رابعًا: القياس/الاجتهاد
(١) القياس: طلبٌ بالعلامات
وإذا كانت حدود الاجتهاد/القياس تقف عند حدود الاستدلال على عينٍ ثابتة موجودة بالدلائل الظاهرة فإن الانتقال من الدليل/ العلامة إلى المدلول/الحُكم ينبغي أن يكون محكومًا بإدراك العلاقة الرابطة بين الدليل والمدلول، أو بين العلامة وما تدل عليه. ويكاد الشافعي أن يحصر هذه العلاقات في المماثَلة والمشابَهة على مستوى الوقائع التي يجري القياس للحكم فيها، وتتدرج علاقات المشابَهة تلك من الوضوح والغموض على الوجه التالي: تماثلٌ يقوم على الكم؛ أي علاقة القليل بالكثير في التحريم، فما حُرِّم قليله فكثيره حرام:
ومثل هذه العلاقة يجب أن تنعكس في الإباحة والتحليل، بمعنى أن إباحة الكثير تعني إباحة القليل، وليس من الضروري أن يكون العكس صحيحًا دائمًا. وعلى أساس التماثل الكَمِّي يفهم الشافعي معنى «المثل» في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ (المائدة: ٩٥):
وإذا كانت «المماثَلة» الكمية، وعلاقات القلة والكثرة، تدخل باب القياس من قبيل التساهل، فإن علاقة «المشابَهة» — وهي مستوى أقل من المماثَلة — هي العلاقة التي يبدأ بها القياس المعتَد به. والشافعي لا يقف موقِف الدفاع عن دخول علاقة المماثَلة داخل دائرة القياس والاجتهاد، بل يكاد يتفق بالسكوت مع من يرون أن قياس الكثير على القليل في التحريم لا يدخل في مفهوم القياس، وكذلك قياس القليل على الكثير في التحليل والإباحة. وقد تقع المشابَهة بين الواقعة المنصوص على حُكمها وبين الواقعة التي لا نص فيها من جهةٍ واحدة، فيشتركان في العلة، وهذا هو قياس الشبيه والنظير، وهذا هو القياس المباشر. وقد تكون علاقة المشابَهة أكثر تعقيدًا، فتشبه الواقعة موضوع القياس واقعتين منصوصًا على حكمهما، لكن جهة تشابهها مع إحداها تختلف عن جهة تشابهها مع الأخرى، ويكون على المجتهِد في هذه الحالة أن يُحدِّد أي وجهي الشَّبه أولى بالقياس، وهذا هو ما أطلق عليه بعد ذلك اسم: «قياس الأَوْلى».
وإذا كان مفهوم «الاستدلال على عينٍ ثابتة بالعلامات والدلائل» مفهومًا يضيق دائرة القياس فإن الشافعي يحاول بتعداده لأنماط التشابُه الثلاثة السابقة أن يُوهِم باتساع مدى القياس وتعدد ضروبه؛ ولأنه يعلم أن «المماثَلة» الكمية تعني الدخول المباشر في حكم النصوص، فإنه لا يتوقف طويلًا عند قول من ينكرون وقوعه في مجال القياس، ويمضي ليكشف في النهاية عن تصوره للقياس بأنه: «ما عدا النص من الكِتاب والسُّنة» يقول:
ومعنى ذلك أن الشافعي يخوض معركةً على مستوى الفكر، يبدو فيها كما لو كان يوسِّع دائرة القياس في حين أنه يُضيِّقها حقيقة. إن القياس الحقيقي في نظر «بعض أهل العلم» — على حد تعبير الشافعي — هو «قياس الأولى»؛ لأنه يمثِّل اجتهادًا حقيقيًّا، وهم لذلك يخرجون قياس المماثلة، وقياس التنظير، من دائرة الاجتهاد، وواضحٌ أن الشافعي ممن يعتبرون أن «القياس» هو كل ما عدا النص من الكِتاب والسُّنة، ويدخل بذلك في مجال الاجتهاد/القياس كل محاولات استنباط الدلالة، هكذا يبدو الشافعي ظاهريًّا كما لو كان يكرس الاجتهاد، والواقع أنه يفعل على النقيض من ذلك حين يحصره في دائرة اكتشاف ما هو موجود في النص بالفعل من الأحكام. ولكي يتبين هذا التوجُّه بشكلٍ جَلِي، نرى الشافعي يحكم على أي اجتهادٍ يقع خارج دائرة النصوص ودلالتها الحَرْفية بأنه استحسانٌ وقولٌ بالرأي والتشهي، وهو حكم كاشف عن طبيعة المعركة التي يخوضها الشافعي ضد أهل الرأي تكريسًا لسلطة النصوص. فالشافعي يرفض — مثلًا — رد باقي الميراث للأخت التي تُوفِّي أخوها ولم يترك ورثة غيرها؛ ذلك لأن الأخت تَرِث في مثل هذه الحالة نصف ما ترك الأخ، فإذا حاول مجتهدٌ أن يقول: أعطيها النصف ميراثًا، وأعطيها النصف الآخر ردًّا بحكم صلة الرحم، يَردُّ الشافعي مثل ذلك الاجتهاد؛ لأنه يخالف النص الذي يعطيها النصف فقط، وليس يجدي مع الشافعي أن يقال إن النصف الثاني لم يعطَ للأخت على سبيل الميراث، بل قياسًا على صلة الرحم:
وليس مهمًّا هنا أي الرأيين أصوب، الشافعي أم مُحاوِرُه المتخيَّل، فالذي يهمنا هو طريقة الشافعي في التمسك بحرفية النصوص ضد اجتهادٍ لا يعارضها ولا يهملها، فإذا أضفنا إلى ذلك ما سبقَت لنا الإشارة إليه من موقف الشافعي من توريث «العبد» — وما يؤدي إليه ذلك من توريث مَن لم يُورِّثه الله، وهو السيد الذي يملك العبد كما يملك ماله — أدركنا أن ما يبدو من توسيعه لمجال فعالية القياس ليس إلا نوعًا من التكريس الأيديولوجي لسُلطة النصوص. وكل اجتهادٍ لا يقبله الشافعي — من موقف التعصُّب لسُلطة النصوص ولشموليتها كل مجالات الحياة الإنسانية، يصنفه في إطار الاستحسان الذي أفرد كتابًا في إبطاله، وهذا الحرص على رفض الاستحسان ومهاجَمته، ووضعه في دائرة التَّشهِّي والتلذُّذ، يكشف عن موقف الشافعي من الصراع الفكري في عصره، ويحسم بشكلٍ نهائي مسألة تَوسُّطِيته وتوفِيقيَّته، ويكشف عن «التَّلفيقِية» الواضحة في ذلك الموقف، والحقيقة أن الشافعي برفضه الاستحسان وتأكيده على «القياس» المكبَّل دائمًا بسُلطة الفهم الحرفي للنصوص كان يناضل من أجل القضاء على التعددية الفكرية والفقهية، وهو نضال لا يخلو من مغزًى اجتماعي فكري سياسي واضح.
(٢) القياس على أصلٍ سابق، حسم للخلافات
في المقارنة بين «القياس» و«الاستحسان» يبدو القياس دائمًا في نظر الشافعي يستند على أصولٍ ثابتة، لا يستند «الاستحسان» إلى مثلها، وبناء على هذا التصور يبدو الأمر للشافعي وكأن «القياس» عاصمٌ ضد الخلاف؛ ولذلك نجده كثيرًا ما يتحدث عنه بوصفه نصًّا شبيهًا بالإجماع، في حين يقرن دائمًا بين «الاستحسان» والخلاف المكروه:
هكذا يصبح الاستحسان قرين «التنازع» الذي أشار إليه القرآن، وطالب المسلمين حين وقوعه أن يردوا الأمر المتنازع فيه إلى الله (= الكتاب) وإلى الرسول (= السنة) (النساء: الآية: ٥٩)، ويفهم الشافعي أن المقصود بذلك هو «القياس»:
وإذا كان القياس هو العاصم من التنازع، عكس «الاستحسان» الذي يفضي إليه، فما ذلك إلا لأن القياس يعتمد أبدًا على أصلٍ ثابت من الكتاب أو السُّنة، وليس مسموحًا للمسلم أبدًا أن يتباعد عن تلك الأصول الثابتة، أو أن يُعمل العقل أو يجتهد بالرأي المبني على الخبرة، وإلا صار مثل السائمة المتروكة سُدًى، والشافعي يستند إلى الآية ٣٦ من سورة القيامة، قوله تعالى أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ليقول:
وإذا كان هذا الفهم للتعارض بين «القياس» و«الاستحسان» ينطلق من موقفٍ أيديولوجي واضح، فإن هذا الموقف يعكس رؤية للعالم والإنسان، تجعل الإنسان مغلولًا دائمًا بمجموعةٍ من الثوابت التي إذا فارقها حَكم على نفسه بالخروج من الإنسانية، وليست هذه الرؤية للإنسان والعالم معزولة تمامًا عن مفهوم «الحاكمية» في الخِطاب الديني السَّلفي المعاصر، حيث ينظر لعلاقة الله بالإنسان والعالم من منظور علاقة السيد بالعبد الذي لا يتوقع منه سوى الإذعان، وكما كانت رؤية الشافعي تلك للعالم كرَّست واقعها التاريخي سُلطة للنظام السياسي المسيطِر والمهيمِن، فإنها تفعل الشيء ذاته في الواقع المعاصر من خلال اتصالها في الخِطاب السَّلَفي، وقد حدث هذا ويحدث بصرف النظر عن النوايا والتعارُض الذي يبدو على السطح بين الخِطاب السَّلفي والخطاب السياسي السُّلطَوي.
وإذا كانت محاوَلة الشافعي لنفي الخلاف وللقضاء على التعددية تبدو في ظاهرها توفيقية، فإن هذا الظاهر ينكشف تمامًا وهو يدافع ببسالةٍ منقطعة عن اختلاف القائسِين في القضية الواحدة، والشافعي في دفاعه عن اختلاف القائسين كثيرًا ما يعود إلى نموذجه المفضَّل الدال على طبيعة القياس وعلى حدوده، نموذج الاتجاه إلى القبلة بالعلامات الدالة على الاتجاهات؛ مثل: الشمس، والنجوم، والرياح، بالإضافة إلى علاماتٍ أخرى كالجبال … إلخ، إن على المصلِّي أن يجتهد وسع طاقته في التَّوجُّه قِبَل المسجد الحرام، فإذا أصاب الاتجاه فله أجران، وإن أخطأه فله أجر المجتهد، والاجتهاد في هذه الحالة يهدف إلى التوجه إلى عينٍ ثابتة موجودة يجب أن يتحراها الإنسان بكل الوسائل والأدوات الممكنة، وهي الأدوات التي تتحدَّد على مستوى الفقيه بما يلي:
ومعنى هذا التوجه الدائم صوب عين ثابتة، أو في اتجاه أصول محدَّدة، إن الاختلاف الناتج عن الاجتهاد/القياس ليس من باب الاختلاف المحرَّم، بل هو من باب اختلاف «الرحمة»، وهذا التصنيف لأنماط الاختلاف يضع الخلاف الناتج عن الاستحسان — بالضرورة — في نمط الخلاف المحرَّم، الأمر الذي ينفي بشكلٍ كامل ونهائي أي شبهة للوسطية أو التوفيقية، وإذا كان القول بالاستحسان، أو الاعتداد بالأعراف منهج أبي حنيفة، يؤدي إلى الاختلاف المُفضِي إلى التعدد، فإن الاختلاف الناتج عن القياس لا يؤدِّي إلى ذلك، القياس في نظر الشافعي قد يفضي إلى اختلافاتٍ بين القائسين، لكن هذه الاختلافات لا تؤدي إلى تعدُّد «الحق»، فالحق واحدٌ ثابت في ذاته، كما أن البيت الحرام واحد في ذاته وإن اختلف المصلون في تحديد اتجاهه في وقتٍ محدد ومكان بعينه، وهذا الإلحاح على «وحدة الحق» رغم اختلاف القائسين هو الذي يعطي للقياس — في نظر الشافعي — مشروعيةً يحرم منها الاستحسان:
ومن غير المفيد أن نناقش الشافعي قائلين إن «الاستحسان» لا يخالف نصًّا في كتاب أو سنة قائمة، وأنه مثل القياس ليس مطلوبًا فيه علم الحق الذي هو في غيب الله، وأن تعدُّد الآراء الناتجة عن الاستحسان لا يجب أن يقدح في مشروعيته، كما لم يقدح تعدُّد الاجتهادات في مشروعية القياس، من غير المفيد أن ندخل في سجال، فالأمر لم يكن أمْر مفاضَلة على المستوى المعرفي الخالص، بل كان أمْر تكريس سُلطة النصوص، وتحويل «القياس» — بالمفهوم الشافعي — إلى نصٍّ ملزم بدوره، من هنا يُقرِّر الشافعي دائمًا ويكرر عدم جواز خلاف ما اجتمع عليه السابقون، ولو كان قياسًا، ذلك أن الإجماع — الذي أنكر وجوده كما سبقت الإشارة — يعود ليمثل أحد الأصول، التي يجب أن يستند إليها القياس، ولكن ماذا عن الاختلافات الاجتهادية التي وقعت بين الصحابة، الرعيل الأول من المسلمين؟ خاصة تلك الخلافات التي لم تكن اختلافات قياس على «مثال سابق»، أو على «أصلٍ ثابت»؟ لقد اختلف أبو بكر — الخليفة الأول — مع عمر — الخليفة الثاني — في أمرٍ جوهري من أمور المسلمين، هو أمر توزيع الثروة والدَّخل، كان المعيار الذي اقترحه أبو بكر معيار المساواة المطلَقة، في حين كان معيار عمر السَّابقَة في الإسلام، والتفرقة بين الحُر والعبد، ورغم أن هذا الخلاف ليس مجرَّد خلاف فقهي قياسي حول حكم ديني، فإن الشافعي حريصٌ على إفراغه من دلالاته وحبسه في إطار اختلاف القياس؛ ولذلك يقرن بينه وبين اختلافهم حول ميراث الجد من حفيده في حالة سَبْق وفاة الأب لوفاة الابن في حياة الجد.
وإذا كان من الصعب إدراك هذا الاختلاف بين الصحابة في توزيع الثروة داخل دائرة «القياس» لأنه نابعٌ من خلاف التوجهات الاجتماعية بالأساس، فهو خلاف يدخل في منطقة «الرأي» — فإن حرص الشافعي على حبسه داخل تلك الدائرة هو في تقديرنا نوع من التبرير الناتج عن موقفٍ أيديولوجي يتحاشى الخوض في خلافات الصحابة من جهة، ويقدس ذلك الجيل بوضع اختلافاتهم موضع التساوي من جهةٍ أخرى، لكن موقف الشافعي المنحاز لأحد الموقفين السالفين يمكن اكتشافه من رفضه القياس في أمرٍ من أمور الزكاة، وهي قضية ترتبط ارتباطًا مباشرًا بمسألة العدل الاجتماعي. يرفض أن تؤخذ الزكاة — مثلًا — من «الجوز» أو «اللوز» وغيرهما من أنواع الغراس — المزروعات — التي لم تذكر في النصوص، وإذا كان «القياس» يُسوِّي بين أنواع الغراس كلها، فإن الشافعي يتمسك بحرفية النصوص.
هكذا يبدو الشافعي مؤسسًا للقياس على مستوى منطوق خطابه الظاهر، لكن القراءة الأعمق تكشف أنه يؤسِّس سُلطة النصوص لتشمل كل مجالات الحياة الاجتماعية والمعرفية، ويبدو كذلك كما لو كان يوسع من مجال فعالية القياس، بينما يحصره داخل دائرة النصوص لا يتعداها، والأخطر من ذلك أن ذلك «القياس» الضيق المحبوس عنده هو الشكل الوحيد للاجتهاد، وقد رأينا أنه يبدو متسامحًا إزاء اختلافات الصحابة، بينما ينحاز في الحقيقة — ودون إعلان — لبعض تلك المواقف، وقد أدرك أبو زهرة ما أسسه الشافعي من سيطرةٍ لسُلطة النصوص، وذلك حين قال:
هذه الشمولية التي حرص الشافعي على منحها للنصوص الدينية — بعد أن وسع مجالها فحول النص الثانوي الشارح إلى الأصلي، وأضفى عليه نفس درجة المشروعية، ثم وسع مفهوم السنة بأن ألحق به الإجماع، كما ألحق به العادات، وقام بربط الاجتهاد/القياس بكل ما سبق رباطًا محكمًا — تعني في التحليل الأخير تكبيل الإنسان بإلغاء فعاليته وإهدار خبرته، فإذا أضفنا إلى ذلك أن مواقف الشافعي الاجتهادية تدور في أغلبها في دائرة المحافظة على المستقر والثابت، تسعى إلى تكريس الماضي بإضفاء طابع ديني أزلي — كما رأينا في اجتهاداته في ميراث العبد، وفي ميراث الأخت الوحيدة، وفي مسألة زكاة الغراس — أدركنا السياق الأيديولوجي الذي يدور فيه خطابه كله، إنه السياق الذي صاغه الأشعري من بعد في نسقٍ متكامل، ثم جاء الغزالي بعد ذلك فأضفى عليه أبعادًا فلسفية أخلاقية كُتب لها الاستمرار والشيوع والهيمنة على مُجمَل الخِطاب الديني حتى عصرنا هذا، وهكذا ظل العقل العربي الإسلامي يعتمد سُلطة النصوص، بعد أن تمت صياغة الذاكرة في عصر التدوين — عصر الشافعي — طبقًا لآليات الاسترجاع والترديد، وتحوَّلَت الاتجاهات الأخرى في بنية الثقافة — والتي أرادت صياغة الذاكرة طبقًا لآليات الاستنتاج الحر من الطبيعة والواقع الحي — كالاعتزال والفلسفة العقلية إلى اتجاهاتٍ هامشية، وقد آن آوان المُراجَعة والانتقال إلى مرحلة التحرر — لا من سُلطة النصوص وحدها — بل من كل سُلطةٍ تعوق مسيرة الإنسان في عالمنا، علينا أن نقوم الآن وفورًا، قبل أن يجرفنا الطوفان.