الذَّرِّيون
اثنان هما اللذان وضعا أساس المذهب الذري؛ لوقيبوس، وديمقريطس. ومن العسير أن تفصل أحدهما عن الآخر؛ لأنهما يُذكران معًا في معظم الحالات، والظاهر أن بعض آثار لوقيبوس قد نُسبت فيما بعدُ إلى ديمقريطس.
إنه يفوق كل من سبقه ومن عاصره من الفلاسفة في اتساع علمه، وهو يفضل معظم هؤلاء وأولئك في حدة تفكيره وسلامته المنطقية.
ونتج عن تصادم الذرات أن كوَّنت مجموعتها دُوامات، ويمضي المذهب الذري بعد ذلك في شرح هذه الحركة الدائرية على نحو ما قال به أناكسجوراس، لكن وجه التقدم هو أن تشرح الدوامات شرحًا آليًّا، أكثر ممَّا تفسَّر بفعل العقل.
وقد أراد الذَّرِّيون — على عكس سقراط وأفلاطون وأرسطو — أن يفسروا العالم بغير اعتماد على فكرة الغاية أو العلة الغائية؛ «فالعلة الغائية» لحادثةٍ ما، هي حادثة في المستقبل من أجلها حدثت الحادثة التي نحن بصددها، وهذه الفكرة الغائية لها تطبيق في الأمور الإنسانية، فلماذا يخبز الخباز الخبز؟ لأن الناس سيُحسون بالجوع؛ ولماذا تُعَد السكك الحديدية؟ لأن الناس ستنشأ عندهم رغبة في السفر؛ وفي مثل هذه الحالات تفسَّر الأشياء بغاياتها، فإذا سألنا «لماذا» عن حادثةٍ ما، فنحن إنما نقصد أحد أمرين؛ فإما أن نقصد: «إلى أي غرضٍ تؤدِّي هذه الحادثة؟» وإمَّا أن يكون المقصود: «ما الظروف السابقة التي سبقت الحادثة فسبَّبتها؟» والجواب عن السؤال الأول تفسير غائي للشيء، أعني تفسيرًا للشيء بعلله الغائية، وأمَّا الجواب عن السؤال الثاني فتفسيرٌ آلي؛ ولست أرى كيف كان يمكن للناس أن يعلموا مقدمًا أي هذين السؤالين ينبغي للعلم أن يسأل، أم هل ينبغي للعلم أن يسأل السؤالين معًا، لكن التجربة قد دلَّت على أن السؤال الآلي هو الذي يؤدي إلى المعرفة العلمية، على حين لا يؤدِّي السؤال الغائي إليها، وقد ألقى الذَّرِّيون السؤال الآلي، وأجابوا عنه إجابةً آلية، ثم جاء من بعدهم حتى عصر النهضة، فكانوا أكثر اهتمامًا بالسؤال الغائي، وبهذا ساروا بالعلم في طريقٍ مسدود.
على أن السؤالين كليهما محدودان بحدٍّ كثيرًا ما يُنسى في التفكير العامي وفي الفلسفة على السواء؛ فليس في مستطاع الإنسان أن يسأل أيًّا من السؤالين عن العالم باعتباره كلًّا واحدًا (بما في ذلك الله)، وكل ما يمكن هو أن نسأل عن أجزاء العالم؛ أمَّا التفسير الغائي فسرعان ما يصل بك عادةً إلى «خالق» أو على الأقل إلى «مدبر» يحقِّق أغراضه في مجرى الطبيعة، لكن إذا أخذ العناد مأخذه من شخصٍ بحيث تمسَّك بالغائية تمسُّكًا شديدًا فسيسأل بعد ذلك: ما الغاية التي يحقِّقها وجود «الخالق»؟ وعندئذٍ يتضح في جلاء أن سؤاله خروجٌ على الدين، فضلًا عن أن سؤاله هذا بغير معنًى؛ لأنه لكي يكون ذا معنًى، لا بُدَّ لنا أن نفرض أن «الخالق» قد خلقه «خالق أعلى منه» أراد بخلقه إياه أن يحقِّق لنفسه غرضًا، وعلى ذلك ففكرة الغاية لا يمكن تطبيقها إلا داخل حدود الكون، لا على الكون بأسره دفعةً واحدة.
ومثل هذا يمكن أن يقال عن التفسيرات الآلية؛ فحادثةٍ تسبِّبها حادثة أخرى، وهذه الأخرى تسبِّبها ثالثة وهكذا؛ أمَّا إذا سألنا عن سببٍ للكل، ألفينا أنفسنا منساقين مرةً أخرى «للخالق» الذي لا بُدَّ أن يكون هو نفسه غير معلول لعلة، وعلى ذلك فكل التفسيرات السببية لا بُدَّ أن تكون لها بداية نفرضها فرضًا جزافًا، ومن هذا يتبيَّن أن الذَّرِّيين لم يكن بهم عيب حين تركوا الحركات الأولى للذرات بغير تعليل.
«على الرغم من أن هذه الآراء (آراء بارمنيدس) تبدو كأنما تلزم منطقيًّا في البحث الديالكتيكي، إلا أن الإيمان بصدقها يظهر قريبًا جدًّا من الجنون إذا ما جعل المرء في اعتباره الحقائق الواقعة؛ إذ إنك لن تجد مجنونًا قد أوغل في جنونه إلى حد أن يفترض بأن النار والثلج «شيء واحد»، لكنك قد تجد من الناس من يكتفون من درجات الجنون بدرجةٍ تجعلهم لا يرَون فرقًا بين ما هو صحيحٌ فعلًا وبين ما يبدو صحيحًا بحكم العادة.»
على أن لوقيبوس قد ظنَّ أنه وُفق إلى نظريةٍ لا تتنافى مع الإدراكات الحسية، ولا تُناقض النشأة والزوال، ولا الحركة وتكثر الأشياء؛ فقد تساهل في الرأي ليصون حقائق الواقع الذي تدركه الحواس، كذلك تنازل من جهةٍ أخرى لأصحاب المذهب الواحدي فسلَّم معهم بأنه لا يمكن أن تكون هنالك حركة بغير فراغ، فنتج عن تساهله هنا وهنالك، الرأي الذي صاغه كما يأتي: «إن الفراغ لا وجود، وليس بين أجزاء الوجود جزء ممَّا يدخل في دائرة اللاوجود؛ لأن ما هو موجود بمعنى الكلمة الدقيق هو امتلاء مطلق، على أن هذا الامتلاء ليس بواحدٍ بل هو على خلاف ذلك كثرة لا نهاية لعددها ولا ترى العين أجزاءها بسبب ضآلة حجمها، والكثير يتحرك في فراغ (لأن ثمة فراغًا)، فإذا ما اجتمع هذا الكثير بعض مع بعض تكوَّن من اجتماعه نشأة جديدة، ثم إذا تفرَّق تكوَّن من فرقته زوال، فضلًا عن أن أجزاء هذه الكثرة تفعل وتنفعل كلما تصادف اتصال بعضها ببعض (لأنها عندئذٍ لا تكون واحدة)، وهي تلد جديدًا باجتماعها وتشابكها؛ ومن جهةٍ أخرى يستحيل أن ينشأ من الواحد بمعنى الواحدية الصحيح تكثُّر، ولا أن ينشأ من الكثرة بمعنى التكثُّر الصحيح واحد؛ فذلك مستحيل.»
فلنلاحظ أن هنالك نقطةً واحدة لم يختلف عليها أحدٌ حتى الآن، وهي أن الحركة مستحيلة في الامتلاء، وهم جميعًا في هذا الرأي مخطئون؛ فقد تحدث حركةٌ دائرية في الامتلاء، على شرط أن تكون هذه الحركة موجودةً في ذلك الامتلاء منذ الأزل؛ إنهم رأَوا ما رأَوه على أساس أن الشيء لا يتحرَّك إلا في مكانٍ خالٍ، وأنه لا خلاء في الامتلاء؛ ولقد يجوز بحق أن يقول قائل إن الحركة يستحيل أن تبدأ في الامتلاء، لكنه لا يجوز أن يزعم الزاعم وهو صادق في زعمه أن الحركة يستحيل عليها الحدوث في الامتلاء على أية صورة من الصور؛ ومهما يكن من أمرٍ فقد خُيل لليونان أن الإنسان إمَّا أن يسلِّم تسليمًا بعالمٍ ثابت لا يتغيَّر كالذي يقول به بارمنيدس، وإمَّا أن يسلِّم بوجود الفراغ.
ولتأخذ الآن في استعراض ما طرأ على هذه المشكلة فيما بعد ذلك؛ فأول وأوضح طريقة لاجتناب المشكلة المنطقية هو أن تفرق بين المادة والمكان، فبناءً على هذه النظرية ليس المكان عدمًا، لكنه في طبيعته شبيه بالوعاء الذي يجوز أن يمتلئ أو لا يمتلئ أي جزء منه بالمادة. ويقول أرسطو (علم الطبيعة ٢٠٨ ب): «إن النظرية القائلة بأن الفراغ موجود تتضمَّن وجود المكان؛ لأنك تستطيع أن تعرِّف الفراغ بأنه المكان تجرَّد من الجسم.» وجاء نيوتن فعرض هذا الرأي عرضًا أوضح ما يكون العرض؛ إذ هو يثبت وجود المكان المطلق، وهو يميِّز — تبعًا لذلك — الحركة المطلقة من الحركة النسبية؛ وفي الخلاف الذي نشب على رأي كوبرنيق، كان الجانبان المتعارضان كلاهما يسلِّمان بهذه الوجهة من النظر (مهما يكن إدراكهما بهذا التسليم ضئيلًا) ما داما قد ظنا أن هنالك اختلافًا بين قولنا: «إن أجرام السماء تدور من الشرق إلى الغرب»، وقولنا: «إن الأرض تدور من الغرب إلى الشرق.» فلو كانت الحركة كلها نسبيةً لكان هذان القولان عبارتين مختلفتين تُعبِّران عن حقيقةٍ واحدة بطريقتين، كقولنا: «جون هو والد جيمز» و«جيمز هو ابن جون.» لكن لو كانت الحركة كلها نسبية، وكان المكان غير ذي وجود قائم بذاته، لألفينا أنفسنا أمام حجج بارمنيدس ضد وجود فراغ، لا نجد لها ما يفنِّدها.
لقد قال ديكارت — الذي أورد من الحجج ما أشبه به على وجه الدقة حجج الفلاسفة اليونان الأولين — قال إن الامتداد هو جوهر المادة، وعلى ذلك تكون المادة موجودةً في كل مكان، والامتداد في رأيه صفة يوصف بها موضوع، لا موضوع تُحمل عليه صفة ما، والموضوع الذي يوصف بالامتداد هو المادة، وبغير وجود المادة الموصوفة بالامتداد لا يكون للامتداد نفسه وجود، وعنده أن المكان الفارغ عبارة لا معنى لها، كالسعادة بغير كائن حساس يقال عنه إنه سعيد؛ وكذلك آمن ليبنتز بالامتلاء (أي عدم وجود فراغ)، وبنى إيمانه ذاك على أسسٍ تختلف بعض الشيء عن أسس ديكارت، لكنه ذهب إلى أن المكان عبارة عن مجموعة علاقات لا أكثر؛ ولقد دار نقاشٌ مشهور حول هذا الموضوع بين ليبنتز ونيوتن، ومثل نيوتن في ذلك النقاش نائبٌ عنه هو كلارك، ولبث الخلاف قائمًا بغير حسم حتى جاء أينشتين، فكانت نظريته هي العامل القاطع في نصر ليبنتز.
وبينما ترى عالم الطبيعة الحديث لا يزال يعتقد أن المادة ذرية التركيب بوجهٍ من الوجوه، فإنه لا يؤمن بوجود مكان فارغ، فحيث لا تكون مادة، فإن شيئًا ما يكون موجودًا، وعلى الأخص موجات ضوئية، فلم يعد للمادة تلك المكانة الرفيعة التي ظفرت بها في عالم الفلسفة بفضل ما أورده بارمنيدس من حجج؛ إنها ليست عنصرًا ثابتًا لا يتغيَّر، بل هي لا تزيد على كونها طريقة لتجمع مجموعاتٍ من حوادث؛ وبعض الحوادث ينتمي إلى مجموعاتٍ يمكن اعتبارها أشياء مادية، وبعضها الآخر — كموجات الضوء مثلًا — لا تنتمي إلى مثل تلك المجموعات؛ إن الحوادث هي قوام العالم، ولكل حادثةٍ أجل قصير؛ وعلى هذا الوجه يكون علم الطبيعة الحديث في جانب هرقليطس ضد بارمنيدس، لكنه كان في جانب بارمنيدس حتى عهد أينشتين ونظرية النشاط الذري (الكوانتم).
أما النظرة الحديثة في موضوع المكان، فهي أن المكان لا هو عنصر كما ذهب نيوتن، وكما كان ينبغي أن يذهب لوقيبوس وديمقريطس، ولا هو صفة توصف بها أجسام ممتدة، كما ظن ديكارت، لكنه مجموعة علاقات كما ارتأى ليبنتز؛ ولسنا نستطيع قولًا قاطعًا فيما إذا كان هذا الرأي لا يتعارض مع وجود الفراغ، فيجوز إذا ما استعنا بالمنطق المجرد وحده ألَّا نجد تعارضًا بينه وبين الفراغ، فكل ما نستطيع قوله هو إن أي شيئين ينفصل أحدهما عن الآخر بمسافةٍ معينة تطول أو تقصر، ولا يلزم عن تلك المسافة وجود أشياء متوسطة بين ذينك الشيئين، لكن هذه النظرة ليست بذات نفع إطلاقًا لعلم الطبيعة الحديث؛ فمنذ ظهر أينشتين أصبحت المسافة بين حوادث لا بين أشياء، وهي تتضمَّن الزمان كما تتضمَّن المكان، إن النظرة الأولى هي في جوهرها فكرة تنبني على أساس السببية، وليس في علم الطبيعة الحديث فعل من بعد، وعلى كل حالٍ فهذا كله قائمٌ على أسسٍ تجريبية أكثر ممَّا يقوم على أسسٍ منطقية، فضلًا عن أن النظرة الحديثة لا يمكن وضعها إلا في صورة المعادلات التفاضلية، وهي على هذه الصورة لا يفهمها فلاسفة العصر القديم.
وقد يظهر تبعًا لذلك، أن التطور المنطقي لآراء الذَّرِّيين ينتهي إلى نظرية نيوتن في المكان المطلق، وهذا المكان المطلق يحل لنا مشكلة وصف اللاموجود بأنه حقيقةٌ واقعة، وليس في الإمكان أن تجد ما تعارض به هذه النظرية من الوجهة المنطقية، وإنما الاعتراض الرئيسي هو أن المكان المطلق يستحيل إطلاقًا أن نعرف عنه شيئًا، وعلى ذلك فلا يمكن اتخاذه فرضًا ضروريًّا في علمٍ يقوم على التجربة الحسية، واعتراضٌ آخر أقرب إلى النزعة العملية ممَّا ذكرنا، وهو أن علم الطبيعة يمكنه أن يستغني عن ذلك المكان المطلق؛ ومع ذلك فالعالم الذي تصوَّره الذَّرِّيون ما يزال ممكنًا من الوجهة المنطقية، وهو أقرب شبهًا بالعالم الواقعي من أي عالمٍ آخر ممَّا تصوَّر الفلاسفة القدماء.
وتطوَّرت الحياة من الطينة اللزجة الأولى؛ وهنالك بعض النار في كل أجزاء الكائن الحي، لا سيما في الدماغ أو في الصدر (على خلاف في ذلك بين الثقات) والفكر ضربٌ من الحركة، وعلى ذلك فهو قادر على إحداث الحركة فيما عداه، والإدراك والتفكير عمليات فيزيقية؛ والإدراك نوعان؛ إدراكٌ بالحواس وإدراكٌ بالعقل، والإدراكات التي من النوع الثاني لا تعتمد إلا على الأشياء المدرَكة، بينما إدراكات النوع الأول تعتمد إلى جانب ذلك على الحواس؛ ولذا فهي معرَّضة للخداع. وذهب ديمقريطس إلى ما ذهب إليه لوك من أن صفاتٍ كالحرارة والطعم واللون ليست حقيقةً في الشيء المدرَك نفسه، بل هي راجعة إلى أعضاء الحس فينا، بينما صفات كالثقل والكثافة والصلابة تكون في الشيء نفسه حقًّا.
إن رأيي أنا على الأقل، هو أن ديمقريطس آخر الفلاسفة اليونان الذين تخلَّصوا من غلطةٍ معينة أفسدت كل ما تلاه من فكرٍ عند القدماء ورجال العصور الوسطى؛ فكل الفلاسفة الذين تناولناهم بالبحث حتى الآن، قد شغلوا أنفسهم بمجهودٍ لا يشوبه الهوى الشخصي، محاولين به أن يفهموا العالم، وقد حسبوا فهم العالم أيسر ممَّا هو على حقيقته، ولكنهم بغير هذا التفاؤل لم يكن من الممكن لهم أن يشجعوا فيبدءوا المسير؛ وكان موقفهم في أغلبه علميًّا سليمًا، إلا حين اقتصروا على بلورة الأهواء الشائعة في عصرهم، لكن موقفهم لم يكن علميًّا فقط، بل كان كذلك قوي الخيال شديد المِراس، مليئًا بلذة المغامرة؛ وكان كل شيءٍ يستثير اهتمامهم؛ الشهب والكسوف والخسوف، والأسماك والأعاصير والدين والأخلاق؛ واجتمع فيهم نفاذ الذكاء وحماسة الأطفال.
ومنذ ذلك العهد فصاعدًا، بدأت أول الأمر بذور الفساد تُبذَر، على الرغم ممَّا أدَّوه من مجهوداتٍ فلم يسبق لها نظير، ثم أعقب ذلك انحلال تدريجي؛ فوجه الخطأ — حتى عند خيرة الفلاسفة بعد ديمقريطس — هو الاهتمام الزائد عمَّا ينبغي بالإنسان، بالقياس إلى اهتمامهم بالكون؛ فأولًا طغت موجة الشك مع السوفسطائيين، وأدَّى ذلك الشك إلى دراسة الطريقة التي بها نعرف ما نعرفه، أكثر من بذل مجهود لتحصيل معرفة جديدة؛ ثم تبع ذلك اهتمام بالأخلاق صحب سقراط، وجاء أفلاطون فنبذ عالم الحس إيثارًا منه لعالم الفكر الخالص الذي خلقه لنفسه بنفسه؛ ومع أرسطو جاءت العقيدة بأن الغاية هي الفكرة الرئيسية في العلوم، فعلى الرغم من عبقرية أفلاطون وأرسطو، كان لتفكيرهما شرور انتهت إلى ما لا حد له من الأذى؛ وبعد عهدهما فتر النشاط وعادت الخرافات الشعبية إلى سطوتها القديمة شيئًا فشيئًا، ولمَّا انتصرت الأورثوذكسية الكاثوليكية نشأت نظرة فيها بعض الجدة؛ غير أن الفلسفة لم تستعد ما كان لها من القوة والاستقلال اللذين تميَّز بهما أسلاف سقراط في عصر النهضة.