القصة من وراء حجاب
منذ بضع سنوات بدأت مجموعات قصصية ترد إليَّ من الجزيرة العربية ومن دول الخليج. صحيح أن معظمها لكُتَّاب رجال، ولكن الكثير منها أيضًا كان لكاتبات. وهذا هو المدهش حقًّا؛ فالمرأة العربية في دول الخليج والجزيرة تكاد تكون معزولة عن الحياة العامة؛ فكثير منهن يعملن طبيبات ومدرسات وموظفات بنوك (البنوك المخصَّصة للنساء) ولكن وجودهن ككيان مستقل، وكقوة سياسية أو اجتماعية يكاد يكون على هامش الحياة العامة تمامًا.
ولكن المرأة هناك كائن حي مثقف مطَّلع يموج بكل ما تموج به النفس البشرية من أهواء وطموحات، غير أن أهواء وطموحات ذات سقف منخفض تمامًا لا يُسمح لها باختراقه. ومن أجل هذا وضعت المرأة همها في الكتابة، ففيها تتنفَّس، وبها تقول، الكتابة شعرًا أو نثرًا، وإن كانت القصة تحظى بالنصيب الأكبر.
وعكفتُ ذات يوم قريب على تلك المجموعات القصصية النسائية أدرسها، ليست دراسة قارئ عابر ولكن دراسة متفحِّص، يعرف، أو يزعم أنه يعرف القوة الضاغطة التي أخرجت الكلمة من قاع النفس إلى الورق.
وبعدما انتهيت من عدة مجاميع اكتشفتُ أني لم أكن أقرأ قصصًا بالمعنى المفهوم لكلمة القصة، حتى بالمعنى الحديث لها، ولكني كنت أقرأ شيئًا أو نوعًا آخر من الكتابة لا هو بالقصة ولا هو بالقصيدة، لا هو حكاية ولا هو خواطر متناثرة. نوع جديد وغريب من الكتابة ابتكرته المرأة العربية القابعة بعيدًا عن مجريات الأمور ﻟ «تفعل» به شيئًا يؤكِّد لها أنها كائن حي، لإنسان له قُدرة الانفعال والفعل. فعل كتابي يَخرج تحت ضغط محموم، وهذا الضغط القاهر المحموم يتدخل في تشكيله إلى حدِّ أن يبدو للقارئ وكأنه لغز، فهي تريد أن تقول ولا تريد أن تقول، تريد أن تُعبِّر ولا تريد أن يُدرك تعبيرها، أكاد أقول سرَّها، أحد.
وهكذا وجدتُ نفسي أضع اسمًا لهذا النوع من الكتابات النسائية الجزيرية والخليجية: القصة من خلف حجاب.
فلنقرأ معًا هذه القصة للكاتبة السعودية «رقية محمود الشبيب»، ويُهمنا جِدًّا أن أعرف رأي كُتَّاب القصة ونُقَّادها وحتى قُرَّاءها فيما ذكرت. فلعلي أخطأت التشخيص، والعصمة لله وحده.