الجحيم

حديث الخنساء

فيخلفه ويمضي، فإذا هو بامرأة في أقصى الجنة، قريبة من المطَّلَع إلى النار، فيقول: «من أنت؟» فتقول: «أنا الخنساء السُّلميَّة، أحببت أن أنظر إلى صخر، فاطَّلعتُ، فرأيته كالجبل الشامخ، والنار تضطرم في رأسه، فقال: «لقد صح مزعمك فيَّ»، يعني قولي:

وإن صخرًا لتأتم الهداة به
كأنه علم١ في رأسه نار»

حديث إبليس

فيطلع فيرى إبليس — لعنه الله — وهو يضطرب في الأغلال والسلاسل، ومقامع٢ الحديد تأخذه من أيدي الزبانية، فيقول: «الحمد لله الذي أمكن منك يا عدو الله وعدو أوليائه، لقد أهلكت من بني آدم طوائف لا يعلم عددها إلا الله».

فيقول: «من الرجل؟»

فيقول: «أنا فلان بن فلان، من أهل حلب، كانت صناعتي الأدب أتقرب به إلى الملوك».

فيقول: «بئس الصناعة! إنها تهب غُفَّة من العيش لا يتسع بها العيال، وإنها لمزلة القدم، وكم أهلكت مثلك، فهنيئًا لك إذ نجوت، وإن لي إليك لحاجة، فإن قضيتها شكرتك يد المنون».٣

فيقول: «إني لا أقدر لك على نفع، فإن الآية سبقت في أهل النار، أعني قوله تعالى: وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قَالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ».

فيقول: «إني لا اسألك في شيء من ذلك، ولكن أسألك عن خبر تخبرنيه، إن الخمر حرمت عليكم في الدنيا، وأحلت لكم في الآخرة، فهل يفعل أهل الجنة بالولدان المخلدين فعل أهل القريات؟»

فيقول: «عليك البهلة٤ أما شغلك ما أنت فيه! أما سمعت قوله تعالى: وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ».
فيقول: «وإن في الجنة لأشربة كثيرة غير الخمر، فما فعل بشار بن برد، فإن له عندي يدًا٥ ليست لغيره من ولد آدم، كان يفضلني دون الشعراء، وهو القائل:
إبليس أفضل من أبيكم آدم
فتبينوا يا معشر الأشرار
النار عنصره،٦ وآدم طينة
والطين لا يسمو سمو النار

لقد قال الحق، ولم يزل قائله من الممقوتين».

حديثه مع بشار

فلا يسكت من كلامه، إلا ورجل في أصناف العذاب، يغمض عينيه حتى لا ينظر إلى ما نزل به من النقم، فيفتحهما الزبانية بكلاليب٧ من نار، وإذا هو ببشار بن برد، قد أعطي عينين بعد الكلمة، لينظر إلى ما نزل به من النكال.
فيقول له: «يا أبا معاذ٨ لقد أحسنت في مقالك، وأسأت في معتقدك، ولقد كنت في الدار العاجلة أذكر بعض قولك، فأترحم عليك، ظنًّا أن التوبة ستلحقك، مثل قولك:
ارجع إلى سكن تعيش به
ذهب الزمان وأنت منفرد
ترجو غدًا، وغدًا كحاملة٩
في الحي، لا يدرون ما تلد١٠

وقولك:

الحر يلحى١١ والعصا للعبد
وليس للملحف١٢ مثل الرد»

فيقول بشار: «يا هذا! دعني من أباطيلك، فإني لمشغول عنك!»

حديثه مع امرئ القيس

ويسأل عن امرئ القيس بن حجر، فيقال: «يا أبا هند أخبرني عن التسميط١٣ المنسوب إليك، أصحيح هو عنك؟» وينشده الذي يرويه بعض الناس:
يا قوم إن الهوى
إذا أصاب الفتى
في القلب ثم ارتقى
فهد بعض القوى
فقد هوى الرجل

فيقول: «والله ما سمعت هذا قط، وإنه لقرى لم أسلكه، وإن الكذب لكثير، وأحسب هذا لبعض شعراء الإسلام، ولقد ظلمني وأساء إلي، أبعد كلمتي التي أولها:

ألا عم صباحًا١٤ أيها الطلل البالي
وهل ينعمن من كان في العصر الخالي!

وقولي:

خليلي مُرا بي على أم جندب
لأقضي حاجات الفؤاد المعذب
يقال لي مثل ذلك، والرجز أضعف الشعر،١٥ وهذا الوزن من أضعف الرجز!» فيعجب لما سمعه من امرئ القيس.

حديثه مع عنترة

وينظر، فإذا عنترة مُتَلدّد١٦ في السعير، فيقول: «ما لك يا أخا عبس! كأنك لم تنطق بقولك:
ولقد شربت من المدامة بعدما
ركد الهواجر بالمشوف المعلم
بزجاجة صفراء ذات أسرة
قرنت بأزهر في الشمال مفدم١٧
وإني إذا ذكرت قولك: «هل غادر الشعراء من متردم»١٨ لأقول: «إنما قيل ذلك وديوان الشعر قليل محفوظ، فأما الآن فلو سمعت ما قيل بعد مبعث النبي — صلى الله عليه — لعتبت نفسك على ما قلت، وعلمت أن الأمر كما قال حبيب بن أوس:
فلو كان يفنى الشعر أفناه ما قرت١٩
حياضك منه في العصور الذواهب
ولكنه صوب٢٠ العقول، إذا انجلت
سحائب منه أعقبت بسحائب»
فيقول: «وما حبيبكم هذا؟» فيقول: «شاعر ظهر في الإسلام.» وينشده شيئًا من نظمه، فيقول: «أما الأصل فعربي، وأما الفرع فنطق به غبي، وليس هذا المذهب على ما تعرف قبائل العرب.» فيقول وهو ضاحك مستبشر: «إنما ينكر عليه المستعار، وقد جاءت العارية في أشعار كثيرة من المتقدمين، إلا أنها لا تجتمع كاجتماعها فيما نظمه حبيب بن أوس.»٢١

•••

«ولقد شق على دخول مثلك إلى الجحيم، وكأن أذني مصغية إلى قينات٢٢ الفسطاط وهي تغرد بقولك:
أمن سمية٢٣ دمع العين تذريف
لو أن ذا منك قبل اليوم معروف٢٤
تجللتني٢٥ إذا أهوى العصا قيلي
كأنها رشأ٢٦ في البيت مطروف٢٧
العبد عبدكم، والمال مالكم،
فهل عذابك عني اليوم مصروف»

حديثه مع علقمة

وينظر فإذا علقمة بن عبدة٢٨ فيقول: أعزز علي بمكانك! ما أغني عنك سمطا لؤلئك،٢٩ ولو شفعت لأحد أبيات صادقة ليس فيها ذكر الله — سبحانه — لشفعت لك أبياتك في وصف النساء، أعني قولك:
فإن تسألوني بالنساء فإنني
بصير بأدواء النساء طبيب
إذا شاب رأس المرء، أو قلّ مالُه
فليس له في وُدّهن نصيب
يُردن ثراء المال، حيث وجدنه
وشرخُ٣٠ الشباب عندهن عجيب٣١

حديثه مع عمرو بن كلثوم

فليت شعري ما فَعَل عمرو بن كلثوم، فيقال: «ها هو ذا من تحتك، إن شئت أن تُحاوره فحاوِرْه.» فيقول: «كيف أنت أيها المُصطبِح٣٢ بصحن الفانية، والمُغتبِق٣٣ من الدنيا الفانية! لوددتُ أنك لم تساند٣٤ في قولك:
كأن مُتونهن متون غُدر٣٥
تصفقها٣٦ الرياح إذا جرينا»٣٧
فيقول عمرو: «إنك لقرير العين، لا تشعر بما نحن فيه، فاشغل نفسك بتمجيد الله، واترك ما ذهب فإنه لا يعود، وأما ذكرك سنادي فإن الأخوة ليكونون ثلاثة أو أربعة، ويكون فيهم الأعرج والأبخق٣٨ فلا يُعابون بذلك، فكيف إذا بلغوا المئة في العدد؟»
فيقول: «أعزز علي بأنك قصرت على شرب حميم، وأخذت بعملك الذميم من بعد ما كانت تسبأ٣٩ لك القهوة٤٠ تقابلك بلون الحص.٤١ وقالوا في قولك سخينا قولين: أحدهما أنه فعلنا من السخاء والنون نون المتكلمين، والآخر أنه من الماء السخين، لأن الأندرين وقاصرين كانتا في ذلك الزمن للروم، ومن شأنهم أن يشربوا الخمر بالماء السخين في صيف وشتاء».

حديثه مع الحارث اليشكري

وينظر فإذا الحارث اليشكري، فيقول: لقد أحسنت في قولك:

لا تكسع٤٢ الشول٤٣ بأغبارها٤٤
إنك لا تدري من الناتج٤٥

•••

وقد كانوا في الجاهلية يكسعون٤٦ ناقة الميت على قبره، ويزعمون أنه إذا نهض لحشره وجدها قد بُعثت له فيركبها، وهيهات، بل حشروا عراة حفاة.

حديثه مع طرفة

ويعمد لسؤال طرفة بن العبد، فيقول: «يا ابن أخي يا طرفة — خفف الله عنك — أتذكر قولك:

كريم يروي نفسه في حياته
ستعلم إن متنا غدًا أينا الصدى٤٧

وقولك:

أرى قبر نحام بخيل٤٨ بماله
كقبر غوي في البطالة مفسد٤٩
متى تأتي أصبحك كأسًا روية
وإن كنت عنها غانيًا، فاغن وازدد٥٠
فكيف صبوحك الآن وغبوقك؟٥١ إني لأحسبهما حميمًا».
«ولقد كثرت في أمرك أقاويل الناس، فمنهم من يزعم أنك في ملك النعمان اعتقلت. وقال قوم: بل الذي فعل بك ما فعل عمرو بن هند».٥٢
«ولو لم يكن لك أثر في العاجلة إلا قصيدتك التي على الدال،٥٣ لكنت قد أبقيت أثرًا حسنًا».

•••

فيقول طرفة: «وددت أني لم أنطق مصراعًا، ودخلت الجنة مع الهمج والطغام، وكيف لي بهدء وسكون، وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ٥٤ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا».

حديثه مع أوس بن حجر

ويلفت عنقه يتأمل، فإذا هو بأوس بن حجر، فيقول: «يا أوس! إن أصحابك لا يجيبون السائل، فهل عندك من جواب؟! فإني أريد أن أسألك عن هذا البيت:

وقارفت،٥٥ وهي لم تجرب، وباع لها
من الفُصافص٥٦ بالنمى٥٧ سفسير٥٨

فإنه في قصيدتك التي أولها:

هل عاجل من متاع الحي منظور

ويروي في قصيدة النابغة التي أولها:

ودع أمامة والتوديع تعذير

وكلاكما معدود في الفحول، فعلى أي شيء يحمل ذلك؟!» فيقول أوس: «قد بلغني أن نابغة بني ذبيان في الجنة، فاسأله عما بدا لك، فلعله يخبرك، فإنه أجدر أن يعي هذه الأشياء. فأما أنا، فقد ذهلت: نار توقد، وبنان يعقد، إذا غلب عليّ الظمأ رفع إليّ شيء كالنهر، فإذا اغترفت منه لأشرب، وجدته سعيرًا مضطرمًا. ولقد دخل الجنة من هو شر مني، ولكن المغفرة أرزاق، كأنها النشب في الدار العاجلة!»

فيقول: «إنما أردت أن آخذ عنك هذه الألفاظ فأتحف بها أهل الجنة، فأقول قال لي أوس وأخبرني أبو شريح».

حديثه مع أبي كبير الهذلي

ويرى رجلًا في النار لا يميزه من غيره، فيقول: «من أنت أيها الشقي؟» فيقول: «أنا أبو كبير الهذلي عامر بن الحليس.» فيقول: «إنك لمن أعلام هذيل، ولكني لم أوثر قولك:

أزهير هل عن شيبة من معدل٥٩
أم لا سبيل إلى الشباب الأول

وقلت في الأخرى:

أزهير هل عن شيبة من مصرف
أم لا خلود لعاجز متكلف

وقلت في الثالثة:

أزهير هل عن شيبة من مَعْكم٦٠
فهذا يدل على ضِيق عَطَنك٦١ بالقريض، فهلا ابتدأت كل قصيدة بفن؟ والأصمعي لم يروِ لك إلا هذه القصائد الثلاث.» فيقول أبو كبير الهذلي: «إنما كلام أهل سقر ويل وعويل، فاذهب لطَيَّتك».

حديثه مع الأخطل

وإذا هو برجل يتضور٦٢ فيقول: «من هذا؟» فيقال «الأخطل التغلبي.» فيقول له: ما زالت صفتك للخمر، حتى غادرتك أُكلًا للجمر! فكم طربت السادات على قولك:
أناخوا، فجروا شاصيات٦٣ كأنها
رجال من السودان لم يتسربلوا
فقلت أصبحوني٦٤ لا أبا لأبيكم
وما وضعوا الأثقال إلا ليفعلوا
فصبوا عقارًا٦٥ في الإناء كأنها
إذا لمحوها جذوة٦٦ تتأكّل٦٧
وجاءوا ببيسانية هي بعد ما
يعل٦٨ بها الساقي ألذُّ وأسهل
تمر بها الأيدي سنيحًا٦٩ وبارحًا٧٠
وتوضع باللهم حي٧١ وتحمل
فتوقف أحيانًا فيفصل بيننا
غناء مغن أو شواء مرعبل٧٢
فلذت لمرتاح وطابت لشارب
وراجعني منها مراح٧٣ وأخيل٧٤
فما ألبتتنا٧٥ نشوة٧٦ لحقت بنا
توابعها، مما نعل وننهل
تدب دبيبًا في العظام كأنه
دبيب نمال في نقًا٧٧ يتهيل٧٨
فقال التغلبي: إني جررت الدارع ولقيت الذارع، وهجرت الآبدة ورجوت أن تدعي النفس العابدة، ولكن أبت الأقضية، فيقول: أخطأت في أمرين — جاء الإسلام فعجزت أن تدخل فيه، ولزمت أخلاق سفيه، وعاشرت يزيد بن معاوية، وأطعت نفسك الغاوية، وآثرت ما فني على باق، فكيف لك بالإباق؟٧٩
فيزفر٨٠ الأخطل زفرة تعجب لها الزبانية، ويقول: آه على أيام يزيد أسوف٨١ عنده عنبرًا، وأمزح معه مزح خليل، وكأني بالقيان الصدحة٨٢ بين يديه تغنيه:
ولها بالماطرون إذا
أكل النمل الذي جمعا
خلفة حتى إذا ظهرت
سكنت من جلق بيعا
في قباب حول دسكرة٨٣
حولها الزيتون قد ينعا
وقفت للبدر ترقبه
فإذا بالبدر قد طلعا
ولقد فاكهته في بعض الأيام وأنا سكران ملتخ٨٤ فقلت:
ألا أسلم سلمت أبا خالد
وحياك ربك بالعنقز٨٥
أكلت الدجاج وأفنيتها
فهل في الخنانيص٨٦ من مغمز٨٧

فما زاد في عن ابتسام واهتز للصلة.

فيقول الشيخ: «من ثم أتيت، أما علمت أن ذلك الرجل عاند، فعلام اطلعت من مذهبه، أكان موحدًا أم ملحدًا؟» فيقول الأخطل: كانت تعجبه هذه الأبيات:

أخالد! هاتي خبريني وأعلني٨٨
حديثك إني لا أسر٨٩ التناجيا٩٠
حديث أبي سفيان، لما سما بها
إلى أحد،٩١ حتى أقام البواكيا
وكيف بغى أمرًا٩٢ علي ففاته
وأورثه الجد٩٣ السعيد معاويا
وقومي فعليني٩٤ على ذاك٩٥ قهوة٩٦
تحلبها العيسى كرمًا٩٧ شآميا٩٨
إذا ما نظرنا في أمور قديمة
وجدنا حلالًا شربها المتواليا
فلا خلف بين الناس، إن محمدًا
تبوأ رمسًا في المدينة ثاويا٩٩
فيقول: «عليك البهلة! قد ذهلت الشعراء من أهل الجنة والنار، عن المدح والنسيب،١٠٠ وما شُدهت١٠١ عن كفرك ولا إساءتك!»

•••

وإبليس يسمع ذلك الخطاب كله، فيقول للزبانية: «ما رأيت أعجز منكم إخوان مالك! ألا تسمعون هذا المتكلم بما لا يعنيه؟ فلو أن فيكم صاحب نحيزة١٠٢ قوية، لوثب وثبة حتى يلحق به فيجذبه إلى سقر!» فيقولون: «ليس لنا على أهل الجنة سبيل».

فإذا سمع ما يقوله إبليس، أخذ في شتمه ولعنه، وإظهار الشماتة به، فيقول عليه اللعنة: «ألم تنهوا عن الشمات يا بني آدم؟ ولكنكم — بحمد الله — ما زجرتم عن شيء، إلا وركبتموه.» فيقول: «أنت الذي بدأت آدم بالشماتة، والبادئ أظلم».

ثم يعود إلى كلام الأخطل فيقول: «أأنت القائل هذه الأبيات:

ولست بصائم رمضان طوعًا
ولست بآكل لحم الأضاحي
ولست بقائم كالعَير١٠٣ أدعو
قبيل الصبح «حي على الفلاح»
ولكني سأشربها شمولًا١٠٤
وأسجد عند منبلج١٠٥ الصباح
فيقول: «أجل! وإني لنادم سادم،١٠٦ وهل أغنت الندامة؟»

•••

ويمل من خطاب أهل النار، فينصرف إلى قصره المشيد، فإذا صار على ميل أو ميلين، ذكر أنه ما سأل عن مهلهل التغلبي ولا عن الشنفرى وتأبط شرًّا، فيرجع على أدراجه، فيقف بذلك الموقف ينادي: «أين عدي بن ربيعة؟» فيقال: «زِدْ في البيان.» فيقول: «الذي يَستشهد النحويون بقوله:

ضربت صدرها إليَّ وقالت:
«يا عديًّا! لقد وَقَتْكَ١٠٧ الأواقي»١٠٨

وقد استشهدوا له بأشياء كقوله:

ولقد خبطن١٠٩ بيوت يشكر خبطة
أخوالنا، وهم بنو الأعمام

وقوله:

ما أرجي بالعيش بعد ندامى
كلهم قد سقوا بكأس حلاق»١١٠

فيقال: «إنك لتعرف صاحبك بأمر لا معرفة عندنا منه، ما النحويون؟ وما الاستشهاد؟ وما هذا الهذيان؟ نحن خزنة النار، فبَيِّنْ غرضك تُجب إليه».

حديثه مع مهلهل

فيقول: «أريد المعروف بمهلهل التغلبي، أخي كليب وائل الذي كان يُضرب به المثل.» فيقال: «ها هو ذا يسمع حوارك، فقل ما تشاء.» فيقول: «يا عدي بن ربيعة! اعزز علي بولوجك١١١ هذا المولج! لو لم آسف عليك إلا لأجل قصيدتك التي أولها:
أليلتنا بذي حسم١١٢ أنيري
إذا أنت انقضيت١١٣ فلا تحوري١١٤
لكانت جديرة أن تطيل الأسف عليك، وقد كنت إذا أنشدت أبياتك في ابنتك المزوجة، في جنب،١١٥ تغرورق من الحزن عيناي، فأخبرني لم سُميت مهلهلًا، فقد قيل إنك سميت بذلك لأنك أول من هلهل الشعر، أي رققه؟» فيقول: «إن الكذب لكثير، وإنما كان لي أخ يقال له امرؤ القيس، فأغار علينا زهير بن جناب الكلبي، فتبعه أخي في زرافة١١٦ من قومه فقال في ذلك:
لما توقل١١٧ في الكراع١١٨ هجينهم١١٩
هلهلت١٢٠ أثأر مالكا أو صنبلا

فسمي مهلهلًا، فلما هلك شبهت به، فقيل لي مهلهل.» فيقول: «الآن شفيت صدري بحقيقة اليقين».

حديثه مع الشنفرى

ويسأل عن الشنفرى الأزدي فيلقيه قليل التشكي١٢١ والتألم لما هو فيه، فيقول: «إني لا أراك قلقًا مثل قلق أصحابك!» فيقول: «أجل، إني قلت بيتًا في الدار الخادعة فأنا أتأدب به، وذلك قولي:
غوى فغوت، ثم ارعوى١٢٢ بعدُ وارعوت
وللقبر إن لم ينفع الشكو أجمل»

حديثه مع تأبط شرًّا

وإذا هو قرين مع تأبط شرًّا، كما كان في الدار الغرارة، فيقول لتأبط شرًّا: «أحقٌّ ما روى عنك من نكاح الغيلان؟» فيقول: «لقد كنا في الجاهلية نتقول ونتخرص١٢٣ فما جاءك مما ينكره المعقول فإنه من الأكاذيب، والزمن كله على سجية واحدة، فالذي شاهده معد بن عدنان كالذي شاهده آخر ولد آدم.» فيقول الشيخ: «نقلت إلينا أبيات تنسب إليك:
أنا الذي نكح الغيلان في بلد
ما طل١٢٤ فيها سماكي ولا جادا»

فلا يجيبه تأبط شرًّا بطائل.

هوامش

(١) جبل شامخ.
(٢) عمد الحديد مفردها مقمعة، وهي عمود من الحديد كالمحجن يضرب به رأس الفيل أو خشبة يضرب بها الإنسان ليذل.
(٣) دائمًا أبدًا.
(٤) اللعنة.
(٥) معروفًا أو إحسانًا.
(٦) أصله.
(٧) جمع كلَّاب (بتشديد اللام)، وهو حديدة معطوفة الرأس، أو عود في رأسه عقافة يجر به الجمر.
(٨) كنية بشار.
(٩) كحبلى.
(١٠) أي أن غدا مجهول لا تعرف ما يجنيه لك.
(١١) يلام.
(١٢) الملح.
(١٣) التسميط ضرب من الشِّعر ينظم مسمطًا أي مقسمًا على أجزاء عروضية مقفاة على غير روي القافية، وقد نحلوا امرأ القيس تسميطًا آخر بين البعد عن الأسلوب الجاهلي، وأوله:
توهمت من هند معالم أطلال
عفاهن طول الدهر في الزمن الخالي

•••

مرابع من هند خلت ومصائف
يصيح بمغناها صدى وعوازف
وغيرها هوج الرياح العواصف
وكل مسف، ثم آخر رادف
بأسحم من نوء السماكين هطال
(١٤) ليكن صباحكم ناعمًا.
(١٥) هذا هو رأي أبي العلاء في الرجز، وسيمر بك في هذه الرسالة ما يقنعك بتحامله الشديد على الرجاز وافتنائه في احتقارهم وتنقصهم، وسننبه على ذلك في موضعه. ونجتزئ هنا ببعض أبيات من لزومياته تستشف منها رأيه في الرجز والرجاز، بصراحة لا تدع مجالًا للشك، وهي قوله:
قصرت أن تدرك العلياء في شرف
أن القصائد لم يلحق بها الرجز
وقوله:
ولم أرق في درجات الكريم
وهل يبلغ الشاعر الراجز
وقوله:
عجزت عن الكسب الذي يجلب الغنى
وما أنت من كسب الدنايا بعاجز
ومن لم ينل في القول رتبة شاعر
تقنع في نظم برتبة راجز
(١٦) متحير أو متبلد يتلفت يمينًا وشمالًا، وهو مأخوذ من صفحتي عنقه.
(١٧) ارجع إلى تفسيرهما في هامش مشاجرة الجعدي والأعشى.
(١٨) المتردم: الموضع يترفع ويستصلح لما اعتراه من الوهن والوهى، أي لم يترك الشعراء لي معنى جديدًا أقوله بعدهم.
(١٩) ما جمعته.
(٢٠) مطر.
(٢١) حبيب بن أوس هو أبو تمام، وهذا هو رأي أبي العلاء في شعره، وقد ذكره في لزومياته فقال:
وجدت عواري الحياة كثيرة
كأن بقاء المرء شعر حبيب
(٢٢) مغنيات.
(٢٣) سمية هي امرأة أبيه، وكان يحبها فحرضت عليه أباه ذات يوم وادعت أن عنترة راودها عن نفسها، فغضب عليه غضبًا شديدًا، وأخذ يضربه ضربًا مبرحًا، فلما رأت ذلك رق له قلبها، فارتمت عليه تجلله وتحميه وبكت لما أصابه، ففاضت شاعريته بتلك الأبيات.
(٢٤) معنى البيت: أحقًّا تذرفين علي دموعك وما عودتني ذلك من قبل؟
(٢٥) علتني أو نكنفتني.
(٢٦) ولد الظبية.
(٢٧) باكي العين.
(٢٨) هو علقمة الفحل.
(٢٩) يعني بائيته وميميته، ومطلع الأولى: «طحا بك قلب في الحسان طروب.» ومطلع الثانية: «هل ما علمت وما استودعت مكتوم.» وهما مشهورتان.
(٣٠) شرخ الشباب ريعانه، أي أوله.
(٣١) معنى الأبيات واضح، واستحسان أبي العلاء لها إلى هذا الحد يدلك على أنها صادفت هوى في نفسه، وأنه ممن يدينون بهذا الرأي، وربما مثلت لك هذه الأبيات بعض ما يعتقده في النساء، فلنذكر لك بهذه المناسبة موجز:

رأي أبي العلاء في المرأة

فنقول: «إن كان لأحد أن يسخط على أبي العلاء، فهي المرأة، فقد احتقرها، وأنكر عليها أكثر مزاياها، وأمعن في إساءة الظن بها، وأسرف في ذلك إسرافًا بلغ به أن رأى السعادة في خلو العالم منها، فقال:
بدء السعادة إن لم تخلق امرأة
فهل تود جمادى أنها رجب؟
ورأى أنها لا تصلح للحياة العامة مطلقًا، وتَمَثَّلها غادرة متهالكة على لذاتها، منهمكة متفانية في شهواتها، لا تعرف الوفاء، ولا تدرك للحب الصادق معنى، تتجهم للرجل إذا قل ماله، وتخونه لأتفه الأسباب.
وبهذه العقيدة المتعنتة، اندفع يشدد عليها الحجاب، وينهاها عن دخول الحمام، ويحرم عليها أداء فريضة الحج، ويحظر عليها الصلاة في المسجد، وينصحها بالعدول عن طلب العلم، فإذا لم يكن لها بُدٌّ من طلبه، فحسبها منه أن تحفظ بضع أبيات يلقنها إياها شيخ أعمى، أنهكه الكبر، فخانته قواه وارتعشت من الضعف يده. وعليها أن تكتفي بهذا القدر اليسير دون أن تحاول الاستزادة، أو تطمح إلى التعمق في فهم ما حفظته، فإن ذهنها الضيق لا يتسع لذلك، ولا حاجة بها إليه. أما القراءة والكتابة فإنها مفسدة لها. ولو شئنا سرد ما قاله في ذلك، لخرجنا عما قصدنا إليه، ولكن حسبنا أن نجتزئ هنا بقوله:
علموهن النسج والغزل والرد
ن، وخلوا كتابة وقراءة
فصلاة الفتاة بالحمد والإخلا
ص، تغني عن يونس وبراءة
وقوله:
ولا يدنين من رجل ضرير
يلقنهن آيًا محكمات
سوى من كان مرتعشًا يداه
ولمته من المتثغّمات
وليس لأبي العلاء من حسنة تذكرها له المرأة إلا سخطه على وأد البنات — إن كان يصح اعتبار هذا الواجب الإنساني حسنة، فقد قال:
لا تولدوا، فإذا أبي طبع، فلا
تئدوا، وأكرم بالتراب مصاهرًا
على أن هذا الرأي هو أقل ما ننتظره من رجل لم تقف به الشفقة عند تحريم أكل الحيوان على نفسه، إشفاقًا عليه، بل وصلت إلى حد أن أنكر على الناس قتل البرغوث، فقال:
تسريح كفك برغوثًا ظفرت به
أبر من درهم تعطيه محتاجًا
وأخذ يدلل على ذلك فقال:
كلاهما يتوفى — والحياة لا
عزيزة — ويروم العيش مهتاجًا
على أنك، إذا آنست منه حرارة الدفاع عن قتل البرغوث، في هذين البيتين، آلمك ما تلمحه من الفتور، حين يدافع عن وأد البنات في قوله: «وأكرم بالتراب مصاهرًا.» فقد ترى فيه نهيًا مشوبًا بشيء من التردد والحذر، بل إن شئت فقل من الرضى والتماس العذر».
ولا يذهبن الوهم بالقارئ، فيحسب أن أبا العلاء كان مع كل هذا التحامل يكرهها أو يقتص منها لترة في نفسه منها، فقد كان، على العكس من ذلك، شفيقًا رحيمًا بها، وإنما دفعه إلى تنقصها وتمني خلو العالم منها، حدبه العميم على الإنسان. ولما كانت المرأة في رأيه هي أداة النسل ومجلبته وهو لا يرى في غير انقراض النسل حاسمًا لشقاء العالم، فلا جرم خصَّها بأكبر قسط من سخطه، ونقمَ عليها وجودها.
وقد ساعده على سوء ظنه بها واحتقاره مواهبها، ما كانت عليه في عصره من الانحطاط الخلقي والضعف النفسي، وما اكتظت به الآداب العربية التي درسها من تنقص المرأة والافتنان في ذكر مثالبها.
ولا مندوحة هنا من التنبيه على أن رأي شوبنهور الفيلسوف الألماني لا يختلف كثيرًا عن رأي أبي العلاء في المرأة، ولا يغيبن عن القارئ اتفاقهما في المزاج السوداوي الذي كان علة تشاؤمهما معًا.
(٣٢) المصطبح هو الذي يشرب الصبوح أي خمر الغداة، وهو يشير بذلك إلى قوله في أول معلقته:
ألا هُبي بصحنك فاصبحينا
ولا تبقى خمور الأندرينا
أي انهضي بقدحك أيتها الساقية، واسقينا خمرة الصباح، ولا تدخري شيئًا مما عندك من تلك الخمر التي أحضرت من قرى الأندرين.
(٣٣) المغتبِق هو الذي يشرب الغبوق، أي خمر العشيِّ.
(٣٤) أي لم تأتِ بالسناد في شعرك، والسناد في الشعر هو كل عيب في القافية قبل الروي.
(٣٥) مخفف غدُر، بضم الدل.
(٣٦) تضربها.
(٣٧) معنى البيت: أن متون تلك الدروع يشبه متون الغدُر إذا صفقها الرياح أثناء جريها.
(٣٨) البخق أقبح العور وأكثره غمصًا.
(٣٩) تشرى لك لتشربها.
(٤٠) الخمر.
(٤١) الحص هو الورس، نبت له نوار أحمر يشبه الزعفران، وقد أشار بذلك إلى قوله في معلقته يصف الخمر:
مشعشعة كأن الحص فيها
إذا ما الماء خالطها، سخينًا
والمشعشعة: الخمر الممزوجة بالماء.
(٤٢) كسع الناقة بغبرها ترك في خلفها بقية من اللبن ليغزر.
(٤٣) الشول: الناقة التي شال لبنها، أي ارتفع فلم يبق في ضرعها إلا صبابة منه.
(٤٤) أغبار جمع غبر، وهي بقية اللبن في الضرع.
(٤٥) هو الذي ينتج الناقة، أي يلي نتاجها. ومعنى البيت: لا يكن همك تغزير إبلك لتقوية نسلها، فإنك لا تدري ما تضمره الأيام فربما اختص بنتاجها غيرك.
ويلي هذا البيت قوله:
وأحلب لأضيافك ألبانها
فإن شر اللبن الوالج
أي شر اللبن هو المكسوع الذي يلج في ظهور النوق فاحلبها لأضيافك ولا تكن بخيلًا.
(٤٦) يكسعون ناقة الميت، أي يضربونها بقوائم سيوفهم من أسفل، وليس لهذا الكلام علاقة بالبيت السابق وإنما هي التفاتة من أبي العلاء لا تخلو من نفع وليس في ذكرها بأس.
(٤٧) يصف نفسه بأنه كريم يروي نفسه بالخمر ويفخر بأنه سيموت ريان، وأن عاذليه في شربها سيظمأون عند موتهم.
(٤٨) بخيل حريص على جمع المال وادخاره.
(٤٩) معنى البيت: لا أرى أي فرق بين قبر البخيل الذي عنى نفسه بجمع المال وادخاره، وقبر المفسد المتلاف لماله، فما قيمة المال إذن، ولماذا أبقى عليه ولا أمتع نفسه به.
(٥٠) إذا وافيتني منحتك كأسًا تروى بها من الخمر، فإذا لم تشأ، فلا سقيتها أبدًا.
(٥١) الصبوح شراب الصباح، والغبوق شراب المساء.
(٥٢) يشير بذلك إلى الروايتين الشائعتين عن سبب قتله، والرواية الثانية أرجح وأشهر، وفحواها أن طرفة كان قد هجى عمرو بن هند، فأحفظه تلك عليه، وأسرها له في نفسه، ثم أرسله مع المتملس إلى عامله بالبحرين، بعد أن تلطف بهما، وأعطى كلًّا منهما كتابًا، أوهمهما أن فيه أمرًا بصلتهما، وإنما فيه أمر بقتلهما. وارتاب المتلمس في نية ابن هند، فذهب إلى غلام يقرأ له كتابه، فلما وجد فيه الأمر بقتله فر، ونصح طرفة فلم ينتصح، وذهب لطيته حيث لقى حتفه.
(٥٣) يعني معلقته الرائعة التي وُفِّق فيها كل التوفيق إلى تمثيل صورة واضحة دقيقة من نفسه. المتوثبة إلى غايات الشباب النبيل، الشديدة الحس بما يحيط بها من الجمال والحسن، الفياضة بالشاعرية الغالية، التي تلمحها في أغلب أبياتها — إن لم نقل في كلها، وهل ترى أنصح من تلك الصورة الجميلة التي مَثَّل فيها نفسه، حين يقول:
ألا أيهذا الزاجري، أحضر الوغى
وأن أشهد اللذات، هل أنت مخلدي؟
فإن كنت لا تستطيع دفع منيتي
فدعني أبادرها بما ملكت يدي
ولولا ثلاث هن من عيشة الفتى
وجدك، لم أحفل متى قام عودي
فمنهن سبقي العاذلات بشربة
كميت، متى ما تعل بالماء تزبد
وكري، إذا نادى المضاف مجنبًا،
كسيد الغضا، نبهته — المتورد
وتقصير يوم الدجن، والدجن معجب،
ببهكنة، تحت الخباء المعمد
فانظر إليه كيف يدفع حجة من يعذله في اقتحامه الهيجاء وتمتعه بلذاته، باستحالة الخلود، ومن ثم بوجوب اقتناص الفرص، والتمتع بمسرات الحياة، قبل أن تغتاله يد الموت، وانظر إلى رغباته الثلاث التي لا يرى للحياة معنى بدونها، وهي سبقه العاذلات بشربة من الخمر الكميت، واندفاعه في ساحة الحرب بفرسه، التي تشبه الذئب في سرعة العدو، لإغاثة اللائذ به، وتقصيره يوم الغيم، بالتمتع بامرأة جميلة يغازلها، في سرادق مرفوع.
(٥٤) الجائرون أو الحائدون عن الحق.
(٥٥) خالطت الجربى فلم تجرب لقوتها.
(٥٦) جمع فصفصة وهي نبات تعلفه الدواب.
(٥٧) الفلوس.
(٥٨) سائس حاذق، ومعنى البيت أن فرسه خالطت الدواب الجربى فلم يصبها جرب؛ لأنها من الأفراس القوية التي يشري لها علفها بالمال سائس حاذق يعنى بأمرها.
(٥٩) مصرف، وهذا البيت من قصيدة جميلة عدتها ثمانية وأربعون بيتًا قالها في تأبط شرًّا، ابن زوجه أميمة.
(٦٠) محبس.
(٦١) ضيق باعك.
(٦٢) يتأوى من وجع الضرب أو من ألم الجوع.
(٦٣) زقاقًا مملوءة شائلة القوائم، أو قربًا ملئت فارتفعت قوائمها.
(٦٤) أسقوني خمر الصباح.
(٦٥) العقار الخمر سميت كذلك لمعاقرتها، أي لملازمتها الدن.
(٦٦) جمرة ملتهبة.
(٦٧) تحترق وتتوهج.
(٦٨) يسقى بها ثانية.
(٦٩) من الجانب الأيمن.
(٧٠) من الجانب الأيسر.
(٧١) أي أنهم حين يضعونها يهللون فرحين بها.
(٧٢) مقطع لتصل إليه النار فتنضجه.
(٧٣) اشتداد الفرح حتى يجاوز الإنسان حده فيتبختر ويختال.
(٧٤) كبر.
(٧٥) لم تمهلنا.
(٧٦) سكرة.
(٧٧) كثيب أو قطعة من الرمل تنقاد محدودية.
(٧٨) ينهال.
(٧٩) الهروب أو الفرار ومعناها هنا النجاة.
(٨٠) يخرج نفسه بعد مده إياه.
(٨١) أشم.
(٨٢) اللائي يرفعن أصواتهن بالغناء.
(٨٣) قرية عظيمة أو بناء كالقصر حوله بيوت.
(٨٤) مختلط وملتبس كلامي من شدة السكر.
(٨٥) نوع من النبت قيل هو الياسمين.
(٨٦) جمع خنوص وهو ولد الخنزير.
(٨٧) مطعن، ومعنى البيت أنك أفنيت الدجاج أكلًا، فما عليك لو عطفت على الخنازير فأكلتها، أترى فيها مطعنًا؟
(٨٨) جاهري به.
(٨٩) لا أكتم.
(٩٠) السر.
(٩١) يعني جبل أحُد وهو يشير بذلك إلى انتصار المشركين على النبي في واقعة أحد سنة (٦٢٥م)، وكان قائد المشركين فيها أبو سفيان، وكان النصر محققًا للمسلمين في بدئها، فلما خالفوا أمر النبي وانتقلوا من مواضعهم، كرَّ عليهم المشركون وقتلوا منهم عددًا كبيرًا، فيهم حمزة عم النبي ، واستطاع العدو أن يخلص إلى النبي فيرميه بالحجارة، ووقع لشقه، فأصيبت رباعيته وشج وجهه وكلمت شفته، ودخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته، وسقط في إحدى الحفر التي حفرها المشركون ليقع فيها المسلمون، فأخذه علي بيده، ورفعه طلحة بن عبيد الله، وأحاط به جماعة من الأنصار والمهاجرين، استبسلوا في الدفاع عنه، وفي هذه الموقعة أظهرت أم نسيبة بنت كعب، شجاعة مدهشة وإقدامًا يستفز الإعجاب والروعة، فقد كانت تسقي الماء في أول النهار، فلما رأت هزيمة المسلمين، انحازت إلى النبي وتفانت في الذود عنه، ضاربة بسيفها مرة، ورامية عن قوسها أخرى، حتى أثخنتها الجروح.
وفي نهاية المعركة صعد أبو سفيان ربوة، ونادى المسلمين بأعلى صوته: «أنعمت فعال، إن الحرب سجال، يوم بيوم بدر، اعْلُ هُبَل!»
(٩٢) يشير بذلك إلى أمر الخلافة التي سعى إليها معاوية وعلي، فقُتل الثاني وأحرزها الأول.
(٩٣) الحظ.
(٩٤) اسقيني.
(٩٥) نخب ذلك.
(٩٦) خمرة.
(٩٧) عنبًا.
(٩٨) تعالي فحدثيني وأعلني أحاديثك الجميلة فليس من رأيي كتمانها، حدثيني عن هزيمة المسلمين في أحُد، وانتصار أبي سفيان عليهم، وولولة باكياتهم على قتلاهم، وحدثيني عن فشل علي في الحصول على الخلافة، وانتصار معاوية عليه، وإحرازها دونه، ثم اسقيني نخب هذه الذكريات المحبوبة خمرة لذيذة، اعتصرها العيسى من عنب شآمي.
(٩٩) إذا تأملنا أقوال القدماء، لم نجد أحدًا منهم يحرم الخمر، فإذا كان محمد قد تفرد بتحريمها وحده، فها هو محمد قد مات، فزال بموته الخلف في شأنها بين الناس.
(١٠٠) التشبيب.
(١٠١) لم تدهش ولم تتحير وتشتغل بما أنت فيه.
(١٠٢) طبيعة.
(١٠٣) الحمار.
(١٠٤) خمرًا باردة.
(١٠٥) عند إشراق الصباح.
(١٠٦) سادم في معنى نادم وهي هنا للتأكيد.
(١٠٧) حفظتك وصانتك عن الأذى.
(١٠٨) جمع واقية وهي الشيء يتقى به، ومعنى البيت أنها دقت صدرها داعية أن لا يصيبني مكروه.
(١٠٩) ضربنهم ضربًا شديدًا.
(١١٠) الحلاق: المنية، ومعنى البيت: أي خير في الحياة بعد أن أفنى الردى كل نداماي.
(١١١) بدخولك.
(١١٢) اسم مكان.
(١١٣) انتهيت.
(١١٤) لا ترجعي.
(١١٥) منتحيًا.
(١١٦) جماعة.
(١١٧) صعد في أي توغل أو رقى فيه.
(١١٨) الكراع: أنف يتقدم الحرة ممتد، أي جزء خارج ممتد يتقدم الحرة، وهي كل أرض ذات حجارة نخرة سود كأنها أحرقت بالنار.
(١١٩) يعني بالهجين زهير بن جناب.
(١٢٠) قاربت ويقال توفقت.
(١٢١) قليل التشكي أي قليل التوجع والتأوه، وبذلك وصفه قرينه تأبط شرًّا في قصيدة جميلة منها.
قليل التشكي للمهم يصيبه
كثير الهوى شتي النوى والمسالك
أي قليل التوجع لما يحزنه، كثير السفر والتحول من مكان إلى آخر.
(١٢٢) كف ورجع.
(١٢٣) نفتري ونكذب.
(١٢٤) لم يصبها الطل وهو الرذاذ أي المطر الضعيف.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤