حادث في الغابة!
بعد نقاشٍ قصير بين «موانزا» وزعيم الأقزام، التفتَت «موانزا» إلى الشياطين، وقالت: لقد أمسكوا الصياد، وأخذوا منه الجمجمة، وقد أهدوها للساحر الذي يعيش بعيدًا في قلب الغابة!
رشيد: وهل يمكننا الحصول عليها؟
موانزا: لقد وعدني الزعيم أن يدلَّني على مكان الساحر، ولكنه لا يستطيع التدخُّل لإعادة الجمجمة حتى لا ينتقمَ منهم الساحر!
أحمد: إن العثور على الجمجمة مسألةٌ مهمة لنعرف إذا كان والدك قد مات حقًّا أم لا!
موانزا: طبعًا، وسوف نفعل المستحيل للحصول عليها … وسنرحل فورًا مع بعض الأدلَّاء!
تحدَّثت «موانزا» مع الزعيم دقائق أخرى ثم قالت: إن الزعيم يخشى علينا؛ فنحن ذاهبون إلى أرض «الكيكويو»، وهو أكبر القبائل في هذه المنطقة … والساحر الذي أخذ الجمجمة من هذه القبيلة … وهو يعتبر أن كل جمجمة يحصل عليها تضع روح صاحبها في خدمته … ولا يتخلَّى عنها مطلقًا!
أحمد: إن كلَّ هذا لا يجعلنا نتردَّد … يجب أن نحصل على الجمجمة لنقطعَ الشكَّ باليقين في وفاة «موانجا»، اطلبي منه دليلًا إلى مكان الساحر!
بعد نصف ساعةٍ كان الشياطين الثلاثة ومعهم «موانزا» وقزمٌ عجوز يشقُّون طريقَهم في الغابة … وأخذ ضوء الشمس يتلاشى تدريجيًّا كلما أوغلوا في الغابة الكثيفة … ولكن القزم «نجريتو» كان يسير أمامهم بسرعة السهم وكأنه يسير في شارعٍ مستقيم.
ظلوا يسيرون فترةً، ثم سمعوا صوتَ طبولٍ تُقرَع من بعيدٍ … وشيئًا فشيئًا ارتفع الصوت وفجأةً حدث ضجيجٌ مزعج … وسَمِعوا أصواتَ طلقاتٍ نارية … وتوقَّف «نجريتو» في مكانه وبدَا عليه الفزع … ثم ولَّى هاربًا …
قالت «موانزا»: هذه طبول الحرب … ثمة حادث خطير قد وقع في الغابة!
أحمد: لقد هرب «نجريتو»!
موانزا: دَعْنا نعود … إن المسألة في غاية الخطورة!
أحمد: من الأفضل أن نتقدَّم صوبَ الطبول!
وساروا مسرعين، والأصوات ترتفع أكثر فأكثر … حتى وصلوا إلى ساحة واسعة … واختفوا خلف الأشجار ونظروا ماذا يحدث في الساحة!
كان ثمة رجلٌ مقتول بالرصاص، ومُعلَّق في إحدى الأشجار … وكانت تُحيط برقبته مجموعةٌ من الجماجم البشرية.
وقالت «موانزا»: إنه الساحر!
أحمد: الذي كنَّا نبحث عنه؟!
موانزا: نعم!
أحمد: إنَّ هذا يعني أن بعضَهم قد سبقنا إلى المكان … لقد حاولوا الحصول على الجمجمة من الساحر، ويبدو أنه رفض فقتلوه … وأخذوا الجمجمة!
قالت «موانزا»: إن الساحر من قبيلة «الكيكويو»، وقتْلُه يعني متاعبَ رهيبة في الغابة!
وفعلًا كانت هناك شبهُ ثورة … فهناك العشرات من الرجال يطوفون حول الساحر وهم يرقصون على نغمات حزينة، بينما أصوات النساء تأتي من جوانب الغابة وهي تُولول.
موانزا: من الأفضل أن ننصرف فورًا … فإنهم إذا أحسُّوا بنا قد يتصورون أننا الذين قتلنا الساحر … ولن يتركونا أحياء!
بدأ الشياطين رحلة العودة، ولكنهم لم يسيروا سوى مسافةٍ قصيرة عندما سمعوا طلقاتٍ ناريةً تصدر قرب النهر … وأسرعوا إلى مصدر الطلقات … وشاهدوا قاربًا قويًّا وبه بعض الأشخاص الذين كانوا يُطلقون الرصاص على شاطئ النهر …
سدَّد «أحمد» بندقيته وأطلقها على أحد رجال القارب فترنَّح وسقط … ثم اندفع الجميع إلى الزورق … ولكن الزورق انطلق قبل أن يَصِلوا إليه … وفوجئ الشياطين بأنهم أصبحوا هدفًا لمقاتلي «الكيكويو» رغم أن القتلةَ الحقيقيِّين فرُّوا في القارب.
أسرعوا إلى داخل الغابة مرةً أخرى … وأصبح الموقف خطيرًا حقًّا … فقد كانت دقَّاتُ الطبول تُحيط بهم من كل ناحيةٍ … وأصوات الرجال والنساء تجعل الغابة كأنها معقلٌ للوحوش …
قالت «موانزا»: انظر إنها ستخرج إلى المقاتلين، إنها سمراء مثلهم ولن يُصيبوها بأذًى … ولكن «أحمد» رفض، وقال: سنجد طريقة لمطاردة هؤلاء الرجال الذين قتلوا الساحر …
رشيد: لماذا لا نستخدم النهر … يمكننا أن نأخذ قاربَين من قوارب «الكيكويو».
أحمد: ليس هناك حلٌّ آخر!
عثمان: ولكن هذه القوارب صغيرة، وسوف تتمكن التماسيح من إغراقها!
أحمد: إنَّه الحل الوحيد أمامنا الآن.
أسرعوا إلى الشاطئ مرةً أخرى … وكان «رشيد» و«عثمان» يُطلقون النار في الهواء بينما قفز «أحمد» و«موانزا» إلى أحد القوارب … وتَبِعهما «رشيد» و«عثمان»، وأخذ الجميع يجدفون بأسرع ما يمكنهم … واستطاعوا فعلًا أن يبتعدوا عن سهام مقاتلي «الكيكويو» بمسافةٍ معقولة … وشاهدوا القارب الذي سبقهم من بعيدٍ …
أخذوا يجدفون بقوة، وظلت المسافة ثابتة بينهم وبين القارب، عندما فوجئوا بانحناءَة واسعة في النهر، يعترضها شلالٌ ضخم هادر … ولاحظوا أن اندفاع الشلال يشدُّ القارب الذي سبقَهم وإن كان ركَّابه يحاولون العودة إلى وسط النهر …
قال «أحمد»: سنهجم عليهم الآن! وتركوا القاربَين يندفعان في اتجاه الشلال …
وعندما اقتربوا، قفزوا جميعًا إلى المياه، وكانوا على مقربةٍ من الزورق …
استطاع «أحمد» أن يقفز إلى الزورق، وأن يَصرع أولَ مَن قابله … ثم توالَت المفاجآت …