الليلة الثلاثون١
وقال الوزير [أدام الله أيامه]: سراويل يُذكَّر أم يؤنَّث، ويُصْرف أم لا؟
فكان الجواب أن علي بن عيسى حدثنا عن شيخه ابن السراج قال: سألت المبرِّد فقلتُ:
إذا
كان الواحد في صيغة الجمع ما يُصْنع [به] في الصَّرْف في مثل: شعرُه
٢ هَرَاميل [وهذه] سَراويل وما أشبهه؛ فقال: أَلْحِقْه بالجمع فامْنَعه
الصرف، لأنه مثله وشبيهه.
قال: وسألت أحمد بن يحيى عن ذلك، فقال: أخبرنا سلَمة عن الفراء قال: ألْحِقه بأحمد
فامنعْه الصرْفَ في المعرفة، واصرِفْه في النكرة حتى يكون بين الواحد والجمع
فرق.
وسأل فقال: ما واحد المناخِيب والمناجِيب؟ وما حُكْمهما؟
فكان من الجواب: واحد المناخيب مِنْخاب، يُمْدح به ويُذَم، فإذا كان مدحًا فهو مأخوذ
من النَّخْب
٣ وهو الاختيار، وإذا كان ذمًّا فهو مأخوذٌ من النَّخْبَة وهي الاسْت. قال:
وهكذا المنجاب يكون مدحًا وذمًّا، فإذا كان مدحًا فهو مأخوذٌ من الانتجاب وهو الاختيار،
وإذا كان ذمًّا فهو مأخوذٌ من النَّجَب وهو قِشر الشجر.
قال: ما معنى قولهم: امرأةٌ عروبٌ؟
فكان من الجواب أن محمد بن يزيد قال — على ما حدثنا به أبو سعيد وابن السراج عنه:
إنه
من الأضداد؛ وهي المتحببة إلى زوجها، وهي الفاسدة، مأخوذٌ من قولهم: عَرِبَت مَعِدتُه
إذا فَسَدت.
وقال: الضَّهْياء يُمَدُّ ويُقْصَر؟
فكان من الجواب أن ابن الأعرابي قال: الذي حصَّلْتُه عن الأعراب أن الضَّهْياء
الممدودة هي التي لا تحيض،
٤ وأن المقصورة هي الياسمين،
٥ وجمع الأول ضُهْيٌ وجمع المقصور ضَهَايا.
٦
قال: ما معنى المَنْدَلِيِّ المطيَّر؟
فكان من الجواب أن ابن الأعرابي قال: هو مقلوب المُطَرَّى.
٧
وقال: أنشِدني غزلًا. فأنشدته ما حضر في الوقت لأعرابي:
أمُرُّ مجنِّبًا عن بيت سَلمى
ولم أُلْمِمْ به وبه الغليلُ
أمُرُّ مجنِّبًا وهواي فيه
وطَرْفي عنه منكسرٌ كليلُ
وقلبي فيه مُقْتَتَلٌ فهل لي
إلى قلبي وقاتِله سبيلُ؟
وقال: أتحفظ الأبيات التي فيها:
تكفيه فِلْذة كِبْدٍ إن ألمَّ بها
من الشِّواء ويكفي شُربَه الغُمَرُ
فأنشَده ابن نُباتة، وذاك لأني قلت: ما أحفظ إلا هذا البيت شاهدًا، وهو لأعشى باهلة
يرثي المُنْتَشر:
٨
إني أتتني لسان لا أُسَرُّ بها
من علوَ لا عجبٌ منها ولا سُخُرُ
٩
فبِتُّ مرتفِعًا للنجْم أَرقُبُه
حيرانَ ذا حذر لو ينفع الحذَرُ
وجاشت النفسُ لمَّا جاء جمعُهُمُ
وراكبٌ جاء من «تثليث» معتمِرُ
١٠
يأتي على الناس لا يُلوي على أحدٍ
حتى التقينا وكانت دوننا «مُضَرُ»
نَعَيْتَ
١١ من لا تُغِبُّ الحيَّ جَفْنتُه
إذا الكواكبُ أخطا نوْءَها المطر
من ليس في خيره شرٌّ يكدِّرُه
على الصديق ولا في صفوه كَدَر
طاوي المصير على العزَّاء مُنْصَلِت
بالقوم ليلةَ لا ماءٌ ولا شجر
١٢
لا تنكرُ البازلُ الكَوْماءُ ضربتَه
بالمشْرفيِّ إذا ما اجلوَّذ السَّفر
١٣
وتفزع
١٤ الشَّوْل منه حين تُبصره
حتى تُقطَّع في أعناقها الجِرَرُ
لا يصعُب الأمرُ إلا ريث يركبه
وكلَّ أمرٍ سوى الفحشاء يأتمر
يكفيه حُزَّةُ فِلْذانٍ ألمَّ بها
من الشِّواء ويكفي شُربَه الغُمَرُ
١٥
لا يَتَأرَّى
١٦ لما في القِدْر يرقُبُه
ولا يعَضُّ
١٧ على شُرْسُوفِه الصَّفَرُ
لا يَغْمِزُ الساقَ من أين ومِن وَصَبٍ
١٨
ولا يزال١٧ أمام القوم يَقْتَفِرُ
مهَفْهَفٌ أهضَم الكشحَين مُنْخَرِقٌ
عنه القميصُ بسير الليلِ محتَقِرُ
عشنا بذلك دهرًا ثم فارَقَنا
كذلك الرُّمْحُ ذو النَّصْلَين ينكسر
لا تأمن الناسُ مُمْساه ومُصْبَحَه
من كلِّ أوْبٍ
١٩ وإن لم يأتِ يُنْتَظَر
إمَّا يُصِبْك عدوٌّ في مناوأةٍ
يومًا فقد كنتَ تسْتَعْلي وتنْتصِر
لو لم تخنْه نُفَيْلٌ
٢٠ وهي خائنةٌ
ألمَّ بالقوم وِرْدٌ منه أو صَدَر
وَرَّاد حربٍ شهابٌ يستضاء به
كما يُضيء سواد الطُّخْية القَمَرُ
٢١
إمَّا سلكتَ سبيلًا كنتَ سالكَها
فاذهب فلا يُبْعِدَنْكَ الله مُنْتَشِرُ
مَنْ ليس فيه إذا قاوَلْتَه رهَقٌ
وليس فيه إذا ياسَرْتَه عُسُرُ
٢٢