عبقرية رام روي!
لم تكن الجزيرة كبيرة … كي يستغرقَ البحثُ فيها وقتًا طويلًا، لكن الطلقات التي تعرَّضوا لها من رجال «سوبتك» هي التي صعَّبَت مهمَّتَهم.
إلا أنها لم تُثنِهم عن البحث عن «رام روي» ورجاله … وقد طال البحث دون جدوى، فعادوا إلى «أحمد» يطلبون منه ألَّا يضعَهم في خطته.
وشعر «راجيف» بخطورة الموقف بعد الحيرة التي رآها في عينَي «أحمد» و«إلهام»، وطلب منهم أن ينسوا الأمر … وأن يعودوا من حيث أتَوا … وشكرهم على شعورهم الطيب.
ولم تحتمل أعصابُ «أحمد» المزيدَ مما يقوله: «باي»، فصاح قائلًا: اصمت يا «راجيف»، نحن لم نأتِ هنا من أجل شعور طيب … نحن أتينا إلى هنا لأن هذه العصابة التي تحكمكم … تُهدد مصالحنا في كل مكان.
وإذا رضينا عن أن تكون لها دولة … فستكون أكثر خطورة … وسيكون ردْعُها بعد ذلك صعبًا.
راجيف: وماذا نستطيع أن نفعل ونحن خمسة أفراد فقط … وهم بهذه الكثرة؟
أحمد: وكيف ستُخرجنا أنت من هنا وهم يُحيطون بالجزيرة؟!
راجيف: سنختبئ في جيب صخري قريب من هنا لا يمكن لأحدٍ الوصول إليه …
أحمد: تقصد أننا سنتركهم يقتحمون الجزيرة؟
راجيف: نعم … وسننتظر حتى يُصيبَهم اليأس في العثور علينا … ويعودوا من حيث أتَوا …
ابتسم «أحمد» معجبًا بطريقة تفكير «باي»، وارتاحَت «ريما» كثيرًا لهذه الابتسامة، غير أن «عثمان» كان مشغولًا بأمر اليخت الذي سيعثرون عليه أثناء بحثهم … فطمأنه «باي» أنه سيترك أمره للقرود!
وصاحَت «ريما» في دهشة قائلة: ألا زالت القرود هنا؟
راجيف: قريبة من هنا …
ريما: أين؟
راجيف: على سطح اليخت.
فصاح فيه «أحمد» قائلًا: لماذا يا «راجيف»؟
راجيف: لا تخشَ شيئًا … لقد تركتهم هناك ليحرسوه لك.
أحمد: وهل معهم بنادق؟
راجيف: لا … معهم قنابل يدوية.
عثمان: هل أنت جادٌّ فيما تقول؟!
راجيف: نعم … إنها لا تستطيع الإمساك بالبندقية … ولكنها ماهرة في رمي القنابل.
إلهام: وكأنها ثمرات جوز الهند.
راجيف: إنها مصنعة من ثمرات جوز الهند الفارغة.
أحمد: إنك قائد عسكري ماهر.
ريما: وكيف ستفرق القرود بين أصدقائك وأعدائك.
راجيف: إذن فلنتحرك؛ فأنا أسمع أصوات المحاربين يغادرون قواربهم.
سار «الشياطين» خلف «راجيف» حتى وصلوا إلى بركة ماء صغيرة … فنزل فيها و«عثمان» يسأله: إلى أين يا «باي»؟
راجيف: انزل خلفي في صمت …
والتزم «عثمان» الصمت … ونزل من خلفه «ريما» و«إلهام» وأخيرًا «أحمد».
وكما فعل «راجيف باي» فعلوا وغاصوا تحت الماء إلى أن وصلوا إلى جيب سحري في جدار البركة … دخله «باي» وهم من خلفه … وبعد أن زحفوا لمسافة نصف كيلومتر تقريبًا في مسار دائري … وجدوا أنفسهم يصعدون إلى أعلى حتى وجدوا فتحةً كفوهة البركان … يدخل منها الهواء والضوء، وسمعوا جلبة تحيط بهم من كلِّ مكان … فتخيَّلوا أول الأمر أن الهواء يحمل لهم أصواتَ الجنود المحيطة بالجزيرة.
إلى أن خرج لهم «رام روي» من فتحة بجوار الكهف … وأخبرهم أن الكثير من الفتحات الأخرى تنتشر على جدار الكهف وقد اتخذها جنودُه ثكناتٍ لهم.
اندهش «الشياطين» كثيرًا … للعبقرية الفطرية التي يتمتع بها هؤلاء المحاربون … فقد أحالوا الجزيرة الصغيرة إلى قلعة حصينة.
ولم يكن «باي» أقلَّ منهم دهشة … وعندما سأله «أحمد» عن الخطوة التالية … قال له إنها بدأت بالفعل … ولم يتبيَّن ماذا يقصد بأنها بدأت بالفعل … إلا عندما سَمِع أصواتًا تتصايح على سطح الجزيرة … فسأله قائلًا: ومَن هؤلاء؟
راجيف: إنهم رجال «سوبتك»!
أحمد: هل بدءوا الهجوم؟
راجيف: نعم … وقد يعرفون موقعنا.
أحمد: وهذا ما نريده.
عثمان: أنا لا أعتقد أن أحدًا من هؤلاء يمكنه الوصول إلى هنا.
ريما: وأنا أرى ذلك … فالطريق إلى هنا يبدأ من تحت بركة ماء.
أحمد: ولكن «رام روي» استطاع أن يصل!
راجيف: لقد اتفقنا على أنه عبقري!
أحمد: قد يوجد بين أولئك المحاربين عبقريٌّ.
راجيف: لن يَصِل في البركة إلى شيء … فقد سددت بداية الممر.
عثمان: وماذا سنفعل بهم وهم بأسفل؟
إلهام: ماذا تقصد؟
عثمان: أن نستدرجهم إلى هنا … ونصطادهم فرادى.
راجيف: الأمر ليس بهذه السهولة … فهؤلاء المحاربون يستشعرون الخطر عن بعد …
عثمان: ولكننا في موقع قوة … يمكِّننا من السيطرة على المكان.
وعلَت في هذه اللحظة أصواتُ جلبة في الممر الموصل إليهم … وعلَت وجوهَهم جميعًا الدهشة … ولزموا الصمت … انتظارًا لما ستُسفر عنه اللحظات القادمة …
ولم يتمالك «عثمان» نفسَه فسأل «راجيف» قائلًا: مَن هؤلاء يا «باي»؟
وشعر «أحمد» بما يدور في رأس «عثمان»، فأجابه بالنيابة عن «راجيف» قائلًا: إنه عبقري آخر …