الاختيار الصعب!
وكالعادة أطلق «عثمان» صاروخًا أثار دهشةَ الجميع … حين قال لهم: لماذا لا يقوم «ديفداتا» بذلك؟
وكانت «ريما» أولَ المعلقين … فهي ترى أن «ديفداتا» لم يُظهر الولاء الكامل بعد … وأن إيمانه بهم ضعيف … وقد يجدها فرصة ويهرب … بل قد يَشِي بكل ما رآه عندهم وسَمِعه، والأكثر من ذلك أنه قد يدفع الباقين من رجاله للهرب معهم.
إلا أن رأى «أحمد» أنه الأنسب لهذه المهمة رغم كلِّ الاعتراضات التي أبدَتها «ريما».
ﻓ «ديفداتا» لديه المبرر المناسب للعودة … فهو محارب ذو قوة وخبرة … وقد يشيع بينهم … أنه استطاع القضاء على معظم رجالنا وفك أسر مَن فرَّ من الرجال …
وهنا تدخَّل «عثمان» مرة أخرى قائلًا: لماذا لا يُبالغ «ديفداتا» في تصوُّرِه لجيشنا من حيث العدد والإمكانيات … فيشجع ذلك المزيد على الدخول في زمرتنا والتمرُّد على «سوبتك»؟
ورأى «أحمد» أن ما يقوله «عثمان» معقول … ورغم تحفُّظ «راجيف باي» على كل ما قيل إلا أنه وجد نفسه مندفعًا لقبوله … لا ثقة في «أحمد» ورجاحة عقله فقط … ولكن لأنها عملية إن لم تنجح فلن تضر …
واتفقوا جميعًا على أن يُحادثَه «راجيف» في الأمر على سطح اليخت … ويقوموا هم بمراقبة ردود أفعاله من كابينة القيادة …
فقد تدلُّهم ردودُ أفعاله على النتيجة التي سيصلون إليها معه …
وبمجرد أن فاتحه «راجيف» … حتى تقلَّصَت عضلاتُ وجهه … وامتزجَت مشاعر الدهشة بالرفض.
فشعر «أحمد» بمدى تمسُّك الرجل بهم وخوفه من ألَّا يعود من حيث سيُرسلونه …
فعلَّق قائلًا: أنا أشعر بالارتياح لهذه العملية.
ومثلما رحلَت بعضُ الزوارق ببعض رجال «ديفداتا» … رحلت زوارق أخرى وهو على ظهرها … ومعه بقية رجاله …
وقد كانت هذه فكرته … حتى يظهرَ أمامهم في جزيرة التمساح … إنه لن يعودَ إلا ومعه كل رجاله … عدا مَن قُتل على ظهر الجزيرة.
وقام «أحمد» بتزويده بأحد أجهزة الاتصال المتقدمة ليتمكن من متابعة الموقف أولًا بأول … وثبَّته على صدره بشريط لاصق قوي … وحذَّره من محاولة خلعه … لأن ذلك سيؤدي إلى انفجار الجهاز وقتله …
وقال «راجيف» له: «أحمد» إنها ليست حيلة … بل هي الحقيقة.
راجيف: وهل سيعيش به طوال عمره؟
ابتسم «أحمد» لطرافة السؤال … وقال له: بالطبع لا …
راجيف: وكيف ستخلعه عنه دون أن ينفجر؟
أحمد: هناك رقمٌ سريٌّ مسجلٌ على ذاكرة الجهاز … مَن يعرفه يتمكن من إيقافه …
أشرق وجهُ «راجيف» بابتسامةٍ واسعة تعبيرًا عن دهشته.
إلا أنه اقتضب مرة أخرى … فقد لا يعود الرجل مرة أخرى … ولذا يهتمُّ بوجود الجهاز … إلى أن تجدَ له جماعة «سوبتك» حلًّا.
وهنا أخبره «أحمد» أنه سيكون موقفًا لصالحهم أيضًا …
لأنه لو حدث … فسيقوم بتفجير الجهاز وقتل كل الموجودين في المكان.
وصاح «راجيف» في دهشة قائلًا: سنفجره عن بُعد؟
أحمد: نعم …
راجيف: ولكن كيف ستعرف بخيانته عن طريق الجهاز … وأنت لا تعرف اللغة الهندية؟
أحمد: سأترك لك أنت جهاز المتابعة.
وهكذا تحدَّدَت وظيفةُ كلِّ مَن على الجزيرة … حتى «رام روي» … فقد قضى النهار في تدريب بقية الرجال الموجودين معه.
ولم تقع أحداثٌ جديدة في هذا اليوم ولا أثناء الليل.
ولم يكن أمام «أحمد» إلا انتظار ما سيُبلغه به «راجيف».
وقبل أن يخلد إلى النوم … ظل مترقبًا أكثر من ساعة … أن يأتيَه بجديد ولكن لم يحدث … فأسلم جفنَيه للنوم …
ومرَّ اليوم التالي أيضًا دون جديد … غير أن بعض الأخبار عن تحركات ﻟ «ديفداتا» في جزيرة التمساح … والتقائه بآله وبعض أصدقائه … وحديثه معهم عن أقاربهم في الهند … وعن تأثير الديانة الجديدة التي دخلوا فيها على علاقتهم بهم …
وارتاح «أحمد» لهذه الأخبار … فهي تدل على أن «ديفداتا» يسير في الطريق المتفق عليه وكذلك مرَّ اليوم الثالث والرابع ولا جديد غير ازدياد أتباع «ديفداتا».
وفي اليوم الخامس، تحرَّكَت مجموعةٌ من الزوارق تحمل على متنها أعدادًا كبيرة من المحاريين ومن بينهم رجال «ديفداتا» وهو على رأسهم.
وعندما علم «أحمد» بالأخبار … شعر بالقلق … فهو لا يعلم عن نية هذا الجيش شيئًا.
وقام باستدعاء «رام روي» وأبلغه الأخبار … وسأله عن استعداده لملاقاة هذا الجيش بما لديه من رجال.
وكان ردُّ «روي» مشجعًا … فهو يرى أن الجزيرة لديها إمكانيات … سوف تُساعد العددَ القليل من الرجال على صدِّ أيِّ هجوم مضاد.
ولم يشعر بالاطمئنان … فقد شغلَت رأسَه أمورٌ أخرى لم يستطع إخفاءَها، فسأل «روي» قائلًا: ألم يخطر ببالك أن أولئك الرجال قد نزلوا على هذه الجزيرة … ويعرفون دروبها … وأسرارها؟
رام روي: أعرف … ولكن لن يعينَه ذلك على شيء.
أحمد: هل أنت متفائل؟
رام روي: جدًّا.
وارتاح كثيرًا لهذه الإجابة وقال له: وأنا أيضًا.
وكان «رام روي» يتابع التنصت على جهاز الاتصال ﺑ «ديفداتا» أثناء ترجمته للحوار، وفجأة … أشار لهم … فتوقفوا عن الحديث … وانتبه هو إلى ما يسمعه … ثم التفت إليهم قائلًا: إن زوارق «سوبتك» تقوم بالهجوم على زوارق الرجال القادمين إلى هنا.