الظاهرة الغريبة
أليس شيئًا غريبًا ألَّا نفوز بأي ميدالية ذهبية أو فضية أو برونزية أو حجرية حتى في الدورة الأولمبية، بينما تفوز أكثر من سبع وثلاثين دولة من بينها ترنداد ونيجيريا وأرجواي التي لا يتعدى سكانها المليون بميداليات؟!
فيمَ إذن كل هذا الاهتمام الكبير بالرياضة في بلادنا، والنفقات والاعتمادات والألفاظ الرنانة الكبيرة التي نسمعها من المذيعين والمعلِّقين عن البطل فلان والبطل علان؟ فيمَ كان اشتراكنا في الدورة الأولمبية نفسها؟ وأين جهود المجلس «الأعلى» لرعاية الشباب الذي له عشر سنوات وهو يعمل، وكان من الواجب أن تظهر نتيجة جهوده خلال هذه السنوات؛ فعشر سنوات مدة كافية جدًّا لخلق جيل جديد كامل، وفيمَ كان تتويج هذا الاهتمام كله بوزارة خاصة للشباب والرياضة؟ إنه ليس فقط شيئًا مخجلًا ولكنه حقيقةً يدعو للتأمل والتفكير، وأنا لست رياضيًّا ولا علاقة لي بالرياضة من قريب أو بعيد، ولكن الظاهرة نفسها استرعت انتباهي؛ فليس من المعقول أن يكون ترتيبنا في المجال الرياضي الدولة الأخيرة في الدورة، في حين أني متأكد أننا نُنفق على الرياضة ونهتم بها أضعاف ما تُنفقه دولة كأيرلندا مثلًا أو الدانيمارك التي فازت بميداليتين ذهبيتين وميداليتين برونزيتين.
وهو أيضًا أمرٌ لا يدفع للتفكير بل لا بد أن يدفعنا لمراجعة الأُسُس نفسها التي نبني عليها برامجنا للرياضة ولصحة الشباب؛ فلا بد أن هناك خطأً أساسيًّا في الطريقة نفسها، أو لا بد أننا — مثلنا في مسائل كثيرة — لا نزال نتبع أسلوب الحداقة والفهلوة، ولا نريد أن نعترف بالعلم.
إن الموضوع كله في حاجة إلى مراجعةٍ شاملة ونظرة علمية جديدة يقوم على أساسها التخطيط. وإلى أن يحدث هذا أعتقد أن العقل يدفعنا لتوفير النقود الكثيرة التي ندفعها لنشترك في مباريات دولية، وننفق هذه النقود على إقامة دعائم بيتنا الرياضي أولًا، ووضع أسس لحياة رياضية سليمة توسِّع من قاعدة اختيار اللاعبين وترتفع بمستوى شبابنا كله.