المفاجأة الأخيرة!
لاحظ «أحمد» أن الطائرة تستهدف السيارات الثلاث الأخيرة، ولا تستهدف سيارته، لقد كان رجال المنظمة أذكياء، واستنتجوا أن «مانسيني» سيكون في السيارة الأولى، فلم يطلقوا عليها الرصاص … وعرف في نفس الوقت، أن الشياطين مهما تابعوا خطة المراوغة، فسيمكن إصابتهم، خاصة وأن الطريق يمتد عبر الجبال العالية … حيث يصبح أي انزلاق خطرًا مؤكدًا.
ولكن هذه الخواطر كلها تلاشت فجأة، عندما سمع كل من في السيارة وهم «أحمد»، و«رشيد» و«بو عمير» صوت انفجار من أحد إطارات السيارة، وعرف «أحمد» وهو الذي يقود، أنهم يواجهون خطر الموت، فقد كان يقود بسرعة ١٦٠ كيلو مترًا في الساعة … فضغط على الفرامل بشدة … وأمسك بمقود السيارة بكل قوته، محاولًا منعها من الانحراف إلى الوادي العميق … وصاح بزميليه: اقفزا عندما تهدأ السرعة …
قفز «أحمد»، ثم «بو عمير» ثم «رشيد»، وسقطوا يتدحرجون على سفح الجبل … بينما انحرفت السيارة وقفزت في الفراغ، وظلت تهوي، وتهوي، حتى ارتطمت بالأرض، وتحوَّلت إلى كتلة من النيران، وبداخلها المجرم العتيد «مانسيني».
وتوقفت السيارات الثلاث، وقفز منها الشياطين، واختفوا جميعًا بين الصخور … وأمسك «بو عمير» بمسدسه، وانتظر الطائرة التي كانت تقوم بدورة واسعة … وفعل كل الشياطين مثله، وعندما انخفضت الطائرة، انطلق الرصاص من ١٣ مسدسًا في اتجاهها … وأصابت الطلقات الطائرة، وشوهد عمود من الدخان ينبعث منها … ولكنها لم تسقط … فقد استطاع قائدها أن يختار مكانًا منبسطًا في الطريق ونزل عليه … وظهر على الفور أربعة رجال يحملون المدافع الرشاشة، ويطلقونها في كل اتجاه، قبل أن يختاروا مخابئ خلف الصخور الضخمة.
بدأ تراشق النيران بين الشياطين اﻟ «١٣» وبين مجموعة الأربعة … وكان صوت طلقات المدافع الرشاشة الضخمة، يرن في الفراغ الكبير عند ارتطامه بالصخور، فيُحدث دويًّا عميقًا، وأدرك «أحمد» أن الوقت ليس في صالحهم … فالمدافع الرشاشة أقوى ومداها أوسع … وذخيرة المسدسات محدودة ومداها قصير …
وهكذا أشار ﻟ «قيس» و«باسم»، فقفزوا إليه، وقال «أحمد»: سنقوم بحركة التفاف حولهم!
وذهب «باسم» زاحفًا إلى بقية الشياطين … وانقسموا إلى ثلاث مجموعات، وبدءوا يتقدمون في شكل حلقة واسعة تحيط بالرجال الأربعة …
وصل «عثمان» إلى صخرة عالية تشرف على رجل من الأربعة، كان يرفع مدفعه الرشاش إلى فوق، فأحكم «عثمان» التصويب، ثم أطلق رصاصة واحدة، أصابت الرجل بين كتفيه، فسقط منكفئًا على وجهه، وسقط مدفعه الرشاش …
ثم تقدَّم «عثمان» زاحفًا، حتى أصبح على بعد مترين فقط من المدفع، وفجأة وقف رجل آخر، محاولًا ضرب «عثمان»، عندما تلَّقى رصاصة من أحد الشياطين، هوى على إثرها على الأرض …
تقدَّم «عثمان» وحمل المدفعين … وأحس أنهم سيكسبون المعركة، عندما حدث شيء مفاجئ … طائرة صغيرة نفاثة، تندفع من بين قمم الجبال، وتمر من فوقهم بسرعة … ثم تدور دورة واسعة وتعود … وتُلقى بسلسلة من القنابل الحارقة أحالت المنطقة إلى جحيم.
ودارت الطائرة دورة أخرى وعادت، وانكمش الشياطين اﻟ «١٣» كلٌّ في مكانه خلف صخرة، وكان واضحًا أن الطائرة ستقضي عليهم بقنابلها الحارقة …
وقرر «عثمان» أن يُضحِّي بحياته من أجل بقية الشياطين … فجرى مسرعًا إلى قمة الجبل، وجلس مُسندًا ظهره إلى الصخر … وواجه الطائرة وهي قادمة، وانتظر حتى أصبحت في نطاق الضرب، ثم أطلق مدفعه الرشاش بدِقَّة، وإحكامٍ، وأصاب الطائرة التي انفجرت في الجو … وهوت بين سفوح الجبال.
سمع «عثمان» طلقات متفرقة، على نظام خاص، عرف منها أن الشياطين يحيونه على ما فعل، ثم ظهر الشياطين جميعًا من خلف الصخور …
كان «أحمد» و«باسم» قد قضيا على الرجلين الباقيين … وأسرعوا جميعًا إلى السيارات، كانت اثنتان منها صالحة للعمل، والثالثة أصيبت، فانحشر الشياطين في السيارتين، وبدءوا رحلتهم الطويلة …
كان «أحمد» يريد الابتعاد عن مسرح الأحداث بأقصى سرعة، فلا بد أن النيران التي اشتعلت في الجبل ستلفت نظر الشرطة … وقد كان معه كل الحق … فقد ظهرت طائرات هليكوبتر أخذت تحوم حول المكان … واختار «أحمد» طريقًا جانبيًّا، وتبعه «بو عمير» في السيارة الثانية.
أقبلوا على مزرعة صغيرة، وقد سطع ضوء الشمس على المزرُوعات والورود … وكان ثمَّة نهر صغير، تتدفق مياهه في صمت عبر الصخور الملونة …
قالت «زبيدة»: إنها جنَّة صغيرة!
إلهام: لماذا لا نذهب إليها؟
وتبادلت السيارتان الإشارات … وتوقفتا عند سور المزرعة، حيث كان كلب ضخم من نوع «الدوبرمان» واقفًا ينبح بشدة … وظهرت على الباب فتاة تلبس السواد …
وصاح «أحمد»: غير معقول!
سألته «إلهام»: ما هو الشيء غير المعقول؟
أحمد: إنها «كلانيا» ابنة «واتكر»، الرجل الذي قتله «مانسيني»!
نزل «أحمد» وكاد الكلب الضخم يفتك به، عندما شاهدته «كلانيا» وصاحت: «أحمد»؟
أحمد: «كلانيا»؟! … إنني لا أصدق نفسي!
أمسكت «كلانيا» بالكلب، وفتحت باب الحديقة، ثم أقبلت على «أحمد»، وتبادلا تحيَّة حارة …
قال «أحمد»: عندي أخبار طيبة لكِ!
نظرت إليه «كلانيا» في دهشة …
قال «أحمد»: لقد قضينا على «مانسيني» منذ ساعات قليلة!
كلانيا: حقًّا!
أحمد: نعم …
كلانيا: أخيرًا سقط الكلب الذي لوَّث يديه بدماء الأبرياء!
أحمد: هل يمكن أن أتناول مع أصدقائي الإفطار وكوب شاي؛ فإننا في غاية التعب؟!
كلانيا: طبعًا … على الرحب والسعة.
نزل الجميع إلى الفيلا الأنيقة، حيث أحاطوا ﺑ «كلانيا» وهم يضحكون … بينما أمسك «أحمد» بسماعة التليفون، واتصل بعميل رقم «صفر»، الذي ما كاد يسمع صوته حتى صاح: ما هذا العبث؟!
– أين أنتم؟ … إن رقم «صفر» يكاد يُجن!
أحمد: أرجو أن تبلغه أن المهمة انتهت!
الرجل: كيف؟ …
أحمد: منذ ساعات قليلة تم نسف مقر «سادة العالم»، ومات «مانسيني» محترقًا …
وتم القضاء على أكبر عدد من رجال المنظمة …
الرجل: وأنتم … ماذا أصابكم؟
أحمد: أصابنا التعب فقط … ولكن صديقة عزيزة تتولى الآن رعايتنا … وسوف أشرح لك فيما بعد كل ما حدث.