الغائبون عن قرطاج
«هل هناك سر في وفاة محمود دياب؟» أقرأ عنوان المقال في الطائرة المتجهة إلى تونس، وتنتابني قشعريرة خفيفة. كاتب الكلمات ليس كاتبًا؛ إنه «مستشار» في النقض، أعلى مراحل القضاء في مصر. إنه أحد زملاء محمود دياب. محمود كان قاضيًا، قبل أن …
قبل ماذا؟
وتونس الجميلة تتمدد على الشاطئ في حنان الشمس، تستقبل زملاء محمود دياب القادمين، لا من أبهاء المحاكم، بل من … أين؟ محاكم من نوع آخر، يسمونها المسرح. والمحكمة أيضًا مسرح. والمسرح هو الآخر محكمة. وأيام قرطاج المسرحية هي أيام المحاكمات العربية، محاكمات التمثيل العربي.
وينادي الحاجب المسكين بصوت أنهكه الذل: ميخائيل رومان.
ويخيم الصمت المشمس على تونس، فلم يحضر الرجل. أم أنه حضر، ونحن لا نراه؟ تساءل ناقد ثقيل الظل أو عبقري. منذ عشر سنوات، وهم ينادونه بلا مجيب، قال آخر. لا أحد يدري أين ذهب، قال ثالث. هذا كان أحد زملاء دياب، قال رابع. لماذا هو مطلوب في المحكمة؟ تساءل الجمع الحاشد على أبواب المسرح في العاصمة الخضراء. كان الجمع يئن بوجع مباغت. هل هو متهم، أم العكس صاحب دعوى؟ لم يجب أحد. كان هناك متهمون كثيرون وشهود وقضاة ومحامون وأصحاب دعاوى يتزاحمون على أبواب المحكمة. منهم من مر بباريس وهو قادم إلى بني هلال، فجاء ومعه القانون الفرنسي، ومنهم من زار المماليك وأتى بمواثيقهم، ومنهم من مر ببابل وفنيقيا فأتى بعهودهم. وفرش الجميع بضاعتهم وهم مستعدون للاحتكام إلى قرطاج.
أين نجيب سرور إذن؟ صرخ أحد الأصوات في وجهي بانفعال مخمور، فأدرت رأسي لأسمع الصوت نفسه: ألم يكن زميلًا لمحمود دياب؟ ألم يكن صديقًا لميخائيل رومان؟ هاتوه وليتكلم.
۱
في هذا الوقت كان النقاد وأشباه النقاد، وأشباه أشباه النقاد يجلسون في قاعة مظلمة خصصتها إحدى الجميلات المدعى عليها بأنها تمارس التمثيل، لاستحضار الأرواح … منذ غادرها الحلاق الوسيم ولم يعد.
قال شبه الناقد الأول: علينا باستحضار ميخائيل رومان، لأن محكمة قرطاج لن تنعقد في غيابه. إننا لم نتجشم عناء السفر عبثًا. قاطعه شبه الناقد الثاني: وعثاء السفر يا صديقي، وعثاء لا عناء، المهم أكمل. قطب جبينه وأكمل: على ميخائيل رومان أن يشرح للمحكمة لماذا اختار هذا الاسم لجده ولماذا اختار له أبوه اسمه الثاني. إننا يا سادة يجب أن نحاكم أنفسنا بقسوة، فالرومان هم أعدى أعدائنا، والقانون الروماني هو الذي أفسد أصالتنا. وميخائيل رومان قبطي صعيدي مثقف ويعلم أن الرومان ذبحوا مئات الألوف من الأقباط، فكيف يسمي نفسه باسمهم؟ هذه هي النقطة الأولى. بل هذا هو السؤال الأول الذي أطلب من ربة الحسن والجمال أن تستحضر روح هذا المسرحي الملعون ليجيب عليه.
تنحنح شبه الناقد الثاني قائلًا: لأنه ليس هذا هو السؤال الأول. اسمعوا جميعًا. ما أثاره زميلنا هو نقطة شكلية جدًّا، فماذا يفيدنا من الاسم وبيننا هولاكو وجنكيز خان ويدعيان رسميًّا باسم منير وجليل؟ لا. الأهم هو الجوهر. لذلك أريد أن يجيبني ميخائيل أفندي رومان على السؤال التالي: لماذا هرب من المعركة في أكتوبر ١٩٧٣م؟
سمعت همهمة ولغطًا وأصواتًا تهمس: أكان ميخائيل ضابطًا أم جنديًّا ونحن لا ندري؟ وكيف هرب بينما المعروف أن قواتنا انتصرت ولم تقع حادثة هرب واحدة. إن كابوس الحرب القديمة يسيطر على الرجل. ولكنه صاح: لا، إنه لم يهرب من النار أو خوفًا من الموت كلا، لقد هرب من الفرح، هرب في غمرة النصر، وهذا هو الذي يحيرني. في ذروة النصر هرب. إن الهارب من النصر كالهارب من الهزيمة، كلاهما هارب من المعركة. لم يكن ميخائيل رومان مريضًا، وكانت تباشير السعادة تملأ وجهه طيلة الأيام الأولى للحرب. وفجأة حل الحزن في تجاعيد الوجه الصعيدي، ملأت العينين دموع متحجرة. ثم مات، لماذا مات؟ في المسرح كان يجد بدائل عديدة للموت. كان يكره الموت. لماذا عشق الموت في تلك اللحظة؟ لم يستشر أحدًا. مات وحده. مات في هدوء ولم يشعر به أحد. بعدها، سمعنا بما يسمى الدفرسوار وحصار الجيش الثالث والخيمة ١٠١ وكيسنجر وفك الاشتباك الثاني وزيارة فلسطين المحتلة وكامب ديفيد ومعاهدة السلام.
علت صرخة من جوف الظلام: كفى. ماذا تريد؟ أجاب الآخر متسائلًا من جديد في براءة ذائبة: ألم يكن من حق ميخائيل أن يشاركنا السلام بعد أن شاركنا الحرب؟
سمعنا صوتًا في الشارع القريب من النافذة يقول: لقد هرب من هذا السلام بالذات خرج أحدهم وأمسك بتلابيب صاحب الصوت: عمن تتكلم يا رجل؟ أزاح الرجل اليد القابضة على جلبابه، وهو يغمغم: أتكلم عن إنسان لا تعرفه. أنت نفسك لا تعرفني، ماذا تريد؟ هل تعرف حمدي؟ حمدي المريض بالسل ولم يركع، هل تعرفه؟
أجابه صاحبنا وهو يحملق بعينيه في ذهول: لا. قال الآخر: إذن دعني. دعني في حال سبيلي. قفز صاحبنا إلينا مفتوح الفم متدلي اللسان. راح يشير علينا بإشارات غامضة. فهمنا أن شيئًا مثيرًا يجري في الشارع. قُمنا جميعًا إلى النافذة. لم نرَ شيئًا. بكى صاحبنا بكاء مرًّا. استطعنا بعد جهد أن نهدئ أعصابه لنستفسر منه جلية الأمر. كادت تعود إليه النوبة. ولكنه تمالك وهو يرمي الكلمات كأنه معها في سباق. قال: أنتم هنا تستحضرون روحه في الظلام، بينها هو، هو الذي كان يكلمني من الشارع. إنه هنا معه رجلان. أحدهما يشبه نجيب سرور، والآخر يكاد يكون محمود دياب. إنهم هنا. وصلَتهم الدعوة وجاءوا إلى المهرجان. إنهم هنا في ساحة المحكمة.
وتهدج الصوت، ثم راح في غيبوبة.
٢
خرجت الفتاة الجميلة ومعها أشباه النقاد؛ الأول والثاني والثالث، وقد اقتنع الجميع بأنه ليست هناك ضرورة لاستحضار الأرواح، ولكن هناك ضرورات لتغييب الأجساد. لذلك قال لها الأول قصيدة غرامية أثبت لها الثاني أنها مترجمة عن شاعر قتل حبيبته. وراح الثالث يبرهن لها أنه ليس جبانًا حتى يهرب منها إلى الموت كما فعل حبيبها السابق. أما الفتاة فقد قالت لهم: تفرقوا في تونس كلها، إلى البحر والحدائق والأزقة القديمة، وسأتزوج من يحضر لي ميخائيل رومان أو نجيب سرور أو محمود دياب، فلا بد من انعقاد المحكمة وهم الشهود الوحيدون.
٣
جاءها شبه الناقد الأول بعد ساعة ليقول: لم أعثر له على أثر. ولكن صديقًا له أجابني بحذر: «هناك شرط لحضور ميخائيل إلى قرطاج، هو استعادة المسروقات.»
قالت الجميلة: أية مسروقات؟
أجاب: يقال إنه أثناء هرب ميخائيل من مصر …
قاطعته: إنه لم يهرب من مصر.
أجاب: من المعركة.
قاطعته: إنه لم يهرب من الحرب.
أجاب: ألم يهرب؟
قالت: نعم، هرب من الزمان لا من المكان، هرب من الآتي الذي أتى، هرب في ٧٣ من ٧٤ و٧٥ و۷۷ و۷۸ و۷۹ و۸۰ و۸۱ و۸۲.
قاطعها: كفى، كفى يا فاتنتي. المهم أنه أثناء الهرب أو السفر أو الرحلة كما تشائين، سرقوا منه خاتمه.
قالت: خاتمه؟
قال: نعم، شهادته السرية على الزمن الماضي، شهادته التي لم يحرموه من قولها في محكمة المسرح المصري، شهادة حمدي الذي حاولوا اغتياله، سرقوها.
سألت: كيف؟
قال: أخطر كلمات حمدي أو ميخائيل رومان لم يقلها بعد. وصية لم يسجلها في الشهر العقاري المصري، سرقوها ولا بد من استعادتها إذا شئنا لميخائيل أن يحضر المهرجان.
قالت: من سرقها؟
قال: ربما أصحابه. ربما النقاد. ربما أهل بيته. ربما الحكومة. ولكن بالتأكيد لم تسرقها الصهيونية ولا الإمبريالية. قال لي صديقه منذ لحظات إن ميخائيل يصر على إطلاق سراح حمدي قبل الكلام في أي موضوع. لا بد من إعلان الوصية ونشرها على أوسع نطاق ولا ضرورة لمعاقبة اللصوص كما يقول، فالأهم هو استعادة المسروقات. يقول أيضًا: إن الذين حاربوه واعتقلوا حمدي مرارًا في الماضي وأحيانًا أثناء وجوده بالمحكمة ينطق بالشهادة، هم أنفسهم الذين يأسرونه الآن رغم تضليل الأقنعة الكرنفالية التي تعجب المهرجان ليس في قرطاج، بل في مصر.
نظرَت إليه الجميلة في يأس: تقولون لي إنني ممثلة، وأنا لست أكثر من جميلة، فماذا فعلتم بميخائيل رومان، الويل لكم.
٤
أقبل شبه الناقد الثاني متهللًا يقول لها: نجيب سرور وعد بالحضور قبل فتح الستار، آسف، أعني قبل انعقاد المحكمة، آسف أقصد قبل افتتاح المهرجان …
قاطعته: هو قال لك ذلك؟
قال: لا.
قالت: إذن؟
قال: رأيت ابنه.
قالت: نعم.
كرر: رأيت ابنه الأكبر شهدي، جاء ليشاهد المهرجان.
قالت: وهو الذي قال لك أن والده سيحضر؟
أجاب: قبيل رفع الستار.
قال: والحكمة في ذلك؟
قال: لا أدري، ولكن شهدي يؤكد أن والده حريص على حضور مهرجان هذه السنة بالذات.
قالت: بالذات؟
قال: نعم.
قالت: لماذا؟ ألم يقل لك؟
قال: بلى. قال لي إن والده بعد خمس سنوات من الغياب يشعر أن ثمة شيئًا خطيرًا قد حدث لبهية وياسين.
قالت: وما شأننا نحن بهذه القضية؟
قال: بصراحة يقول شهدي إن والده يخشى على حياة بهية وياسين، وكأنهما يحتضران.
قالت: فهمت، ولكن ما شأننا نحن؟
قال: يا سيدتي، من دونها ليس هناك مسرح، وليست هناك محكمة. بهية هي كل شيء، وكذلك ياسين.
قالت: تقصد عند نجيب سرور؟
قال: لا … عندنا كلنا.
قالت: وماذا أيضًا؟
قال: لقد سئم نجيب التمثيل في الشوارع. في البداية كان الناس يتجمعون من المقاهي والبارات والأسواق. شيئًا فشيئًا اعتادوا. وشيئًا فشيئًا لم يروا. وشيئًا فشيئًا نسوا. أصبح الشارع كالمسرح تمامًا.
قالت: وإذن؟
قال: شهدي يؤكد أن والده حريص على انطباق السماء على الأرض.
قالت: نعم؟
قال: هكذا.
وهم باحتضانها وتقبيلها وحملها بين ذراعيه، ولكن قواه خارت كليًّا وأحس بالضعف يهز ساقيه من التعب.
وكانت الجميلة قد فوجئت، ولكنها تمالكت أعصابها وتهالكت على مقعد مهجور في المفرق. جلست. وضعت ساقًا على ساق. كان شبه الناقد الثاني قد تهاوى ودب في عينيه نعاس اليأس. وراحت هي تفتح عينيها في الأفق المترامي خلف سيدي أبي سعيد: مات ميخائيل رومان منذ عشر سنوات. مات نجيب سرور بعده بخمس سنوات. مات الأول في ذروة الحرب بهدوء، ومات الثاني في حضيض «السلام» بعنف وضجيج. بعد خمس سنوات أخرى كان محمود دياب يموت، ولم تعد هناك حرب، ولم يعد هناك سلم. بلى. عادت الحرب. عادت الحرب في حضيض السلم. لذلك عاد الهدوء إلى الموت. مات محمود دياب في هدوء.
– لم يمت. إنها شائعة.
جاءها الصوت من الخلف. كان شبه الناقد الثالث قد عاد من جولته. ويبدو أنها كانت تفكر بصوت عال.
– لماذا لم يحضر إذن؟
سألته ساخرة. كانت رغم جهلها الشديد تلتقط الأخبار من الممثلات الأقل جمالًا والأكثر موهبة وثقافة، فهن يقرأن «الشبكة» و«الموعد» بانتظام شديد. ولكن «الشبكة» لم تكتب حرفًا عن محمود دياب، ولا «الموعد»، لا بسبب منافسات غرامية بين الكاتب المصري والمحررين، ولكن بسبب «عدم التعارف» بين الجانبين. رغم ذلك كانت الجميلة قد عرفت بشكل ما أن محمود دياب مات. وهي لا تعرفه، كما هو شأنها مع رومان وسرور. ولكن حبيبها الذي فر من بين أحضانها فجأة كان يتكلم دائمًا عن «الفرسان الثلاثة». وذات مرة — منذ أسبوع واحد قبل الحادث العجيب — قال لها إنه سيلحق بهم. ولم تفهم حتى انتقل فجأة إلى «رحمة الله» كما قالت الصحف.
قال لها شبه الناقد الثالث: إن محمود دياب لم يمت، ولكنه عاد إلى رحم أمه. كان يتكلم جادًّا وبرزانة فاخرة. ظنت أنه تعلم الألفاظ النابية ليجاريها، فأوقفته بإشارة من يدها. ولكنه استرسل: يا سيدتي الجميلة، كان يا ما كان ناقد هُمام يدعى أنور المعداوي. في يوم من الأيام اختفى. سألنا عنه فقيل لنا إنه ترك ورقة تؤكد أنه عائد إلى رحم أمه. ترك الوظيفة والمدينة والصحاب وعاد إلى القرية، لا يقرأ ولا يكتب ولا يمسك صحيفة أو راديو ولا يكلم أفنديًّا. ارتدى ثياب الفلاحين وركن إلى الصمت العميق. عرف أصدقاؤه بالأمر فشنُّوا حملة مسلحة بأحدث منجزات التكنولوجيا على قريته الوادعة وعادوا به إلى القاهرة. ابتسم الرجل الذكي الطويل الشجاع، وارتقى درجات السلم إلى شقته في الدقي وأغلق الباب.
صمَت شبه الناقد الثالث قليلًا ليلتقط أنفاسه، فانتهزت الجميلة الفرصة لتسأله في غيظٍ مكتوم: ما علاقة هذه الحكاية بمحمود دياب؟
قال لها وهو يبتسم في خبث بريء: هو أيضًا عاد إلى رحم أمه. منذ عام ونصف عام، بحث عنه الجميع في مكتبه في شقته في كل مكان، ولم يجده أحد. كان قد عاد إلى رحم الأم وتعلم من المعداوي ألا تخدعه أسلحة الأصدقاء. لم يستطع أن يعود به أحد إلى المدينة. كان قد استراح عميقًا في رحم أمه ولم يعد بمقدور أحد أن يضحك عليه ويخرج به إلى أضواء المدينة. آسف … أضواء المسرح. آسف … أضواء المحكمة.
سألته الجميلة: كان قاضيًا؟
قال مبهورًا بلا معنى: نعم.
قالت: في محكمة النقض؟
أجاب بجزعٍ غير مفهوم: نعم.
قالت: كيف يرضى أن يكون قاضيًا؟ ألم يكن من الأفضل له ولنا أن يكون متهمًا أو حتى شاهدًا؟
لمع الذكاء المزور في عيني شبه الناقد الزجاجيتين، وقال: على أية حال، لقد رفض أخيرًا أن يكون قاضيًا.
سألته على الفور وكأنها حاصرت قطعة الشطرنج الأخيرة: ماذا صار؟
لم يُجب. استأنفت بين الضحك والبكاء: انضم إلى نجيب سرور وميخائيل رومان.
قال بتوسل: نعم.
لم ترحم زيفه، فقالت: أين هم؟ لقد ادعيتم أنهم هنا، فأين هم؟ هل دعاهم أحد؟ الحق أقول لك إنهم لم يحضروا حتى تنطبق السماء على الأرض كما قال نجيب سرور، وحتى يفك أسر حمدي كما يطالب ميخائيل رومان، وحتى يمكن لرحم الأم أن يلد لا أن يصبح مقبرة كما حدث لمحمود دياب. الحق أقول لك إن الدعوة لم توجه إلى الفرسان الثلاثة لأنه ليست هناك دعوة أصلًا ولا مسرح ولا محكمة. عشر سنوات مضت، فافهموا. أين السر وأين اللغز؟ لا شيء … عشر سنوات مات ميخائيل رومان في أولها، ومات محمود دياب في آخرها، ومات نجيب سرور في وسطها تمامًا، ولا تريدون أن تفهموا؟ مات المسرح يا أغبياء، لا. ليس هذا المسرح في قرطاج. لا ليس هذا الستار والديكور والإخراج والتمثيل. لا. ليس أنا وأنتم والآخرين، بل عن المسرح الأصلي أتكلم. عن محكمة المحاكم أتكلم. عن …
توقفت الكلمة في الحلق فجأة. بهت الجميع. لفهم المشهد المفاجئ بالذهول. كان ميخائيل رومان ونجيب سرور ومحمود دياب واقفين في الوسط يقولون بصوتٍ واحد للفتاة الجميلة: توقفي يا زرقاء، كفى. حتى أنتِ لم يعرفوك. اكتفوا بجمالك وقالوا إنك ممثلة رديئة. صدقوا. أنت لا تمثلين. أنت ترين ما لا نراه فاصمتي. ليس هذا زمانك. النبوءة صارت انتحارًا. اصمتي. النبوءة هي المخدر. تواري عن الأنظار. تعالي. دعيهم يفتحوا الستار. الانتحار أجمل كثيرًا من القتل. دعي لهم الزمن المستعار.