صراع لا ينتهي!
وصل «عثمان» و«أحمد» إلى منتصف مزارع القصب، وهما يطلقان صيحة البومة … وسرعان ما قابلا «رشيد» و«قيس» و«بو عمير» …
وتوقف الجميع وهم يلهثون من الجري …
قال «أحمد»: لقد اختفت «إلهام» و«زبيدة» … وأتوقع أن يكون «مانسيني» وراء هذا الاختطاف.
عثمان: لقد كانتا قريبتين مني … في الاتجاه الشمالي الغربي للمزارع!
أحمد: هيَّا بنا … إنهم سيحاولون الوصول بهما إلى الشاطئ!
وأسرعا في الاتجاه الذي أشار إليه «عثمان»، وهو يتقدمهم … وكان ضوء القمر خفيفًا، ولكنه يكفي للتقدم بسرعة … وفجأة، شاهدوا أضواء تلمع داخل مساحات القصب الواسعة … وانطلقوا في اتجاهها وهم يخفون أصوات أقدامهم …
واستطاع «عثمان» أن يلمح أربعة رجال يحملون المسدسات والكشافات، وأمامهم رجل يهوي بسيفه يمينًا وشمالًا لإفساح الطريق … بينما كان في الوسط «إلهام» و«زبيدة»، وقد رُبطت أيديهما من الخلف … ولم يستبعد «عثمان» أن يكون على فم كل منهما شريط لاصق.
انقسم الخمسة إلى شبه دائرة، أحاطت بالرجال الأربعة والفتاتَيْن … وتقدَّم «أحمد» بهدوء، كالفهد وسط القصب، وتبع أحد الرجال الأربعة لحظات، ثم انتهز فرصة غياب القمر خلف سحابة، وقفز على الرجل، فوضع يده اليسرى على فمه؛ لمنعه من الصياح، وثنى ذراعه التي تحمل المسدس بيده اليمنى ثنية قوية، انكفأ الرجل على أثرها على الأرض.
وانتزع «أحمد» منه المسدس، ثم ضربه ضربة قويَّة. وفي نفس الوقت، كان «بو عمير» يخرج خنجره الذي لا يفارقه، ثم ينثني إلى الخلف في حركة رشيقة، ويطلق الخنجر كالرصاصة، ليصيب به أحد الرجال، فيدور حول نفسه ثم يسقط على الأرض …
تنبه الرجلان الباقيان لِما يحدث … فأطلقا عدة طلقات في اتجاهات مختلفة … بينما توقف الرجل الذي يضرب القصب، ورفع سيفه وأخذ يضرب به في مختلف الاتجاهات.
احتمى الرجلان الباقيان ﺑ «زبيدة» و«إلهام»؛ لمنع الشياطين من إطلاق الرصاص … ورجعا إلى إطلاق الرصاص في جهات مختلفة … بينما ربض الشياطين في ظِلال القصب.
مرَّت لحظات متوترة … ورجال العصابة الثلاثة يتقدَّمون في حماية «إلهام» و«زبيدة»، والشياطين يسيرون حولهم داخل سياج القصب الكثيف … وهم يفكِّرون في طريقة للهجوم، دون تعريض «إلهام» و«زبيدة» للخطر … وبدأت الريح القادمة من البحر تهب عليهم … وأدرك «أحمد» أنهم قريبون من الشاطئ …
وهمس في أُذن «رشيد»: سنسبقهم إلى هناك.
وانتقلت رسالة «أحمد» إلى بقية الشياطين … فأسرعوا الخطوات رغم صعوبة المرور في جدار القصب السميك …
وظل «عثمان» يتابع مسيرة رجال العصابة؛ حتى لا يغيبوا عن أنظارهم.
بعد نحو نصف ساعة من السير المُرهق، وجد الشياطين أنفسهم قُرب الشاطئ … وأطلق «أحمد» صيحة البومة ورد «عثمان» من قريب … وأدرك «أحمد» أن رجال العصابة يقتربون …
كان الشاطئ صخريًّا … والمسافة بين مَزارع القصب والبحر تبلغ نحو مائتي متر … واختار «أحمد» ثلاثة مواقع في الصخور تواجه مَزارع القصب … وبعد نحو خمس دقائق فقط من اختيار المكان، حيث استعد «بو عمير» و«رشيد» و«أحمد»، ظهر رجال العصابة الثلاثة … لم يكن مع «رشيد» و«بو عمير» أي سلاح … كان الوحيد الذي يحمل سلاحًا هو «أحمد» … ذلك المسدس الذي حصل عليه من رجال العصابة.
تمنى «أحمد» أن يتصرف «عثمان» في أحد الرجال الثلاثة … وقد تحققت أمنيته … فقد أطلق «عثمان» كرته الجهنمية على رأس الرجل الذي كان يحمل السيف، فسقط في لحظة واحدة، وتقدم الباقيان يحتميان في «زبيدة» و«إلهام» …
وأحكم «أحمد» الذي يحمل المسدس الوحيد تصويبه، ثم أطلق رصاصة واحدة أصابت الرجل الذي يمسك «زبيدة» في كتفه، فاختلَّ توازنه وسقط على الأرض.
وانتهز «عثمان» الذي كان قريبًا من الرجل الآخر، فرصة الارتباك التي عمَّت الموقف، وقفز على الرجل موجِّهًا له لَكْمة قوية … وأمسك بيده اليسرى يد الرجل التي تحمل المسدس، وثناها بكل قوة فسقط المسدس … واشتبك معه في معركة قويَّة انتهت في ثوانٍ قليلة …
في هذه اللحظة، انطلقت من شاطئ البحر عدة كشافات قويَّة تجاه الشياطين … الذين أسرعوا بالاحتماء بالصخور؛ فقد انهالت على ضوء الكشافات طلقات رصاص المدافع الرشاشة …
صاح «أحمد» بزملائه: سنتجه إلى مكان القارب … وأخذوا يَعْدُون فوق الصخور مبتعدين عن نطاق الكشافات التي أخذت تمسح الشاطئ بحثًا عنهم … وبعد نصف ساعة من الجري … وصلوا إلى مخبأ القارب …
كانوا في حالة من الإنهاك والتعب … فأسرعوا أولًا إلى الحمامات، فاغتسلوا ثم اجتمعوا ليقرروا ما يمكن عمله …
قال «أحمد»: إنني أُفَضِّل أن ننطلق فورًا بالقارب مبتعدين عن الجزيرة … إن رجال «مانسيني» منتشرون هنا … وسوف يطاردوننا بكل الوسائل.
زبيدة: وبقية الزملاء؟
أحمد: سيعود «رشيد» الآن لإخطارهم بما حدث … وسوف نلتقي في الموعد المُتفق عليه في «نيويورك» في «سنترال بارك»!
رشيد: سأذهب فورًا قبل أن تكتشف منظمة سادة العالم ما حدث، ومن الأفضل انتظارنا لنركب جميعًا معًا!
أحمد: خذ حذرك … ومن الأفضل التحرك الليلة!
قفز «رشيد» إلى الشاطئ، وأخذ يجري متخذًا طريق الشاطئ، حتى إذا اقترب من قلب الجزيرة … اتخذ طريقه وسطها حتى وجد تاكسيًا قفز إليه، وطلب من سائقه التوجه بسرعة إلى فندق «القرصان» …
وعندما وصل … أسرع «رشيد» بدخول الفندق، كان الحارس غير موجود … وكذلك موظف الاستقبال … أحس «رشيد» أن في الأمر شيئًا غامضًا … وقفز السلالم قفزًا إلى غرفة «خالد»، وفوجئ بالباب مفتوحًا … وأحس بحركة دخل الغرفة … فسار متسلِّلًا حتى وقف بجوار الباب … وشاهد شخصين يحملان «خالد» ويحاولان الخروج به … قفز «رشيد» فورًا على الرجل الأول، وعالجه بلَكْمة قويَّة جعلته يترنَّح، وانتهز «خالد» الفرصة … وتخلَّص من يد الرجل الآخر … واشتركا في ضربه، وإسقاطه.
قال «خالد»: لقد فاجأني وأنا نائم!
رشيد: هيَّا بنا … إنهم يحاولون اختطاف بعضنا!
أسرعا إلى بقية الغرف، فوجدا «هدى» في صراع مع رجلين آخرين … وتخلصا منهما … ثم أخذوا يوقظون بقية الشياطين … ثم نزلوا جميعًا …
لم يتردد «رشيد» في استخدام مهارته في تسيير إحدى السيارات الواقفة أمام الفندق، ثم أطلق لها العنان … وكذلك فعل «مصباح»، وانطلقت السيارتان بسرعة إلى الشاطئ … حتى إذا اقتربوا من مساحات القصب المزروعة، تركوا السيارتين وبكل منهما بعض النقود … ثم أخذوا يَجْرون وسط المَزارع الشاسعة، حتى وصلوا إلى الشاطئ. كان القارب مستعدًّا للإبحار … قفزوا فيه ثم انطلقوا إلى عرض البحر.