بوب يَخْدَعُ جِيرَانَهُ
هَكَذَا الْأَمْرُ دَائِمًا عِنْدَمَا تَسُودُ الْكَرَاهِيَةُ، وَالْغَرِيبُ أَنَّهُ يَكُونُ كَذَلِكَ أَيْضًا عِنْدَمَا يَسُودُ الْحُبُّ؛ فَكَثِيرًا مَا يَتَسَبَّبُ الْحُبُّ فِي وُقُوعِ أَشْيَاءَ ظَالِمَةٍ؛ وَمِنْ ثَمَّ نُحَاوِلُ إِيجَادَ تَبْرِيرٍ لَهَا. لَكِنْ لَمْ يَرَ بوب وايت أَنَّ هُنَاكَ أَيَّ ظُلْمٍ فِي مُحَاوَلَتِهِ خِدَاعَ جِيرَانِهِ. كَلَّا الْبَتَّةَ، كَانَ يَقُومُ بِذَلِكَ مِنْ مُنْطَلَقِ الْحُبِّ وَالْحَرْبِ؛ فَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِدَافِعِ حُبِّهِ لِزَوْجَتِهِ الشَّابَّةِ الْخَجُولِ وَلِبَيْتِهِمَا؛ وَكَذَلِكَ مِنْ مُنْطَلَقِ الْحَرْبِ الدَّائِرَةِ دَوْمًا فِي الْغَابَةِ الْخَضْرَاءِ وَالْمُرُوجِ الْخَضْرَاءِ. بِالطَّبْعِ لَمْ يُطْلِقِ السُّكَّانُ الصِّغَارُ الَّذِينَ يَعِيشُونَ هُنَاكَ عَلَى مَا يَجْرِي حَرْبًا، وَلَكِنْ أَنْتَ تَعْلَمُ النَّحْوَ الَّذِي تَسِيرُ بِهِ الْأُمُورُ؛ فَدَائِمًا مَا يُحَاوِلُ السُّكَّانُ الْكِبَارُ الْإِمْسَاكَ بِالسُّكَّانِ الْأَصْغَرِ مِنْهُمْ، بَيْنَمَا حَاوَلَ السُّكَّانُ الصِّغَارُ التَّفَوُّقَ عَلَيْهِمْ بِالْحِيلَةِ.
لِهَذَا شَعَرَ بوب وايت أَنَّهُ مِنَ الْمُنْصِفِ وَالصَّحِيحِ تَمَامًا أَنْ يَخْدَعَ جِيرَانَهُ مِمَّنْ يُحَاوِلُونَ الْعُثُورَ عَلَى بَيْتِهِ. وَهَذَا مَا حَدَثَ بِالْفِعْلِ؛ اعْتَادَ أَنْ يَقِفَ عَلَى عَمُودِ السِّيَاجِ وَيُصَفِّرَ بِكُلِّ طَاقَتِهِ، لِيُخْبِرَ الْجَمِيعَ أَنَّهُ يَقِفُ هُنَاكَ. فِي الْوَقْتِ الرَّاهِنِ كَانَ يَرَى الثَّعْلَبَ ريدي يَعْدُو فِي نِهَايَةِ الطَّرِيقِ الصَّغِيرِ الْمُتَعَرِّجِ مُتَظَاهِرًا بِأَنَّهُ يَتَنَزَّهُ فَقَطْ وَلَيْسَ مُهْتَمًّا إِطْلَاقًا بِبوب وَشُئُونِهِ. ثُمَّ يَتَظَاهَرُ بوب بِأَنَّهُ يَنْظُرُ حَوْلَهُ لِيَتَأَكَّدَ مِنْ عَدَمِ وُجُودِ خَطَرٍ قَرِيبٍ، ثُمَّ يَطِيرُ إِلَى مَكَانٍ مُحَدَّدٍ يَبْدُو مُلَائِمًا لِوُجُودِ عُشٍّ بِهِ، وَهُنَاكَ يَخْتَبِئُ بَيْنَ الْعُشْبِ.
وَفَوْرَ أَنْ يَتَوَارَى بوب عَنِ الْأَنْظَارِ، يَكْشِفُ الثَّعْلَبُ ريدي عَنِ ابْتِسَامَةٍ تَنِمُّ عَنِ الْخُبْثِ كَعَادَتِهِ وَيَقُولُ فِي نَفْسِهِ: «هَذَا إِذَنْ هُوَ مَكَانُ عُشِّكَ! أَعْتَقِدُ أَنَّنِي سَوْفَ أُلْقِي نَظْرَةً هُنَاكَ.»
وَمِنْ ثَمَّ يَتَسَلَّلُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي رَأَى بوب يَخْتَفِي فِيهِ، يَدُسُّ أَنْفَهُ الْحَادَّ دَاخِلَ كُلِّ كَوْمَةِ عُشْبٍ وَيَنْظُرُ أَسْفَلَ كُلِّ شُجَيْرَةٍ صَغِيرَةٍ. كَانَ بوب يَنْتَظِرُ حَتَّى سَمَاعِ وَقْعِ تِلْكَ الْخُطَى النَّاعِمَةِ عِنْدَمَا تَقْتَرِبُ مِنْهُ لِلْغَايَةِ، ثُمَّ يُرَفْرِفُ بِجَنَاحَيْهِ لِأَعْلَى مُحْدِثًا ضَجَّةً كَمَا لَوْ أَنَّهُ خَائِفٌ بِشِدَّةٍ، وَمِنْ فَوْقِ عَمُودِ سِيَاجٍ بَعِيدٍ يَبْدَأُ بِالصِّيَاحِ بِصَوْتٍ يَشُوبُهُ التَّوَتُّرُ الشَّدِيدُ؛ فَيَتَأَكَّدُ ريدي عِنْدَئِذٍ مِنْ أَنَّهُ اقْتَرَبَ مِنَ الْعُشِّ؛ وَمِنْ ثَمَّ يَبْحَثُ وَيَبْحَثُ. طَوَالَ الْوَقْتِ كَانَتْ زَوْجَةُ بوب تَرْقُدُ فَوْقَ بَيْضِهَا الثَّمِينِ فِي عُشِّهَا الَّذِي يَقَعُ بَيْنَ كَوْمَةِ الْأَعْشَابِ بِجَانِبِ الطَّرِيقِ الْمُتَعَرِّجِ الصَّغِيرِ، وَهِيَ تَضْحَكُ بِصَوْتٍ خَافِتٍ وَهِيَ تَسْتَمِعُ إِلَى صَوْتِ بوب، فَكَمَا تَرَوْنَ، كَانَتْ تَدْرِي مَا يَفْعَلُهُ بوب تَمَامًا.
اتَّبَعَ بوب الْأُسْلُوبَ نَفْسَهُ مَعَ الظَّرِبَانِ جيمي وَالْجَدَّةِ ثعلبة الْعَجُوزِ، بَلْ مَعَ الْأَرْنَبِ بيتر أَيْضًا؛ فَقَدْ كَانُوا جَمِيعًا لَا يَكُفُّونَ عَنِ الْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ الْعُشِّ، وَرَاقَبُوا بوب وايت وَكَانُوا عَلَى ثِقَةٍ بِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ أَيْنَ يَبْحَثُونَ عَنْ بَيْتِهِ بِالضَّبْطِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ يَتَعَجَّبُونَ لِمَاذَا لَا يَسْتَطِيعُونَ الْعُثُورَ عَلَيْهِ. أَرَادَ الظَّرِبَانُ جيمي تَنَاوُلَ بَعْضٍ مِنَ الْبَيْضِ، أَمَّا الثَّعْلَبُ ريدي وَالْجَدَّةُ ثعلبة الْعَجُوزُ، فَقَدْ أَرَادَا الْإِيقَاعَ بِالزَّوْجَةِ أَوْ الِاسْتِعْدَادَ لِالْتِهَامِ الصِّغَارِ عِنْدَمَا يُفْقَسُ الْبَيْضُ الْأَبْيَضُ الْجَمِيلُ، بَيْنَمَا أَرَادَ الْأَرْنَبُ بيتر مَعْرِفَةَ مَكَانِ الْعُشِّ فَقَطْ لِإِشْبَاعِ فُضُولِهِ، فَلَمْ يَكُنْ قَطُّ لِيَتَسَبَّبَ بِأَذًى لِزَوْجَةِ بوب أَوْ أَيٍّ مِنَ الْبَيْضِ. لَكِنَّ بوب كَانَ يُدْرِكُ أَنَّ بيتر إِذَا عَرَفَ مَكَانَ الْعُشِّ، فَإِنَّهُ مِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ يَزُورَهُ، وَقَدْ يُرَاقِبُهُ أَحَدُهُمْ، وَقَدْ يَنْتُجُ عَنْ ذَلِكَ وُقُوعُ شَيْءٍ مُرَوِّعٍ؛ لِذَلِكَ قَرَّرَ أَنَّهُ مِنَ الْأَفْضَلِ أَنْ يَخْدَعَ بيتر كَالْآخَرِينَ، وَهُوَ مُحِقٌّ فِي ذَلِكَ.