تمهيد
(١) الطيور التي يحميها القانون
نلخِّص أسماءها حسب ما ذكرَتْه اللائحة الحكومية للجمهورية العربية المتحدة وهي: الزرزور، الوروار، الهدهد، الأخيل (الغراب الزيتوني)، صياد الذباب، الدج، السنونو، القبرة، الفتاح، الصعو، الهوازج، البلابل، الكوكو، البلشون، الكروان الجبلي، الطيور الخواضة، القطقاط الشامي والبلدي، الأبلق، الحميراء، الحسيني، الخطاف، اللواء، اللقلق، أبو قردان، الكورسار، الكركي، القليعي، الهزار، أبو الحناء.
ولكن للأسف لا يعمل بهذا أحد، بل هي كثيرًا ما تُصاد في شمال الدلتا (رشيد ودمياط والبرلس وبورسعيد والمنزلة وإدكو) كل عام بالدبق (المخيط) وتُباع علنًا في الأسواق معروضةً للأكل.
هذا ويُخشى على الباقي من الانقراض، وخاصة البط الذي يُصاد منه كل عام الملايين، فليت الحكومة تسُن قانونًا تحدِّد فيه صيد البط، كما فعلَت أمريكا عندما انقرض منها بط لبرادور.
(٢) صيد الطيور
كلنا نعلم أن الطيور تُصاد بطرقٍ مختلفة وأهمها البندقية؛ إذ هي العامل الأول في صيدها، كما تُصاد أيضًا بالنَّبل، وكذلك بالفَخ، وهذه تُردي الطائر ويقع ميتًا غالبًا بهذه الأدوات.
والطريقة الثانية: هو أن تُعمَل حفرة في الأرض عمقها حوالي قدم تقريبًا، ثم يُقام عليها مُربَّع من القصَب له ناحيتان؛ إحداهما التي تجاه البحر المفتوحة، والثانية مسدودة بالشَّرَك (وتظهر كأنها مفتوحة)، فإذا ما هبطَت السُّمَانَى من فوق سطح الماء (أعلاه على ارتفاعٍ ضئيل) على الأرض، ووجدَت أمامها الفتحة، دخلَت فيها حسب غريزتها وحبها للتستر والخَبْء، ويَمُر الصياد من الناحية المفتوحة تجاه البحر، فإذا وجدَتْه اتجهَت بالهرب من الناحية الأخرى التي بها الشَّرَك كأنه شباكٌ بعيون، وترتبك فيه، وتحاول الهرب منه، ولا تفكر في الرجوع للناحية الخالية من الشَّرَك، فيهجُم عليها الصياد ويُمسِكها من قلب العُش حيَّة.
وتُوجد طرقٌ أخرى للصيد حيًّا مثل طريقة الدبق (المخيط) وهي منتشرة في شمال الدلتا مثل رشيد ودمياط وإدكو والبرلس (في أغسطس وسبتمبر). كذلك طريقة صيد البط حيًّا بطريق الظرة وهي منتشرة في الأماكن السابقة المذكورة. وطريقتها هي:
-
(١)
يُغرَس قائمٌ حديدي أو خشبي متين في أرض البحيرة التي لا يزيد عمقها عادة على متر تقريبًا، وبالطبع فإن القائم يكون متصلًا بحبلٍ متين، ويدخل في رأس الزاوية بحلقة «أ» ثم إلى الحلقة «ب» ثم إلى الحلقة «ﺟ»، ثم يصل بطوله إلى حوالي ٣٠ مترًا إلى أرض الجزيرة، إلى داخل العش، الكائن بداخله الصياد مختبئًا.
-
(٢)
يدخل طرف آخر من الحبل في الحلقة «أ» ثم إلى «د» ثم إلى «ﺟ» حتى يصل كذلك للعش «د» يقفل الصيَّاد العش عليه جيدًا، ويراقب الطير فوق المعين الذي نثر فوقه الحبوب طعامًا للطير، وينظر من خلال ثغراتٍ من العش، فإذا ما وجد الطير بداخله، جذب الحبلَين إليه، فينطبق المعين على الطير بشكل مثلث هكذا ∆، فيذهب إليه الصياد لأخذ الطير حيًّا منه.
أما طريقة الصيد بالدبق، فهي أن تُصنع عجينة الدبق اللزجة، وذلك بمزج لباب ثمرة المخيط بنسبة الربع تقريبًا من عسل الكندية، ثم تُعرَّض للشمس حتى تقوى على اللصق بأرجل الطائر إذا ما وقَف وجثَم على عود الدبق (عود الأتل) المكسوِّ بالعجينة إلى النصف. تُطوى رءوس الغصون مع الأوراق في أجزاء من الشجرة، ثُم تربط بالخوص، ثم يُغرس فيها عود الدبق من أسفله.
أما في المناطق الخالية من الأشجار فإنه يُعمل بها قوائمُ من القصب (البوص) تُغرس بالأرض، ثم يتفرع القائم إلى أفرع، ويجوز أن يبقى على فرعٍ واحد أو أكثر، ثم تُهيَّأ رءوسها لوضع عود الدبق فيه كي يقف عليه الطائر ويلتصق به. وأختم قولي بما قاله الشاعر وهو:
(٣) طيور الصيد
هي الطيور التي تُصاد من أجل أن تؤكل، ومنها آكل الخضروات والنباتات كالبط بكل أنواعه، ومنها آكل الحبوب مثل السُّمانَى والحمَام بكل رتبه وفصائله ومعه القمري، ومنها ما يأكل الديدان مثل البكاشينة والمراعي. وكذلك الحجل والقطا الذي يشترك كذلك في الحبوب. وتمتاز بأنها سريعة الطيران، ممتلئة الأجسام، صغار الرءوس، أرجلها تصلح للحفر والنبش، والأجنحة إما طويلةٌ مدبَّبة، كالبكاشينة والسمانى، أو قصيرةٌ مستديرة، مثل الحجل والتدرج والطاووس، وهي سريعة العَدْو على الأرض في كثيرٍ منها، مثل الحبارى والتدرج والطاووس.
ومنها الطيور الخوَّاضة التي تخوض في المياه، فهي كذلك من ضمن طيور الصيد وإن كانت لا تأكل الحبوب أو الخضروات، إلا أنها تستعيض عن هذا بالقشريات والهلاميات المائية والديدان المائية والأرضية، وكذلك الحشرات المائية.
(٤) تاريخ الطيور
هذا ولم تكن الطبيعة قد حبَت الطيور الأولى التي عاشت في العصر «الجوراسي» بما يجعلها إنذارًا للزواحف الطائرة التي كانت إذ ذاك سادة الجو .. ولكن على مَرِّ الحِقَب صارت الزواحف الطائرة في ذمة التاريخ، بينما تطوَّرَت الطيور الأخرى، وانعقَد لها لواء السيطرة على الجو.
(٤-١) الطيور عند قدماء المصريين
كان قدماء المصريين مُولَعين بصيد الطيور، بل كانوا يرسمونها على معابدهم، وإليك الأدلة على ذلك، فقد عُثر على أكثر من ١٢ طائرًا هيروغلوفيًّا مرسومًا رسمًا كروكيًّا على جدران المعابد والمقابر وخاصة في سقارة، وأهرام أوناس وبني حسن، مثل طيور الكركي والبلبول، والدقناش الأكحل والقبطي والخطاف المصري والقرلي والبومة البيضاء والنسور، وغربان الماء والإِوَز والحمام والنعام والسُّمانَى.
(٤-٢) الهجرة عند الطيور
والخرشنة القطبية السابقة تهاجر من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي، وهي مسافة بين طرَفَي الأرض لا تقل عن ١١ ألف ميل، وهي أكبر مسافةٍ يقطعها أي طائر في العالم. أما سرعة الطيور فهي لا تتجاوز بحالٍ ما عن ٩٠ ميلًا في الساعة، وهي تعمل في طريق هجرتها محطات استراحة؛ ولذلك تأخذ فترة حوالَي شهرٍ أو أقل عندما تصل إلى مكانها بحسب مسافة الطريق، وتارةً في أقل من أسبوع، وأحيانًا في مدى يومٍ حسب سرعتها واتجاهها المباشر دون راحة.
على أن الدافع للهجرة أيضًا هو الرزق بالطبع وتغيُّر الجو، فإذا شعَر الطائر ببرودة الجو بدأَت الحشرات مثلًا تنقبع في مخابئها ولا تظهر فوق سطح الأرض، فتهاجر إلى مواطنَ أدفأ منها وفي معدَّل طقسها ومناخها التي كانت عليه، حتى تظفر بنفس الحشرات التي كانت تلتهمها، وكذلك في المزروعات فإن القمري مثلًا يعود إلى الدلتا في مايو في تمام نضوج القمح، وفي نهايته يهاجر إلى أوروبا حيث القمح (لأنه كلما اتجهنا إلى الشمال كلما تأخَّرَت زراعتُه) وبذلك يضمن القمري أن يتوالد صيفًا في أوروبا ورزقه بها مكفول، حتى إذا أتى الخريف وامَّحى القمح، هاجر ثانية إلى الجنوب مارًّا بمصر في طريقه إلى السودان وأفريقية الاستوائية حيث يكون بها القمح من جديد (لأنه يبكِّر هناك في الجنوب).
وتهاجر الطيور إلى مصر عن طريقين: (أ) الطريق الشمالي الغربي، والطريق الشمالي الشرقي.
والخلاصة أن الطير يَعتمد عادةً على البصر في كشف طريقه المهاجر إليه، بدليل أن معظم الطيور لا تهاجر إلا نهارًا أو تُشاهَد على ارتفاعاتٍ شاهقة لهذا الغرض.
وذكر «روان» كلمة عن هجرة الطيور بخصوص أن أهم العوامل في الهجرة هو اختلاف طول النهار، فعمل تجربةً على ذلك في طائر الجنكس بأن عرَّض بعضًا منه لأشعةٍ ضوئية تساوي في المقدار أشعة النهار في الأقاليم التي تَرحَل منها ثمَّ أطلقها، فلمَّا أحسَّت بالاختلاف بدأَت هجرتها على الفور. أما الطيور التي لم تعرَّض لهذا النهار الصناعي فلم ترحل. ويؤيد صحةَ ذلك الآتي:
(٥) مراتب الطيران
- (١)
إذا حرَّك الطائر جناحَيه ورجلاه بالأرض قيل «دَفَّ».
- (٢)
فإذا طار قريبًا من سطح الأرض قيل «أسَفَّ».
- (٣)
فإذا كان مقصوصًا وطار كأنه يردُّ جناحيه إلى الخلف، قيل «جَدَفَ»، ومنه سُمي «مجداف السفينة».
- (٤)
فإذا حرَّك جناحيه في طيرانه قريبًا من الأرض وحام حول الشيء يريد أن يقع فيه، قيل «رَفْرَفَ».
- (٥)
فإذا طار في كبد السماء، قيل «حَلَّقَ».
- (٦)
فإذا طار واستدار قيل «دَوَّمَ».
- (٧)
فإذا بسَط جناحَيه في الهواء وسكَّنهما فلم يُحرِّكْهما كما تفعل الحدأة والرخم قيل «صَفَّ»، في القرآن: والطير صافَّات.
- (٨)
فإذا ترامى بنفسه في الطيران قيل: «زَفَّ زفيفًا».
- (٩)
فإذا انحدر من بلاد البرد إلى بلاد الحرِّ، قيل «قَطَعَ قُطُوعًا».
- (١)
تجويف الريش يساعد على خفة الطائر وكذلك ارتفاع الحرارة في جسمه من ٤٠ : ٤٤ درجةً مئوية، كذلك يُوجد له — وهو حي — أكياسٌ هوائية في جسمه، كذلك يمكن الطائر أن يحفظ توازنه وهو حي في الهواء، بخلاف ما إذا مات فإنه يفقد توازنه مثل عصا البهلوان، والإنسان إذا كان حيًّا استطاع أن يسير وإذا مات هبط للأرض مرةً واحدة.
(٦) الغزَل عند الطيور والتكاثُر
عندما يجيء الربيع، تدب الحياة في أجساد النباتات المتساقطة الأوراق، فتبدأ البراعم في الظهور من جديد، ثم تتشكل إلى أوراق تكسو بها أبدان الأشجار، فتكسوها حُللًا خضرًا، وتزيِّنها بالأزهار والورود، كما أن الطائر يشعر بالدفء وبرغبته في التزاوج بحلول الربيع، فتبدأ الذكور — وهي التي اختصها الله بالجمال دون الإناث — في عرض زينتها، وإبراز جمال ألوان ريشها، وغنائها بعذب الألحان لاستجلاب قلوب إناثها، فتَحِن إليها الإناث وتتزاوج معها، ثم تبيض ويفقس البيض بعد حين، تارةً في خلال ١٤ يومًا، وتارةً بعد شهرَين، فالقادوس يحضن بيضه ٩ أسابيع، والإيمو والريا والنعامة شهرَين، والبط حوالي ٤ أسابيع، والدجاجة حوالي ٢٠ يومًا.
وتبني بعض الطيور أعشاشها إما في الأشجار، أو على الصخور، أو بين أدغال الماء، أو على وجه الرمال مباشرةً كالنعامة ثم تُهيل عليه الرمال، ويحضنه الذكر ليلًا، ويكتفي بحرارة الشمس نهارًا، وتارةً ترقُد الأنثى عليه نهارًا.
وعندما تضع الأنثى البيض وترقد عليه يقف الذكر حارسًا لها على باب العش ويُمِدُّها بالطعام، وتخرج الأولاد من البيض عاريةً عمياء، غير أنها تفتح أفواهها طلبًا للغذاء، وفي أثناء الليل يحنو أحد الأبوَين أو كلاهما على الفراخ فيضمُّها تحت جناحَيه ليُفيء عليها الدفء، وقد ثبت أن هرمونًا تفرزه الغدة النخامية في جسم الأنثى اسمه «البرولاكتين» يزيد في الدم في هذا الفصل، ومن المعروف أن هذا الهرمون في الحمام ينبِّه إلى إفراز «لبن الحمامة» أو «اللَّبأ»، وهو سائلٌ أبيضُ غليظ القوام تفرِزه حُويصلة الحمام وتُطعِم به أفراخها — أشبَه بذلك إفراز اللبن في المرأة والحيوان بعد الولادة.
(٧) نقصان الطيور وانقراضها
- (١) تجفيف كثير من البرك المائية والمستنقعات مثل بحيرة إدكو والمنزلة … إلخ، وتحويلها إلى أراضٍ زراعية، مما أدَّى إلى اختفاء كثيرٍ من الطيور المائية مثل البط، وباقي الطيور الخواضة، وأهمها البكاشينة والعصافير المغنية (الهوازج) (Warblers) الخاصة بالمستنقعات والأعشاب المائية.
- (٢)
ازدياد السكان من الآدميين زيادةً فاحشة، وكلها تبحث عن القوت ومن ضمنها الطيور، كما ازدادت أيضًا نسبيًّا كثرة الصيادين الذين يتعقبون الطيور بالصيد، ويقتلونها بحاجة وبغير حاجة.
- (٣)
اتساع رقعة الأراضي الزراعية، وانتشار الحدائق الحديثة، فأصبح السرب المكوَّن مثلًا من ألف طائر يتوزَّع في ألف فدان بدلًا من مائة فدان.
- (٤)
اجتثاث مناطق الغابات التي هي أهم مورد للطيور النادرة الجميلة الألوان، مثل الكويتزال والببغاوات وطيور الفردوس، وإحلال مناطقَ زراعية مكانها تُزرع قمحًا وأرزًا وبرسيمًا وقطنًا … إلخ، خدمةً للإنسان والحيوان.
- (٥)
تحويل مناطقَ زراعية إلى مصانعَ تشع منها أبخرة ودخان تؤذي الطير في مملكته في الهواء.
- (٦) تفجير القنابل الذرية، وعمل مناطق خاصة لهذا التفجير في البحار والصحراء أو مناطق القطبين، وعند قيام الحرب سيعُم التفجير المدن والقرى، وبذلك ينتج إشعاعات ذرية تسمِّم الجو وتسير إلى مسافة أميال (مئات منها) إلى طبقات الجو، وشرقًا وغربًا مع الرياح، وكل هذا يقضي على حياة الطيور، وأهمها القادوس Albatross وطائر البارجة، ومثل ذلك من الطيور النادرة الوجود، وكذلك في الصحراء على القطا، وفي القطبَين على البط.
هذا وقد انقرضَت طيورٌ سابقة كانت تنعم بالحياة فيما مضى وهي:
مرعة ليزان Laysan Rail انقرضَت من جزيرة ميدواي حوالي عام ١٩٤٤م، وكذلك ببغاء كارولينا Carolina parrot ولكن ما زال بعض منه مأسورًا لغاية سنة ١٩١٤م، وكذلك حمام باسنجار Passinger Pigeon، ومكاو كوبا الأحمر (كان لغاية ١٨٨٥ مأسورًا) Cuban Red macaw، كذلك بومة جزيرة سيشل، وطائر المامو، وحمامة شوزيل المتوَّجة، وطيطوي تهيتي، والدودو، والشهرمان المتوَّج (Crested shelduck) وبط لبرادور، والأكتع الكبير، وزرزور ليجوات Leguat والإوز الذي يقطن هاواي، والهيووا، والريوكيو.هذا وتُوجد طيورٌ الآن قليلة الوجود ويُخشى عليها من الانقراض وهي: الونس Red-crested Pochard، وأبو فروة Ruddy Shelduck، والشهرمان Common Shelduck، دجة الدبق Missel-thrush، والكاهاو Cahow؛ إذ لا يوجد منه إلا حوالي ٢٠ واحدًا، كذلك الباراكيت الفاخر Splendid Parrakeet.وتدرج الميكادو، والكوكي الصياح. Whooping Crane، والقادوس أبو ذيل قصير Short-tailed Albatross، ونقار الخشب أبو منقار عاجي اللون، ونمنمة الشجر الصياحة Noisy Scrub-bird، وكوندرو كاليفورنيا (لا يُوجد منه الآن إلا من ٦٠ : ٦٥ واحدًا فقط جرد عام ١٩٩٠م)، وأيبس تيفون، وبومة نيوزيلند الضاحكة، والدقناش الأكحل. هذا ويُوجد غير ذلك الكثير، وقد انتبهَت الحكومات إلى ذلك، وخاصة أمريكا الشمالية، وسنَّت الحكومة هناك قوانين لمنع الصيد إلا في أشهرٍ خاصة وبكميةٍ محدودة. وحبذا لو عملَت حكومتنا المصرية بهذا. علمًا بأن أبا الحن الأمريكي. American Redstart كاد ينقرض بفعل نيران هواة الصيد الذين كانوا شديدي الشغف به وبصيده من الأمريكيين، ولم يُكتب لهذا الطائر البقاءُ إلا عندما صدر أخيرًا قانونٌ بتحريم صيده. - (٧)
رش المحاصيل الزراعية بالمواد الكيماوية السامة التي يتسبب عنها أكل الحيوانات الصغيرة كالحشرات وصغار الثدييات كالأرانب والفئران لهذه المحصولات المسمَّمة، فلا تجد الطيور وخاصة الجارحة ما تأكله من هذه الحيوانات، كما أن هذه الكيماويات المنتشرة في الجو تُضعِف القدرة على التوالُد عند هذه الطيور … وبعدُ.
فهل تعلم أن كثيرًا من الدول الأوروبية وغيرها تفرض غراماتٍ كبيرة على كل من يُضبط متلبسًا بطائر معه من جوارح الطير أو معه بيض من بيضها، أو مستحوذًا على عُشها؛ فإن أمثال هذه الجوارح هي في حمايةٍ تامة بالقانون، وخاصة في بريطانيا، فكل من يُضبط تُفرض عليه غرامة تصل إلى ٢٥ جنيهًا إسترلينيًّا، وكذلك تُفرض عليه نفسُ الغرامة كل من يحتفظ بطائرٍ حي في قفص أو خلافه، إلا إذا كان الطائر مجروحًا وكان من يحتفظ به هو من أجل العناية به ومعالجته.
وأنه في إنجلترا إذا سقطَت بومةٌ صغيرة من عشها ورآها السائرون فلا يقرَبها أحدٌ بل يتركها لأنها بعد حين ستعود إليها أمها أو الآباء وينقلانها من على الأرض إلى العش أو أي مكانٍ آمن، ومهما بالغ الإنسان في الاعتناء بالبومة الصغيرة فلن تبلُغ قدْر عناية آبائها بها؛ ولذلك بدأَت الطيور فيها تتكاثر من جديد، وحبَّذا لو أُجريَت مثل هذه التعليمات في مصر، وخاصة في الطيور المهاجرة، التي يُقتل منها سنويًّا مئات الآلاف، كالبط والقمري … إلخ. هذا وتُوجد في الأردن محطةٌ ضخمة لهجرة الطيور تُعرَف ﺑ «واحة الأزرق» تحُط بها الطيور المهاجرة من شمال أوروبا وروسيا لأواسط أفريقية لقضاء الشتاء هناك. ولقد تأسَّسَت في الأردن لجنةٌ لحماية الطبيعة تقوم على حماية واحة الأزرق ضد عبث الإنسان للمحافظة على المحطة هذه. ولقد سنت الحكومة قوانين لحماية الطيور منها: (١) منع صيد الطيور المغرِّدة منعًا باتًّا. (٢) تحديد مواسمَ معيَّنة لصيد أنواعٍ محدودة من الطيور. (٣) منع صيد الطيور أثناء تكاثُرها. (٤) تحديد كمية الطيور التي يصطادها الفرد خلال موسم الصيد. (٥) منع استعمال البنادق الأوتوماتيكية منعًا باتًّا. (٦) تحريم استعمال الشبك لصيد الطيور إلا للنواحي العلمية وبإذنٍ خاص. (٧) منع صيد الطيور إلا بترخيص من الحكومة.
(٨) محادثة طريفة عن الهجرة للخطاف
مترجمةٌ بقلم المؤلِّف بتصرُّف فيها
أنجبَت أنثى خطَّاف ولدًا، وجرَت بينهما محادثةٌ ساقها الابن لأمه تمشيًا مع غريزة حب الاستطلاع، وقد آن ميعاد الهجرة من أوروبا إلى الجنوب.
قالت الأم: يجب علينا أن نحتشد حالًا لنرحل إلى الجنوب.
ثم طار الابن صاعدًا للسماء بصياحٍ قصير المدى، وتَبِعه الباقون كأنه مرشدٌ ودليل لهم … وطاروا.
(٩) «هل تعلم»
وأن القطقاط المصري المعروف باسم «طائر التمساح» يدفن البيض في الرمل ثم يرقُد عليه، وكذلك يدفنُ أولاده ثم يرقُد عليها ليُظِلها من وهج الشمس ولهيبها ظهرًا.
وأن ريش ذيل البكاشينة الكبيرة ١٦ ريشة، والعادية ١٤ ريشة، والصغيرة ١٢ ريشة. وهذه أهم ملاحَظة وقَلَّ من يلحَظ ذلك.
وأن الحجل الرملي (التهامي) هيز إذا أطلق الصياد عليه النيران وأفلت منه ونجا، ثم عَثر عليه الإنسان، أمكنه أن يقبض عليه بيده حيًّا، أما إذا انتظر الصياد أن يهبَّ ثانيةً من الأرض ليطير فإن الحجل يتجوَّل بين الصخور ويفلتُ من يد الصياد.
وأن ذكَر الحجوالة يظهر له لبادةٌ كثيفة في الربيع والصيف حول العنق ينشرها لجذب قلب أنثاه، ويتلوَّن الذكَر في الربيع بأشكالٍ مختلفة؛ فقد نجد أكثر من عشرة ذكور كل واحدٍ منها بلونٍ يُخالف الآخر.
وهذا اللبد (الذي هو أشبه بلبد الأسد) ينعدم في الخريف والشتاء ولا يبقى له أثَر. واللبد بالطبع من الريش.
وأن دجاجة الماء لا تأوي إلى الماء المِلح، بل العذب فقط.
وأن السُّمَانَى هي أصغر طائر هام من طيور الصيد في العالم تقريبًا، وأنه يأتي إلى مصر قمريٌّ صيفي من مارس إلى سبتمبر يتوالد في الواحات الداخلة والخارجة، وأنه يأتي مع القمري الأوروبي في الهجرتَين قمريٌّ شرقي شبيه جدًّا بالأوروبي، ولكنه أفتح لونًا منه، وغطائيات الجناح فيه صفراءُ فاقعة.
وأن معظم النورس الصغير يُوجد له خطٌّ عرضي أسود في طرف الذيل، فإذا تم نمُوه ضاع هذا الخط، وصار الذيل أبيض رائقًا مثل نورسة البحر الأبيض المتوسط السوداء الرأس، والنورسة العادية، والنورسة الزريقي، والكيتويك.
وأن الغراب مغرم بالسرقة وإن لم يَستفِد شيئًا من المسروق؛ فقد يحمل إلى عشه بعض قطع النقود أو الملاعق الصغيرة أو قطع الصابون أو الحلي لا يريد بهذا العمل إلا إشباع ظمأ الطبع.
ويقول الجاحظ: إذا قُطِعَتْ رِجْلَا الطائرِ فإنه لا يقدر على الطيران، كما إذا قُطِعَتْ يدُ الإنسان فإنه لا يستطيع العَدْو (الجري).
(١٠) أسماء الطيور
تأخذ الطيور في اللغات أسماءها من عدة عوامل حسب الآتي:
(١٠-١) من منطق أصواتها
وعلى هذا القياس نجد الكثير من ذلك في اللغة العربية؛ فمثلًا نجد أن اسم الهدهد السابق قد أخذ العرب اسمه كذلك من صوته وهو الهدهدة؛ إذ يصيح بهذا اللفظ تقريبًا هكذا «هُدْهُدْ» الذي يردِّده في الربيع كما قلنا، كذلك أخذ العرب اسم الغراب من صوته الذي يردِّده هكذا «غراب، غراب»، كذلك القطا لأنها تصيح هكذا «قطا، قطا»، وأيضًا «الوروار» لأنه في ندائه يصيح بما يشبه هذه الكلمة «وِر - وِرْ»، وأيضًا الواق لأنه صوته «وَقْ»، كذلك اللَّقلَق (لأنه يُفرقِع بمنقاره هكذا تقريبًا «لق»)، وأيضًا «البط» … إلخ ما في اللغة العربية من هذا القبيل.
(١٠-٢) من تكييف أصواتها
(١٠-٣) من بناء أجسامها ومميزاتٍ خاصة بها
(١٠-٤) من أعمالها وحركاتها وطبائعها
(١٠-٥) من إضافة صفات إلى الاسم الأصلي زيادةً في التعريف، وتصبح هذه الصفة مع الاسم كأنها من مستلزمات الاسم
(١٠-٦) قد تكون مختصةً بمكان أو منسوبةً إلى أول من رآها واكتشفها
(١٠-٧) قد تكون التسمية سماعية، بمعنى أن الاسم سُمِعَ لأول مرة من واحد، ثم تداولَتْه الألسن على أنه اسمٌ خاص بالطائر وأصبح شائعًا
وإن اللغة العربية لم تُعطِ أسماءً كافية للطيور كلها، بل إن هذه الأسماء لا تبلغ ١٪ من مجموع طيور العالم، والباقي بدون أسماء، ومعظم الأسماء العربية التي نعرفها هي ما كانت تحت أبصار العرب في الجزيرة العربية والبلاد التي افتتَحوها.
(١١) الطيور التي تزور مصر صيفًا للتوالد فيها حسب الجدول التالي
من هذا الرسم نستنتج أن الطيور التي تزور مصر صيفًا من أجل التوالد فيها قليلةٌ جدًّا ومحدودة، وهي سبعة أنواع، وهذا الجدول منقول من عالِم الطيور الكولونيل مينرتزهاجن، غير أننا لاحظنا بعض أشياء لم يسجِّلها مثل الحدأة المصرية؛ فإن منها بعض أفراد تتجول وتهاجر شتاءً من مصر إلى كينيا وبلاد العرب، ثم تعود ثانيةً إلى مصر في الربيع للتوالد فيها فترة الصيف، وبذلك يجب أن تُدرَج هذه الحَدَأة مع هذه القائمة السبعة واسمها «الحَدَأة المصرية» السوداء.
- (١)
ربما يقضي قليلٌ منه فصل الشتاء.
- (٢)
هو مهاجرٌ كذلك من البلاد.
- (٣)
يُحتمَل أن يقضيَ الشتاءَ في مصر العليا.
الاسم العربي | الاسم العلمي | البحر الأبيض المتوسط | وادي النيل | الواحات | الصحراء | البحر الأحمر | سيناء | |||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|
غربًا | شرقًا | الدلتا | الفيوم | مصر العليا | وادي النطرون | سيوة | الخارجة | الداخلة | ليبيا | استك | ||||
مُغنٍّ زيتوني مصري | Hippllais pallid pallida | . | . | + | + | + | + | . | . | . | . | . | . | . |
بلبل أحمر مُغنٍّ | Zrythropygia g. ga, actotes | + | + | + | + | + | + | + | + | . | . | . | ؟ | |
سنونو الرمال المصري | Riparia rixaria ahelleui | . | . | + | + | + | . | . | . | . | . | . | . | . |
وروار عراقي | Merahs suhercilias pessicus | . | . | + | . | . | . | . | . | . | . | . | . | . |
كوكو أرقط كبير | lalamator glandarius | . | . | + | . | + | . | . | . | . | . | . | . | . |
قمري صيفي | Stralptofalis turtur isabellina | . | . | . | + | ؟ | . | . | ؟ | . | . | . | . | |
أبو اليسر مطون | ly lareola h. pratincola | . | . | + | . | . | ؟ | . | . | . | . | . | . | . |
(١٢) أحكام عامة في الدين تتعلق بالصيد والذبائح وما يُمنع أكله وما يُباح من كتاب الفقه
يحرُم من الطير أكل كل ذي مِخلَب (ظُفر) يصيد به كالصقر بكافة أنواعه، بخلاف ما له ظُفر لا يصطاد به كالحمام فإنه حلال.
وقالت المالكية يحلُّ أكل كل حيوانٍ طاهر غير ضارٍّ لم يتعلق به حق الغير، فيجوز عندهم أكل الطير الذي له مِخلَب كالباز والنسر … إلخ ما ذكر.
ويحل من الطير العصافير بأنواعها والقطا والكروان والببَّغاء والنعامة. والطاووس والكركي والبط. وقالت الشافعية بأنه لا يحلُّ أكل الببَّغاء ولا أكل الطاووس.
هذا وقد أجمع المسلمون على حلِّ أكل الصيد إذا كان بريًّا غير مملوك للغير، كالبط البري والحمام البري، بخلاف الحمام الأهلي والبط الأهلي … إلخ.
ويُشترط في الصائد أن يكون مسلمًا أو كتابيًّا، فلا يحل صيد المجوسي والوثني والمرتد وكل من لا يدين بكتاب.
وقد ثبت الصيد من قوله تعالى: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا، وفي الحديث: ما رواه البخاري ومسلم أن أبا ثعلبة قال: قلتُ يا رسول الله، إنا بأرض صيدٍ أصيد بقوسي أو بكلبي الذي ليس بمعلَّم أو بكلبي المعلَّم، فما يصلح لي؟ فقال ﷺ: «ما صِدتَ بقوسك فذكرتَ اسم الله عليه فكُل، وما صِدتَ بكلبكَ المعلَّم فذكرتَ اسم الله عليه فكُل، وما صِدتَ بكلبكَ غير المعلَّم فأدركتَ ذكاتَه (أي أدركتَه قبل أن يموتَ ثم ذبحتَه) فكُل.»
وروى البخاري ومسلم أنه سُئل ﷺ عن صيد المعراض (سهم لا سِنَّ له — دقيق الطرفين غليظ الوسط — يصيب بعرضه دون حدِّه). فقال: «إذا أصبتَ بحدِّه فكُل، وإذا أصبتَ بعرضه فلا تأكل فإنه وَقِيد.» طبعًا هذا إذا صِيد الطائر فوقع ميتًا، أما إذا كان حيًّا فهو حلالٌ على الإطلاق. والوقيد في حكم من تردَّى من فوق مكانٍ عالٍ فسقط ميتًا.
(١٣) الصيد بالنبل والبندقية
إذا أصاب الصياد الصيد بسكين أو سيف أو حربة أو سهم، فأصاب بنصلها أو حدِّها فقتلَه فإنه يحلُّ أكله، أما إذا كانت الإصابة بعرضها فقتلَه ثقلها ولم يدركه حيًّا ويذبحه، فإنه لا يحل، ومثال ذلك ما إذا رماه بعصا أو خشبة أو حجر كالنَّبل فإنه لا يَحِل. وكذلك إذا رماه برصاص البنادق أو رشِّها فأماته فإنه لا يَحِل.
وقالت المالكية: لم يُوجد نص من المتقدمين في الصيد برصاص البنادق، ولكنَّ كثيرًا من المتأخرين يُوثق بهم قالوا يحل أكل ما يُصاد به ويُميته لأنه يُسيل الدم من جسم الطائر ويُسرِع في القتل أكثر من غيره، والغرض من الذكاة (الذبح) الشرعية إنما هو الإجهاز السريع على الحيوان كي يستريح من التعذيب، فكلما كان أسرع في الإجهاز عليه، كان استعماله أحسن، ولا يُشترط أن يكون الجرح بالشق، بل يصح أن يكون بالحرق أيضًا.
وفي المذاهب الأخرى: يجوز الاصطياد بالبنادق إذا كان الرامي حاذقًا وكان الحيوان يحتمل الضربة فيقع حيًّا.
وإذا اصطاد الإنسان صيدًا ووقع في الماء ثم أخرجه من الماء ميتًا، وتأكَّد أنه مات بفعل الماء، فلا يحل أكله، أما إذا أطلق عليه النيران وهو في طيرانه وعلم بموته يقينًا قبل أن يسقط الماء، ثم أخرجه من الماء ميتًا، فعندئذٍ يحل أكلُه؛ لأنه مات بفعل الصيد لا بسبب الماء.
ومن أراد أن يتوسع فعليه بكتاب الفقه على المذاهب الأربعة طبع وزارة الأوقاف، قسم المعاملات، الجزء الثاني، في كتاب الحظر والإباحة، في مبحث ما يُمنع أكله وما يُباح، ومباحث الصيد والذبائح في أول الكتاب.
قال تعالى: أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ.
وأيضًا Hoope-lark وهي مكان والصحراء تشبيهًا لها بالهدهد في جناحها. وكذلك أبو مطرقة، وكذلك Hummer-head، وكذلك أبو سعة Adjusntant سُمي بذلك من عادته في مشيه بخطًا واسعة، مثلما يفعل الضابط في الحرب، والكلمة هي بهذا المعنى.