الفصل السابع
عندما عادت الأم والأب إلى المنزل من الحقول، كانت الشمس قد غربت والقمر قد بدأ للتوِّ في الظهور في السماء. وعلى الرغم من أنهما كانا يشمَّان رائحة البخار الناجم عن طهي الأرز، لاحظا أن المنزل كان مُظلمًا وهادئًا على نحوٍ غريب.
تساءلت الأمُّ وهما يقتربان من المنزل: «لماذا تجلس مينلي في الظلام؟»
قال الأب وهو يهزُّ رأسه في أسًى: «ربما تكون حزينة لتخلِّيها عن سمكتها الذهبية.»
تنهَّدت الأم وقالت: «هل يمكن أن يسوء قدَرُنا أكثر من هذا؟ نعجز حتى عن إطعام سمكةٍ ذهبية لابنتنا.»
ولكن عندما دخل والدا مينلي المنزل وقرآ رسالتها، صرخت الأم صرخةً تُشبه عواء القطط.
وصاحت قائلةً: «لقد تسرَّعتُ في حكمي. إن قدَرَنا الآن هو الأسوأ على الإطلاق؛ فقد رحلت ابنتُنا الوحيدة!»
طَمْأنها الأب: «اهدئي يا زوجتي. إذا تحرَّكنا بسرعة، يُمكننا العثور عليها وإعادتها إلى المنزل.»
أخرج الأب كيسَه القماشي على عجل، وجمع بطانيَّات، وملأ زجاجةً فارغة بالماء. وقال: «إنها تسبقنا بما يقرُب من مسير نصف يوم. قد يستغرق الأمر منَّا بعض الوقت للعثور عليها.» راقبته الأم ثم بدأت بوضع الأرز المطبوخ في صندوقٍ مخصَّص للارتحال. لكنها واصلت البكاء. وقالت ناحبةً: «إنها كل تلك القصص التي تحكيها لها. لقد صدَّقَتها، وها قد خرجت تبحث عن قصص خيالية.»
نفَذَت كلماتها إلى قلب زوجها كطعنات السكين، ولكن رغم ما انعكس على وجهه من ألمٍ لمْ ينطق بكلمة، واستمر في حزم الأمتعة. كانت يداه ترتجفان وهو يُغلِق الكيس، لكنه وضعهما على كتفَي زوجته برقَّة. وقال: «هيا بنا.»
عندما غادرا المنزل، أطلَّ العديد من جيرانهما برءوسهم من أبوابهم. فقد سمعوا صراخ الأم عبر الجدران الرقيقة لمنازلهم المُتقاربة، وأرادوا معرفة ما حدث. وعندما أخبرتهم الأم والأب بالأمر، بدا كما لو أنَّ جميع سكان القرية خرجوا من منازلهم.
قال الجيران: «الجبل اللامتناهي؟ عجوز القمر؟ تغيير قدَرِكم؟ من الأفضل أن تخرُجا وتعثُرا عليها، وإلا فلن تعود أبدًا. يا لحماقة مينلي! إنها تحاول أن تُحقق المستحيل!»
أشار كل من أهل القرية وأومأ برأسه في الاتجاه الذي رأى مينلي تسير فيه آخِر مرة. بعضهم رآها تتَّجه نحو منزلها، والبعض الآخر رآها تتَّجه نحو حقول الأرز. لكن في النهاية، تحدَّث طفل صغير. قال: «غادرت مينلي باتجاه الجبل القاحل. لقد رأيتُها تحمل صُرَّتها. ذهبت في هذا الاتجاه.»
لذلك، ودَّع أهل القرية الأم والأب اللذَين سارا إلى الجبل القاحل في ضوء القمر، يتبعهما ظِلَّاهما الداكنان. لكن عندما وصلا إلى الجبل، تبادلا نظرةً متسائلة.
تساءل الأب: «تُرى إلى أين اتجهت من هنا؟» وأشعل المصباح الذي كان يحمله بيده. أدفأ ضوءُه الناعم الهواء، وخفَّف الظلام الذي كان يزداد حلكة.
صرخت الأم مُشيرةً إلى الأرض: «انظر! تُوجَد آثار أقدام تتَّجه نحو الغابة. ربما كانت آثار أقدام مينلي!»
نظر الأب إلى آثار الأقدام. كان بجوارها أثَر آخر، خطٌّ طويل مُمتد. أشار إليه الأب وتساءل: «لكن ما هذا؟»
قالت الأم: «ربما كانت مينلي تسير مُتوكِّئةً على عصًا. يمكن أن تكون هذه الآثار هي آثار أقدامها.»
نظر الأب مرةً أخرى إلى آثار الأقدام. بدت صغيرةً ورشيقة. قال الأب: «ربما هي كذلك. لنتبعها.»
وهكذا فعَلا.