بوب وايت وَبيتر يَصِيرَانِ جَارَيْنِ
هَذَا مَا وَجَدَهُ الْأَرْنَبُ بيتر فِي جَارِهِ بوب وايت. حَضَرَ بوب وايت وَزَوْجَتُهُ مِنَ الْمَرْعَى الْقَدِيمِ وَبَنَيَا مَنْزِلًا بِالْقُرْبِ مِنَ الدَّغَلِ الْعَزِيزِ، وَبِذَلِكَ أَصْبَحَا جَارَيْنِ لِلْأَرْنَبِ بيتر وَزَوْجَتِهِ. كَانَ بوب جَارًا وَدُودًا، كَثِيرًا مَا يَمُرُّ لِتَجَاذُبِ أَطْرَافِ الْحَدِيثِ مَعَ بيتر، وَدَائِمًا مَا يَشْعُرُ بيتر بِالسَّعَادَةِ لَدَى رُؤْيَتِهِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ بوب رَفِيقٌ يَبْعَثُ عَلَى الْبَهْجَةِ، حَتَّى إِنَّ بيتر دَوْمًا مَا كَانَ يَفْرَحُ بِوُجُودِهِ فِي الْجِوَارِ، وَهَذَا هُوَ الْحَالُ دَوْمًا مَعَ الْأَشْخَاصِ الْمَرِحِينَ؛ فَهُمْ يَبُثُّونَ السَّعَادَةَ مِثْلَمَا تَبُثُّ الشَّمْسُ نُورَهَا.
بِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّ بوب وايت وَزَوْجَتَهُ قَدْ بَنَيَا مَنْزِلَهُمَا بِجِوَارِ بيتر، لَمْ يَعْرِفْ بيتر مَكَانَ الْمَنْزِلِ تَحْدِيدًا. أَجَلْ، لَمْ يَكُنْ بيتر يَعْرِفُ أَيْنَ يَقَعُ مَنْزِلُ بوب وايت بِالضَّبْطِ؛ لَيْسَ لِأَنَّهُ لَمْ يُحَاوِلْ مَعْرِفَةَ مَكَانِ الْمَنْزِلِ، كَلَّا، فَلَمْ يَسْتَطِعْ بيتر كَبْحَ رَغْبَتِهِ فِي الْبَحْثِ عَنْ مَنْزِلِ بوب وايت مُطْلَقًا، وَكَانَ بَحْثُهُ هَذَا بِدَافِعِ الْفُضُولِ، وَقَدْ أَضَاعَ الْكَثِيرَ مِنَ الْوَقْتِ فِي مُحَاوَلَةِ الْعُثُورِ عَلَى مَنْزِلِ بوب وايت دُونَ جَدْوَى. فِي بَادِئِ الْأَمْرِ شَعَرَ بيتر بِالِاسْتِيَاءِ كَثِيرًا؛ لِأَنَّ بوب وايت رَفَضَ إِطْلَاعَهُ عَلَى مَكَانِ مَنْزِلِهِ. اعْتَادَ بوب أَنْ يُخْبِرَ بيتر، وَهُوَ يَبْتَسِمُ، أَنَّ سَبَبَ رَفْضِهِ هُوَ أَنَّهُ يُقَدِّرُ بيتر كَثِيرًا وَأَرَادَ الْحِفَاظَ عَلَى صَدَاقَتِهِ إِلَى الْأَبَدِ.
قَالَ بيتر: «إِذَنْ، هَذَا يَدْفَعُنِي إِلَى التَّفْكِيرِ فِي أَنَّكَ سَتُخْبِرُنِي أَيْنَ يَقَعُ مَنْزِلُكَ؛ فَيَجِبُ أَلَّا تَكُونَ هُنَاكَ أَسْرَارٌ بَيْنَ الْأَصْدِقَاءِ؛ فَأَنَا لَا أُقَدِّرُ كَثِيرًا الصَّدَاقَةَ الَّتِي تَفْتَقِرُ إِلَى الثِّقَةِ.»
سَأَلَهُ بوب: «كَيْفَ سَيَكُونُ شُعُورُكَ يَا بيتر إِذَا أَصَابَنِي أَنَا أَوْ عَائِلَتِي مَكْرُوهٌ بِسَبَبِكَ؟»
صَاحَ بيتر: «سَأَشْعُرُ بِالِاسْتِيَاءِ الشَّدِيدِ، وَلَكِنْ أَتَعْتَقِدُ أَنَّنِي سَأَسْمَحُ بِحُدُوثِ مَكْرُوهٍ لَكُمْ؟ يَجِبُ أَنْ تَتَأَكَّدَ أَنَّنِي صَدِيقٌ مُخْلِصٌ.»
أَجَابَ بوب وايت بِجِدِّيَّةٍ: «كَلَّا، لَا أَعْتَقِدُ أَنَّكَ سَتَدَعُ مَكْرُوهًا يُصِيبُنَا إِنْ كُنْتَ عَلَى عِلْمٍ بِهِ، وَلَكِنَّكَ يَا بيتر لَدَيْكَ خِبْرَةٌ طَوِيلَةٌ فِي الْحَيَاةِ تُخَوِّلُ لَكَ أَنْ تَعْرِفَ أَنَّ هُنَاكَ عُيُونًا تُرَاقِبُ، وَآذَانًا تَسْمَعُ، وَأُنُوفًا تَشَمُّ طَوَالَ الْوَقْتِ فِي كُلِّ مَكَانٍ. لِنَفْتَرِضْ أَنَّكَ أَتَيْتَ إِلَى مَنْزِلِي وَأَنْتَ مُطْمَئِنٌّ أَنْ لَا أَحَدَ يَرَاكَ، فِي حِينِ أَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ بِالْفِعْلِ مَنْ يَرَاكَ، أَوْ لِنَفْتَرِضْ أَنَّ الثَّعْلَبَ ريدي تَتَبَّعَ أَثَرَكَ إِلَى مَنْزِلِي؛ لَنْ تَكُونَ مُذْنِبًا إِنْ حَدَثَ مَكْرُوهٌ لَنَا، وَلَكِنَّكَ سَتَكُونُ سَبَبَ حُدُوثِهِ. أَنْتَ تَذْكُرُ مَا قُلْتُهُ لَكَ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِأَنَّ هُنَاكَ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي مِنَ الْأَفْضَلِ أَلَّا تَعْرِفَهَا.»
بَدَا بيتر مُسْتَغْرِقًا فِي التَّفْكِيرِ، وَأَخَذَ يَشُدُّ شَوَارِبَهُ وَهُوَ يُقَلِّبُ الْأَمْرَ فِي رَأْسِهِ، وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: «هَذِهِ الْفِكْرَةُ جَدِيدَةٌ عَلَيَّ، لَمْ تَطْرَأْ لِي مِنْ قَبْلُ قَطُّ، أَنَا بِالطَّبْعِ لَنْ أَسْتَطِيعَ أَنْ أَغْفِرَ لِنَفْسِي إِنْ حَدَثَ لَكُمْ أَيُّ شَيْءٍ بِسَبَبِي.»
قَالَ بوب وايت: «مِنَ الْمُؤَكَّدِ أَنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ أَنْ تَغْفِرَ لِنَفْسِكَ ذَلِكَ، مِثْلَمَا لَنْ أَسْتَطِيعَ أَنْ أَغْفِرَ لِنَفْسِي إِذَا حَدَثَ شَيْءٌ مَا لِعَائِلَتِي لِأَنَّنِي أَخْبَرْتُ أَحَدًا عَنْ مَكَانِ مَنْزِلِي.»
أَوْمَأَ بيتر بِرَأْسِهِ ثُمَّ سَأَلَهُ: «لَكِنَّكَ لَنْ تَغْضَبَ بِالطَّبْعِ إِذَا تَصَادَفَ فَحَسْبُ أَنْ «عَثَرْتُ» عَلَى مَنْزِلِكَ وَحْدِي، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟»
ضَحِكَ بوب وايت: «بَلَى بِالطَّبْعِ، وَلَكِنِّي أَنْصَحُكَ فِي الْوَقْتِ ذَاتِهِ بِأَلَّا «تُحَاوِلَ» الْعُثُورَ عَلَيْهِ؛ وَمِنْ ثَمَّ لَنْ يُزْعِجَكَ شَيْءٌ إِنِ اتَّبَعَكَ أَحَدٌ وَوَقَعَ مَكْرُوهٌ لِي أَوْ لِعَائِلَتِي؛ فَكَمَا تَعْلَمُ هُنَاكَ الْكَثِيرُ مِمَّنْ يَتَمَنَّوْنَ الْتِهَامِي مِثْلَكَ تَمَامًا، وَأَنَا أُفَضِّلُ الْوُقُوفَ وَالصَّفِيرَ عَلَى السِّيَاجِ عَلَى أَنْ أَمْلَأَ مَعِدَةَ أَحَدِهِمْ.»
صَرَّحَ بيتر: «وَأَنَا أَوَدُّ كَثِيرًا بَقَاءَكَ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ.»