العرَّاف
كان أهل المدينة يُعانون الانكسار في وقفتهم على جانبَي الطريق، تشقُّه مواكب الجيش الغازي … تتقدَّمه الأعلام والشارات والفِرَق الموسيقية. تتبعه مواكب الأسرى، آباء وأخْوَة وأقارب وأصدقاء، تصل القيود الحديدية توالي صفوفهم.
هتَفَ شيخٌ من بين الزِّحام: أليس هذا هو العرَّاف الذي تنبَّأ بالانتصار؟
أمَّن المحيطون به على كلماته وهم يرمقون الرجل الذي بدا في مكانة طيِّبة بين قوَّات الغزو. يرتدي ثيابَ العزِّ، وتعكس ملامحه تِيهًا وطمأنينة.
قدِمَ العرَّاف — ذات يوم — من مدينةٍ لم يحدِّدها. زار القصور والدُّور والجوامع والأسواق، ردَّد نبوءته بتأكيد الانتصار. قرَنَ تأكيده برُؤى وإشاراتٍ إلى أحوال الكواكب والنجوم، فصدَّقه الناس. كانوا يستعملون أحكامَ النجوم والكواكب، يميلون إلى تصديقها، والعمل بأخبارها. وكانت حياتهم مشغولةً بمطالعة الفَلَك، وقراءة الغيب والتنجيم والتعزيم، والرُّقى، والتعاويذ، وأعمال السِّحر. أسندوا ظُهورهم إلى حائط الدَّعة والطمأنينة، وتطلَّعوا إلى أفق النصر.