الجعارين في معتقدات الشعب في عصر الرعامسة الأول
وجد للفرعونين «سيتي الأول» وابنه «رعمسيس الثاني» عدد عظيم من الجعارين منقوش عليها
اسمهما وألقابهما، كما نقش على جعارين أخرى من هذا العهد عبارات قصيرة تشير إلى حوداث
تاريخية، أو رموز دينية شائعة في معتقدات القوم مؤرخة باسميهما.
والواقع أن هذه الجعارين كانت على جانب عظيم من الأهمية في تحديد بعض الحوادث
التاريخية الغامضة، أو تأكيد الحوادث المعلومة للباحثين في تاريخ الكنانة؛ ولذلك رأينا
لزامًا علينا قبل أن نستعرض بعض هذه الجعارين، وما عليها من نقوش أن نضع هنا مختصرًا
بسيطًا عن معنى هذه الجعارين من حيث المعتقدات الدينية، وكيف أصبحت لها قيمة تاريخية،
وسنضرب صفحًا هنا عن استعمالها أختامًا للعامة والخاصة.
استعمل المصري منذ فجر التاريخ أسطوانات من الطين المنقوش لختم الأشياء التي كان
يريد
المحافظة عليها من أيدي العابثين كأواني الخمر، والزيت، وغيرها، ولكن على مر الأيام
لاحظنا أنه استعمل بدلًا من هذه الأسطوانات أختامًا في هيئة جعارين،
١ ولا نعلم حتى الآن على وجه التأكيد سر هذا الانتقال؛ هذا فضلًا عن أننا لا
نعلم ما للأسطوانات من أهمية دينية أو سحرية، في حين نعرف أن الجعران كان يعد في نظر
القوم تعويذة قوية المفعول، والواقع أن الجعران أو الجعل الممثل في الحجر أو القيشاني
كان يعد في نظر أفراد الشعب المصري ممثلًا لإله الشمس الخالق لكل شيء، والموجد لنفسه،
ووالد شخصه؛ ولذلك كان يطلق عليه «خبري»؛ أي الخالق. وكلمة جعران تقابل في المصرية
«خبر»، وهي مشتقة من الفعل خلق أو أوجد إلخ.
وتدل شواهد الأحوال على أن هذا الإله كان في الأصل إلهًا مميزًا عن الإله «رع» إله
الشمس في مدينة «هليوبوليس»، ومن المحتمل أنه كان معبودًا شمسيًّا أصليًّا مميزة عبادته
عن عبادة «رع» الذي كان مقرُّه الدلتا، وعلى أية حال فنجد في عهد الدولة الحديثة أن
«خبري» كان أحد مظاهر الشمس في خلال اليوم؛ إذ كانت الشمس في الصباح «رع»، ووقت الظهيرة
«خبري»، ووقت الغروب تُدعى «آتوم» على وجه التقريب.
وقد لفتت عادات الجعل الخاصة منذ القدم نظر المصري، فزعم أن في دحرجة هذه الحشرة
لكرة
الروث العظيمة التي ترى أمامه كثيرًا على الأرض تفسير لدحرجة إله الشمس كرة الشمس
العظيمة في عرض السماء. وقد قال القوم: إن القوة التي تحرِّك كرة الشمس فتدحرجها قد
مثلت على الأرض في الجعل؛ ولذلك أطلقوا على إله الشمس اسم «خبري»، يضاف إلى ذلك أعجوبة
أخرى خاصة بطبائع الجعل أضفت عليه أهمية بعيدة المرمى، عظيمة التأثير في عقول سكان وادي
النيل الأول؛ وذلك أنه كان يخرج من كرة الروث التي كان يدحرجها الجعل أمامه جعرانًا
صغيرًا عندما كانت تحل ساعة فقسه، وهذا الرأي العتيق وجدناه فيما كتبه الكاتب
«هورابولو»، غير أن الكاتب «فبر» قد برهن أن هذا الرأي خاطئ من أساسه (راجع
M. J. H. Fabre, Souvenir Entomologique V. (1897) pp.
1–85)؛ إذ يقول: إن الكرة التي يدحرجها الجعل على الأرض لم تكن
وظيفتها إلا طعامًا لهذه الحشرة، وكانت تتغذى بها في جحرها. أما البيضة التي تضعها أنثى
الجعل فكانت في كرة من الروث أيضًا، ولكن كانت كمثرية الشكل، ولا ترى قط على ظهر الأرض؛
إذ كانت الأنثى تحضر هذه الكرة، وتضع البيضة في الحجر، وكان الروث الذي يحيط بها بطبيعة
الحال وظيفته إطعام الدودة في بادئ تكوينها.
والواقع أن المصري لم يلحظ ذلك، بل فكر أن الجعل قد خرج من الكرة التي ترى على ظهر
الأرض بصفة جعران صغير، ومن ثم ظن المصري القديم أنه ليس هناك فرق بين ذكر الجعل
وأنثاه، فكانت كل الفصيلة في نظره تدحرج كورها المصنوعة من الروث أمامها، وتحمل فيها
صغارها. وعلى هذا زعم المصري القديم عندما رأى الجعران الصغير خارجًا من الكرة أن فصيلة
الجعران كانت كلها ذكورًا وحسب، وأن الجعل قد خلق أولاده بدون أنثى؛ أي إنها جاءت من
كرة الروث التي وضعها هو نفسه، وعلى أية حال فإن الفكرة القائلة إن خالق الشمس كان
خالقًا لنفسه قد علقت بذهن المصريين الأول، ومن ثم أصبح الجعل مصدر فكرة تكاثر ونمو في
العقائد الدينية. ومن الغريب أن الفكرة القائلة بأن الجعل لا يضع إلا بيضة واحدة قد
اتخذها الكتَّاب المسيحيون وسيلة تيسر لهم القول بأن الجعل في خلقه ما هو إلا طراز
للمسيح؛ أي إنه ابن الإله الذي لم يلد غيره، ولا غرابة في ذلك فقد وجدنا الكتَّاب
ينعتون المسيح أحيانًا بالجعل الطيب، أو جعل الإله (راجع St. Lukés
Gospel. Budge The Egyptian Mummy P. 233 n. 1).
ولدينا فكرة أخرى يظهر أن لها علاقة بالجعل في الأزمان المتأخرة، وهي فكرة حياة
الإنسان ثانية في عالم الدنيا، ولكن مما لا شك فيه أن المصري منذ أقدم عهوده لم يقرن
الجعل بأية فكرة تدل على تجديد الحياة على الأرض، بل كان اعتقاده ينحصر في تجديد الحياة
في العالم السفلي؛ ولذلك يوضع «جعل القلب»؛ أي الجعل الذي كان يحل محل قلب المتوفى من
الحجر، وهو رمز للحياة المتجددة بدون مساعدة؛ لأن فصيلته كانت تلد نفسها بنفسها بدون
مساعدة بخروج الجعل بكثرة من الكرة التي كان يدحرجها أمامه كما ذكرنا. وكان الجعل يمد
نسله بالحياة كما تمد بني الإنسان كرة الشمس التي تتدحرج في عرض السماء، وعلى ذلك كان
المصري يرجو بعد وفاته بمساعدة الجعل الذي يوضع في مكان قلبه أن يكون نصيبه محاكمة
عادلة في قاعة العدل المزدوجة التي كان يحاكم أمامها يوم الحساب. وكذلك كان يرجو ألا
تكون قوى الشر التي في العالم السفلي حربًا عليه، وأن تكون نتيجة وزن قلبه أمام حراس
الميزان مرضية، غير أن هذا الأصل في محاكمة عادلة وحياة مجددة في العالم السفلي قد بدأت
فكرته تبدو مرتبكة بدخول فكرة أجنبية عن تجديد الحياة على هذه الأرض، وقد زاد في
ارتباكها ثانية فكرة المسيحيين حول بعثهم بأجسامهم الأصلية يوم القيامة؛ وهذا هو ما حدا
بهم إلى القول بأن المسيح هو الجعل، وأن الجعل هو رمزه (راجع Hall.
Catalogue of Egyptian scarabs p. XIX).
وقد أصبح الجعل منذ أن استُعمل خاتمًا، أو تعويذة للوقاية موحدًا بخرافات مختلفة خاصة
باسم الإنسان. والنقوش التي نقرؤها على كثير من الجعارين شواهد عدل على تأثير مثل هذه
الخرافات على عقل المصري، وعلى وجه عام يظهر أن الجعارين الصغيرة قد أخذت تعد بمثابة
تعاويذ أكثر منها أختامًا؛ ولذلك كان يظن أنها تحمي حاملها من كل أنواع الأذى في هذه
الحياة الدنيا وفي الآخرة. وفي الوقت نفسه إذا كانت حسنة النقش والتنسيق كانت تجلب
السعادة كل السعادة لحاملها. فنجد مثلًا على جعران نقشًا يتضرع فيه للإله أن يمنح صاحبه
«بداية سنة سعيدة»، كما نجد أن بعض السيدات كن يتزين بالجعران ليُرزقن غلمانًا، وكان
الرجال يلبسون الجعل لأجل أن تبقى أسماؤهم على الأرض، وتخلد بيوتهم. وكان الحُجاج
الأتقياء يلبسونها لتضع لهم سياحة سعيدة لبيت الإله «آمون» بالكرنك. وأحيانًا نجد
مكتوبًا على الجعل بكبرياء ما يُشعر بأبدية مدينة «منف» مقر الإله «بتاح». ويلاحظ أن
الإلهين اللذين كان المصريون يخصونهما بالذكر والتضرع إليهما في نقوش الجعارين هما:
الإلهان «آمون رع»، والإله «بتاح»، وقد كان التضرع منصبًا على طلب حفظ حامليها من
الأذى؛ وكذلك نجد أن التضرع للإلهة «باست» إلهة «تل بسطة»، (وتعد بنت «رع» وعينه)،
والإله «خنسو» الذي كان يمثل القمر، وابن «آمون» كان شائعًا عند عامة القوم؛ ولذلك كان
وجود اسم أي إله من هذه الآلهة تعويذة قوية المفعول. هذا ونجد بدرجة أقل أسماء الإلهة
«موت» زوج «آمون»، والإلهة «بوتو»، «وازيت» إلهة الوجه البحري، والإلهة «إزيس» ممثلة
حاملة ابنها «حور» الطفل، أما الإله «أوزير» إله الموتى فلم يظهر على الجعارين إلا
نادرًا، ولم يرَقَّط اسمه على جعارين صغيرة، وهذا يدل على أن الجعارين الصغيرة العادية
الاستعمال كان الغرض الأول منها هو حماية الأحياء لا الموتى، ولم يظهر شخص «أوزير» إلا
على جعارين القلب التي كانت توضع على قلب المتوفى.
وكان الجعل بوصفه شيئًا دينيًّا يمثل في صورة الإله «خبري» غالبًا في أوراق البردي
الخاصة بكتاب الموتى، وكذلك على جدران المقابر والمعابد، فكان الإله «خبري» يمثل في
صورة جعل برأي إنسان أحيانًا، وأحيانًا أخرى يمثل بصورته الأصلية بوصفه معبودًا (راجع
Book of the Dead C6ap. XXX)، يضاف إلى ذلك أن
الجعارين الضخمة المصنوعة من الحجر كانت تنصب في المعابد، ولدينا أمثلة منها معبد
الكرنك، وفي «المتحف البريطاني»، وبخاصة الجعران رقم ٧٤، وهو من الجرانيت الأخضر، ويبلغ
طوله خمسة أقدام، وارتفاعه قدمان وتسع بوصات، وعرضه قدمان وعشر بوصات، وكذلك جعران آخر
باسم «رعمسيس الثاني» (رقم ١٢٣١)، ويبلغ طوله قدمان، وارتفاعه قدم واحد.
(١) الجعارين، وأهميتها التاريخية
والأهمية الأخرى للجعارين تنحصر في علاقتها بالتاريخ المصري، وترجع مكانتها
التاريخية كذلك للدور الذي تقوم به في الديانة المصرية؛ وذلك أن اسم الفرعون الحاكم
كان يعد من أهم القوى الحافظة من الشر عند المصريين، وقد كان ينعت بالإله الطيب
لأنه ابن الشمس، وكان عند توليه العرش يظهر مثل «رع» بين هتاف رعيته وفرحهم؛ لأنه
كان يحكمهم على حسب نظام «ماعت» فيمنحهم به الحياة الرخية، وعلى ذلك كان الاسم
الملكي يظهر عادة على الجعارين، وفيه من القوة ما فيه. ونلحظ أن كل فرد في حيازته
جعارين عليها اسم فرعون يفتخر بعظمة بأنها كانت فعلًا في الأصل لملك من هؤلاء
الملوك الذين كُتبت بأسمائهم. والواقع أن هذه الجعارين — إذا استثنينا منها عددًا
قليلًا — لم تكن ملكًا لهؤلاء الفراعنة، والحقيقة في ذلك أن اسم الفرعون الحاكم كان
ينقش على الجعارين بصفة تعويذة كما كان يُوضع اسم الآلهة عليها، ويشمل ذلك الملوك
المتوفين مثل الملك «منكاوورع»، و«تحتمس الثالث»، و«أمنحتب الثالث»، و«رعمسيس
الثالث»، وهم الذين أصبح الشعب يعبدهم في حياتهم، أو بعد مماتهم؛ لما لهم من مكانة
ممتازة في أعينهم.
الجعران في الفن: يمكن الموازنة بين الطرائف الصغيرة والعملة اليونانية القديمة
التي كانت تعد بمثابة عالم مصغر عند الإغريق بما عليها من صور ونقوش، وبين الجعارين
المصرية القديمة، وما عليها من نقوش وصور ورسوم، وأنها كانت تعد كذلك عالمًا مصغرًا
تكشف عن كثير من أحوال الشعب المصري. ولا نزاع في أن دقة صنع الجعارين، أو خشونة
نحتها يدل دلالة قاطعة على ما كان عليه القوم من مهارة، أو انحطاط فني، وذلك
كالأشياء الأخرى التي نعلم منها تطور الفن.
وقد كانت المادة المختارة التي تُصنع منها الجعارين هي حجر استياتيت المطلي، أو
من القيشاني؛ كما كانت تُصنع من حجر الدم، والجمشت، والفيروزج، والسام، والفضة،
والذهب، واليشب، والبازلت، والزجاج، وغير ذلك من الأحجار المصرية.
ويدل ما لدينا من الجعارين التي بقيت من عهد «رعمسيس الثاني»، ووالده «سيتي
الأول» على أنها كانت مصنوعة من حجر استياتيت الأزرق، والمائل للخضرة المطلي، ومن
القيشاني الأزرق، وحجر اليشب ذي اللون الأحمر، ومن اللازورد وغيرها مما ذكرنا من
الأحجار المعادن، وكذلك صنعت الجعارين والألواح الصغيرة التي عملت لزوجه «نفرتاري»
(راجع Hall. Cat. Scarabs no. 2206–2263)، وزوجه
«مات نفرو رع» بنت ملك «خيتا» من هذه الأحجار، وكان ينقش عليها في غالب الأحيان إما
اسم «رعمسيس» ولقبه، أو لقبه فقط، ومعه نعت، أو صفة من صفات الفرعون. فعلى الجعران
رقم ٢١٥٧ «بالمتحف البريطاني» تقرأ: «وسر ماعت رع محبوب آمون الأسد القوي»، و«وسر
ماعت رع ستبن رع محبوب حتحور سيدة عين رب الأرضين».
وكان «رعمسيس الثاني» يجري على سنن أسلافه في عمل الجعارين التذكارية لتخليد
حادثة معينة، فنجد مثلًا أنه صنع جعرانًا تذكاريًّا بمناسبة عيده الثلاثيني الثامن
(Ibid 2117)، وقد جاء عليه «سيد العيد الثامن
الثلاثيني رب الأرضين وسر ماعت رع ستبن رع» (رعمسيس الثاني)، أو كان يصنع جعلًا
تذكارًا لإقامة معبد، فتقرأ مثلًا على جعل: «تأسيس المعبد الذي أقامه أثرًا ﻟ
«آمون»» (يقصد معبد «آمون» بالكرنك)، كما كان يعمل لوحات صغيرة تحل محل الجعل
لتخليد حادث معين، مثل: اللوحة التي ذكر عليها زواجه من بنت ملك «خيتا» كما أشرنا
إلى ذلك من قبل، وكان يقلد في ذلك ملوك الأسرة الثامنة عشرة، وبخاصة «أمنحتب
الثالث».
ومن الطريف أن «رعمسيس الثاني» كان لا يعد نفسه ابن إله مثل الملوك السابقين
وحسب، بل كان يعد نفسه إلهًا، فقد وجدنا منقوشًا على جعل له «ليت الشمس «وسر ماعت
رع ستبن رع» يفلح أرواح كل أرض.» ومن المحتمل أنه في هذه الحالة قد استعمل لفظة
الشمس لتعبر عنه تشبهًا بملك «خيتا» الذي كان يدعى الشمس (راجع Ibid
2120).
وكثيرًا ما كان يظهر اسم الإله «بتاح» مع اسم «رعمسيس الثاني» على الجعارين،
فيشاهد «رعمسيس» متعبدًا لهذا الإله، مقدمًا إياه القرابين (راجع
Ibid 2198)، يضاف إلى ذلك أنه كان يظهر مع
الإله «آمون» في صورة «بولهول» برأس كبش (راجع Ibid
2227–2232)، ولا غرابة في ظهوره بهذين المظهرين؛ لأن الإله
«بتاح» كان أعظم آلهة الدلتا مسقط رأس هذا الفرعون، كما كان آمون أعظم آلهة الدولة
جميعًا.
وكانت الجعارين تقلد في عهد «رعمسيس الثاني» على نمط جعارين عهد الهكسوس، وكان
الغرض من ذلك على ما يظهر إحياء وعبادة الإله «ست» معبود الهكسوس، وهو الذي كانت
تنتسب إليه ملوك هذه الأسرة كما أسلفنا (راجع Ibid
2234).
وقد كان ﻟ «رعمسيس الثاني» شهرة عظيمة بوصفه قائدًا حربيًّا، غير أن ضخامة شهرته
كانت تتضاءل أمام عظمة «تحتمس الثالث» وشهرته؛ ولذلك لم نجد له جعارين كثيرة مكتوبة
بعد عهده كما وجدنا ﻟ «تحتمس الثالث»، ولكن مع ذلك عثر له على جعارين نقش عليها
لقبه (راجع Ibid 2251 p. 226)، يرجع تاريخها إلى
عهد الأسرة السادسة والعشرين. كما وجد له من نفس العهد لوحة صغيرة كانت مستعملة
تعويذة كتب على أحد وجهيها: «إني خادم الإلهة «باست»» (القطة)، كما نقش عليها اسم
الإله «آمون» في صورة مسلة، وعلى الوجه الآخر طغراء «رعمسيس الثاني». وقد عثر على
هذه اللوحة في «نكراتيس» (كوم جعيف الحالية)، وتنتسب للأسرة السادسة والعشرين
أيضًا.
وكان من خواص جعارين عهد الرعامسة الأول تحلية إطاراتها بحلقات صغيرة، وربما كان
ذلك تقليدًا لعهد الدولة الوسطى المتأخر، وعهد الهسكوس (راجع Ibid
2237–2241).
ولدينا طراز آخر من الجعارين يتمثل فيه أمامنا شغف ملوك الأسرة التاسعة عشرة
ﺑ «تحتمس الثالث»، فقد كان كل من «سيتي الأول» وابنه «رعمسيس الثاني» يقرن اسمه باسم
هذا الفرعون على الجعارين (راجع Ibid 2091–2093)،
كما نجد كذلك الأجيال التي تلت عهد «سيتي الأول» تقرن اسمه، وكذلك اسم ابنه «رعمسيس
الثاني» باسم «تحتمس الثالث» الذي كان اسمه يعد أقوى تعويذة في أعين المصريين، كما
نجد جعارين نُقش عليها اسم كل من «سيتي الأول»، و«رعمسيس الثاني» (راجع
Ibid 2052–75; 2083–2089).
وقد وجدنا ﻟ «رعمسيس الثاني» بعض جعارين كبيرة خاصة بتأسيس عاصمة ملكه، أشرنا
إليها في سياق الكلام عن «بررعمسيس» حاضرة ملكه التي أسسها في الدلتا، وكذلك وجد
بعض الجعارين بأسماء بعض أفراد أسرته، وهي كثيرة، ويطول الحديث عنها.