بيت في الضاحية البعيدة
وضع اللفة الورقية والحقيبة القماش على طوبة بجانب الطريق، وأعاد قراءة العنوان في الورقة الصغيرة. أشار إلى الفراغ وهما يتخطيان الحصى المختلطة بالرمال.
كانت الشمس قد تحولت — في أفق البحر — إلى قرص من الحمرة القانية، والبنايات المتناثرة مغلقة النوافذ، أو لم يتم بناؤها. والسكون يعمقه وقع أقدامهما والظلال ترافق خطواتهما المتعبة.
لاحظ تأمُّلها اتساخ الحذاء وأسفل البنطلون: نحن نعوم في بحر رمال!
أضاف: رخص الشقة؛ لأنها في أطراف الإسكندرية.
قالت: المكان مخيف … لولا البحر لنسبته إلى الصحراء.
قال: المهم أن نجد الشقة.
وقال: المقدم — لعزلة المكان — معقول، والأقساط مريحة.
أعاد تذكر العنوان. أشار إلى انحناءة شارع صغير، على ناصيته سور يحيط بأرض فضاء. حاولت — من تعثرها في حصاة — أن تتساند على جنبه. قامت على تهشم أظافر اليدين. شهقت للرمال المختلطة بعرق صدرها. ظلت واقفة وهو يربت براحته البلوزة المندَّاة.
– أشعر أننا في نهاية المشكلة.
ثم وهو يزيل بطرف إصبعه رمالًا علقت برموشها: حين نوقع العقد، ينتهي كل التعب.
ابتعد — بتلقائية — لمَّا ترامى صوت نحنحة الحارس الجالس أمام البناية الخالية، زوى حاجبيه في نظرة محملة بالتساؤل والشك.
اتسعت عيناه بالضيق. همس وهو يلتقط الحقيبة القماش: ماذا يظن الرجل؟
دفع إليها باللفة الورقية: هكذا أفضل.
وسبقها.