الأساطير اليونانية والرومانية
«صاحت الفتاة أخيرًا في فزعٍ تقول: «إلى أين تحملني؟» فأجابها الثور في صوتٍ إلهيٍّ عميقٍ يأمرها بالشجاعة والجرأة. قال: «انظري، إنني جوبيتر، اضطرني حبُّك إلى أن أتخذَ هذه الهيئة، وسرعان ما ستستقبلنا كريت لتكون حُجرة عرسنا؛ كريت التي وُلِدتُ فيها أنا نفسي».»
إن الأسطورة هي حِصنُ الإنسان القديم أمام الطبيعة، ولُغتُه وأداتُه العلمية العتيقة في تفسيرها، فبها تَحصَّن من مَخاوفه، وإليها أوَى من ظُلمات هذا الكون الفسيح. وإذا كنا ننظر اليومَ إلى الأساطير بتفكيرٍ علميٍّ ناقد، ونُخضِعها للمنطق والعقل، فيجب ألَّا ننسى أنَّ تَمسُّك الإنسان القديم بها هو تَمسُّكٌ بأصالة الفكر؛ لذا لم تَخلُ حضارةٌ من الأساطير؛ فالحضارةُ اليونانية ومِن بعدها الرومانيةُ قامتا على الأسطورة، بل إن ميلادَ روما نفسَه كان أسطورة، ومجيء الآلهة إلى الأرض أسطورة، كل شيء كان في البدء أسطورة؛ لذا عندما هَوَت الحضارة اليونانية تحت أقدام الجيش الروماني، وسقطَت روما من بعدها تحت وطأةِ الغزو الجرماني، بقيت الأسطورةُ ولم تسقط، وظلَّت خالدةً تُردِّدها الألسنة وتتداولها الأقلام.