العلة النهائية؛ لأن ذلك الفرض يلزمنا به تسلسل السببية. أما القدم والحدوث، فتسلسل السببية فيه يلزمنا القول بأن العلة والمعلول كلاهما قديم، ويلزمنا أن ننفي عنهما صفة الحدوث، وهنا وقف العقل مفكك الألفة حائرًا.
يقول العقل: إذا اكتملت العلة، لم يتخلف عنها المعلول، والله علة كاملة، فكيف يتخلف عنها معلولها؟ فإذا كان الله قديمًا وجب أن يكون معلوله قديمًا، أما إذا فرضنا أن المعلول (الكون المادي بكل ما فيه) حادث، إذن لزمنا الفرق بأن العلة كانت ناقصة، قبل أن يوجد المعلول، فلما اكتملت وجد المعلول، ونقص العلة لا يجوز إلا على الحوادث.
يقول العقل: إذا كان الخلق معناه إيجاد شيء لم يكن موجودًا أصلًا، فكيف نوفق بين هذا وبين المبدأ الطبيعي القائل بأن المادة لا تتلاشى ولا تتجدد، وأن مجمل الأشياء ثابت لا يزيد ولا ينقص، وأنه لا يمكن خلق شيء من لا شيء ولا محو شيء إلى لا شيء، وإذن فالكون قديم، حكمًا عقليًّا قاطعًا.
يقول العقل: إن الحدوث لا يتناول غير الصورة، أما الجواهر فلا تتغير. فإذا كان الخلق معناه توالي صور لم تلابس الجواهر من قبل، فذلك ليس بخلق مطلق بمعنى إيجاد شيء من لا شيء، بل هو مجرد تكييف بسيط في الأعراض، أو بعبارة أخرى: هو توليف جديد لجواهر قديمة، ولا يفيد حدوثًا من العدم الصرف، بل هو مثبت لقدم هذه الجواهر.
قال سلطان النقد: إن الله قادر على كل شيء، ومعنى هذا أنه لا يسأل عما يفعل، ذلك ليأخذ النقد بيد العقل، تخلصًا من معضلة القدم والحدوث.
قال العقل: إن صفة القدم شاملة، فالله قديم بكل صفاته، ومن صفاته العلم، وإذن يكون علمه قديمًا، وقد سبق في علمه القديم أن المادة لا تنعدم ولا تتجدد، وأن خلق شيء من لا شيء مضاد لطبيعة الأشياء، فكيف يمكن التوفيق بين القول بقدم الله وقدم الكون؟
قال العقل بوحدة الوجود، فالله هو الكون والكون هو الله، أما إذا كان الله (وهو أيضًا الكون)، علة كاملة، فمعلولاتها الصور التي تتوالى على المادة، وهي ولا شك حادثة معلولاتها الكيوف التي تتكيف بها المادة التي هي قديمة، ذلك عندي وعلى قدر فهمي، يحفظ علي ألفة عقلي، وكفى.
•••
إذا كان القول بوحدة الوجود، يمكن أن يطمئن إليه العقل باعتباره تعليلًا يحفظ ألفة العقل، من حيث القول بالقدم والحدوث، ومن حيث إنه يجعل الحدوث من نصيب الصورة، والقدم من نصيب الجوهر، وإن العالم جوهر واحد، قديم لا أول ولا آخر له؛ فهو كذلك يخرجنا من كثير من المعضلات التي تترتب على القول بالقدر وحرية الإرادة، والقول بالخير والشر، وفي نسبة أحدهما إلى الله، وعدم القدرة على نسبة الآخر إليه؛ لأن الله ما دام خيرًا محققًا، فكيف دخل الشر هذا العالم؟
إما أن يريد الله أن يمنع الشر، ولكنه لا يستطيع أن يفعل، وإما أن يقدر أن يمنعه ولا يريد أن يفعل، وإما أنه لا يريد أن يمنع الشر ولا يقدر على منعه، وإما أنه يريد ويستطيع أن يفعل، فإذا كانت له الإرادة وليس له القدرة، فهو عاجز. فإذا كان قادرًا ولكن لا يريد، فذلك نقص لا يمكن أن ينسب إليه، فإذا لم تكن له القدرة ولا الإرادة، فهو عاجز عن منع الشر، فليس إذن إلهًا، فإذا كانت له القدرة والإرادة فمن أين إذن أتى الشر؟
ومنذ أبيقور، عجز المفكرون عن الإجابة على هذا السؤال، ولكن عجزهم قد أتى من ناحية التزامهم القول بالقدم لله والحدوث للكون، وما ترتب على ذلك من فروض كثيرة، فروض القدر وتقييد الإرادة والجبر والحرية وما إلى ذلك.
أما وقد أثبت علم التطور، أن الإنسان نتيجة مترتبة على النواميس القديمة الأزلية، وأن حدوثه ليس أكثر من توليف جديد حدث في جواهر المادة، وأنه جزء من عالم الحياة التي لا يخرج حكم نشوئها عن ذلك، وأن عالم الإنسان وحده هو الذي ينطوي على معنى الخير والشر قياسًا على حاجات حياته العقلية؛ ترتب على ذلك أن الشر والخير معنيان قاصران على عالم الإنسان، وأنهما اعتباريان لا أكثر ولا أقل.
إذا تخلصنا بذلك الاتجاه القويم من معضلات تبدد ألفة العقل، انبغى لنا إذا أردنا أن نفكر في الألوهية، أن لا نخرج عن الحيز الذي قيدتنا به طبيعة العقل، حيز أن للعقل ألفة في جوانبها تنطوي فكرة الألوهية.
أما أن نعين الله، فنقول إنه امتداد أو فكر أو قوة أو وعي أو ما جرى ذلك المجرى، فجماع ذلك تمحل لتأييد نزعات إنسانية هي من أعمل الأشياء على تفكيك ألفة العقل.
•••
- (١) ملكة الاستيحاء (ص٨) Animism: وحقيقتها «الفكرة الروحانية»، فإن مقالة أرسطو طاليس في الروح اسمها عند العارفين de anima، ومنها جرى الكتاب على اتخاذ هذا الاصطلاح رأسًا للكلام في الفكرة أو المذهب الروحاني.جاء في المعجم الأنسيكلوبيدي (ص٢٠٥ ج١):Animism: From L. anima: The principle of animal life. The doctrine that the phenomena of life in animals is caused by the presence of a soul or spirit; and that the functions of plants are carried out by the principle of life, and not by any chemical or material causes.Webster
- (٢) التعدد (ص٢١) Polytheism، وهو الإشراك أو الشرك، وهو اصطلاح قديم جار على الألسنة، وتضمنته المؤلفات العربية من أقدم عصور البحث الفلسفي فيها. واستعمل القرآن كلمة «شركاء» و«يشركون».
- (٣) التمييز والترجيح (ص٢١) Henotheism، وهو الإفراد، وهو اصطلاح وضعه (ماكس مولر) لطور من أطوار المعتقد الديني ينفرد كل معبود فيه بذاته فيعبد ويصلي إليه منفصلًا عن بقية الآلهة، جاء في المعجم الأنسكلوبيدي (١٦٧ ج٤):Henotheism: Comp. Relig. The name introduced by Max Muller for a phase of religious belief when each divinity seems to stand alone, and to be adored and prayed to, to the exclusion of the rest.
- (٤) الوحدانية (ص٢١) Monotheism وهي التوحيد؛ لأن التوحيد اسم لحالة الاعتقاد بإله واحد، أما الوحدانية فمن صفاته.
- (٥) بسيشي (ص٢٧) Psyche، وهي بسيكي إذا تحرينا النطق باللغات الحديثة، وبسوخي إذا تحرينا النطق باللغة اليونانية. وفي الأصل اسم فتاة فريدة الجمال ذكرتها أسطورة يونانية وتناقلها الشعراء والكتاب، ثم عاد الكاتب فرسم هذه الكلمة سيكي (ص١٣١).
- (٦) كتاب المبادئ (ص٧٠) The Beginnings، وهو كتاب (البدء)؛ لأن المبادئ Principles.
- (٧)
ناناشس (ص١١٤)، وهو نناخوس بحسب النطق اليوناني، وفي نفس الصفحة كلمة (فريجية)، وهي فروغية نصًّا.
- (٨)
الششيميون (ص١١٤)، وهم الخيخيميون.
- (٩)
فيثاغورث (ص١٢٣)، وهو فيثاغورس وأكسينوفان، وهو أكزينوفانس.
- (١٠) كرونوس Kronosوكرونوس Chronos(ص١٣١) والثاني أخرونوس، لا غير ذلك.
- (١١) كليانتس (ص١٣٢) Cleanthes، وهو أقليانثس Cleanthes.
- (١٢) شريسبس (ص١٣٣) Chrysippus، وهو خروسبوس لا غيره.
- (١٣) الثنائية (ص١٩٨) Dialectic، وهي الجدلية.
إلى جانب هذا، نجد في الكتاب مصطلحات كثيرة، توخى فيها المؤلف الدقة كل الدقة، والكتاب في مجموعه جيد البحث حسن التبويب، وهو فوق ذلك عمل فرد في المؤلفات الحديثة.