أحمد نسيم
شاعرٌ مُبدِع، من أعلام الشعر الوطني، يمتاز بجذالة الأسلوب وتدفُّق المعاني والأحاسيس الوطنية في قصائده، لا يقلُّ شعره رواءً وحسنَ ديباجة عن شعر شوقي وحافظ وأحمد محرم.
وُلِد سنة ١٨٨٠، واعتنق منذ صباه مبادئ الوطنية، وتجلَّت مواهبه الأدبية وهو في سن مُبكِّرة، فامتزجت الوطنية بروحه الشاعرية، وتمشَّت في قصائده الغُر، وأضفَت عليها جمالًا ورونقًا وبهاءً، وجعلت لها رنينًا موسيقيًّا يأخذ بمجامع القلوب.
رئيسي المحبوب
أما بعد، فإني أتشرف بإهداء الجزء الثاني من ديواني إلى سعادتكم؛ لاحتوائه على القصائد الوطنية التي نظمتُها ما بين سنتَي ١٩٠٩ و١٩١٠ ميلادية، وقد اعتمدت في نقلها على الصحف التي تفضَّلت بنشرها، مُبقيًا ديباجتها كما هي حتى لا يغرب عن ذهن القارئ على مَدى الأيام وصفُ الحادث الذي نظمت القصيدة بسببه.
وإني إذا أهديت ديواني إلى سعادتكم فكأني أهديته إلى الأمة المصرية التي يُمثِّلها حزبكم الموقَّر.
ويُعَد نسيم ثاني الطبقة الأولى من شعراء الحزب الوطني، وأوَّلهم أحمد محرم، وثالث الثلاثة المعاصرين أحمد الكاشف الذي سنتحدث عنه فيما يلي، وجميعهم تبدأ أسماؤهم ﺑ «أحمد».
وتبدو مكانة نسيم الممتازة في عالم الشعر من قول إسماعيل صبري شيخ الشعراء في تقريظ الجزء الأول من ديوانه سنة ١٩٠٨:
ولما ظهر الجزء الثاني سنة ١٩١٠ قرَّظه صبري أيضًا ببيتَين آخرَين رقيقَين، قال:
يؤيد مصطفى كامل في قطع علاقته بالخديو
قال نسيم مخاطبًا مصطفى كامل بمناسبة كتابه إلى الخديو عباس الثاني بقطع علاقته به سنة ١٩٠٤:
•••
يُهاجِم المعتمد البريطاني
ومن قوله سنة ١٩٠٧ مخاطبًا اللورد كرومر لمناسبة رحيله عن مصر بعد خطبته التي هاجم فيها المصريين والإسلام:
يُمجِّد الشرق ويحزن لحالته
قال يُمجِّد الشرق ومصر ويحزن لحالتهما:
إلى أن قال:
يُهاجِم أسرة محمد علي
وقال سنة ١٩٠٨ يُخاطِب مصر ويُهاجِم أسرة محمد علي وهي في إبان سلطانها:
يدعو الأمة إلى الجهاد
ومن قوله سنة ١٩٠٨ يدعو الأمة إلى الجهاد والذود عن حقوقها واستقلالها:
وقال يُفنِّد مطاعن كرومر على المصريين:
يرثي مصطفى كامل
وقال سنة ١٩٠٨ في رثاء مصطفى كامل من قصيدةٍ تزيد على ستين بيتًا:
•••
•••
وقال يصف الجنازة واحتشاد الجموع فيها:
ومن قصيدة أخرى له سنة ١٩٠٨ في رثائه:
إلى أن قال:
يؤيد فريدًا في جهاده
قال سنة ١٩٠٨ مُخاطبًا محمد فريد رئيس الحزب الوطني مؤيدًا له في جهاده:
يُندِّد بوزارة مصطفى فهمي
وقال في نوفمبر سنة ١٩٠٨ يُندِّد بوزارة مصطفى فهمي على إثر سقوطها، وكانت موالية للاحتلال:
يندِّد بالخديو عباس
وقال في ديسمبر سنة ١٩٠٨ حين تنكَّر الخديو عباس الثاني للحركة الوطنية، وحِيلَ بين جموع الشعب والاقتراب من موكبه لمطالبته بالدستور:
•••
يمجِّد الوطنية في رأس السنة الهجرية
وقال سنة ١٩٠٩ في الاحتفال بعيد رأس السنة الهجرية ١٣٢٧ الذي أقامته لجنة الحزب الوطني الفرعية ببولاق بمدرسة الشعب، يمجِّد الوطنية ويُخاطِب فريدًا:
وفي سنة ١٩١١ ألقى قصيدة أخرى في تحية السنة الهجرية ١٣٢٩ بالاحتفال الذي أقامه الطلبة لهذه المناسبة بدار التمثيل العربي يومَ أول يناير سنة ١٩١١، وقد حضره المرحوم محمد فريد، وأشار الشاعر في مطلع قصيدته إلى ما أصاب الحركة الوطنية من اضطهاد في العام السابق، قال:
•••
•••
المضي في الجهاد
وقال يُخاطِب الشباب:
الجهاد في سبيل الدستور
وقال يستحث الأمة على طلب الدستور وعلى الاتحاد والثبات في ميدان الجهاد:
ذكرى مصطفى كامل
وقال في فبراير سنة ١٩٠٩ في ذكرى مرور العام الأول على وفاة مصطفى كامل، وقد ألقى هذه القصيدة في دار اللواء بين يدَي محمد فريد وأعضاء الحزب الوطني قبل أن يتحرك موكب الذكرى بالمسير:
وختمها بقوله مُخاطبًا محمد فريد:
يُهاجِم الاحتلال في إبان سلطانه
قال سنة ١٩٠٩ من قصيدةٍ يحمل فيها على الاحتلال ويفضح نكثه بعهوده ويستنهض الهِمَم للجهاد، وقد بدأها يستصرخ الإنسانية لتمد إلى مصر المُكافِحة يدَ العون والتأييد، وهي من عيون الشعر الوطني:
•••
وقال فيها يدعو الشعب إلى الاعتماد على نفسه:
يُحيي جريدة العلَم
قام في سنة ١٩١٠ خلاف على ملكية «اللواء» بين بعض ورثة المرحوم مصطفى كامل، طُرِح أمره أمام القضاء، وعُيِّن حارس قضائي على اللواء، وكانت صحيفة الحزب الوطني، وأراد الحارس أن يتدخل في تحريره وتوجيه سيايته، فرفض المرحوم محمد فريد هذا التدخل، وأنشأ جريدة «العلَم» وجعلها لسان حال الحزب الوطني، وابتدأ ظهورها يوم ٧ مارس سنة ١٩١٠، فحيَّاها نسيم بقصيدة بديعة، قال:
•••
•••
•••
إلى الزعيم محمد فريد في سجنه
في سنة ١٩١١ حُوكِم الزعيم محمد فريد أمام محكمة الجنايات بتهمة أنه حبَّذ الجرائم وأهان الحكومة إذ كتب مقدمة لكتاب «وطنيتي» الذي تضمَّن قصائد نظمها الأستاذ علي الغاياتي، ومع أن هذه المقدمة كتبها الزعيم دون أن يطَّلع على محتويات الكتاب وقبل أن يُتِم المؤلف وضعه، ثم سافر الزعيم إلى أوروبا في مايو ولم يظهر الكتاب إلا في شهر يوليو، وليس في المقدمة ما يقع تحت أي نص من قانون العقوبات، ومع ذلك فقد أقامت عليه النيابة الدعوى العمومية، وكان الغرض من محاكمته إرهابه وتهديد أنصاره واضطهاد الحركة الوطنية، وقد حُكِم عليه في ٢٣ يناير سنة ١٩١١ بالحبس ستة أشهر في هذه التهمة الباطلة، ونُفِّذ فيه الحكم يوم صدوره.
فنظم أحمد نسيم قصيدة من روائع الشعر الوطني بعنوان «إلى الرئيس في سجنه» حيَّاه فيها أبلغ تحية، وعبَّر عن الشعور العام بإزائه أصدق تعبير، قال:
•••
•••
•••
•••
•••
إلى أن قال:
•••
يُحيي الوحدة الوطنية
قال سنة ١٩١٩ يُحيي الوحدة الوطنية والتآخي بين المسلمين والأقباط:
يرثي فريدًا
قال سنة ١٩١٩ من قصيدة في رثاء محمد فريد:
•••
إلى أن قال:
وختمها بقوله:
يُحيي جريدة الأخبار
قال سنة ١٩٢٠ يُحيي المرحوم أمين الرافعي لمناسبة إصداره جريدة الأخبار:
يُندِّد بالانقسام ويدعو إلى التآخي
وقال سنة ١٩٢١ حين اشتد الانقسام بين سعد وعدلي وأنصارهما، يُندِّد بهذا الانقسام ويدعو إلى توحيد الصفوف:
•••