صهباء الشمال: الأسيلة!
إلى «أصيلة» أو زايلة.
لها اعتلال في أوائلها، والأواخر منها لا تدرك،
لتُرى ترحل أبدًا في ذؤابات السحاب.
هل عرفتَ موجًا يفترُّ باكرًا في نواصي الصباح،
يبادلك الحديث ببلاغة النثيث، أم عرفتها؟
أي أرض أخرى سواها تستقبلك في كف بحناء ماء،
وبالأخرى وشيها الأزرق في اختلاج السماء.
أي أرض غيرها، لا تقل أبدًا شبهها،
تهبُّ لاستقبالك لثمة من ضياء،
وباكورة مهداة لصبوات المساء!
أي طيف عداها قل أن يناغيها هواها،
أو يضاهيها سواها، كلما أوغلت القرب منها،
ألفيت فتنتها يحرسها أبناؤها الشعراء.
قلتُ أبشر، فقد دنوت من شميم الألق،
حين على نغمة من ولع تفتَّح مثل الشفق،
ذاك بعضك، أم وجهها المستتر،
أم هاج مني لها شوقي المستعر
كخصلة موج على نحرها
… وحتى الحفيف الذي في الشجر،
وما ثملت به العين منها، وغنَّى الوتر،
أن سلطانها عليك وفيك، ويحك، أبدًا لا يندثر.
معاذ الله أن نعصي الخالق، فكيف إذا نحتت منكِ صفات الخلق البديع.
والطريق إليها أسير، يسبقني شوق متضور إلى شهد نظرتها، كالربيع.
فيطويني المسير، أسرع في الضوء إليها في الأثير، أفنى حتى النجيع.
وفي غرَّة الصبح حين ألقاها، وقد تهت عمرًا، أعانق حبًّا لها لن يضيع.
وكل مساء إذا هجم الحزن ليفتك بالقلب أودعَته هامسة سرها لا يذيع.
ومن عام لعام آتي إليك وأمضي، وأعرف أني بغير شغافك غدًا سأضيع.
وما نسيت النوارس،
ففي صدري عش لها تسكنه،
وساحرة تطرز الليل بأهدابها،
وأخرى، تلك أدرى بأدوائها،
على فتحة الجرح يد منها تلامس،
وثانية تشعل الجمر مني وتسكبه،
لم يبالِ ذو القروح إلا بصهبائها،
وفم لها قدح، آه، بها تشربه.
لا تسألوني، غيرها، بعدها
ما اسمها
صهباء الشمال … أصيلة
أوَليست … أسيلة
جذبتنا، إليها
من أقاصى الأرض، دانيها
أي مفتون، كل فاتنة
صيرتها ذليلة
وحده، رجل
علم فوق الجبال
يصلي لله أن يحرسها
وهي في عينيها تحفظه
بكرة، وعشية
فما أجملها، حبيبتي
… أبدًا، بهية.
باريس في ٠٣/ ٠٧/ ٢٠٠٥م