الخط اللاتيني
إذا كان الأساتذة والطلبة في كلية الآداب في الجامعة، أو في دار العلوم أو كلية اللغة العربية راضين عن اللغة العربية فرضاؤهم يمكن أن يعلل ويفسر من الناحية الاقتصادية الاجتماعية ولكنه لا يفسر من الناحية الثقافية؛ لأن هذه اللغة لا ترضي رجلًا مثقفًا في العصر الحاضر؛ إذ هي لا تخدم الأمة ولا ترقيها؛ لأنها تعجز عن نقل نحو مائة علم من العلوم التي تصوغ المستقبل وتكيفه.
وهذا السخط الذي يتولانا؛ كلما فكرنا في حالنا الثقافية وتعطيل هذه اللغة لنا عن الرقي الثقافي تزيد حدته كلما فكرنا وأدى بنا التفكير إلى اليقين بأن إصلاحها مُستطاع.
- (١)
فأول ذلك أننا نقترب نحو التوحيد البشري؛ فإن هذا الخط هو وسيلة القراءة والكتابة عند المتمدنين الذين يملكون الصناعة؛ أي العلم والقوة والمستقبل وهذا الخط تأخذُ به الأمم التي ترغب في التجدد كما فعلت تركيا ومن المرجح أن يعم هذا الخط العالم كله قريبًا.
- (٢)
حين نصطنع الخط اللاتيني؛ يزول هذا الانفصال النفسي الذي أحدثتْه هاتان الكلمتان المشئومتان «شرق وغرب» فلا نتعير من أن نعيش المعيشة العصرية ولا بد أن يجر هذا الخط في إثره كثيرًا من ضروب الإصلاح الأُخرى مثل: المساواة الاقتصادية بين الجنسين، ومثل التفكير العلمي، ومثل العقلية بل النفسية العلمية إلخ.
- (٣)
يمتازُ الأوروبيون بقدرتهم على إيجاد المعاني الجديدة؛ بإلصاق مقاطع مشتقة من اللغتين الإغريقية واللاتينية؛ فيخلقون المعنى الجديد من الكلمة القديمة. ونحن ننتفع بهذه المقاطع إذا أخذنا بهذا الخط، ولا يُمكنُ أن نستعمل هذه المقاطع ما دام الخطُّ بالحرف العربي.
- (٤)
والكلمات العلمية التي تقف عقبةً شاقةً في لغتنا تغدو سهلة الاستعمال بالخط اللاتيني.
- (٥)
ثم يجب ألا ننسى أن الخط اللاتيني لا يكلفنا في تعلمه عُشر الوقت الذي نقضيه في تعلُّم الخط العربي بل ربما أقل.
- (٦)
وعندما نكتب لغتنا بالخط اللاتيني؛ نجد أن تعلُّم اللغات الأوروبية قد سهل أيضًا؛ فتنفتح لنا آفاقٌ هي الآن مغلقة.
وبالجملة نستطيع أن نقول: إن اتخاذ الخط اللاتيني هو وثبةٌ في النور نحو المستقبل، ولكن هل العناصر التي تنتفع ببقاء الخط العربي والتقاليد ترضى بهذه الوثبة؟