هل كان أبو الطيب قرمطيًّا؟
يقول بلاشير في دائرة المعارف الإسلامية: «لم يكن المتنبي قرمطيًّا، ولكنه لقِّن آراء القرامطة التي لقيت بين الأعراب آذانا صاغية، وقد أشار في شعره إلى قتل أبي طاهر القَرمطي الحجاجَ في الحرم.»
وقد سمعت أن المستشرق مسنيون ألقى في مؤتمر المستشرقين الأخير في رومية بحثًا ادعى فيه أن أبا الطيب كان قرمطيًّا، ورأيت بعض أدبائنا يميل إلى هذا الرأي.
والأبيات التي أشار إليها بلاشير والتي يحتج بها غيره هي قول الشاعر:
وقد قدَّمت الكلام على هذه الأبيات في [الفصل الثاني من الباب الثاني].
وأنا أبين فيما يلي ما يدل عليه ديوان الشاعر من نظره إلى القرامطة، ثم إلى الشيعة العلويين.
فأما القرامطة فقد لقيتْ منهم الكوفة وأهلُها مصائب وأخذ الشاعر نصيبه منها، فما أحسَبه مال إليهم ولا سلك طريقتهم، وأقلُّ ما في الأمر أنه دعوى يُعوزها الدليل. ثم مَدْحُه سيف الدولة بقتل أبيه القرامطة لا يدل على أن في نفسه ميلًا إليهم، قال:
قال الواحدي: يعني حرب أبي الهيجاء القرامطة وولايته طريق مكة.
وتأمل في قوله: القائم الملك الهادي إلخ فلا يبعد أن يكون تعريضًا بمن يصدقون بالمهدي.
وأما التشيع فربما يفهم من قصيدته التي مدح بها أبا الطاهر العلويَّ في الرملة، قال فيها:
فتسمية عليٍّ وصيًّا اتباع لآراء الشيعة.
وأشار إليه طاهر العلوي بمسك في حضرة ابن طُغُج فقال:
ولكن إن لم يكن بد من الاحتجاج بما يجري على لسان الشاعر أثناء المدح فقد خالف الشيعة إذ قال بعد البيت الأول:
فهو يقول: إن النسب وحده لا يرفع إنسانًا إذا لم يرفعه فعله وهذا لا يساير عقائد الشيعة في ذلك العصر.
وأبين من هذا قوله في مدح ابن العميد وهو وزير دولة شيعية:
هل هذا قول يجيزه لنفسه رجل يرى رأي القرامطة في الإمامة أو هو استخفاف بالمهدي ومن ينتظرونه؟
ثم مدح ابن حمدان بأنه سيف الدولة العباسية وتكرار هذا وتسميتها الدولة الهاشمية ودولة الخلافة وخيرة الدول، وتسمية الخلفاء العباسيين أئمة قريش، كل هؤلاء برهان على أنه ما كان ينتحل إلا نحلة جمهور المسلمين في عصره.
يقول في مدح ابن عمار:
ويقول في سيف الدولة:
•••
•••
•••
•••
•••
•••