مُسْتَأْجِرُونَ جُدُدٌ لِلدَّغَلِ الْعَزِيزِ
صَاحَتْ زَوْجَةُ بيتر وَهِيَ تُرَاقِبُ مَعَ زَوْجِهَا صِغَارَ بوب وايت وَهُمْ يَفِرُّونَ إِلَى جَنَاحَيْ أُمِّهِمْ أَسْفَلَ ثِمَارِ الْعَلِيقِ اللَّطِيفَةِ بِالدَّغَلِ الْعَزِيزِ: «وَاحِدٌ، اثْنَانِ، ثَلَاثَةٌ، أَرْبَعَةٌ … يَا إِلَهِي! إِنَّهُمْ يَجْرُونَ بِسُرْعَةٍ شَدِيدَةٍ، لَا أَسْتَطِيعُ عَدَّهُمْ! كَمْ هُمْ رَائِعُونَ! أَنَا سَعِيدَةٌ لِلْغَايَةِ أَنَّكِ أَحْضَرْتِهِمْ إِلَيْنَا لِنَرَاهُمْ يَا سَيِّدَتِي. كَمْ عَدَدُهُمْ؟»
أَجَابَتْ زَوْجَةُ بوب وايت فِي اعْتِزَازٍ: «إِنَّهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ.»
صَاحَ بيتر: «يَا إِلَهِي! يَا لَهَا مِنْ عَائِلَةٍ كَبِيرَةٍ! أَنَا لَا أَدْرِي كَيْفَ تَسْتَطِيعِينَ مُرَاقَبَتَهُمْ كُلِّهِمْ، أَعْتَقِدُ أَنَّكِ فِي غَايَةِ الْقَلَقِ.»
اعْتَرَفَتْ زَوْجَةُ بوب وايت: «إِنَّهَا مَسْئُولِيَّةٌ كَبِيرَةٌ؛ وَلِهَذَا جَلَبْتُهُمْ إِلَى الدَّغَلِ الْعَزِيزِ. أَتَمَنَّى أَلَّا تُمَانِعَ أَنْتَ وَالسَّيِّدَةُ زَوْجَتُكَ فِي أَنْ نَعِيشَ هُنَا لِبَعْضِ الْوَقْتِ، إِلَى أَنْ يَكُونُوا قَادِرِينَ عَلَى التَّحْلِيقِ؛ فَهَذَا هُوَ آمَنُ مَكَانٍ أَعْرِفُهُ.»
أَكَّدَ بيتر: «سَيُسْعِدُنَا كَثِيرًا وُجُودُكُمْ هُنَا. نَحْنُ لَا نَمْلِكُ الدَّغَلَ الْعَزِيزَ، بِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّنَا عِشْنَا هُنَا لِفَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ لِلْغَايَةِ، لِدَرَجَةِ أَنَّنَا نَكَادُ نَشْعُرُ أَنَّهُ مِلْكِيَّةٌ خَاصَّةٌ بِنَا. لَكِنْ بِالطَّبْعِ مِنْ حَقِّ أَيِّ أَحَدٍ أَنْ يَأْتِيَ لِلْعَيْشِ هُنَا مَا دَامَ يَرْغَبُ فِي ذَلِكَ. لَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَرْغَبُ فِي الْعَيْشِ هُنَا سِوَى أَنْتِ وَأُسْرَتِكِ. بِالْمُنَاسَبَةِ، أَنَا لَا أَعْرِفُ كَيْفَ قَدْ قَطَعْتِ الْمَسَافَةَ إِلَى هُنَا مَعَ كُلِّ هَؤُلَاءِ الصِّغَارِ. هَلْ لِي أَنْ أَسْأَلَ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتُمْ؟»
لَمَعَتْ عَيْنَا زَوْجَةِ بوب وَأَجَابَتْ: «بِالطَّبْعِ. لَمْ نَقْطَعْ مَسَافَةً طَوِيلَةً، جِئْنَا مُبَاشَرَةً مِنْ بَيْتِنَا هُنَا.»
سَأَلَ بيتر فِي لَهْفَةٍ: «أَيْنَ كَانَ بَيْتُكُمْ؟» فَكَمَا تَعْلَمُونَ، أَمْضَى بيتر وَقْتًا طَوِيلًا مُحَاوِلًا الْعُثُورَ عَلَى بَيْتِ عَائِلَةِ بوب وايت.
أَجَابَتْ زَوْجَةُ بوب: «بَيْتُنَا يَقَعُ هُنَاكَ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ الْعُشْبِيِّ الصَّغِيرِ بِجَانِبِ الطَّرِيقِ الْمُتَعَرِّجِ الصَّغِيرِ، أَتَرَى كَمْ كَانَ مِنَ السَّهْلِ الْوُصُولُ إِلَى الدَّغَلِ الْعَزِيزِ؟»
قَالَ بيتر فِي شِبْهِ صِيَاحٍ: «مَاذَا؟! هَلْ تَعْنِينَ أَنَّكُمَا كُنْتُمَا تَعِيشَانِ فِي تِلْكَ الْمِنْطَقَةِ الْقَرِيبَةِ لِلْغَايَةِ طَوَالَ الْوَقْتِ؟!»
أَوْمَأَتْ زَوْجَةُ بوب بِرَأْسِهَا: «بِالتَّأْكِيدِ، لَقَدْ كُنْتُ هُنَاكَ طَوَالَ الْوَقْتِ حَيْثُ تَسَنَّتْ لِي رُؤْيَتُكَ كُلَّ يَوْمٍ وَأَنَا أَرْقُدُ عَلَى الْبَيْضِ.»
بَدَا بيتر كَمَا لَوْ أَنَّهُ لَا يَسَعُهُ تَصْدِيقُ الْأَمْرِ بَعْدُ وَقَالَ: «لَكِنْ كَيْفَ جَرُؤْتُمَا عَلَى الْإِقَامَةِ فِي مَكَانٍ خَطِيرٍ كَهَذَا؟ فَقَدْ كَانَ الثَّعْلَبُ ريدي وَالْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ يَمُرَّانِ بِالْقُرْبِ مِنْكُمَا بِمَسَافَةٍ قَلِيلَةٍ كُلَّ يَوْمٍ! لَمْ أَسْمَعْ قَطُّ عَنْ شَيْءٍ بِهَذَا الْجُنُونِ!»
رَدَّتْ زَوْجَةُ بوب وايت: «لَقَدْ كَانَ الْبَيْتُ فِي أَكْثَرِ الْأَمَاكِنِ أَمَانًا فِي الْمُرُوجِ الْخَضْرَاءِ. أَعْتَقِدُ أَنَّكَ قَدْ تَعَلَّمْتَ الْآنَ أَيُّهَا الْأَرْنَبُ بيتر أَنَّ أَكْثَرَ مَكَانٍ آمِنٍ لِلِاخْتِبَاءِ هُوَ ذَلِكَ الَّذِي لَنْ يَبْحَثَ فِيهِ أَحَدٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا يَتَمَثَّلُ فِي وُجُودِ صِغَارِي أَمَامَكَ. كَمْ هُمْ فَاتِنُونَ! رَقَدْتُ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ وَأَنَا أُشَاهِدُكَ أَنْتَ وَالثَّعْلَبَ ريدي وَالْجَدَّةَ ثعلبة الْعَجُوزَ وَالظَّرِبَانَ جيمي تَبْحَثُونَ عَنِّي؛ الْأَمْرُ الَّذِي أَضْحَكَنِي كَثِيرًا بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِي. كُنْتُ أَعْلَمُ أَنْ لَا أَحَدَ مِنْكُمْ سَيَتَصَوَّرُ أَنَّنِي حَكِيمَةٌ لِدَرَجَةِ الْحَمَاقَةِ حَتَّى أَبْنِيَ بَيْتِي فِي مَكَانٍ يَسْهُلُ الْعُثُورُ عَلَيْهِ لِلْغَايَةِ؛ وَمِنْ ثَمَّ لَنْ تَبْحَثُوا فِيهِ عَنِّي، وَكُنْتُ عَلَى حَقٍّ.»
ابْتَسَمَتْ زَوْجَةُ الْأَرْنَبِ بيتر وَأَكَّدَتْ: «لَقَدْ كُنْتِ عَلَى حَقٍّ. إِنَّ هَذَا أَذْكَى مَا سَمِعْتُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ يَا عَزِيزَتِي. إِنْ لَمْ يَشْعُرْ بيتر بِحَمَاقَتِهِ بِالْفِعْلِ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ. لَقَدْ أَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ مَعْرِفَةُ مَكَانِ بَيْتِكُمَا، لَكِنَّهُ كَانَ شَدِيدَ الْفُضُولِ، وَظَلَّ يَبْحَثُ عَنْهُ، وَكُلَّ هَذَا الْوَقْتِ وَهُوَ كَانَ بِالْقُرْبِ مِنَّا! أَلَا تَشْعُرُ بِالْحَمَاقَةِ يَا بيتر؟»
رَدَّ بيتر فِي خُنُوعٍ: «بَلَى يَا عَزِيزَتِي، أَشْعُرُ أَنَّنِي أَحْمَقُ بِالْفِعْلِ. وَلَكِنِ الْآنَ بَعْدَ أَنْ عَرَفْتُ مَكَانَهُ، فَأَنَا أَشْعُرُ بِالرِّضَا، وَسَعِيدٌ كَذَلِكَ أَنَّ السَّيِّدَةَ بوب وايت قَدْ أَحْضَرَتْ عَائِلَتَهَا لِتَعِيشَ فِي الدَّغَلِ الْعَزِيزِ. أَعْتَقِدُ أَنَّ مِنَ الْمُمْتِعِ لِلْغَايَةِ مُشَاهَدَةَ هَؤُلَاءِ الصِّغَارِ وَهُمْ يَكْبُرُونَ، وَلَا يَسَعُنِي سِوَى التَّفْكِيرِ فِي أَنَّ هَذَا الْمَكَانَ هُوَ أَكْثَرُ أَمَانًا مِنْ بَيْتِهِمُ الَّذِي قَدْ تَرَكُوهُ لِلتَّوِّ.»
أَجَابَتْ زَوْجَةُ بوب وايت: «لِهَذَا أَحْضَرْتُهُمْ إِلَى هُنَا. عِنْدَمَا كَانُوا بَيْضًا، كَانَ ذَلِكَ الْمَكَانُ آمَنَ مَكَانٍ لَهُمْ، وَلَكِنِ الْآنَ وَقَدْ خَرَجُوا مِنَ الْبَيْضِ وَيَسْتَطِيعُونَ الرَّكْضَ هُنَا وَهُنَاكَ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونُوا فِي أَمَانٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ. كَمَا أَنَّنِي أَتَوَقَّعُ بِالْفِعْلِ أَنَّهُ لَنْ يَمُرَّ وَقْتٌ طَوِيلٌ حَتَّى يُرِيدُوا الْخُرُوجَ لِلْعَالَمِ؛ وَمِنْ ثَمَّ سَتَبْدَأُ هُمُومِي حَقًّا. إِنَّ تَرْبِيَةَ عَائِلَةٍ كَبِيرَةٍ مَسْئُولِيَّةٌ ضَخْمَةٌ.»
أَكَّدَتْ زَوْجَةُ بيتر: «إِنَّهَا كَذَلِكَ بِالْفِعْلِ.»