مَاذَا حَدَثَ لِبوب وايت الصَّغِيرِ؟
أَغْلَقَ بوب وايت الصَّغِيرُ عَيْنَيْهِ بِقُوَّةٍ بِسَبَبِ فَزَعِهِ الشَّدِيدِ، بَيْنَمَا كَانَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون يَحْمِلُهُ. تَعَامَلَ مَعَهُ الْوَلَدُ بِرِفْقٍ شَدِيدٍ، وَبَعْدَ بُرْهَةٍ بَدَأَ الطَّائِرُ الصَّغِيرُ يَهْدَأُ قَلِيلًا بَيْنَ رَاحَةِ الْيَدِ الدَّافِئَةِ الَّتِي تَحْمِلُهُ، وَبَيْنَ الْحِينِ وَالْآخَرِ كَانَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون يَتَحَسَّسُ رِيشَهُ وَرَأْسَهُ الصَّغِيرَ بِرِفْقٍ وَيَقُولُ: «مِسْكِينٌ أَيُّهَا الصَّغِيرُ!»
ذَهَبَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون إِلَى الْبَيْتِ مُبَاشَرَةً، وَبِرِفْقٍ شَدِيدٍ لِلْغَايَةِ نَظَّفَ جِرَاحَ بوب وايت الصَّغِيرِ، ثُمَّ أَعَادَ عِظَامَ الْجَنَاحِ الْمَكْسُورِ إِلَى مَكَانِهَا بِرِفْقٍ قَدْرَ الْمُسْتَطَاعِ، وَضَمَّهَا بِشَرَائِحَ صَغِيرَةٍ مِنَ الْخَشَبِ الرَّفِيعِ حَتَّى لَا تَنْزَلِقَ. كَانَتْ تُؤْلِمُهُ بِشِدَّةٍ، وَلَمْ يَكُنْ بوب وايت الصَّغِيرُ يُدْرِكُ مَا يَحْدُثُ، وَلَكِنَّهُ قَدْ عَانَى كَثِيرًا بِالْفِعْلِ، فَلَمْ يَكُنْ مَزِيدٌ مِنَ الْأَلَمِ سَيُهِمُّ؛ لِذَا لَمْ يَصِحْ كَثِيرًا.
عِنْدَمَا انْتَهَى ابْنُ الْمُزَارِعِ براون مِنْ عَمَلِهِ، وَضَعَهُ فِي صُنْدُوقٍ بِهِ فِرَاشٌ مِنَ الْقَشِّ النَّاعِمِ النَّظِيفِ، وَصَحْنٌ صَغِيرٌ مِنَ الْمَاءِ كَانَ فِي مَقْدُورِهِ الْوُصُولُ إِلَيْهِ إِذَا مَدَّ رَقَبَتَهُ، وَحُفْنَةٌ مِنَ الْحُبُوبِ؛ وَمِنْ ثَمَّ تَرَكَهُ وَحْدَهُ. كَانَ فِي غَايَةِ التَّعَبِ وَالْإِرْهَاقِ؛ حَتَّى إِنَّهُ لَمْ يَرْغَبْ فِي فِعْلِ شَيْءٍ سِوَى أَنْ يُقَرْفِصَ وَيَنَامَ فِي الْفِرَاشِ لِيَسْتَرِيحَ. كَانَ مَا زَالَ خَائِفًا مِمَّا قَدْ يَحْدُثُ لَهُ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي غَايَةِ الْفَزَعِ كَمَا كَانَ مِنْ قَبْلُ؛ فَلَقَدْ كَانَ هُنَاكَ شَيْءٌ يَبْعَثُ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ فِي لَمْسَةِ ابْنِ الْمُزَارِعِ براون الرَّقِيقَةِ. لَمْ يَفْهَمْ مُطْلَقًا لِمَ كَانَتْ هَذِهِ الشَّرَائِطُ تَلُفُّ جَسَدَهُ، وَلَكِنَّ قَدْرًا كَبِيرًا مِنَ الْأَلَمِ قَدْ زَالَ مِنْ جَنَاحِهِ الْمَكْسُورِ.
لِذَا شَرِبَ الْمَاءَ بِامْتِنَانٍ، فَلَقَدْ كَانَ ظَمْآنَ لِلْغَايَةِ، ثُمَّ اسْتَلْقَى فِي رَاحَةٍ قَدْرَ الْإِمْكَانِ، وَعَلَى الْفَوْرِ اسْتَغْرَقَ فِي النَّوْمِ. أَجَلِ، اسْتَغْرَقَ فِي النَّوْمِ؛ فَقَدْ أَنْهَكَهُ الْخَوْفُ وَالْأَلَمُ، لِدَرَجَةِ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُبْقِيَ عَيْنَيْهِ مَفْتُوحَتَيْنِ. كَانَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون يَذْهَبُ لِيَطْمَئِنَّ عَلَيْهِ عِدَّةَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ، وَكَانَ يُعَامِلُهُ بِلُطْفٍ شَدِيدٍ لِلْغَايَةِ، وَيُصَفِّرُ لَهُ بِرِفْقٍ حَتَّى زَالَ الْخَوْفُ مِنْ قَلْبِ الطَّائِرِ الصَّغِيرِ.
فِي صَبَاحِ الْيَوْمِ التَّالِي، شَعَرَ بوب وايت الصَّغِيرُ بِتَحَسُّنٍ كَبِيرٍ؛ حَتَّى إِنَّهُ اسْتَيْقَظَ مُبَكِّرًا بِنَشَاطٍ، وَتَنَاوَلَ وَجْبَةَ الْحُبُوبِ الْمَتْرُوكَةِ لَهُ، لَكِنْ بَدَا لَهُ مِنَ الْغَرِيبِ لِلْغَايَةِ عَدَمُ قُدْرَتِهِ عَلَى تَحْرِيكِ جَنَاحَيْهِ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ تَحْرِيكَهُمَا وَلَوْ قَلِيلًا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ ابْنَ الْمُزَارِعِ براون كَانَ قَدْ رَبَطَهُمَا بِحَيْثُ لَا يُحَاوِلُ الطَّيَرَانَ، وَهَذَا لِيَتَحَسَّنَ الْجَنَاحُ الْمَكْسُورُ، وَيُصْبِحَ قَوِيًّا مُجَدَّدًا.
أَدْرَكَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون أَنَّ بوب وايت الصَّغِيرَ لَنْ يَشْعُرَ بِالسَّعَادَةِ فِي الْمَنْزِلِ؛ لِأَنَّهُ قَدِ اعْتَادَ عَلَى الْعَيْشِ بِالْخَارِجِ طَوَالَ حَيَاتِهِ؛ لِهَذَا صَنَعَ لَهُ فِي حَظِيرَةِ الدَّجَاجِ قَفَصًا مِنَ السِّلْكِ، وَفِي إِحْدَى نِهَايَتَيْهِ مَخْبَأٌ صَغِيرٌ وَجَمِيلٌ لِلْغَايَةِ مِنْ أَغْصَانِ الصَّنَوْبَرِ؛ حَيْثُ يُمْكِنُ لِبوب وايت الصَّغِيرِ أَنْ يَخْتَبِئَ دَاخِلَهُ، وَوَضَعَ صَحْنًا نَظِيفًا صَغِيرًا مِنَ الْمَاءِ فِي الْقَفَصِ وَنَثَرَ الْحُبُوبَ عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ وَضَعَ بوب وايت الصَّغِيرَ فِيهِ.
وَمَا إِنْ تَرَكَهُ وَحْدَهُ، حَتَّى جَرَى بوب وايت الصَّغِيرُ هُنَا وَهُنَاكَ لِيَرَى مَنْزِلَهُ الْجَدِيدَ، وَقَدْ كَانَتْ قَدَمَاهُ عَلَى مَا يُرَامُ.
فَكَّرَ فِي نَفْسِهِ بَعْدَ أَنْ تَجَوَّلَ فِي الْقَفَصِ: «لَا أَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ مِنْ هُنَا، وَلَكِنْ لَنْ يَسْتَطِيعَ أَحَدٌ الدُّخُولَ كَذَلِكَ؛ لِهَذَا أَنَا فِي أَمَانٍ، وَهَذَا شَيْءٌ يَجِبُ أَنْ أَكُونَ مُمْتَنًّا لَهُ. هَذَا الْمَخْلُوقُ ذُو السَّاقَيْنِ لَا يُشْبِهُ إِطْلَاقًا صَاحِبَ الْعَصَا النَّارِيَّةِ الْمُخِيفَةِ؛ لَقَدْ بَدَأْتُ أُعْجَبُ بِهِ. لَيْسَ عَلَيَّ الْخَوْفُ مِنَ الثَّعْلَبِ ريدي أَوِ الْقَيُّوطِ الْعَجُوزِ أَوِ الصَّقْرِ أحمر الذيل. أَعْتَقِدُ أَنَّ هَذَا الْمَكَانَ أَفْضَلُ لِي مِنَ الْمُرُوجِ الْخَضْرَاءِ؛ حَيْثُ إِنَّنِي لَا أَسْتَطِيعُ الطَّيَرَانَ، رُبَّمَا عِنْدَمَا يُشْفَى جَنَاحِي سَيَسْمَحُ لِي بِالرَّحِيلِ. تُرَى أَيْنَ أَبِي وَأُمِّي وَأَشِقَّائِي؟ وَهَلْ أَصَابَتْهُمُ الْعَصَا النَّارِيَّةُ الْمُخِيفَةُ بِجُرْحٍ؟»