سادة العالم … والقناع السام!
كان رقم «صفر» يقوم بعملية إثارة للشياطين، فهو يعرف أنَّهم لم يناموا جيدًا … وعملية الإثارة توقظهم تمامًا، بجوار أنَّه كان يريد أن يضعهم وجهًا لوجه مع الصراع الحقيقي؛ لأنَّه لن يكون مع العصابة فقط، ولكن مع الحيتان أيضًا … مرَّت دقائق، كان الشياطين قد جذبهم كلام الزعيم؛ فهذه مغامرةٌ جديدةٌ عليهم. قال رقم «صفر»: لقد توصل عملاؤنا في أنحاء العالم إلى خطة العصابة، وهي خطةٌ ذكيةٌ غايةٌ في الذكاء!
مرةً أخرى صمت. كان الشياطين يتمنَّون أن يتحدث رقم «صفر» مباشرةً، دون أن يتوقف لحظةً واحدةً، لكنَّ صوت الأوراق الذي سمعوه جعلهم يعرفون أنَّ الزعيم يقرأ تقارير العملاء. جاء صوته يقول: إنَّ الخطة تبدأ من وصول أحدهم يلبس قناعًا، يجعله يشبه «سافرن» شبهًا كاملًا، وفي نفس وقت وصوله، سوف يختفي «سافرن»، فسوف تكون هناك غواصةٌ في انتظاره تأخذ «سافرن»، وهذا القناع سامٌّ، فلن تمر ٤٨ ساعة حتى يكون فرد العصابة قد قُضي عليه، وعندما يكتشف الحرس ذلك فسوف يظنون أنَّ «سافرن» قد انتهى إلى الأبد، مع أنَّه سوف يكون في طريقه إلى مقر العصابة؛ ليقوم بعمليات التزييف من جديد …
التقت أعين الشياطين، فهذه خطةٌ ذكيةٌ فعلًا، خصوصًا هذا القناع السام. كان رقم «صفر» قد توقف عن الكلام، لكنَّه عاد بسرعة يضيف: إنكم سوف تتساءلون، أن الغواصة ضخمةٌ بما يكفي لاكتشافها، لكن المسألة غير ذلك، فسوف تظل الغواصة في الأعماق، وهي تقوم بعملية جذبٍ للحيتان، بما تلقيه إليها من طعام … في نفس الوقت، يخرج فرد العصابة لابسًا القناع، وقد تحصن بملابسَ خاصةٍ، لا تستطيع الحيتان أن تقترب منها؛ لأنَّها ترسل ذبذبات تُخيف الحيتان، ونفس الملابس سوف يلبسها «سافرن»، ليعود إلى الغواصة … إنَّ الخطة … مرسومةٌ بإحكامٍ تامٍّ، وأنتم تعرفون أنَّ عصابة «سادة العالم» لها قدرتها ولها إمكانيتها.
توقف رقم «صفر» لحظةً، ثم أضاف: إنَّ عصابة «سادة العالم» تُضحي بأي شيءٍ في سبيل تحقيق أهدافها، وهي تُضحي حتى بأفرادها، فلابس القناع لا يعرف أنَّه سام.
أضاف بعد قليل: إنَّ الغواصة قد تحركت فعلًا في طريقها إلى «جزر الشيطان»، وسوف تتم العملية كلها بعد غدٍ، عند انسحاب آخر ضوءٍ للنهار، أي بعد الغروب بقليلٍ، وعليكم أن تتحركوا بسرعةٍ؛ لأنَّ أيَّ تأخير سوف يعطي للعصابة فرصةَ النجاح التي لم تحققها معكم مرةً.
صمت لحظةً، ثم قال: إنَّ المجموعة التي ستقوم بالمهمة تضم: «أحمد» و«خالد» و«فهد» و«قيس» و«باسم» … غير أنَّ على بقية الشياطين أن يكونوا على استعدادٍ، فمن يدري ماذا يمكن أن يحدث؟ فالمغامرة ليست سهلة.
سكت قليلًا، ثم قال: هل هناك أسئلة؟
بسرعة، قال «خالد»: هل نستطيع أن نحصل على ملابس من نفس النوعية التي يلبسها فرد العصابة؟!
ردَّ الزعيم: بالتأكيد، حتى يمكن أن تتعاملوا مع الحيتان، خصوصًا وأنَّكم سوف تصلون إلى الجزيرة عن طريق السباحة؛ لأنَّ القوارب لا تستطيع الاقتراب من الجزيرة، إما بسبب الحيتان، وإما بسبب الحراسة!
سأل «فهد»: هل نعود ﺑ «سافرن»، أو نسلمه للسلطات هناك؟
ردَّ رقم «صفر»: إنَّ إحضار «سافرن» مغامرةٌ ليست مأمونة، وتسليمه للسلطات يكون أكثر أمانًا، إننا في النهاية نحقق واجبنا!
انتظر رقم «صفر» ربما يسأل أحد الشياطين سؤالًا آخر، لكنَّ أحدًا منهم لم يسأل. ولذلك قال: أتمنى لكم التوفيق في مهمتكم، التي أعرف مقدمًا أنَّها شاقةٌ، ولو أني أعرف في نفس الوقت أنَّه لا توجد مغامرةٌ شاقةٌ على الشياطين!
ثم أخذت خطواته تبتعد، في نفس الوقت كانت مجموعة المغامرة تنسحب من قاعة الاجتماعات بسرعة، فإنَّ الوقت لا يحتمل إضاعة دقيقةٍ واحدةٍ. في الطريق إلى غرفهم، قال «أحمد»: سوف نلتقي في منطقة السيارات، بعد عشر دقائق!
ثم أخذ طريقه إلى غرفته، فجهز حقيبته السرية بسرعة، واتجه مباشرةً إلى الخارج، في نفس اللحظة التي كانت فيها بقية المجموعة تمرُّ أمام غرفته. وبخطواتٍ نشطة، اتجهوا إلى منطقة السيارات، حيث استقلوا سيارةً، وجلس «فهد» إلى عجلة القيادة. وفي لمح البصر كانت السيارة تُغادر المكان، حتى إذا وصلت إلى البوابات الصخرية، انفتحت البوابات، فمرقت السيارة في سرعةٍ، وأُغلقت البوابات مباشرةً.
خارج منطقة البوابات كان الظلام لا يزال يُغطي الوجود، وكانت نسمات الفجر الندية تنعش الشياطين، ولم يكن للسيارة ضوء … فهي سيارةٌ حديثةٌ، بها جهاز استشعار، يوجه السيارة، ويكتشف مبكرًا أي عائقٍ في الطريق … ثَبَّتَ «فهد» جهاز السرعة في السيارة، ثم رفع يديه عن عجلة القيادة، فلم تكن السيارة بحاجة لمن يوجهها، قال «فهد»: إنَّها سيارةٌ رائعةٌ، وهذه أول مرة نخرج بها في مغامرةٍ!
قال «أحمد»: إنَّها موجودةٌ الآن في كل مراكز الشياطين في أنحاء العالم.
مرَّت دقائق صمت، قبل أن يسأل «خالد»: أليست هذه المغامرة جديدةً علينا؟!
ردَّ «قيس»: نعم، ولعل متعتها في أننا منذ زمن لم نقم بمغامرةٍ في الماء!
ابتسم «أحمد»، وقال: بالإضافة إلى الحيتان، فسوف نصارع عدوين في وقتٍ واحدٍ.
ثم ضحك، وأضاف: عصابة «سادة العالم» وعصابة الحيتان!
ضحك الشياطين لتعليق «أحمد»، ومرَّت دقيقتان قبل أن يقول «قيس»: أشعر بالرغبة في النوم، وأظن أننا في حاجة إليه، وما دامت السيارة الحديثة لا تحتاج لسائقٍ … فلماذا لا نستغل الوقت، إننا لا نعرف متى يمكن أن ننام مرةً أخرى.
ابتسم «فهد»، وردَّ: إنَّ رحلة الطائرة طويلةٌ تمامًا، وسوف نستغرق وقتًا طويلًا، ربما نهارًا بأكمله في الطيران، وأظن أنَّ هذه سوف تكون فرصةً طيبةً للنوم!
قال «قيس»: لا بأس، أستأذنكم في تحقيق رغبتي في النوم!
ثم أغمض عينَيه، في محاولة لينام. تساءل «خالد»: هل ستكون «طوكيو» العاصمة هي أول محطةٍ لنا؟
أجاب «أحمد»: ستكون أول محطةٍ للمغامرةٍ … وليست أول محطةٍ للسفر، فسوف ننزل في أكثر من مكان قبل أن نصل إلى «طوكيو»!
وشمل الصمت المجموعة، فقد شَرَدَ كلٌّ منهم، يفكر في المغامرة، مرَّ بعض الوقت، وقال «أحمد»: منذ زمن كنت أتمنى زيارة اليابان!
انتَظرَ لحظةً، لكنَّ أحدًا لم يقل كلمة، ابتسم، وأضاف: هل أتحدث إلى نفسي؟!
ولم يردَّ أحدٌ؛ فعرف أنَّهم جميعًا قد استغرقوا في النوم. فكر قليلًا، ثم مدَّ يده وضبط جهاز الإنذار على ساعةٍ محددةٍ، ثم أغمض عينَيه، واستغرق في النوم. طلع النهار … وبدأ قرص الشمس النحاسي يظهر عند الأفق، لكنَّ زجاج السيارة الأسود كان يحجب الضوء عن الشياطين، وعند الساعة المحددة، بدأ جهاز الإنذار يعطي إشاراتٍ متقطعة … ولكنها دائمةٌ، ففتح «أحمد» عينيه، وتبعه بقية المجموعة. قال «أحمد» مبتسمًا: صباح الخير … إننا نقترب من المطار!
ردَّ «فهد»: صباح الخير، إنني أشعر بالجوع!
قال «خالد»: يمكن أن نأخذ بعض الساندويتشات في المطار، ويمكن أن ننتظر حتى تناول الإفطار في الطائرة!
ضحك «فهد»، وقال: أظن أنني لن أستطيع الانتظار.
ضحك الشياطين بينما كان «خالد» يهدئ من سرعة السيارة، فقد ظهر المطار، ولم تمضِ ربع ساعة حتى كانت السيارة تقف أمام البوابة، قفز الشياطين بسرعة، وغادروا السيارة؛ فقد كان هناك من ينتظرهم، لوضع السيارة في جراج المطار. كان أول شيء فعله «فهد» هو الاتجاه إلى كافيتريا المطار لجلب بعض الساندويتشات … أمَّا «أحمد» فقد اتجه إلى مكان بيع الجرائد والكتب كعادته، وعندما عاد «فهد» كان صوت مذيعة المطار يتردد، فابتسم «أحمد»، وقال: هل ننتظر حتى تأكل؟
ردَّ «فهد»: لا بأس، يمكن أن آكل في الطائرة!
مضت نصف ساعة، وكانوا قد تناولوا الساندويتشات … فتحركت الطائرة، وكانت حركتها تعني البداية الحقيقة لمغامرة «جزيرة الحيتان» …