الفصل الثالث عشر
حين عين مجدي بالسكة الحديد كان طبيعيًّا، وقد عرفوا أنه يسكن المعادي، أن يعمل مهندسًا بخط حلوان، وكان طبيعيًّا أن يلتقي بالأستاذ درديري إسماعيل المسئول الإداري عن قطع الغيار التي لا يستطيع مهندس أن يعمل بدونها، وكان طبيعيًّا أيضًا أن يتحدثا معًا عن الأصدقاء المشتركين لكليهما، وعرف الأستاذ درديري أن مجدي يعرف ابنه وأنهما كانا في مدرسةٍ واحدة، وأحس مجدي الفيجعة التي يشعر بها الأستاذ درديري أن ابنه يتعثر في المدارس، وأنه حين نال الثانوية العامة نالها بلا مجموع، وأنه إما أن يعيد السنة أو يبحث عن معهد، ويقول درديري: بعيد عنك يا باشمهندس التأم مع اثنين صائعين لا يتركهما ولا يتركانه.
ويقول مجدي: تقصد فكري فؤاد وحمدي الفنجري.
– قطعًا.
– ولكن هذين لهما أبوان يستطيعان أن يجعلاهما يعملان بالأعمال الحرة.
– ولهذا جاءني منذ كم يوم يقول لي إنه سيعمل مع الولد الفنجري، فانفجرت فيه يا باشمهندس وأقسمت بالطلاق إنني إن سمعت اسم واحد منهما في البيت، سأطرده وأجعله يضيع في الشوارع.
وقال مجدي: ألم تتعجل بعض الشيء يا عم درديري؟
– مطلقًا.
– ألا تخشى أن يعمل مع الفنجري ويترك البيت فعلًا؟
– يا نهار أسود … فعلًا … الولد لم يطلب حتى مصروفًا منذ أكثر من شهر … فعلًا.
– خففت الوطأة عليه بعض الشيء.
– لا حول ولا قوة إلا بالله، إذن من أين يأتي بالفلوس؟
– ألا تعرف، أغلب الأمر أنه يعمل مع صديقه، وأي بأس في ذلك؟ المسألة لا تستاهل كل هذا الغضب.
– يعمل مع صديقه؟ وهل صديقه يعمل … إنه ضائع يأخذ مرتبًا من أبيه بلا عمل، هذا لأنه أبوه … أتراه سيعطي ابني هو أيضًا بلا عمل؟
– ولماذا بلا عمل يا عم درديري … قد يكون حمدي رجا أباه من أجل صديقه، واشترط الأب أن يعمل هشام.
– على الله … على الله … على كل حال بلاء أخف من بلاء.