مقدمة: السبب وراء اختيار كلمة «جمهور»
في النهاية، الخيارُ لك؛ لأنك أنت — أيُّها العميل — الذي تحدد ما إذا كنت تريد أن تصبح جزءًا من أي جمهور أو لا؛ فأنت «لست مملوكًا لأحد»؛ ومن ثمَّ فعلى مَنْ يرغب في نَيْل اهتمامك ونشاطك وولائك أن يسعى «لاكتسابها».
هكذا تسير الأمور في الوقت الحالي؛ فنحن «نُعجَب» و«نتابِع» و«نشترك» في العلامات التِّجارية والشركات والأشخاص الذين نفضِّلهم في الوقت الذي نريده. وعادةً ما نفعل ذلك عندما يجلب لنا هذا الأمر السعادة أو يوفر لنا أموالًا أو يقدم لنا معلومات مناسبة وفي حينها. نحن — كعملاء — مَنْ في أيدينا زمام الأمور؛ نقرر الجمهور الذي نرغب في الانضمام إليه أو تركه أو تجاهله تمامًا.
-
البسكويت الذي يمتلك ما يزيد عن ٣٤ مليون «مُعجَب» على فيسبوك.
-
مصمِّم المناظر الطبيعية الذي يمتلك ما يزيد عن ٣٫٥ ملايين «متابع» على بينترست.
-
ممثل لديه من «المتابعين» على تويتر ١٣ ضِعف المشاهدين المتابعين لمسلسله التليفزيوني.
-
شركة في مجال العناية بالفم لديها «مشتركون» في قناتها على يوتيوب أكثر من مائة ضِعف ما لدى المنافسين مع دَخل أكثر بمائة ضِعف.
-
مطعم محلي لديه ما يزيد عن ٢٠ ألف «مشترك» في رسائل البريد الإلكتروني، يحمل أكثر من ٥٠٠ شخص منهم وشومًا مُستَلْهمة من المطعم.
تنمية الجماهير الخاصة أصبحت الآن مسئولية تسويقية رئيسية.
إذا اضطلعت بهذه المسئولية، فسوف تكون جزءًا من الفريق الذي يحوِّل الجماهير إلى أصول مربحة طويلة المدى لشركتك. أما إذا تجاهلتها، فسوف تتخلَّف عن منافسيك الذين يقللون اعتمادهم على الدعاية المدفوعة بفضل تنميتهم لجماهير يستطيعون — وهم وحدهم الذين يستطيعون — الوصول إليهم وقتما يريدون.
الخيار واضح بالبديهة، ولكن لن يتمكَّن كثير من الشركات من اعتناق مبادئ هذا الكتاب لأنها تتطلب بذل جهد مستمر وطويل المدى؛ فمعدل دوران العمالة في فريق التسويق، والعقليات المركِّزة على الحملات الدعائية، والأهداف العقيمةُ تَعمل جميعها على تقويض جهود تنمية جمهورك الخاص، وهذا لن يتغيَّر أبدًا؛ ومِنْ ثَمَّ، سيكون اتصالك بوكيلك الإعلاني وتقديم بعض الأهداف الديموجرافية في عجالة واستعارة انتباه الجمهور لفترة معينة حسب المساحة الإعلانية المستأجرة؛ أسهل كثيرًا من الحصول على جمهور خاص بك.
ولكننا نعلم الحقيقة. الاستسهالُ دائمًا ما يؤدي إلى الفقر وليس الثراء؛ فمثلما تتغيَّر سلوكيات العميل بفضل تكنولوجيا الأجهزة المحمولة والشبكات الاجتماعية، يجب أيضًا أن تتطوَّر مؤسساتنا التسويقية لتعكس واقعنا الجديد. حان الوقت للتوقف عن معاملة الجمهور كشيءٍ ثانوي ورؤيته وفق ماهيته الحقيقية؛ وهي أنه مصدرٌ من مصادر طاقة العمل الحيوية بحاجة إلى الاستثمار والقيادة والدعم.
هذا الكتاب مفيدٌ للرؤساء التنفيذيين ومختصي التسويق على حدٍّ سواء. ودروسه ونصائحه مناسبة للشركات الصغيرة والشركات الكبرى على حدٍّ سواء. ولك حرية قراءته من البداية حتى النهاية أو الانتقال مباشرةً إلى الأجزاء التي تستحوذ على القدر الأكبر من اهتمامك. فرغم كل شيء، أنت الجمهور، وأنت مَنْ في يده زمام الأمور.
في الجزء الأول، سوف نستكشف «حتمية الجمهور». وأتناولُ فيه تعريف الجماهير الخاصة، وما تقدمه لشركتنا، والسبب في أن بناء جماهير خاصة أصبح في الوقت الراهن أكثر أهمية من أي وقت مضى.
وفي الجزء الثاني، نتعمَّق أكثر في أفضل «قنوات التواصل مع الجمهور» من أجل تنمية جماهير خاصة على النحو الأمثل. وهدفي هنا هو مساعدتك في فهم مدى ملاءمة هذه القنوات لاحتياجاتك الاستراتيجية، وطريقة البحث عن مصادر إضافية لمساعدتك في استخدام هذه القنوات.
وأقدِّم في الجزء الثالث «خارطة طريق تنمية الجماهير الخاصة» التي يمكن أن تستخدمها لبناء جماهيرك الخاصة وإشراكها وتقديرها بطرق ستحقق نجاحاتٍ ملحوظة. وأختمُه بأفكار عمَّا يمكن أن يتعلمه المسوِّقون الملتزمون بتنمية جماهير خاصة من خبرة خمسة آلاف عام في مجال كرة القدم.
ثمة ملحوظة سريعة، وهي أن أيَّ ذكر لشخص أو لعلامة تجارية معينة ستجده مصحوبًا بعنوان حسابه على تويتر (في حال توفر حساب بالفعل)، وذلك رغبةً مني في مساعدة كل الأشخاص الذين ساعدتني قصصهم ودعمهم وتشجيعهم على إخراج هذا الكتاب إلى الواقع. ومن جانبي، فإني أستحثك على متابعة الأشخاص الذين يهمونك أو يلهمونك، وإني لأعلم أن انضمامك لجمهورهم سيكون محل تقدير كبير لديهم مثلما كان انضمامك لجمهوري محل تقدير كبير لديَّ أيضًا.
لذا، مرحبًا بك! ولنبدأ رحلتنا في تعلُّم طريقة بناء جمهور للمدى الطويل.