مصر جنة الولهان
مع شمس مصر، ونيل مصر، وقمر مصر، وسماء مصر الصافية الأديم، لا يمكن إلا أن يقوم أحلى حب وأجمل عشق وأقوى هيام وأرقى انسجام.
لا توجد بقعة في الدنيا يمكن للحب أن ينمو فيها كما ينمو فوق أرض مصر .. لا يوجد مكان في الدنيا يحسُّ فيه العاشقون بالطمأنينة والسعادة مثلما يحسون فوق أرض مصر .. مصر أرض العاشقين .. أرض المتيمين .. أرض الولهانين المؤمنين بحب الله وحب الوطن وحب البشر وحب الحياة وحب الحب نفسه.
مصر أرض لا تستهوي القتلة والسفاحين ولا تؤوي المردة المحاربين .. لا يعنيها السلاح الفتَّاك ولا أدوات الدمار والهلاك، ولا تبني القلاع أو خطوط الدفاع .. ولكنها بلاد تحب المسالمين الوادعين الذين امتلأت قلوبهم بالحب الطاهر الشريف .. الحب الذي يعشش ويأوي ويصون .. الحب الذي ينمو ويكبر، ويعلو ويشمخ، ويزدهر ويثمر، ويهيئ الرجال والأشبال لنيل مصر وجو مصر وأرض مصر وجنة مصر الفيحاء.
مصر جنة بزرعها ونباتها ونخيلها وأشجارها وثمارها المتعددة الألوان.
هناك تحت ظلال الأشجار تتناجى الأرواح، ويُتطارح الغرام ونتبادل العواطف في انسجام لا يعدله أي انسجام وبانطلاق لا يساويه أي انطلاق غير انطلاق الطبيعة المحيطة:
حقًّا مصر جنة من الورود والزهور والطيور ينمو بينها حبٌّ لذيذٌ طبيعي غير محرم .. كما أن هناك بجوار هذا الحب الإلهي بمفهومه العميق الخطير، يجد الإنسان أحلى جو يمكن أن تستقر فيه عواطفه وتهدأ، وتتناجى وتهنأ، وتتسامر وتتهامس وترتوي وتطفئ الظمأ القلبي والحيواني؛ ليخرج لنا بعد ذلك نتاجًا من الشباب القوي المثابر المفعم قلبه بحب الوطن وحب مصر، والمخلص الفدائي العظيم الهمة والحاد الذكاء الفطري، الشديد الإيمان بالله وبالوطن، ذي الفكر السوي والرأي السديد والتفكير الصحيح.
هذه هي مصر .. أم البلدان وطليعة الأوطان وملهمة الشعراء .. أرض العاشق الولهان.