مُخرج جديد
حين حدثني عنه الصديق سعد أردش قلت: إنه لا بد حديث الزميل عن الزميل ذلك الذي لا يخلو من كلمات المديح والمجاملة، واعتقدت لا بد أنه واحد آخر من عشرات الشبان الذين نوفدهم لدراسة نواحي المسرح المختلفة فيعودون وقد حفظوا بعض الجمل والمعادلات، وقد بهرهم ما رأوه هناك إلى درجة أصبح منتهى آمالهم أن ينسجوا على منواله. وفي رأيي أننا في مسائل إيفاد البعثات إلى الخارج لا نفرق بين شيئين أساسيين: دراسة الفن ودراسة العلم؛ فالعلم وقوانينه وحقائقه تراث إنساني واحد، تسري قواعده في أستراليا كما تسري في غانا وأيسلنده، ولكن الفن شيء مختلف إذ هو حقائق ذاتية متصلة اتصالًا لا ينفصل بحياة كل شعب ووجدانه، بحيث إن طرق التعبير الفني من شعب إلى آخر تختلف لغة وملامح هذا الشعب عن ذاك؛ بمعنى أن مسرحنا المصري يجب أن يكون مختلفًا عن المسرح الإنجليزي أو الأيرلندي اختلاف حياتنا ولغتنا وملامحنا عن حياة وملامح ولغة الشعب الإنجليزي أو الأيرلندي؛ وبالتالي فإن كافة ما يتصل بهذا المسرح من تأليف وإخراج وتمثيل وطريقة عمل الديكور يجب أن تكون مختلفة أيضًا، بحيث إن إخراج أي مسرحية يجب أن يتم بطريقة، أي بشكل مصري مُنتزَع من صميم واقعنا الوجداني وصميم العمل المسرحي الفني. بمعنى آخر، النقل أو المحاكاة أو مجرد التطبيق الأعمى لأساليب ومدارس منتشرة في أوروبا على رواياتنا يُفقدها الكثير من نكهتها الحقيقية وفاعليتها.
إني أنتظر بترقب شديد نتيجة تجربة كرم مطاوع مع أول مسرحية مصرية يُخرجها بهذا المفهوم. أنتظر وأنا أكاد أكون واثقًا من النتيجة؛ فالوسيلة السليمة لا يمكن أبدًا أن تؤدي إلى غاية أسلم، وإني لأعلِّق على كرم مطاوع وأصالته ومنهجه آمالًا كبارًا بالنسبة لمسرحنا المصري.