الخاتمة
قال الإمام أبو حنيفة: «إن الحَجر على الإنسان بنفسه أشد ضررًا من الحجر عليه حفظًا لماله؛ فالمال غادٍ ورائح، أما الحجر عليه بنفسه فيؤدي إلى هدرِ آدميته، والأهلية الآدمية هي أعظم نعم الله.»
وهذا كلام مقنع جميل يجب أن يسري، ليس على الرجل فقط ولكن على المرأة أيضًا؛ فالمرأة إنسانة كالرجل تمامًا، ولها أهليتها الآدمية التي هي أعظم نعم الله التي يجب ألا تُهدَر.
إن إهدار الأهلية الآدمية للمرأة إنما هو اعتداء على أوامر الله وعلى مبادئ الدين الذي يدعو إلى الحق والحرية واحترام الإنسان.
ولكن كم تهدر الأهلية الآدمية لأغلبية النساء والبنات في بلادنا العربية دون أن يرتفع صوت بالاحتجاج أو الغضب، إلا في حالات نادرة قليلة.
إن المرأة العربية منذ ثلاثة عشر قرنًا، وفي حياة الرسول «محمد» كانت أكثر إنسانيةً وأكثر آدميةً من المرأة العربية اليوم، أليس ذلك سببًا كافيًا لبذل الجهود والتضحيات من أجل الكشف عن الأسباب الحقيقية التي تَسلب من المرأة آدميتها وإنسانيتها؟ بل وتسلب الرجل أيضًا؟
إنَّ الإسلام يتضمَّن كثيرًا من الإيجابيات التي يجب أن نُظهرها ونفهمها فهمًا صحيحًا نابعًا من المراجع المُعترَف بها، وأنا مع الناس الذين يُحاولون فهم الدين بعقلي أنا وليس بعقول بعض رجال الدين؛ ذلك أنه لا يوجد في الإسلام رجل دين.
إن رجل الدين لفظ كهنوتي بعيد عن الإسلام، والعلم بالدين واجب عليَّ؛ لأنني أنا الوحيدة المسئولة أمام الله عما أفهم من ديني، وغيري ليس مسئولا عني.
إنني إذا أخطأت، وكان خطئي ناتجًا عن اجتهاد أحد رجال الدين، فإن هذا الرجل لن يَتحمَّل المسئولية عني أمام الله؛ فالإنسان المسلم (رجل أو امرأة) مسئول مسئولية شخصية عن فهمه لدينه.
وأول مبادئ الإسلام هي أن الناس سواسية كأسنان المشط، لا فرق بين ذكر وأنثى، ولا فقير ولا غني، ولا حاكم ولا محكوم.
وأول مبادئ الإسلام هي أن يستخدم الإنسان عقله، ويُفكر فيما حوله من مظاهر ومشاكل بحرية وصدق، وهذا هو ما حاولت أن أفعله وأنا أكتب هذا الكتاب.