الفصل الثالث والثلاثون
هتفت مينلي لإيه-فو، ودا-فو وجدِّهما وهي تُشير إلى مدخل الكهف: «هو بالداخل!» وقبل أن يبلُغ المدخل، كان إيه-جونج يُمسِك بالفعل زجاجة الدواء في يده.
حين دخلوا مُسرِعين، غمر الارتياح مينلي؛ إذ سمعت صرير أنفاس التنين. كان لا يزال على قيد الحياة! لكن عندما رآه الطفلان وجدُّهما مُستلقٍ في الضوء الخافت، تسمَّروا مدهوشين.
قال الفتى برهبة: «صديقك … صديقك … تنين؟»
أفاق العجوز من دهشته. قال لهم: «لا يُهم. بسرعةٍ أين جرحه؟»
أزالت مينلي بطَّانيتها بحذَر من على ذراع التنين فأجفلت فزعةً. إذ بدت الجروح مُحترقة مثل أحجار الفحم المؤذية، وانتشر سوادها، وبدت ذراعُه مثل شجرةٍ محترقة.
بسرعة أبعد الرجل مينلي، وبدأ يصبُّ السائل من جرةِ الدواء على ذراع التنين المُسودَّة. كان العقار أخضرَ مائلًا للصُّفرة شفَّافًا، له رائحة لطيفة تمزج بين العشب والزهور النضرة، فذكَّر مينلي بصباح يومٍ ربيعي. عندما انساب العقار على ذراع التنين المُصابة، استرخت عيناه المُغلقتان بإحكام، وخفَّ العبوس الذي كان يعلو وجهه كما لو أن الألم العميق قد سكن. أذاب الدواء السُّمَّ الأسود، وبدا أن السواد ينقشع، وانتظم تنفُّس التنين وأصبح أكثر سلاسة.
تنهَّدَت مينلي. لم تكن مُدرِكةً حتى تلك اللحظة أنها تحبس أنفاسها. علمت حتى قبل أن يبتسم الرجل أن التنين سيكون على ما يُرام.
نادى العجوز: «دا-إيه-فو»، فأدركت مينلي أنه دمج اسمَي حفيدَيه في اسمٍ واحد. قال: «اذهبا إلى المنزل، وأخبِرا الأسرة بما حدث وبمكاني، وإلا فسيقلقون. يجب أن أبقى مع التنين. وأخبِرا الجدة وجميع النساء أن يصنعنَ المزيد من العقار، وعندما يكون جاهزًا، أحضراه إليَّ. فهذا التنين سيحتاج إلى شُرب العقار عندما يستيقظ.»
قالت مينلي بهدوء: «شكرًا لك.»
استدار الرجل ونظر إلى وجهها الذي لفحته الرياح، وشعرها المتشابك، وعينَيها اللتَين يغشاهما التعب. قال لها الجد برفق: «سيكون بخير»، ثم التفت إلى الطفلَين. وقال لهما: «دا-إيه-فو، خذا هذه الفتاة إلى المنزل، وأخبِرا الجدة أن تعتني بها. فهي لم تنَمْ في سريرٍ دافئ منذ فترةٍ طويلة.»
احتجَّت مينلي على ذلك قائلةً: «أودُّ البقاء مع التنين. أريد مساعدته.»
قال لها الرجل العجوز: «سأبقى أنا معه. لا تقلقي، سيكون بخير. لقد ساعدتِه بالفعل.»
فتحت مينلي فمَها لتُجادله، لكنها تثاءبت بدلًا من ذلك. وأدركت أن الرجلَ مُحِقٌّ فأومأت برأسها. أمسك الصبي بإحدى يدَي مينلي، وأمسكتِ الفتاة باليد الأخرى، وقاداها خارج الكهف.