الاستغاثة!
عمَّت جزيرة «باي» الفرحة … بعد أن علم الجميع أن الرجال الفارين عادوا مرة أخرى … ولم يعودوا وحدهم … بل ومعهم الكثير من شباب جزيرة التمساح.
غير أنهم لم يستسلموا لمشاعر الفرح … بل أعدوا عدتهم انتظارًا لتلبية نداء استغاثة قد يصدر منهم.
غير أن «رام روي» طلب أن يخرج لمعاونتهم … دون انتظار أن يطلبوا منه ذلك.
وعلى بُعد عشرة أميال بحرية عن جزيرة «باي» دارَت معركة شرسة بين رجال «سوبتك» ورجال الجزيرة، وطلب «أحمد» من «باي» أن يأمر «ديفداتا» بأن يستدرجَهم إلى الجزيرة … وذلك عبر جهاز الاتصال … ومن على قمة الجزيرة … وقف «أحمد» يتابع المعركة بنظارته المعظمة.
فرأى زورقًا حربيًّا ضخمًا تابعًا لجيش «سوبتك» … ومجهزًا بأسلحة حديثة، وعليه الكثير من الجنود والضباط.
وبدَت زوارقُ رجالهم بجانبه كالقط بجوار الديناصور.
وشعر أن الزورق سيُنهي المعركة لصالح «سوبتك».
فرأى أنه يجب أن يكون موجودًا بجوارهم.
وأسرع بالنزول إلى سطح الجزيرة.
وطلب من «باي» إعدادَ اليخت، واستدعاء القرود الموجودة على الجزيرة.
واندهش «عثمان» لذلك الطلب … غير أنه كان أولَ مَن ركب اليخت.
ثم قام بإدارةِ محرِّكِه … ووقف خلف عجلة القيادة.
إلى أن طلب منه «أحمد» الانطلاق.
ولم تمضِ دقيقة … حتى كان يشقُّ ماء المحيط … و«عثمان» يُوجِّهه بناء على تعليمات «أحمد» …
ولم تمضِ ربع الساعة … حتى سمعَا صوتَ طلقات الرصاص المتبادلة بين الفريقين.
وانزعج «أحمد» … فلو أصابَت صدرَ «ديفداتا» رصاصةٌ … فقد تخترق الجهاز المثبت عليه وينفجر … وهو واقف بين رجاله … وقد يؤدي ذلك إلى كثير من القتلى.
ولاحظ «أحمد» أن حكومة «سوبتك» قد أرسلَت المزيد من الزوارق الحربية مما يعني أن انتصارهم أصبح مؤكدًا إلا إذا أحسنَّا التدخل.
وعن بُعدٍ لمحَهم قائدُ أحدِ زوارق «سوبتك» … وتحرَّك في اتجاههم.
ووجدها «أحمد» فرصة أن يستدرجَه بعيدًا وينفرد به.
فأشار ﻟ «عثمان» … الذي دار باليخت دورةً واسعة … أغرَت زورق «سوبتك» بمطاردته.
وبمجرد اقترابه منه … أطلق لليخت العنان …
ومن خلفه الزورق يشقُّ الماء محاولًا اللحاق به. والأمواج تعلو وتهبط. فيرون بعضهم مرة … ويختفون مرة أخرى خلفها … حتى كانت مرة علا فيها الموج … واختفى اليخت عن الزورق. وعندما هبطَت الموجة … كانت مجموعة من القرود قد قفزَت إلى الزورق … فشلَّت تفكيرَ كلِّ مَن عليه وبسرعة البرق … كانت تقذف بهم إلى مياه المحيط …
وتسلَّق «عثمان» الزورق وترك ﻟ «أحمد» اليخت.
وفي مسارَين متوازيَين. انطلقَا كالقذيفة فوق سطح الماء … ليُحلِّقا برجالهما.
وعن بُعدٍ شاهدَا رجال «سوبتك» يُلقون القبض على «ديفداتا» وأحد رجاله … وينقلونهم إلى زورقهم العملاق …
فسقوط «ديفداتا» سوف يجعل اليأس يتسرَّب إلى قلوب رجاله، ولم يكن وحده الذي يفكر بهذه الطريقة … فقط لاحظ «رام روي» ذلك … فقام بالصياح وسط رجاله فاندفعوا يصيحون … مما أثار حماس رجال «ديفداتا»، فانطلقوا هم أيضًا يصيحون.
وتحوَّلَت زوارقهم الصغيرة … إلى أعاصير … ترتفع فوق تلال الموج.
وكأنها هي التي تحمله إلى أعلى … وتهبط معه في ثقة … وكأنه لم يحتمل ثقلَها.
وتملَّك الحماس من «أحمد»، فصاح في «عثمان» أن ينطلق.
وحول المنطقة الدائرة فيها المعركة … صنع «عثمان» بزورقه دائرةً واسعة ومن حولها صنع «أحمد» دائرة أوسع.
وكان لذلك أعظم نتيجة … فقد استطاع أن يُشتتَ انتباهَ رجال «سوبتك» وأن يُشعلَ حماس رجالهم.
وارتفعَت في السماء صرخاتُ الضباط … بالأوامر وبطلب الحرص. وأوامر متكررة تقول: أَصِب الهدف … دمِّرهم …
ووسط انشغالهم بالتعامل معهما … التقط الرجالُ أنفاسَهم … وكادوا أن يتمكنوا من تودية دفة المعركة لصالحهم. لولا ضباط الزورق القائد.
فقد تيقَّظوا لما يتم … فكثفوا من طلقاتهم على الزوارق … فانقلب أحدها … وعليه من الرجال خمسة.
وكانت بقية الزوارق حولهم تحاول التقاطهم.
فلم ينجُ منهم في وسط هذه الأمواج المتلاطمة غير ثلاثة.
وكما بدأ «أحمد» يقصر من نصف قطر الدائرة التي يدور فيها …
فعل «عثمان» ذلك أيضًا … وقد كان هدفهما أن يُشغلَا ضباط الزورق العملاق عن رجالهما ووسط هذه الجلبة الشديدة … والتوتر المكثف.
لمح «أحمد» … «ديفداتا» يضع يدَه على صدره. وشعر بما سيقع.
ودوَّى صوتُ انفجار رهيب على سطح الزورق العملاق … أطاح بكل ضباطه … فقد انتزع «ديفداتا» جهاز الاتصال الملغم. فانفجر فيه … وفي الزورق.