تاريخ علوم اللغة العربية
اللغة العربية هي لغة القرآن المُنزَّل والحديث النبوي المُوحَى به، المُخاطَب بهما أهل الإيمان، ولا يصحُّ تأدية شعائر الدين الإسلامي من صلاةٍ وذِكرٍ ودعاءٍ وغير ذلك إلا بها. وهكذا فقد أدَّى ظهور الإسلام إلى انتشارها وسط الخلائق الذين كان منهم أصحاب اللسان الأعجمي، الذين دخلوا في الدين أفواجًا وأقبلوا على العربية يتعلمونها؛ فكثر عدد أهلها وسادت البلادَ البعيدة بعد أن كانت منزويةً بأطراف جزيرة العرب. ولكن هذا الانتشار السريع استلزَم من أهلها بذل المزيد من العناية والاهتمام من خلال تدوينها وضبط قواعدها وتطوير رسمها وخطوطها؛ مخافةَ أن يتسلل إليها اللحنُ والخطأُ من اللغات الأخرى؛ فنشأت علومُ النحو والصَّرف والبلاغة وغيرها وأُطلِق عليها «علوم اللغة العربية»، وهي موضع حديثنا في هذا الكتاب الذي يُقدِّم فيه المؤلف في إيجازٍ بعضًا من تاريخ هذه العلوم وكيف تبلورت مناهِجها وتعدَّدت صور النظر فيها بشكلٍ أَثْرى العربية وآدابها.