التذبذبات والانحدار
سنهتم في حالتنا بمعنًى ثالث للكلمة، يرتبط ارتباطًا أوثق بالمعنى الثاني الوارد بقاموس راندوم هاوس من ارتباطه بالمعنى الأول، وهو يتعلق بالتقلُّب النسبي للأحداث العشوائية.
هَبْ أننا نُلقِي نردين؛ لقد ذكرنا في الفصل الثالث أن احتمال الحصول على رقم ٧ من رمي النردين يساوي فرصة واحدة من ست فرص، وعليه فإذا ألقينا نردين منتظمين اثنتي عشرة مرة، فسنتوقع أن نرى الرقم ٧ مرتين. بالطبع لن يحدث ذلك في كل مرة نُلقِي فيها النردين اثنتي عشرة مرة متتالية؛ فإذا واصلنا تكرار الاختبار، بمعدل اثنتي عشرة رمية في المرة الواحدة، فلن نحصل على رقم ٧ تمامًا تارةً، وقد نحصل عليه عدة مرات تارةً، بل من الممكن أن نحصل على رقم ٧ في «كل» الرميات، وإن كان ذلك احتمالًا مُستبعَدًا. (إن فُرَص حدوث ذلك تبلغ أقل من واحد إلى مليار، ولكنه «قد» يحدث.) وهذا النوع من تذبذُب النتيجة الخاصة باختبارٍ محكومٍ بقوانين الاحتمال هو ما سنطلق عليه تذبذبات، وإذا لم يكن لدينا شيء نفعله أفضل من الاستمرار في تكرار الاختبار، فإن النتيجة سوف «تتذبذب بشكل جنوني» بالمعنى الثاني الوارد بقاموس راندوم هاوس.
ولكن كم سيكون قدر التذبذب فعليًّا؟ توجد هنا قاعدة سحرية تخبرك بأنه بالنسبة إلى حالة كهذه — وأيًّا كان العدد المتوقَّع للأحداث (بناء على احتمالية وقوعها) — يكون متوسط التذبذب حوالي جذر هذا الرقم (يُسمَّى هذا الرقم السحري الانحراف المعياري. ولا تسري القاعدة في كل الحالات، ولكن تسري في معظمها). إذن، إذا توقَّعنا حدوثَ شيءٍ ما مائة مرة، فيجب ألَّا نندهش إذا وقع عشر مرات أكثر أو أقل، ربما يقع تسعين مرة؛ وإذا توقَّعنا حدوثه ست عشرة مرة، فلن يكون وقوعه لعشرين مرة أمرًا مفاجئًا. ولكنْ تذكَّرْ أن هذه العبارات بشأن التذبذبات هي نفسها احتمالية؛ ففي حالة رمي النردين، من الممكن أن تعطي الاثنتا عشرة رمية جميعًا الرقم ٧، ولكن كان من شأن ذلك أن يفاجئنا، بل كان سيفاجئنا للغاية. في الواقع، إن مفهوم المفاجأة أساسي بالنسبة إلى علم الإحصاء القديم الطراز؛ فلو حسبت أن احتمال حدوث شيء ما منخفضٌ لدرجة أنه سيكون أمرًا مفاجئًا لو حدث، ثم يحدث بالفعل، فإنه يُسمَّى «ذا دلالة إحصائية»، وهذا المصطلح المنمَّق في مجمله يعني أنك مندهش بدرجةٍ ما من حدوثه. لم يصل الأمر لحد الصدمة بسبب خلوِّ الأمر من المعنى والمنطق، بل هو مجرد شعور بالاستغراب فقط لا أكثر. إن كلمة «مُستبعَد» تكمن في الحالة الذهنية للإحصائي؛ فهناك نوع من الفولكلور المتوارث بين الإحصائيين يتمثَّل في أن وجود احتمالٍ بنسبة واحد في العشرين — وهو ما يُسمَّى بالقيمة الاحتمالية في التجارة — يجعل وقوعَ حدثٍ ما مُستبعَدًا بما يكفي (ومن ثَمَّ مثيرًا للاستغراب) بحيث نعتبره غير ذي دلالة إحصائيًّا. وبالنسبة إلى مثال النردين، حيث توقَّعْنا الحصولَ على الرقم ٧ مرتين، فإن الحصول على هذا الرقم أكثر من أربع مرات سيُعتبَر ذا دلالة إحصائية من جانب مثل هؤلاء الإحصائيين.
إن فكرة المفاجأة فكرة سيكولوجية، وليس لها صلة بالرياضيات أو الإحصاء، وما يُعَدُّ مفاجئًا في سياقٍ ما قد لا يكون مفاجئًا لهذه الدرجة في سياق آخَر. حتى معيار الواحد في العشرين الكثير الاستخدام بين الإحصائيين ليس عامًّا بدرجة تامة؛ فالحصان البالغة فرصة فوزه واحدًا في الشعرين يفوز بسباقات الخيول حوالي مرة كل عشرين سباقًا تقريبًا، دون أن تنتاب الدهشةُ أحدًا حتى الإحصائيين. على الجانب الآخَر، نقرأ كلَّ عقدٍ أو نحو ذلك خبرًا في الصحف عن مباراة بريدج أحرَزَ فيها كلُّ لاعب من اللاعبين الأربعة مجموعةَ الأوراق الرابحة، علمًا بأن جميع الأوراق من مجموعة واحدة. ولما كانت احتمالات حدوث ذلك أقل من واحد لعدة مليارات، كان للمرء كلُّ الحق في أن يندهش، بل كان هذا الكاتب سيراهن بقوةٍ على أن ذلك لم يحدث قطُّ في أيِّ توزيعة عادلة من أوراق لعبٍ جرى خلطها بأمانة.
ولكن ذلك استطراد خارج عن موضوعنا. إذا كان هناك عدد متوقَّع من الأحداث، فإن التذبذبات والتقلبات التي سنتوقعها في إطار هذا الرقم عادةً ما ستتبع ببساطةٍ قاعدةَ الجذر التربيعي، وعلى الرغم من أن أي شيء «يمكن» أن يحدث، فإن ذلك عادةً ما لا يحدث.
ولكنْ لاحِظْ أنه مع قاعدة الجذر التربيعي تصبح التذبذبات أكبرَ مع زيادة العدد المتوقَّع للأحداث، ولكن ليس بسرعة العدد المتوقَّع ذاته؛ ومن ثَمَّ تأتي التذبذبات أصغر «نسبيًّا». فإذا توقَّعنا عشرة أحداث، نتوقَّع تذبذبات بمعدل عشرة تقريبًا في الرقم الفعلي الملحوظ؛ أي بنسبة ١٠٪. أما إذا توقَّعنا عشرة آلاف حدث، فسوف تكون التذبذبات حوالي مائة؛ أي ١٪ فقط. وإذا ألقيتَ عملةً مرة واحدة بأمانةٍ دون غشٍّ، فلن يكون لديك أدنى فكرة عن الوجه الذي ستستقر عليه، ولكن إذا ألقيتَها عشرة آلاف مرة، فلا بد أن تحصل على حوالي خمسة آلاف صورة، تزيد أو تنقص مائة أو نحو ذلك.
يبدو صعبًا للغاية على المقامرين والمشجعين الرياضيين أن يتقبَّلوا وجود التذبذبات. إن المتوسطات مفهومة إلى حد معقول، ولكن التذبذبات المحيطة بتلك المتوسطات ليست كذلك. (سوف نخصِّص فصلًا كاملًا للرياضة لاحقًا.) تأمَّلْ مثالًا.
في مباراة عادية لكرة السلة الاحترافية، يسجِّل كل فريق حوالي مائة نقطة، والنِّسَب المئوية للتصويب تناهز ٥٠ بالمائة (نحن نقرِّب كلَّ هذه الأرقام فقط من قبيل التبسيط). ولما كانت كلُّ سلة تساوي نقطتين، يسدِّد كل فريق حوالي مائة تصويبة في المباراة، محرزين نقاطًا في حوالي نصفها. (وبما أن الفرق لا يسمح لها بأكثر من أربع وعشرين ثانية للتصويب على شبكة المنافس، ومدة المباراة ثمانٍ وأربعون دقيقة، تكون المعادلة صحيحة تقريبًا.) لا يتساوى الانحراف المعياري مع الجذر التربيعي بالنسبة إلى هذا الموقف ذي الاحتمالية العالية للنجاح — فالمعادلة أكثر تعقيدًا من ذلك — ولكن يتضح أنه يساوي حوالي خمس سلات، إذا كانت التسديدات عشوائيةً بشكل مستقل، بدلًا من السلات السبع التي كنتَ ستحسبها من خلال أخذ الجذر التربيعي لخمسين سلة. والعشوائية المستقلة تعني ببساطة أن كل تصويبة لها احتمال دخول يساوي ٥٠ إلى ٥٠، بغض النظر عن نجاح أو فشل التصويبات الأخرى. ومن خلال هذا النموذج سوف يسجِّل أيُّ فريق متوسطًا قدره مائة نقطةٍ، بانحراف معياري قدره حوالي عشر نقاط. (سوف نعود إلى الضربات الناجحة المتتالية في فصل الرياضة.) وعليه يفترض أن تتغير المائة نقطة الخاصة بأي فريق صعودًا أو هبوطًا، في مباراة تلو الأخرى، بمقدار حوالي عشر نقاط، وأحيانًا أكثر من ذلك، ويفترض أن يكون هامش الفوز (أي الفارق بين نتائج الفريقين) حوالي أربع عشرة نقطة. (لا تعبأ بالأسباب.) وكل هذا قائم على أبسط الإحصاءات، متجاهلًا المهارة.
بالطبع يمكن لأي مشجع رياضي دقيق أن يتحقَّق من هامش الفوز الحقيقي على مدار موسم بأكمله، ولكنْ تبيَّنَ أن متوسطَ هامش الفوز في المباريات التسع عشرة التي لُعبت في سلسلة مباريات نهائي القسمين الشرقي والغربي ونهائي البطولة في عام ١٩٩٣ (قُبَيْل كتابة هذا لأول مرة)؛ كان أقل من تسع نقاط، وهذا أقل نوعًا ما ممَّا كنَّا سنتوقَّع بواسطة التذبذبات العشوائية (على فرض أن الفِرَق متماثلة بشكل متوازِن في المهارة)، ولكنه ليس بعيدًا للغاية بالنسبة إلى تقدير تقريبي كهذا، ولا شك أنه من العوامل التي يُحتمَل أن تقرِّب نقاط الفريقين العاملُ النفسي؛ فالفريق المتأخِّر من المرجَّح أن يجتهد أكثر في اللعب، والفريق المتصدِّر من المحتمل أن يسترخي قليلًا، أو يلعب بمزيد من التحفُّظ، حتى النهاية. يتبيَّن من خلال هذا أنه لجزءٍ كبير من الوقت يتحدَّد الفارق في نقاط الفريقين (القويين نسبيًّا) بفعل الصدفة العشوائية، وليس بفعل تبايُن في مستوى المهارة من يوم لآخر.
ولكن في الربع الأول من المباراة، سوف يتم تسجيل حوالي ربع النقاط، وسوف تكون التذبذبات أكبر «نسبيًّا»، ولن يكون غريبًا للفريق الخاسر في النهاية أن يكون متفوِّقًا في هذه النقطة؛ فحين تبدأ قوانين الإحصاء — في وقت لاحق من المباراة — في إطلاق قوتها الحتمية المتعذر اجتنابها، وتذهب الصدارة للفريق الآخَر، سوف يُوصَف الفريق الأول بأنه قد «تراجَعَ»، على الرغم من أن المسئول الحقيقي — مرة أخرى — قد لا يكون أكثر من التذبذبات الإحصائية. إن النزعة إلى الأداء الطبيعي على المدى الطويل، على الرغم من التذبذبات الأولية، تُسمَّى الانحدار إلى المتوسط، ويبدو أنها تسير عكسَ غريزتنا الداخلية؛ تكون التذبذباتُ أكبرَ نسبيًّا في بداية أي شيء، ويتضاءل الدور الذي تلعبه بمرور الوقت؛ ففي الجزء الأول من موسم البيسبول يكون هناك دائمًا ضاربٌ يحقِّق نسبة نجاح في ضرب الكرة قدرها ٣٥٠، ولكن سوف يُوصَف بأنه قد «تراجَعَ» في وقت لاحق من الموسم، أما الضارب الجيد الذي يحقِّق نسبةَ نجاحٍ في ضرب الكرة قدرها ٢٠٠، فمن المحتمل أن يتحسَّن فيما بعدُ، عندما يعود إلى المتوسط. وليس سبب ذلك أنه تحسَّنَ بالفعل؛ ففي بداية الموسم، يتجاوَزُ بعض الضاربين أداءهم المعتاد، فيما يتخلَّف آخرون. ما المدهش في ذلك؟ بالطبع ستكون هناك مقالات مطوَّلة في الصحف الرياضية عن كليهما، تشرح الأمر كله.
سوف ينطبق هذا النوع من المعالجة على أي لعبة تُحرَز فيها النقاط بشكل عشوائي إلى حدٍّ ما، ولكنها لن تنطبق على رياضةٍ مثل كرة القدم الأمريكية؛ حيث عادةً ما لا تُحرَز النقاط إلا بعد سلسلة طويلة من الحركات؛ مثل ركلات البداية، ومكاسب خط اﻟ ٢ ياردة، وما شابَهَ، التي يميل عددُها إلى إبطال تأثير التذبذبات الإحصائية. تذكَّرْ قاعدةَ الجذر التربيعي.
كذلك ينطبق الأمر على مناحٍ أخرى من مناحي الحياة؛ فقد أشار عاموس تفرسكي ودانيال كانمان إلى أنه في أثناء تدريب الطيارين، غالبًا ما يشكو المدرِّبون من أن أداء الطيار يتحسَّن إذا ما انتُقِد نقدًا حادًّا في حالة الأداء الرديء؛ وإذا جاء أداؤه جيدًا بشكل غير مألوف، وأُثنِي عليه، فإنه ينحدر ويتدهور، وبالطبع يعزو المدربون هذا إلى تأثير نفسي معقَّد، ناسبين لأنفسهم الفضلَ في التحسُّن، ومُلقِين اللوم على الطيار في الانحدار، ولكن ذلك في الواقع يكون انحدارًا إلى المتوسط في أغلب الأحيان، يُساء تفسيره بأنه علاقة سبب ونتيجة؛ فحين تؤدي بشكل أفضل من المعتاد، لا يُحتمَل أن تستمر على هذا المنوال؛ وهذا هو ما تعنيه كلمة «معتاد». قد يكون ذلك مُحبِطًا، ولكن العكس أيضًا صحيح، وهذا شيء مشجع، ودائمًا ما تكون رؤية أسباب حيثما لا يوجد أيٌّ منها، أمرًا مضرًّا بعملية صنع القرار؛ فالانحدار إلى المتوسط حالة حتمية من حالات الحياة.
أخيرًا، ثمة استخدام آخَر، أكثر تقنيةً، لمصطلح «انحدار»، سيكون له أهميته لاحقًا. يُستخدَم المصطلح لوصف الانحدار نحو «اتجاه» وليس نحو متوسط؛ تأمَّلْ طفلةً حديثة الولادة تزن ستة أرطال عند الولادة، بعد شهر قد يصل وزنها إلى ثمانية أرطال، وبعد شهر آخَر من الأكل الشره، تزداد إلى أحد عشر رطلًا، وبعد إصابتها بنزلة برد، تصل إلى اثني عشر رطلًا، ثم أربعة عشر، وهكذا. إذا تأمَّلْتَ هذه البيانات، ووضعتَها على مخطط بياني، فسرعان ما تدرك أن الطفلة خلال هذه الأشهر الأولى تكتسب في المتوسط رطلين في الشهر الواحد، قد تكتسب المزيدَ في بعض الشهور، وقد تكتسب أقلَّ في شهور أخرى، ولكن الاتجاه واضح. وإذا كنتَ قد تكبَّدْتَ عناءَ رسم مخطط بياني، يكون هناك خط مستقيم إلى حدٍّ كبير يمرُّ بين مجموعة النقاط، وإن كانت بعض النقاط تعلو فوق الخط وبعضها تكون أسفله. ومع ذلك يقال عن الخط في هذه الحالة إنه في حالة «توافُق سلس»، ويكون اكتساب رطلين في الشهر الواحد تقديرًا جيدًا إلى حد كبير، وهذا ما يطلِق عليه الإحصائيون انحدارًا؛ أي تقريبًا لمسار الاتجاه؛ وهو في هذه الحالة انحدار خطي. يُكرَّس قدر معتبر من العمل الإحصائي لعزل الاتجاهات عن كتل البيانات، وتتوافر بالأسواق عشرات من برامج الكمبيوتر سوف تقوم بالمهمة نيابةً عنك؛ فقط غذِّها بالبيانات، وسوف تُخرِج لك الانحدار. (في هذه الأيام، ينجح أشخاص يفتقدون أدنى قدر من الفهم لما يفعلون، في إخراج مخططات بيانية وعروض مبهرة. إنها ثورة المعلومات؛ بيانات وفيرة منظمة بشكل جميل، ولكن معلومات أقل.)
هذا النوع من التحليلات يُعَدُّ صناعة كبيرة، وهو الوسيلة الأكثر شيوعًا في الاستخدام لإعداد «تكهُّنات» حول المستقبل؛ فبمجرد أن ترسم خط الانحدار، يمكنك أن تمده نحو المستقبل وتطلق عليه تكهُّنًا. إنه ليس قائمًا على أي حكمة أو فهم للقوى العاملة، ولكن في الحالات التي تستمر فيها الاتجاهات من الماضي إلى المستقبل، يمكن أن ينجح بشكل طيب. ويُعَدُّ تحليل الاتجاه من خلال الانحدار بمنزلة شريان الحياة للشركات والدول، في ظلِّ افتراضٍ غير مُعلَن مفاده أن أيَّ قوًى غامضة، أيًّا ما كانت، تسبَّبَتْ في زيادة شيءٍ ما في الماضي لا تزال موجودة، وسوف تجعله يزداد في المستقبل القريب؛ إنه يصلح لتحليل اكتساب الرُّضَّع للوزن، وللعجز الفيدرالي في الموازنة، وتعداد سكان العالم، من بين أمور أخرى. وثمة مبالغ ضخمة تُنفَق على تحليل الاتجاهات في البورصة، من خلال تحليلٍ أقلَّ أو أكثرَ تعقيدًا للانحدار؛ لأن القدرة على التكهُّن بأسعار السوق غدًا أمر رائع. وإذا اكتشف أي شخص مفتاحَ النجاح المتواصل هناك، فسوف يظلُّ خفيًّا. وكما في كل هذه الأمور، توجد تذبذبات في درجة النجاح الذي يحرزه مستشارو الاستثمار المختلفون في السنوات المختلفة، وبطل العام الماضي قد يتحوَّل (بفعل الانحدار إلى المتوسط) إلى شحَّاذ غدًا؛ وسوف نخصِّص الفصل التالي لهذا الموضوع الجذَّاب في ظاهره. وعلى الرغم من المخاطر الضخمة، لا يعرف معظم المستثمرين (ومستشاروهم) إلا النذر اليسير عن إحصاءات سوق البورصة، ومن المفزع قدرُ الهراءات التي يصدِّقها العديدُ منهم (ويروِّج لها).
إذن ما الذي تعلَّمناه؟ هناك تذبذبات يتعذَّر اجتنابها في جميع العمليات الإحصائية، ولا ينبغي أن تخطئ فهم النتائج القصيرة المدى باعتبارها مؤشرات طويلة المدى، والانحدار نحو المتوسط حتمي ويجب ألا يُفهَم كدلالة على تغيُّرات في مستوى المهارة، والاتجاهات الحقيقية غالبًا ما يمكن تحديدها (بحذر) من خلال تحليل الانحدار؛ كل هذه الرؤى تساهم في صنع القرار بشكل منطقي وعقلاني.