بيت أبي الطيب
يقول أبو الطيب في قصيدة يمدح بها أبا أيوب أحمد بن عمران، وهو أحد ممدوحيه في الشام قبل اتصاله ببني حمدان:
وهذا يدل على أنه لم يتزوج إلى ذلك الوقت، وإذا أخذنا بترتيب الديوان فقد أنشأ هذه القصيدة بعد مفارقته بدر بن عمار؛ أي: بعد سنة ٣٢٩ﻫ، وسن أبي الطيب حينئذ زهاء ستة وعشرين عامًا.
ولا ندري متى تزوج، ولكن دلنا على أن له عيالًا حين قال لسيف الدولة سنة ٣٣٧، وقد أزمع المسير لنصرة أخيه ناصر الدولة وسأله أن يسير معه، قال:
فقد أعلمنا أن له عيالًا يشفق عليهم، وقد نزح من العراق وحده فيما نعلم، فهؤلاء العيال زوجه وأولاده أو زوجه وحدها، وقد كنى عنها، تزوج الشاعر إذن قبل سنة ٣٣٧. وإن صح ترتيب الديوان في القصيدة التائية كما قلت آنفًا، فزواجه بين سنتي ٣٢٩ و٣٣٧ﻫ.
ويقول في رثاء ابن سيف الدولة (في بعض نسخ الديوان):
لا نجد في شعر أبي الطيب ذكرًا لأهله من بعد إلا في مصر حين يقول في قصيدة مدح بها كافورًا في شوال سنة سبع وأربعين وثلاثمائة:
ويقول في قصيدة الخروج من مصر:
وفي النسخة (١٥٣٠) ونسخة الشرواني أبيات عنوانها في النسخة الأولى: «وله بعد ما هرب من مصر يذكر شوقه إلى ابنه وإلى شيخ كان له محبًّا يُسمى الحسين.»
والأبيات مضطربة ومنها:
وأحسب محمدًا هنا محرفة عن محسد وهو مشهور في أخبار أبي الطيب. وفي هذا بيان أن ابنه لم يكن معه في مصر، وأحسبه ترك أهله بالشام ثم لحقوه بالكوفة أو سبقوه إليها.
ونجد أبا الطيب يذكر أهله من بعد في توديع ابن العميد، يقول:
ويذكرهم كذلك في توديع عضد الدولة:
ولسنا نعرف عن زوجه شيئًا، وأكبر ظني أنها شامية، فقد تزوج بالشام، ولعل هذا يسر له ترك عياله هناك حين سار إلى مصر.
ولا نعرف من أولاده إلا محسدًا، ولم يذكره في شعره عدا الأبيات الطائية التي قدمتها، وهي ملحقة ببعض النسخ.
وعندنا من أخبار محسد مع أبيه نتف:
وفي طبقات الأدباء عن أبي زكريا التبريزي أن المتنبي كان بواسط جالسًا وعنده ابنه محسد قائمًا، وجماعة يقرءون عليه فورد إليه بعض الناس فقال أريد أن تجيز لنا هذا البيت وهو:
فرفع رأسه وقال: يا محسد قد جاءك بالشمال فأته باليمين فقال:
ليس عندي من أخبار الرجل في بيته وأخبار أولاده إلا هذه الشذرات، ولعل البحث يكشف عن غيرها فيما بعد.