الفصل الثاني والثلاثون
«نجحْنا! نجحْنا!» ضحِك الفتى والفتاة وهما يَركُضان كلٌّ منهما نحو الآخَر ويتعانقان. كانا أصغر من مينلي، وأدركت أنهما توءمان؛ إذ كان وجهاهما المُستديران، وعُيُونهما المُتراقِصة ووجناتهما الورديَّة، مُتطابقة. طرح الصبيُّ الدثار الرمادي الذي كان متَّشِحًا به على الأرض، وبوجهيهما ذوَي الغمَّازتَين، المُنتفِخَين من أثر الابتسامات، وملابسهما الحمراء الزاهية المُتطابقة، بدَوَا مثل حبَّتَي توت مُتدحرجتَين. لم يسَعْ مينلي إلا أن تبتسم من منظرهما.
وبينما كانا يضحكان ويُهنئ بعضهما بعضًا، نادى صوتٌ آخر من بعيد.
صاح الصوت: «إيه-فو! دا-فو! أين أنتما؟»
نظر الطفلان بعضهما إلى بعض. قالت الفتاة: «إيه-جونج!» ثم نادَيا معًا: «هنا! نحن هنا!»
اقتحم رجل طويل أشيب الشعر المنطقة الخالية من الأشجار؛ كان يحمل حقيبةً على ظهره، ويُمسك في إحدى يدَيه سيفًا وفي الأخرى رمحًا. وما إن رأى الطفلَين حتى سقط سلاحاه على الأرض مُحدِثَين دَويًّا، وركض الطفلان نحوه.
صاح: «إيه-فو! دا-فو! كنَّا قلقِين للغاية!»
قال الفتى: «لقد نجحنا يا إيه-جونج! نجحنا! لقد قضينا على النَّمِر مثلما قُلنا!»
قالت الفتاة: «أجل. لقد نجحت خُطتنا! لقد خدعناه للقدوم إلى البئر، تمامًا كما قلنا!»
قال الرجل مُمسكًا بهما بإحكام: «ما كان ينبغي أن تفعلا ذلك. لقد قُلنا لكما إنه خطير للغاية!»
قالت الفتاة: «لهذا السبب تسلَّلنا خلسة. كنا نعلم أننا سننجح … لقد استعملنا غضبه ضده مثلما قلت! لقد قلت إنه غاضب من ابنه أيَّما غضب، وإن غضبَه سيُعميه … وهذا ما حدث!»
قال الرجل واضعًا يدَيه على كتفَيهما: «لكني لم أقُل إنكما يجب أن تتصرَّفا. لم يكن من المُفترَض أن تُلاحِقا النمر الأخضر بأنفُسكما.»
قال الفتى: «أنت لستَ غاضبًا، أليس كذلك؟ فلن يخاف أحد بعد الآن. يُمكننا ترك حيواناتنا تخرج من المنزل وترعى في الهواء الطلق مرةً أخرى!»
قال الجد وهو يُعانقهما مرةً أخرى بحميمية أكثر: «دا-فو! إيه-فو! كل ما يُهمُّ أنكما في أمان.»
ثم رأى الرجل ذو الشعر الأشيب مينلي تُراقبهم.
قال وهو يُشير إلى مينلي بأن تقترب: «من هذه؟»
وقبل أن يتسنَّى لأيٍّ من الطفلَين أن ينطق بكلمة، اندفعت إليه مينلي وحيَّته بانحناءةٍ سريعة.
قالت: «أرجوك، لقد جرح النمر الأخضر صديقي، وهو مُصاب و…»
بسرعةٍ أفلت الجد الطفلَين وانتصب. قال: «جرَحَه النمر الأخضر! خُذيني إلى صديقك بسرعة. من حُسن الحظ أنني أحضرتُ حقيبة الدواء معي. دا-فو، أحضر دثارك وأعطه لهذه الفتاة. إنها تشعر بالبرد.»
ركض الفتى ليجلب دثاره، مُتوقفًا في طريقه ليلتقط قطعة القماش المُمزَّقة من سرواله، ثم أعطاها الدثار. التحفت مينلي به. كانت مُمتنَّةً لدفئه، لكنها كانت مُمتنَّةً أكثر لأن الرجل عرض المساعدة دون توانٍ. سألها الرجل وهو يحثها على أن تتقدَّمه: «منذ متى أصيب صديقك؟» هز رأسه بعد أن سمع جوابها. وقال: «إذَن، يجب أن نُسرع. فالنمر الأخضر ليس وحشًا عاديًّا. فأسنانه ومَخالبه سامَّة. ومن دون الدواء الذي معي، سيموت قبل أن يشهد غروب الشمس.»
ازدردت مينلي رِيقها بصعوبة وأسرعت الخُطا. بدت الرياح وكأنها تصيح مُحذِّرة، وحتى تحت دثار دا-فو، شعرت مينلي بالبرد. هل سيصلون متأخِّرين؟ هل سيتمكَّنون من إنقاذ التنين؟