الْأَسَدُ الْمَرِيضُ
وَافَى الْأَسَدَ أَجَلُهُ١ فَانْهَارَ فِي مَدْخَلِ غَارِهِ٢ يَنْتَظِرُ الْمَوْتَ وَيَلْفِظُ أَنْفَاسَهُ. فَاجْتَمَعَ حَوْلَهُ رَعَايَاهُ
مِنَ الْحَيَوَانَاتِ، وَجَعَلَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَقْتَرِبُ، وَيَتَمَادَى فِي الِاقْتِرَابِ
كُلَّمَا تَمَادَى الْأَسَدُ فِي الْعَجْزِ وَالضَّعْفِ. وَعِنَدَمَا تَبَيَّنَ لَهُمْ
أَنَّهُ فِي قَبْضَةِ الْمَوْتِ قَالُوا لِأَنْفُسِهِمْ: «لَقَدْ حَانَ الْوَقْتُ الَّذِي
نَأْخُذُ فِيهِ ثَأْرَنَا الْقَدِيمَ.» فَتَقَدَّمَ الْخِنْزِيرُ الْبَرِّيُّ وَأَنْشَبَ
فِيهِ أَنْيَابَهُ، ثُمَّ انْدَفَعَ الثَّوْرُ وَأَدْمَاهُ بِقَرْنَيْهِ، وَالْأَسَدُ
بَيْنَ ذَلِكَ هَامِدٌ لَا يُبْدِي مُقَاوَمَةً؛ لِذَا تَقَدَّمَ الْحِمَارُ وَهُوَ آمِنٌ
تَمَامًا مِنَ الْخَطَرِ وَأَدَارَ ذَيْلَهُ إِلَى الْأَسَدِ وَرَفَسَهُ بِعَقِبَيْهِ
فِي
وَجْهِهِ.
تَأَوَّهَ الْأَسَدُ: «هَذَا مَوْتٌ مُضَاعَفٌ.»٣
•••
«وَحْدَهُمُ الْجُبَنَاءُ مَنْ يُقْدِمُونَ عَلَى إِهَانَةِ جَلَالَةٍ مُحْتَضَرَةٍ.»٤
١
وَافَاهُ أَجَلُهُ: حَانَ مَوْتُهُ.
٢
غَارٌ: كَهْفٌ.
٣
مُضَاعَفٌ: مُزْدَوَجٌ.
٤
مُحْتَضَرٌ: حَضَرَهُ الْمَوْتُ.