مُخُّ الْحِمَارِ
ذَهَبَ الْأَسَدُ وَالثَّعْلَبُ للصَّيْدِ مَعًا. أَرْسَلَ الْأَسَدُ، عَمَلًا
بِنَصِيحَةِ الثَّعْلَبِ، رِسَالَةً إِلَى الْحِمَارِ يَقْتَرِحُ عَلَيْهِ عَقْدَ تَحَالُفٍ
بَيْنَ عَائِلَتَيْهِمَا، فَأَقْبَلَ الْحِمَارُ إِلَى مَكَانِ الِاجْتِمَاعِ وَكُلُّهُ
ابْتِهَاجٌ بِبَشَائِرِ تَحَالُفٍ مَلَكِيٍّ، غَيْرَ أَنَّهُ عِنْدَمَا حَضَرَ لَمْ يَكُنْ
مِنَ الْأَسَدِ إِلَّا أَنِ انْقَضَّ عَلَيْهِ وَافْتَرَسَهُ، ثُمَّ قَالَ للثَّعْلَبِ:
«هَا هُوَ غَدَاؤُنَا لِهَذَا الْيَوْمِ. قُمْ أَنْتَ بِالْحِرَاسَةِ حَتَّى أَذْهَبَ
لِأَنَالَ قِسْطًا مِنَ النَّوْمِ. وَالْوَيْلُ لَكَ إِذَا لَمَسْتَ فَرِيسَتِي.» انْصَرَفَ
الْأَسَدُ وَظَلَّ الثَّعْلَبُ، غَيْرَ أَنَّهُ إِذْ وَجَدَ سَيِّدَهُ قَدْ تَأَخَّرَ
غَامَرَ بِإِخْرَاجِ مُخِّ الْحِمَارِ وَالْتَهَمَهُ لِلتَّوِّ.١ وَعِنْدَمَا رَجَعَ الْأَسَدُ لَاحَظَ مِنْ فَوْرِهِ غِيَابَ الْمُخِّ،
فَسَأَلَ الثَّعْلَبَ بِصَوْتٍ رَهِيبٍ: «مَاذَا فَعَلْتَ بِالْمُخِّ؟» فَقَالَ
الثَّعْلَبُ: «مُخٌّ؟! يَا صَاحِبَ الْجَلَالَةِ، الْحِمَارُ لَا مُخَّ لَهُ، وَإِلَّا
لَمَا أَمْكَنَ أَنْ تَنْطَلِيَ عَلَيْهِ حِيلَتُكَ.»
•••
«لَا يَعْدَمُ الْفَطِنُ رَدًّا٢ حَاضِرًا فِي أَيِّ وَقْتٍ.»
١
لِلتَّوِّ: عَلَى الْفَوْرِ.
٢
لَا يَعْدَمُ رَدًّا: لَا يَفْتَقِدُهُ، لَا يَفْتَقِرُ إِلَيْهِ.