الفصل السادس
عندما غادرت مينلي المنزل، كانت تخشى أن يُوقفها بعض جيرانها أو يسألونها عن وجهتها. وشعرت أن مظهرها وهي تحمل صُرَّة كبيرة على ظهرها وتتَّقد حماسةً لا بدَّ أنه يوحي بالغموض. غير أن أحدًا لم يلتفت إليها. بل واصل الجيران كنس مداخل منازلهم ونشْر غسيلهم وتحضير العشاء. وواصل صبي وفتاة شجارهما على مأدبةٍ خيالية من الطين. وعندما نادتهما أُمهما لتناول العشاء، أبَيا أن يبرحا مكانيهما، وتمسَّك كلٌّ منهما بأطباقه المُمتلئة بالوحل، فابتسمت مينلي من حماقتهما.
هكذا خرجت مينلي مباشرةً من القرية دون أن تلتفِت وراءها. وعند حدود القرية، اتجهَت نحو الجبل القاحل.
عند سفح الجبل فتحت بطانيتها، وأخرجت السكين والإبرة ووعاء الأرز وشقفة الخيزران وإبريق الماء. ثم حاولَت تذكُّر جميع تعليمات السمكة الذهبية، فكسرت قطعةً صغيرة من حَجَر وحكَّتها بالإبرة تِسعًا وتسعين مرة، ثم رمَتها مرةً أخرى على الأرض. بعد ذلك ملأت نصف وعاء الأرز بالماء وتركت شقفة الخيزران تطفو فيه. بعد ذلك التقطت الإبرة ونظرت إلى الأرنب الأبيض المرسوم على وعائها.
قالت للأرنب القافز: «حسنًا، فلْتُرشدني إلى الطريق.» ووضعت الإبرة على شقفة الخيزران. وبمُنتهى الروعة، دارت الإبرة. ابتسمت مينلي.
وقالت مرةً أخرى للأرنب المرسوم: «شكرًا لك. الآن، سأسلك الاتجاه الذي أشرتَ إليه!»
حزمَت مينلي أغراضها، وسارت في الاتجاه الذي أشارت إليه الإبرة حاملةً بين يدَيها الوعاء بحذَر مجتازةً الجبل القاحل. قالت وهي تغادر: «وداعًا تنينة اليشم. عندما أعود، سأكون قد عرفتُ السبيل إلى إعادة السعادة إلى قلبك!»
سارت مينلي حتى تحوَّلت الأرض الحجرية بالتدريج إلى غابة. واصلت سيرَها حتى بعدما حلَّ الظلام. قالت لنفسها: «أريد أن أسير مسافةً كافية تضمن لي ألا يجدني أُمي وأبي إذا ما خرجا للبحث عني.» سارت على بساطٍ ناعم من أوراق الشجر الساقطة، تُحلِّق من حولها طيور الليل في السماء أثناء مرورها. وعندما أضاءت السماء باللون الرمادي وبدأت الشمس تُطلُّ من الأفق، جلست مينلي واستراحت عند شجرةٍ باسقة. كانت قد توغَّلت في أعماق الغابة، بعيدًا عن قريتها ومنزلها. من فرط الإنهاك، غلبها النعاس سريعًا.