تَعْلِيقُ الْجَرَسِ فِي عُنُقِ الْقِطَّةِ
فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ، عَقَدَتِ الْفِئْرَانُ مَجْلِسًا عَامًّا لِلنَّظَرِ فِي
وَسَائِلَ يُمْكِنُهُمْ بِهَا أَنْ يَدْفَعُوا كَيْدَ عَدُوِّهِمُ الْمُشْتَرَكِ
(الْقِطَّةِ). قَالَ الْبَعْضُ: نَفْعَلُ كَذَا. وَقَالَ الْبَعْضُ: نَفْعَلُ كَيْتَ.
وَأَخِيرًا انْبَرَى
١ فَأْرٌ صَغِيرٌ وَقَالَ إِنَّ لَدَيْهِ اقْتِرَاحًا لِيُنَفِّذُوهُ يَرَى
أَنَّهُ يَفِي بِالْغَرَضِ. قَالَ الْفَأْرُ الصَّغِيرُ: «لَعَلَّكُمْ تُوَافِقُونَنِي
جَمِيعًا عَلَى أَنَّ الْخَطَرَ الْأَكْبَرَ الَّذِي يُوَاجِهُنَا يَتَمَثَّل فِي
الطَّرِيقَةِ الْمَاكِرَةِ الْمُخَادِعَةِ الَّتِي يَقْدَمُ بِهَا عَدُوُّنَا عَلَيْنَا،
فَالْآنَ إِذَا مَا تَمَكَّنَّا مِنْ أَنْ نَتَلَقَّى إِشَارَةً مُعَيَّنَةً لِمَقْدِمِهِ
سَيَكُونُ بِإِمْكَانِنَا أَنْ نَهْرُبَ مِنْهُ بِسُهُولَةٍ؛ لِذَا فَإِنَّنِي أُغَامِرُ
بِاقْتِرَاحِ أَنْ نُدَبِّرَ لَنَا جَرَسًا صَغِيرًا نَعْقِدُهُ بِشَرِيطٍ نُطَوِّقُ
بِهِ
رَقَبَةَ الْقِطَّةِ. بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ يَتَسَنَّى لَنَا
٢ دَائِمًا أَنْ نَتَنَبَّهَ عِنْدَ قُدُومِهَا، وَيُمْكِنُنُا بِسُهُولَةٍ أَنْ
نَخْتَبِئَ مِنْهَا عِنْدَمَا تَكُونُ عَلَى مَقْرُبَةٍ مِنَّا.»
قُوبِلَ هَذَا الِاقْتِرَاحُ بِاسْتِحْسَانٍ عَامٍّ، إِلَى أَنْ نَهَضَ فَأْرٌ عَجُوزٌ
وَقَالَ: «كُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ جِدًّا، وَلَكِنْ مَنِ الَّذِي سَيَتَوَلَّى تَعْلِيقَ
الْجَرَسِ فِي عُنُقِ الْقِطَّةِ؟»
هُنَا نَظَرَ الْفِئْرَانُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَلَمْ يَنْطِقْ أَحَدٌ، عِنْدَئِذٍ
قَالَ الْفَأْرُ الْعَجُوزُ: «مَا أَسْهَلَ أَنْ يَقْتَرِحَ الْعَقْلُ حُلُولًا غَيْرَ
مُمْكِنَةٍ عَمَلِيًّا.»